التقسيم الزماني والمكاني للأقصى .. واقع مرير يحاول العدو الصهيوني فرضه بالقوة
السياسية: عبدالعزيز الحزي *
يتعرض المسجد الأقصى المبارك لهجمة شرسة واقتحامات مستمرة ومتجددة من قبل المستوطنين الصهاينة في محاولة لفرض تقسيم زماني ومكاني للأقصى بحماية قوات العدو الصهيوني.
ويعمل العدو الصهيوني على فرض واقع جديد في القدس بالقوة بتمكين المستوطنين الصهاينة من إقامة طقوسهم الدينية في المسجد الأقصى منذ احتلال القدس في العام 1967.
إجراءات التقسيم الزماني والمكاني من قبل الصهاينة في تزايد مستمر يوماً بعد يوم، ولقد بلغت ذروتها العام الجاري 2022 والأعوام الخمسة الماضية، إذ إنه مع انتهاء شهر رمضان وأداء صلاة العيد؛ تقوم سلطات العدو الصهيوني على الفور بإعادة تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، وتقوم بمنح المستوطنين اليهود أوقاتاً إضافية بدل تلك التي فقدوها في رمضان.
ومع نهاية أكتوبر 2014م أخذ التقسيم منحى جديداً وخطيراً وعملياً، إذ لأول مرة منذ عام 1967م أغلقت سلطات العدو بوابات المسجد الأقصى أمام المسلمين، بمن فيهم العاملون فيه.
وفرضت تلك السلطات قيودا عام 2015م حالت دون دخول النساء إلي الأقصى في الفترات المخصصة لاقتحامات المستوطنين، بجانب إبعاد مصلين بأوامر قوات العدو، ومنعهم من دخوله لفترات.
وتزامنت تلك الإجراءات مع اتهام المرابطين والمرابطات في الأقصى بالخروج على القانون، وتم تصنيفهم تنظيماً إرهابياً.
وأصبحت الاقتحامات تتم بشكل يومي ومستمر على شكل مجموعات حتى وصل عدد الصهاينة المقتحمين للأقصى العام الماضي أكثر من 34 ألف شخص، ويتوقع أن يكون العدد قد ازداد العام الجاري.
وعلى ضوء تجربة العدو الصهيوني في تقسيم المسجد الإبراهيمي في الخليل، سيقع المسجد الأقصى ضحية للاحتلال فيمنع المسلمين من دخوله متى شاء وكيف شاء.
ويرى الفلسطينيون أن العدو الصهيوني يسارع في العمل على فرض واقع التقسيم بالقوة، إذ قرر عام 2003 السماح للمستوطنين الصهاينة باقتحام المسجد الأقصى بحراسة قواته، رغم احتجاجات دائرة الأوقاف الإسلامية.
ويحمل مشروع التقسيم الصهيوني الذي بدأ بالفعل شقّين، شقّ زماني وآخر مكاني، ويعني التقسيم الزماني تخصيص أوقات محددة لدخول المسلمين للمسجد الأقصى، وأوقات أخرى خاصة للمستوطنين الصهاينة، بحيث يتم اقتسام الساعات والأيام طوال العام بين المسلمين و المستوطنين.
ويجبر العدو الصهيوني بالقوة العسكرية المسلمين على إفراغ المسجد الأقصى يوميا من الساعة 07:30 حتى 11:00 صباحا، وفي فترة الظهيرة من الساعة 1:30 حتى 2:30، وفي فترة ثالثة بعد العصر، لتكون هذه الأوقات مخصصة للمستوطنين الصهاينة فقط.
كما يعمد العدو الصهيوني إلى تخصيص المسجد الأقصى للمستوطنين الصهاينة خلال أعيادهم التي تصل إلى 100 يوم، بالإضافة إلى جميع أيام السبت، وبذلك يصل عدد الأيام المخصصة للصهاينة قرابة 150 يوما.
ويعني التقسيم المكاني فرض تخصيص مناطق وزوايا معينة من المسجد الأقصى للصهاينة، واقتطاع أماكن من المسجد وتحويلها إلى كنائس يهودية تقام فيها الصلوات.
ولإحكام السيطرة على المسجد، عادة يمنع العدو الصهيوني من تقل أعمارهم عن 40 عاما من دخول المسجد، ويحظر ما تسميه تنظيم المرابطين والمرابطات في إشارة للمصلين المسلمين هناك الذين يقومون على خدمة المسجد.
كما منع العدو الصهيوني مشاريع لخدمة الأقصى منها مشروع مصاطب العلم في الأقصى، ويعمل على إبعاد عدد كبير من أبناء القدس والداخل الفلسطيني المحتل ممن يواظبون على الصلاة في المسجد الأقصى بشكل منتظم لتصل مدة ذلك إلى ما يزيد عن 6 أشهر وتجدد بعد انتهاء كل فترة.
وتحت مزاعم واهية تسعى الجماعات الصهيونية المتطرفة لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، وتزعم أن المسجد الأقصى بُنيَ على أنقاض معبد الهيكل، وهو الأمر الذي يرفضه ويفنده الفلسطينيون.
ويقول الفلسطينيون إن السماح بهذه الاقتحامات والحديث عن أداء صلوات في باحات المسجد أو تقسيم المسجد زمانيا ومكانيا، هو انتهاك للوضع التاريخي القائم في المسجد.
والوضع التاريخي القائم هو الوضع الذي ساد في فترة الحكم العثماني ثم الانتداب البريطاني والحكم الأردني، وصولا إلى بداية الاحتلال الصهيوني عام 1967.
وبموجب الوضع التاريخي القائم فإن الصلاة في المسجد تقتصر على المسلمين وحدهم، وتكون المسؤولية فيه حصرا لدائرة الأوقاف الإسلامية.
وتعتبر الاقتحامات وأداء طقوس دينية للصهاينة في باحات المسجد الأقصى وتقسيم المسجد زمانيا ومكانيا، هو انتهاك للوضع التاريخي القائم في المسجد.
وفي سنوات عديدة، أدت كثافة الاقتحامات الصهيونية للمسجد، إلى تفجير مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين والمستوطنين.
ومع تكرار الاقتحامات اليومية تصدر مرارا التنديدات والاستنكارات من المسئولين الفلسطينيين الرسميين، ودخلت المقاومة في غزة على خط الدفاع عن المسجد الأقصى فردت على الخطوات الصهيونية العام الماضي بإطلاق صواريخ على المناطق المحتلة عام 1948.
سبأ