الغاز والكهرباء في اليمن ..
معلومات عن احتياطيات الغاز لتوليد الطاقة الكهربائية في اليمن ..
د.عبدالغني عبدالله جغمان*
ضمن تقرير كارثية اتفاقية الغاز المسال في اليمن الذي أعدته شركة اولتارا الاستشارية Ultare Trading and Consultations .. مشروع الغاز المسال الذي تديره شركة توتال الفرنسية بشراكة هنت الامريكية والشركة الكورية والذي اشرنا في تقريرنا واثبتنا بموجب تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة اليمن وتقارير الخبراء الفنيين ومحاضر النيابة وتقارير شركة صافر .. الى عدم جدوائية بيع الغاز في هذا المشروع لان حصة الحكومة لم تتجاوز 5% من صافي أرباح المشروع خلال الست السنوات التي تم انتاج وبيع الغاز عبر مشروع بلحاف وتقدر خسائر اليمن اذا استمر المشروع بحدود 100 مليار دولار.
في هذه المقال ..نتسأل هل استغلت اليمن احتياطياتها الغازية من اجل توليد الطاقة الكهربائية والتي يعاني من نقصها كل يمني و تعد احد المشاكل التي عجزت كل الحكومات السابقة والحالية عن حلها والعمل على ضمان توفير خدمة الكهرباء للمواطن المغلوب على امره..
بالعودة الى اتفاقيات المشروع نجد انه تم تخصيص حصة مشروع الإستهلاك المحلي لتوليد الطاقة الكهربائية حسب المادة (2.1) من إتفاقية تطوير الغاز (GDA) الموقعة في عام 1995 والصادرة بقانون رقم (1) لعام 1996.. بكمية (250) مليون قدم مكعب يومياً بإجمالى يقدر (3.6) تريليون قدم مكعب لتشغيل على الاقل عدد ثلاث محطات لتوليد الكهرباء بقدرة تصل الى الف ميجاوات في مأرب لمدة (40) سنة.
الا ان الشركاء الاجانب (هنت وتوتال) في مشروع الغاز (بلحاف) قاموا بتقييد حصة الكهرباء فقط بكمية (1) تريليون قدم مكعب.. بمعدل يومي قدره (100) مليون قدم مكعب يوميا، عملاً بنص المادة ( 5.1 ) من إتفاقية إمداد الغاز (FDA) (وهذه الاتفاقية لم تعرض ولم يوافق عليها مجلس النواب)
وتم تبرير هذا الخصم من حصة (الاحتياطي المخصص لتوليد الكهرباء) بعدم وفرة إحتياطيات غازية موكدة في قطاع (18) عما تم توثيقه في الملحق (ب) من إتفاقية منشآت وخدمات المنبع (UFSA)، . وتبين لاحقاً من خلال خطة تصدير الغاز الموثقة بتقرير تشهيد D&M الصادر في 21 يونيو 2005م إستهداف الشركاء الاجانب للمشروع (3 تريليون قدم مكعب) تم إخفاؤها – بعلمهم وعدم الإعلان عنها في تشهيد D&M الصادر في 15 أغسطس 1996م للهروب من حصة الإستهلاك المحلي للكهرباء !!
قامت الشركة بالاستحواذ على كافة المخصصات الغازية المعتمدة في الاتفاقيات لصالحها وبدون اي اهتمام لمتطلبات الشعب وبموافقة من وزارة النفط والحكومة انذاك، وظلت صامته حتى 2013 حين تقدم فريق الحكم الرشيد بمذكرة للنيابة الاموال العامة حول الفساد في هذا الموضوع.
الان ماذا عن المحطات الكهروغازية في اليمن ؟
توجد لدينا محطة واحدة في اليمن ومشروع محطات وكالتالي:
1- محطة مارب الغازية Marib Simple Cycle Power Plant.
هي اول محطة توليد للكهرباء تعمل بالغاز وتقع في محافظة مارب وتنقسم في تنفيذها الى 3 مراحل..
بدأ التشغيل التجريبي للمرحلة الاولى مأرب (1) في اكتوبر 2009م و دخلت الخدمة في عام 2010..
تتكون المحطة من ثلاث وحدات تربينات غازية بقدرة اجمالية 341 ميجاوات، تستهلك 80 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً. بالاضافة الى ثلاثة محولات رفع 400/17.5 كليو فولت قدرة كل محول 140 ميجافولت / امبير مع محولين خفض 33/400 كيلوفولت قدرة كل محول 20 ميجافولت/ امبير .. مع انشاء خطوط وابراج كهربائية من صافر الى صنعاء .
الجدير بالذكر أنه جرى إعادة تشغيل محطة مأرب الغازية منتصف عام 2020، بعد تركيب توربينات خاصة بتوليد الكهرباء بمقر المحطة.
