السياسية:

منذ فبراير/شباط 2022 والحرب بين روسيا وأوكرانيا، المدعومة من أوروبا وأمريكا مشتعلة، ولم يظهر في الأفق متى ستنتهي رغم تراجع حدة ووتيرة المعارك بين الجيش الروسي وأوكرانيا.

لكن رغم ذلك من المتوقع أن تشهد الأشهر الستة القادمة تراجعاً كبيراً في هذه المعارك، لكن دون التوصل لاتفاق، فكلا الطرفين يريد أن يحقق كل الأهداف، فالرئيس الروسي فلادمير بوتين لن يستريح حتى يؤمن خاصرته القريبة من أوروبا في البلطيق، وأيضاً نظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يرفض التنازل أو الحوار المشروط.

في هذا التقرير سنحاول رصد مستقبل الحرب خلال الأشهر القادمة، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

6 أشهر قادمة من الحرب
مضت ستة أشهر من الحرب بالفعل، لكن لا تبدو أوكرانيا أو روسيا على استعدادٍ لوقف القتال برغم الخسائر التي تكبدتاها. إذ تريد أوكرانيا استرداد أراضيها المحتلة، بينما تريد روسيا الاستمرار في إلحاق الضرر بخصمها وبالغرب عموماً على حدٍّ سواء. ويؤمن الكرملين بأن حلول الشتاء سيصبّ في صالح روسيا.

ولم تجرِ أي مفاوضات بين الطرفين منذ ظهور أدلة على المذابح في بوتشا، وإربين، وغيرها من الأراضي المحتلة من الروس شمال كييف. لكن التحركات على الجبهات الأمامية كانت محدودةً منذ سقوط ليسيتشانسك في أواخر يونيو/حزيران. ويكافح الطرفان من أجل بناء الزخم، بينما يبدو كلاهما منهكاً من المعارك بشكلٍ متزايد.

تغير في تكتيك القوات الأوكرانية
ترغب أوكرانيا في استرداد خيرسون غرب نهر دنيبر، لكن مسؤولاً بارزاً في الإدارة اعترف سراً قائلاً: “ليست لدينا القدرة الكافية على طردهم”. وحوّلت كييف استراتيجيتها إلى شن هجمات صاروخية بعيدة المدى، ومداهمات القوات الخاصة الجريئة للقواعد الروسية وراء خطوط المواجهة.

فيما قال المستشار الرئاسي البارز، ميخايلو بودولياك، إن الهدف هو “خلق الفوضى في صفوف القوات الروسية”. وربما تؤدي هذه الاستراتيجية إلى التقليل من فاعلية القوات المهاجمة، لكنها لن تؤدي لانهيارها على نفسها وقيامها بتسليم خيرسون طواعية كما كان يأمل بعض المسؤولين الأوكرانيين.

الحفاظ على الاستراتيجية الروسية القديمة.. أراضٍ جديدة وعدم التفريط في المكاسب
لا تمتلك روسيا خطة هجوم جديدة باستثناء حشد المدفعية، وتدمير البلدات والمدن، ثم التقدم إلى الأمام بالقوة. وتنتهج هذه الاستراتيجية لأنها فعالة وتُقلل الخسائر، بعد أن فقدت 15 جندياً حتى الآن، حسب بعض التقديرات الغربية. وتواصل روسيا انتهاج هذه الاستراتيجية في باخموت بمنطقة دونباس، لكن تقدمها بطيء بسبب إعادة نشرها لبعض القوات من أجل تدعيم خيرسون.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يزور مواقع جيش بلاده بالقرب من خط المواجهة مع الانفصاليين المدعومين من روسيا في منطقة دونباس/رويترز
وربما لم يحقق الكرملين ما كان يأمله في بداية الحرب، لكن روسيا تسيطر حالياً على مساحات شاسعة من الأراضي الأوكرانية في الشرق والجنوب، وتتحدث بجدية عن إجراء استفتاءات لضم تلك الأراضي. ومن المرجح أن تركز على تعزيز مكاسبها مع اقتراب الطقس البارد سريعاً.

الشتاء.. كارثة للأوكرانيين وفرصة للروس
يحتل الشتاء الأولوية في التفكير الاستراتيجي لكلا الجانبين. إذ تشعر أوكرانيا بالقلق فعلياً حيال الأزمات الإنسانية نتيجة عدم توافر تدفئة بالغاز الطبيعي للبنايات السكنية في مقاطعة دونيتسك وغيرها من خطوط المواجهة. وتوقع أحد مسؤولي الإغاثة الإنسانية أن تكون هناك موجةٌ جديدة من الهجرة في الشتاء، وربما نشهد قيام ما يصل إلى مليوني شخص باجتياز الحدود، متجهين إلى بولندا.

أوكرانيا

بينما يرى الروس في الشتاء فرصةً جيدة. إذ تخشى أوكرانيا أن تستهدف روسيا شبكة الكهرباء الخاصة بها، مما سيزيد خطورة أزمة التدفئة، أو أن تقوم بإغلاق محطة الطاقة النووية الكبيرة في زاباروجيا بكل بساطة. وتريد موسكو كذلك إطالة أمد الأوجاع الغربية بسبب تكاليف الطاقة، أي إن لديها كل الدوافع اللازمة لزيادة الضغوطات.

لكن الربيع ربما يكون الوقت المناسب لتجديد الهجوم، حيث ترغب كل دولة في تجديد ذخيرتها والإعداد لما سيكون موسم قتالٍ آخر على الأرجح.

ماذا سيفعل الغرب مع أوكرانيا.. مزيد من الدعم أم وقفة؟
كانت أوكرانيا ستتعرض للهزيمة لولا المساعدات العسكرية الغربية. لكن الغرب لم يُزود أوكرانيا حتى الآن بما يكفي من المدفعية والأسلحة الأخرى، مثل الطائرات المقاتلة، حتى تتمكن كييف من طرد القوات المهاجمة. وربما يتحدث الساسة عن الحاجة لإجبار روسيا على العودة إلى حدود ما قبل الحرب، لكنهم لا يقدمون العتاد الكافي لتحقيق ذلك.

فتحت روسيا 50 منشأة عسكرية في القطب الشمالي في العقد الماضي وتحرك بشكل متزايد كاسحاتها وغواصاتها النووية في المنطقة/ Getty
وتزيد احتياجات أوكرانيا الإنسانية في الوقت ذاته. إذ لا توجد أموال كافية على الإطلاق لإعادة الإعمار، ولا تزال هناك العديد من المنازل المدمرة في شمال شرق وشمال غرب كييف بعد مضي خمسة أشهر على رحيل الروس، بينما يعيش السكان اليائسين عادةً داخل المرائب أو الهياكل المؤقتة في مواقع البنايات القديمة.

ويضطر النازحون داخلياً إلى العيش داخل المدارس أو حضانات الأطفال عادةً، ولا شك أن الناس يعانون نتيجة بقائهم في أماكن الإقامة المؤقتة هذه لفترات مطولة من الوقت. فيما وصلت فجوة الميزانية الأوكرانية إلى 5 مليارات دولار شهرياً نتيجة الحرب، لكن تكلفة المعونات الإنسانية وإعادة الإعمار ستكون أضعاف ذلك.

المصدر: صحيفة The Guardian البريطانية
المادة الصحفية ترجمت ونقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولا تعبر عن راي الموقع