رئيس التعاون الدولي للصليب الأحمر الألماني : ” علينا تأمين بقاء ملايين اليمنيين على قيد الحياة”
كريستوف جونين (52 عاماُ)، رئيس التعاون الدولي في جمعية الصليب الأحمر الألماني يحدثنا عن محنة البلد العربي الذي تستعر فيه الحرب وأهمية محادثات السلام وعن العجز السياسي.
أجرى الحوار : كريستيان بوما
(صحيفة “در تاجس شبيجل” الألمانية، ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)-
الصحيفة : سيد جونين ، حرب و أوبئة ومجاعة – هل ما زال هناك فرصة لإنقاذ اليمن؟
جونين : لا أعرف ما إذا كان اليمن قائم ككيان دولة. لكن ما أعرفه هو أن هناك يعيش أكثر من 29 مليون شخصاً. وأن علينا إنقاذهم. وهذا ما يهمني.
الصحيفة : ولكن في اليمن على وجه الخصوص ، يتعين على منظمات الإغاثة ، مثل الصليب الأحمر الألماني ، شن معركة متعددة الجبهات : فوسط المعارك المستمرة يتعين علينا مكافحة الأمراض وتوزيع الطعام وتزويد الناس بالأدوية. فكيف بالإمكان فعل ذلك كله؟
ـ جونين : إن تركيزنا ينصب بشكل واضح على الإنسانية الطارئة. وهذا الأمر ليس فقط منذ البارحة. تتعاون منظمة الصليب الأحمر الألماني منذ أكثر من عشر سنوات وهي تعمل بشكل تقليدي ووثيق مع المنظمات المجتمعية. وهناك اثنين من العوامل يلعبان دوراً حاسما في ذلك التعاون.
ـ الصحيفة : ما هما هذان العاملان؟
جونين : الصحة والأمن الغذائي. في البداية ، كانت معظمها مشاريع طويلة الأجل. وكان الهدف منها العمل على تعزيز القدرة على المساعدة الذاتية للسكان. ولكن بعد تفاقم الوضع ، أصبح العمل محصوراً على المساعدات الطارئة.
ومع ذلك ، فإننا ما نزال نشجع الهلال الأحمر اليمني على الالتزام بالمشاريع طويلة الأجل ، إن أمكن. لأنه في مرحلة ما سينتهي هذا الصراع. وسيكون من الضروري أن يكون الأساس الذي يتم البناء عليه موجودا.
الصحيفة : هل ما يزال اليمن بعيدا عن نهاية الصراع؟
ـ جونين : لا شك أن الحاجة إلى المساعدة في الوقت الحالي أكبر بكثير من الموارد المتاحة. كما لا يزال الوصول إلى المحتاجين محدوداً للغاية. كما أنه ليس أقل خطورة بالنسبة لمقدمي الإغاثة. فحياتهم غالبا ما تكون مهددة.
منذ عام 2015 ، قُتل 14 من المساعدين من الصليب الأحمر والهلال الأحمر في البعثات إلى المناطق التي تدور فيها المعارك. ناهيك عن التعب البدني والعاطفي. في الأشهر الأخيرة من العام الماضي ، كنا قلقين من أنه من الصعب وقف دوامة المعاناة والبؤس. الآن هناك ثقة في أن يتحقق ذلك ولكنها تظل حذرة جدا.
الصحيفة : على ماذا يعتمد ذلك؟
جونين : لقد باتت أطراف النزاع تتحدث مع بعضها البعض في هذه الأثناء على الأقل. ففي ستوكهولم ، اتفق المسؤولون في الحكومة ووفد جماعة الحوثي المعارضة لهم ، في ظل وساطة الأمم المتحدة على إطلاق سراح السجناء. وهذه بادرة إنسانية كما أنها خطوة صغيرة أولى محتملة في المشوار المؤدي إلى السلام.
الصحيفة : ولكن ما هو الجيد في ذلك بالنسبة للمحتاجين في اليمن؟
جونين : هذا هو أحد تدابير بناء الثقة. وعملية الوصول الصعب للغاية إلى المحتاجين له علاقة كبيرة بعدم الثقة. وفي هذا الصدد ، نأمل أن يكون لهذه الاتفاقية تأثير إيجابي على عملنا.
فحدة الأوضاع في مدينة الحديدة المتنازع عليها – الذي عبر ميناءها تتم عملية تسليم المساعدات – ستخف على الأقل. ولكن من الصحيح أيضاً أنه لا يوجد سبب للابتهاج. اليمن بعيد كل البعد عن أي حالة يمكن أن توصف بأنها طبيعية.
الصحيفة : ماذا يعني ذلك؟
جونين : اليمن بات يفتقر إلى كل شيء. إذ أن أقل من 50 بالمائة من مرافق الرعاية الصحية هي التي لا تزال تعمل. وقد قلت فرص العمل. كما أن الرواتب لم تعد تُدفع للموظفين. الاقتصاد في حالة متدهورة. الجوع منتشر بصورة كليه تماما. كل هذا لا يمكن أن يعوض عن طريق المساعدات الإنسانية وحدها. يجب أولاً وقبل كل شيء ضمان بقاء الناس على قيد الحياة. هذا هو السبب في أن العملية السياسية في غاية الأهمية.
الصحيفة : تعتبر اليمن منذ فترة طويلة تعتبر من أفقر الدول في العالم العربي. فكيف ينبغي أن يكون البلد قادراً على الإدارة دون مساعدة طارئة في المستقبل المنظور في ظل الظروف السائدة؟
جونين : إذا لم تنشب عمليات قتالية أخرى، فإن المرافق المدنية والسكان المدنيين لن يتعرضوا مجددا للهجمات. صحيح أن الوضع سيستغرق وقتا طويلاً إلى يصل إلى حالة من التحسن ولكن على الأقل سيكون من الممكن إدخال البضائع المهمة إلى البلاد بسهولة أكبر. كما سيتمكن الناس من العودة إلى العمل وإدارة الحياة الاجتماعية بشكل طبيعي. ولا شك بالطبع أن المخاطر تظل محدقة بطلعاتهم.
الصحيفة : أي مخاطر؟
جونين : يمكن نسيان اليمن مرة أخرى. فقد كان هو حال اليمن في كثير من الأحيان. لذا فإن السؤال الحاسم هو : هل سيتم دعم السلام في البلاد على المدى الطويل وبصورة مستدامة ؟ إذا لم يكن هذا هو الحال ، فإنها لن تكون سوى فترة راحة قصيرة. ومنع حدوث ذلك الأمر يعتمد على السياسة.
الصحيفة : هل تشعر المنظمات الخيرية أحيانا بالإرهاق؟
جونين : المساعدات الإنسانية على هذا النحو عادة لا تكون متعبة. ومع ذلك ، فإن المساعدات الإنسانية ستكون مثقلة بالكثير. فهي كثيرا ما يستخدم كبديل لعدم وجود عمل سياسي في وقت مبكر. ففي اليمن تفاقهم الوضع أمام أعين الجميع – ومن المفترض أن تغطي المساعدات الإنسانية العلنية العجز السياسية الواضح.
الصحيفة : كيف تتوقعون أن يكون حال اليمن بعد عام من الآن؟
جونين : (تنهد بإحباط) أتمنى أن يكون هناك بداية لعملية سياسية تعيد الحياة لأساسيات سبل العيش وتمكن الناس من التطلع وتمنحهم الأمل. حينها سيكون بالإمكان تحقيق الكثير.