ليلى عماشا*

بلغة التقارير الصحفية، عرضت قناة “الميادين” مساء الأحد ١٤ آب لقاءً مع الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله تمحور حول حضور سيّد شهداء محور المقاومة الحاج قاسم سليماني في لبنان خلال حرب تموز ٢٠٠٦  تحت عنوان: “كان معنا”

وبلغة أخرى، تسمّرنا كمشاهدين  أمام الشاشة نطالع وجه سيّدنا الأمين وهو يستحضر وجه صديقه ورفيقه وأخيه وسنده الحاج قاسم يوم جاء إلى ساحة النار في تموز ٢٠٠٦، وأصرّ على البقاء فيها حتى إعلان النّصر الإلهي. ورأينا في عينيه وفي عيني الحاج قاسم (تضمّن العرض مقتطفات من لقاء مع الحاج قاسم سليماني حول حرب تموز) وجهًا عرفناه شهيدًا، وروحًا تركت لنا سرًّا يقول إنّ “الرّوح هي لي بتقاتل”، وقائدًا جميلًا كأسرار الله يُدعى عماد مغنية.

وبلغة تتحاشى التنميق والتركيبات اللغوية، بكينا  كثيرًا، بل فاضت بنا أعيننا، ولم نسأل الدمعات أي الدروب سلكت في الروح: درب الحزن أم درب العزّ أم درب الحنين أم جميعها معًا.

جال اللّيل بقلوبنا بين السيد حسن والحاج قاسم والحاج عماد. عاد بنا إلى تموز برفقتهم. أيّ عزّ هذا! أن نعود إلى ساعات النصر الإلهي ودليلنا في المسير قادة صنعوه، رفاق ثلاثة، شهيدان كربلائيان ووليّ حسينيّ يدعو أهل الحبّ ربّهم أن يأخذ من أعمارهم لعمره، قائدان تخضّبت قلوبنا بجراح فقدهم وثالث بصوته يلملم ضفاف جراح القلوب فيحيل الحزن ذخيرة للقتال، والغضب وقودًا للثورة.

يمرّ في البال السؤال عنوةً، إن كانت أرواحنا تتفقّد العماد والقاسم في كلّ يوم، ما حال السيّد حيال هذا الفقد يا رب؟

في تموز، كانوا معًا، حول الخرائط معًا، في غرفة العمليات معًا، عند أجهزة الاتصال معًا، في ساعات رسم خطط القتال معًا، في اتخاذ القرارات وفي رسم سبل تنفيذها معًا، في الشارع، عند الشجرة، في السيّارة، في الضاحية، في هذه الضاحية المعتزّة بهم معًا. بكوا وضحكوا وانفعلوا وسجدوا وحمدوا وتبادلوا البسمات واليقين بالنصر معًا.

هذه المقتطفات التي شاهدناها أو رُويت لنا قطرة قطرة كلّما عادت ذاكرة تموز، تحاصر أيامنا، بل تسوّرها بالعزّ وتحصّنها بالنّصر، هي القليل القليل من الحكاية. أتحتمل قلوبنا أن يُزاح اللثام كلّه عن وجه التفاصيل التي جمعت وجوههم في ليلات تموز؟! بالطبع لا، فرهافة الودّ وصلابة اليقين وعلوّ الفداء شموس ساطعة، قد لا تحتمل العيون النظر إليها مطوّلًا عن قرب.

حدّثنا العزيز عن شهيدنا قاسم سليماني، عن لهفته، عن رغبته بالذهاب إلى خطوط القتال الأمامية في الجنوب، عن دموعه يوم البارجة، عن دوره بتأمين كلّ مستلزمات القتال، وكلّ مستلزمات إعادة الإعمار. حدّثنا عن قليل من كثير سنظلّ نجهله، لكنّه القليل الكافي لنتحسّس حجم الحبّ الذي أحاطنا به مدى الدهر سيد شهداء محور المقاومة.

وفي مقاطع مختارة من لقاء للحاج قاسم، حدّثنا الشهيد بدوره عن السيّد حسن، وقد رأى فيه مسلم بن عقيل، وعن الحاج عماد الذي كان يعتبره هو نفسه حزب الله. الحاج عماد حضر أيضًا، وما غيّر عادته: قليل الكلام، كثيف الحضور، وصاحب النظرات الناطقة باليقين وبالعزم والحاملة سرّ ألوهية النصر العظيم.

تحلقنا  إذًا حول صوت سيّدنا وذاكرة النصر الإلهي العظيم، حضر الحاج قاسم إلى ليلنا، ومرّ بنا الحاج رضوان فشهد على القلوب التي أبصرها الدّمع الحرّ والبكاء الصادق. زفّوا سويًّا إلينا نصر تمّوز مرّة جديدة. وفي ختام الحلقة، صوت كالتمتمات عبر من كلّ ناحية عاش تموز ذاك، قال يا ربّ، هذي أعمارنا فداء لشيبة الأمين المستطاب. اقبلها يا رب.

* المصدر :موقع العهد الإخباري