أحمد يحيى الديلمي —-    

 اليوم نعيش ذكرى أعظم مأساة وكارثة انسانية عاشها الشعب اليمني في الـ13 من يناير عام 1986م حيث اندلعت في عدن حرب شوارع بعد ان تمت تصفية قيادات كثيرة من الحزب الاشتراكي اليمني ، وكانت تتم التصفيات بالبطاقة بحيث تم استهداف قيادات كبيرة كان لها دور بارز في ترسيخ النظام وعلى رأس الجميع المناضل الكبير عبد الفتاح اسماعيل الذي لاتزال الأخبار تتضارب حول مصيرة ومن أقدم على تصفيته البعض يقول إنه الرئيس السابق علي سالم البيض لأنه كان معه في الدبابة نفسها وآخرون يقولون إنه شخص اخر وإنه خرج من صالة الاجتماعات حيا بعد ذلك اختفت اخباره المهم ان أحداث 13 يناير المأساوية مثلت منعطفا خطيرا خلفت تداعيات مخيفة وترتبت عليها عواقب وخيمة يكفي أنها أعادت القبيلة إلى الواجهة وجعلتها صمام أمان ومصدر ترجيح لبقاء الشخص في سدة الحكم وهنا تتضح إشكالية كبيرة اذا أن البعض خاصة علماء الدين يصرخون من الحزبية ويعتبرونها شر مستطير وهو اعتقاد خاطئ لأن الحزبية مجرد مسمى ومحتوى حضاري يهذب السلوك أن احسن التعاطي معه وهذه الاشكالية لا تتربط بالأحزاب في مجتمعنا العربي والإسلامي فقط لكنها بدأت من الاسلام نفسه اذا انه بغياب رسول الله صل الله عليه وعلى آله وسلم حدث التنازع والتجاذبات من يحكم من ومن المؤهل لقيادة الاخر للأسف حولوا الدين إلى وسيلة للترجيح والمزايدة وهكذا حدث بالنسبة للأحزاب فلقد انزلق المسار العام للاهتمامات وبرامج التثقيف بفكر الحزب إلى حلقات ضيقة اتسمت بالنفاق والتزلف والحديث عن القيادة التاريخية والقائد المهلم والضرورة والمعجزة حماية هذه التوجهات البغيضة اقتضت استحضار الطائفية والمناطقية والقبلية من أوكارها السحيقة بهدف التجييش العشوائي وترجيح الكفة من قبل كل طرف وأن على حساب المبادئ والقيم التي وضعها الحزب لتسيير شؤونه وضبط سلوكيات أعضائه لكن هذا التحول الخطير أجج رغبات الثأر والانتقام من الآخر المخالف وان في نطاق الحزب نفسه وعندما غدت هذه الافكار ممنهجة ومرعية فقد فاقمت الأوضاع وجعلت الرغبات المشبوهة تتعاظم وتستهدف الواقع وتجعل رفاق الدرب يوجهون فوهات البنادق إلى بعضهم البعض بما يوحي أن التجربة وصلت إلى أفق مسدود فقدت معه الفاعلية وقوه الحضور بنفس الأفق الحضاري وعادت إلى الاستعانة بالقبيلة “وكأنك يا ابو زيد ما غزيت ..”وهذا ما جعل جورج حاوي أمين عام الحزب اللبناني يقول ما حدث في عدن مأساة وكارثة بكل المقاييس كنا اعتقدنا لزمن أن الرفاق تجاوزوا الطائفة والقبيلة والمذهب واذا بأحداث يناير تعيد الأمور إلى نقطة الصفر طبعا هذا التصريح جاء بعد أن كان حاوي نفسه قد تباهى بنظام الحكم في عدن وقال يكفينا إننا بنينا نظام للعمال والفلاحين في جنوب اليمن وأيده في هذا التوجه جورج حبش أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لكنهم سرعان ما جروا أذيال الخيبة بعد أحداث يناير خاصة أن حبش قال في تصريح سابق يبدو أن اليمنيين على مشارف الاتفاق لتخرج البلاد من الظلمات إلى النور ومن خطوط التماس والمواجهات الدامية إلى رحاب الحوار والمحبة ولهذا كانت مأساته أكبر حينما وجد انه راهن على سلام الايجابية الكبيرة هي ما انتهى اليه الوضع بعد الوحدة لأن قيادات كبيرة وفي المقدمة علي ناصر محمد تساموا فوق الجراح وقرروا العودة إلى احضان الحزب متناسيين كل ما حدث وهذه الايجابية ستظل مصدر تفاؤل تؤكد أن الحزب مهم شرد بعض أعضائه سيظل مدافعا عن الوطن مهما كانت الظروف والمهم أن نأخذ مما حدث في يناير العبرة والعضة حتى لا تتكرر المأساة في اليمن بشكل عام .

والله من وراء القصد ،،،،،،،،