سمعنا مؤخرا عن تبادل خطابات حول اعادة تشغيلها واصلاح الابراج واضاءة صنعاء العاصمة .. وهنا نود ان نقول .. أن المحطة خرجت عن الخدمة لاجراء الصيانة (العمرة) في فبراير 2022 بعد ان تعطلت منذ 2014، وتم الاتفاق مع شركة سيمنس الالمانية على صيانة المحطة، بدعم من صندوق التنمية الكويتي بمبلغ 40 مليون دولار، ووقعت اتفاقية بين وزارة الكهرباء والطاقة والصندوق الكويتي في مايو 2022 بتمويل الصيانة، لذا لا نعلم كيف يمكن ان يعاد تشغيلها لإضاءة صنعاء وغيرها وهي معطلة .. وهل هذا الخطاب جاء من اجل السماح للشركة الالمانية بالدخول واصلاح المحطة ام ان وراء الاكمة ما ورائها ..
2- محطة مأرب
بدأَ بناءُ المرحلة الثانية (محطة مأرب 2) عام 2013 بطاقة إنتاجية مصمّمة لتبلغ 400 ميجاوات. كانت هناك أيضًا خطة لتوسيع قدرة مأرب 1و2 من خلال تحويلهما من توربينات الغاز ذات الدورة البسيطة إلى التوربينات الغازية ذات الدورة المركّبة، ولكن بسبب الاضطرابات السياسية عُلّقت المرحلة الثانية.
الان تتبعثر مكونات المحطة الغازية (2) في موانئ البلاد في الحديدة وعدن والمكلا ولم تصل الى مارب بسبب الحرب.
3- محطة الغازية
حسب الدراسات الاولية كان يفترض ان تنفذ في مارب ولكن نظرا لعدم تقديم وزارة النفط لتاكيدات بتخصيص كميات كافية من الغاز تضمن عمل المحطة لمدة 25 عام على الاقل.. ( كل الاحتياطات تم تخصيصها لشركة توتال الغاز المسال وهي المشهد على الاحتياطيات وهي الموزع لها) ( ماهو دور وزارة النفط والمعادن اليمنية – Ministry of Oil and Minerals .. الحقيقة لا اعلم .. لان الموضوع موكل الى شركة توتال والى اليوم ..
لهذا قامت وزارة الكهرباء بنقل الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص الى محطة غازية لتوليد الكهرباء تقع في معبر محافظة ذمار بتكلفة 400 مليون دولار، أعلن عن مناقصتها في سبتمبر 2009م، من المتطلبات ان تتضمن أربعة توربينات غازية تعمل بوقود الغاز الطبيعي الذي سيصل من منطقة صافر بمأرب ويمر عبر أنبوب إلى منطقة معبر بذمار يمر بتوازي مع انابيب النفط للتصدير عبر راس عيسى الى منطقة انس (ذمار) وقدرت تكلفة انشاء الانبوب ب 250 مليون دولار مع مجمع معالجه للغاز، وفشل هذا المشروع نظرا لانعدام وجود المادة الرئيسية الا وهي مخصصات محددة من احتياطيات الغاز لمثل هكذا محطة سواء مارب 2 او مارب 3.
فيما يخص اخبار واشاعات حول انشاء محطة كهروغازية في المكلا واخرى في عدن اعلن عنها الجانب السعودي.. فإنني اقول ان التحدي الرئيس لها هو من اين موارد الغاز المغذي للمحطات .. حيث يتواجد ما نسبته 80% من الاحتياطات الغازية لليمن والتي تقدر ب 18 تريليون قدم مكعب في ححقول صافر (مارب) و 15% في حقول شبوة .. و بعض من الغاز في قطاع (10) والذي تم انشاء محطة خرير الغازية بقدرة 75 ميجاوات وتعمل الان في وادي #حضرموت.
تجدر الاشارة الى ان الغاز الذي ينتج من قطاع (S2) العقلة والتي تقدر كميته مابين 50-80 مليون قدم مكعب يومياً …. يحرق في الهواء ولم يتم تشغيل ضاغطات الغاز التي تم شرائها في 2012 ولم يتم بناء محطة كهروغازية في #شبوة لكي يتم استغلال هذا الغاز الذي كان من الممكن ان يضئ محافظات #شبوة و #البيضاء و #ابين وجزء من #اب و#حضرموت.
وهنا نقول .. ان على الدولة العمل بكل جدية لتخصيص موارد غازية كافية لضمان توليد الطاقة الكهربائية من هذا المصدر غير المكلف والنظيف في كافة ارجاء اليمن في السنوات القادمة. كون الكهرباء هي عصب التنمية وسبب ازدهار العديد من القطاعات الأخرى في أي بلد كقطاع الصناعة والتجارة والبناء والنقل، والتعليم، والصحة، وغيرها. بدلاً من بيعة لشركة توتال TotalEnergies وعبرها ..لا سيما واليمن يعيش في ظلام دامس .. محروم من ابسط الحقوق التي كان ممكن توفرها لوكان هنالك حكومة رشيدة ومسئولين يخافون الله .
-
خبير جيولوجي
- المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع