علي الدرواني*

ما يجري في محافظة شبوة، يمكن ان يقلب الطاولة على تحالف العدوان، ويوضح حقيقته، وأهدافه الخبيثة، ويوقظ الضمائر الميتة، وينبه كثيرا من الغافلين عن مخططاته، ويبدد السراب الذي صنعه طول ثماني سنوات، ويجلو الغشاوة عن أعين المخدوعين، ويدفع الجميع لمواجهة مشروع الاحتلال والتمزيق.

منذ بداية العدوان السعودي الامريكي على اليمن كان واضحا حجم الحقد والدوافع الخبيثة لدى الرياض وأبو ظبي في استهداف اليمنيين بكل اطيافهم ومشاربهم ومناطقهم، ليس بدءا بالحصار البري والبحري والجوي، ومنع السفر، واستهداف البنية التحتية، والتدمير الممنهج للمؤسسات والمصانع ولكل ما يمت بصلة للحياة الانسانية ومصادر العيش الكريم، وليس انتهاء بالمجازر الوحشية وقتل المدنيين والنساء والأطفال في المدارس والاسواق والاعراس والعزاءات والمقابر، في الطرق والجسور والمزارع.

رغم ذلك للأسف استطاع تحالف العدوان ـ وتحت عدة عناوين طائفية وعنصرية ومناطقية ـ تجنيد مقاتلين ونخب سياسية وإعلامية وثقافية، من ضعاف النفوس، ومن الذين خسروا امام الثورة الفتية، ثورة ٢١ سبتمبر، بعض الامتيازات والمصالح الشخصية، وظنوا ان تحالف العدوان وما ترافق معه من دعم دولي عريض، وبما يملكه من عتاد عسكري ومعدات حربية حديثة، وأموال طائلة، ورضى امريكي، وانه بذلك سيعيدهم الى السلطة، ويمكنهم من هزيمة الثورة، والعودة بالوطن الى الخلف.

طموح وآمال واوهام جحافل الارتزاق في الاعتماد على تحالف العدوان، سهل للأخير مهمة استغلال مثل هؤلاء الأغبياء، واستخدمهم كمطية لتنفيذ مشاريعه الخبيثة في اليمن، ومع تبين الفشل والعجز عن هزيمة الشعب اليمني الذي التف خلف قيادته الوطنية الحكيمة، بجيشه ولجانه الشعبية، ازداد اعتماد الرياض على تلك النخبة الساقطة في وحل العمالة، لتجنيد مزيد من عناصرها والزج بهم في معارك الخارج، واضعا وعودا تستهوي مثلهم من خونة الاوطان، من تبقى في قلبه ذرة من التمسك بالوحدة، جندهم تحت عنوان الدفاع عن الوحدة،  ومن تنازعه نفسه اوهام التمزيق، جلبهم تحت عنوان الانفصال وتحقيق دولة الماضي البائد، بل وصل الحال الى انشاء الوية مناطقية، في حضرموت وشبوة وتهامة ومارب، كلها تحمل نبتة التشرذم والتقسيم الموهوم.

هذه كانت جزءا من استراتيجية تحالف العدوان، لتجنيد المرتزقة لجماية الجدود الجنوبية للملكة، بعد سقوط خطوطها الدفاعية تحت ضربات الجيش واللجان الشعبية.

كان “حزب الاصلاح” يمثل أهم مكون بين تلك الجماعات والاحزاب، في الجنوب والشرق عدن وحضرموت ومارب وفي تعز ايضا، والذي يعود لبداية العدوان سيجد ذلك واضحا.

مقابل تلك الخدمات تربع “حزب الإصلاح” على عرش العمالة واستولى على مزعوم الشرعية، واقصى بقية المجموعات وسيطر على قرارات هادي، وظن انه قد امسك بتلابيب السلطة ومستقبل الشرعية، وسعى لاستغلال تحالف العدوان لمزيد من الدعم العسكري والمالي والسياسي، من اجل اكمال السيطرة على البلاد، ولم يمنعه من ذلك الا صمود الشعب اليمني وتصاعد قوة الجيش واللجان الشعبية، التي افشلت مشاريع الخارج واوهام الداخل.

لم يكن حزب الاصلاح مفضلا من قبل الرياض وابو ظبي الا بقدر ما يقدمه من خدمات وتضحيات، والا فقد تم تصنيفه من قبلهم كمنظمة ارهابية، كجزء من “الاخوان المسلمين”، وحاول التنظيم اخراج نفسه من ذلك التصنيف بالتاكيد على انه غير ذي صلة من قريب ولا من بعيد بتنظيم الاخوان الدولي، وكان يعلم ان ذلك لا يعني للرياض وابو ظبي شيئا، الا انه مستعد للذهاب بعيدا في العمالة وتقديم الخدمات المجانية لتحالف العدوان كاداة طيعة بيد التحالف.

هزيمة حزب الاصلاح وفشله في تحقيق مصالح الخارج، اوصلته الى نهاية الخدمة من وجهة نظر مشغليه، الذين بدأوا بالبحث عن ادوات جديدة، وطول السنوات الثلاث الاخيرة ذهبت لانشاء تشكيلات عسكرية موازية للتشكيلات الاخوانية، ودخلت في صراعات كبيرة فيما بينها بلغت ذروتها في الايام القليلة الماضية في محافظة شبوة.

رغم تشكيل ما يسمى مجلس القيادة البديل عن عبد ربه منصور هادي، ومشاركة حزب الاصلاح فيه بعضوين على الاقل من ثمانية، الى جانب أعضائه في الحكومة، الا ان هناك توجها واضحا لتقليم مخالب الاصلاح، ونتف ريشه، وانتزاع مناطق سيطرته، وباسم الشرعية الجديدة التي يقودها العليمي، اطاحت بابرز القادة والضباط المحسوبين عليه في شبوة، قبل ان تندلع اشتباكات عنيفة اودت بحياة العشرات بينهم مدنيون.

ربما لم يشعر الحزب بمخططات تصفيته كما بات يشعر بها اليوم، ويدرك جيدا ان بعد إخراجه من شبوة لن يتبقى له الا مأرب كمعقل أخير، يمكن سيناريو تصفيته هناك باقالة سلطان العرادة، وتعيين محافظ جديد للمحافظة الغنية بالنفط، والتي خاض الإصلاح حربا شرسة وقدم عشرات الالاف من عناصره قتلى في سبيل الاحتفاظ بها، بدعم من سلاح الجو السعودي والاماراتي.

قد لا تكون خطوة إقالة العرادة سريعة، فالثعلب رشاد العليمي الذي أصدر بيانا لامتصاص غضب الاخوان الاصلاحيين، بحديثه عن التحقيق فيما جرى في شبوة والبحث عن حلول توافقية، واطفاء ما سماها الفتنة، يمكن لها ان تؤمن التنظيم الاخواني، لكنها لا تلغي مخاوفه من الاستهداف والتصفية المنظمة.

ما جرى بحق عبد ربه منصور هادي وحزب الاصلاح رغم الخدمات الكبيرة التي قدمها للرياض، لا بد ان تكون عبرة لكل الذين يتسابقون لكسب ود السعودية والامارات، فالغزاة والمحتلون لا يرون في الخونة الا ادوات تستبدل كلما تطلبت الحاجة، ولن يكون العملاء الجدد بافضل حالا ومآلا ممن سبقهم.

ما جرى ويجري يعيد تعريف التحالف لدى قطاع واسع وعريض من الذين أيدوه في السابق، وتبين لهم حقيقته مؤخرا، بانه تحالف للعدوان والغزو والاحتلال، وهذا جيد في هذه المرحلة حيث لا يزال في الوقت مندوحة، وقد تبين الرشد من الغي، ويد صنعاء لا تزال ممدودة لكل اليمنيين، للتلاقى بالسلاح والموقف ضد الغزاة والمعتدين.

* المصدر :موقع العهد الإخباري