بقلم: زين شرفاوي

ترجمة: أسماء بجاش- سبأ :-

 

يعيش اليمن في حالة حرب مع المتمردين الحوثيين منذ أواخر مارس من العام 2015، ومن الواضح أن المملكة العربية السعودية تتجنب قدر الإمكان الزج بجنودها في مستنقع هذه الحرب, حيث عمدت في أغلب الأحيان على مواجهة المتمرديين الحوثيون عن طريق استقطاب مرتزقة يتقاضون راتب منها ومن حلفائها الخليجيين.

يعتبر السودان جزء رسمي من قوات التحالف العربي المناهض للتمرد الحوثي والمنضوي تحت راية المملكة العربية السعودية, الا أنه لم يرسل أي  جنود إلى ساحة المعركة, حيث عمل في كثير من الأحيان على إرسال قوات شبه عسكرية من قوة الدعم السريع  أو ما يعرف بالميليشيات.

 

ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فقد استقطبت الرياض منذ بداية الصراع حوالي 14 الف مقاتل من هذه الميليشيات, إذ يتلقون مكافآت مالية بلغت قيمتها 8700 يورو وأجور شهرية تصل إلى ما يقرب من 450 يورو, وبشكل تقريبي, ينتمى جميع هؤلاء المقاتلين إلى اقليم دارفور.

والأخطر من ذلك أن هذه المليشيات تضم في طياتها العديد من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 – 17 سنة, حيث أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن سكان إقليم دارفور الذين فقدوا كل شيء في الحرب الأهلية لجوء في كثير من الأحيان إلى أزج بأبنائهم في صفوف المليشيات مقابل المال.

وفي تحقيقاتها، سلطت الصحيفة اليومية الضوء من خلال مقابلتها مع مقاتلين صوماليين عائدين من اليمن على أن ما لا يقل عن 20٪ من وحدات المرتزقة السودانية الذين يعملون في خدمة السعوديين هم من الاطفال.

ووفقا لشهادة أخرى قدمهما المصدر نفسه، فإن هؤلاء القاصرين يمكن أن يمثلوا 40٪ من أجمالي عدد المرتزقة.

ومن جانبها, نفت الخرطوم وقوات التحالف العربي المعلومات التي أوردتها صحيفة نيويورك تايمز, حيث أشار “تركي المالكي” المتحدث باسم قوات التحالف العربي إلى أن الادعاءات بوجود أطفال في صفوف القوات السودانية وهمية ولا أساس لها من الصحة.

 

في حين أرسلت دول أفريقية أخرى مثل تشاد وأوغندا ميليشيات تقاتل في صفوف قوات التحالف العربي في اليمن, بالإضافة أيضا إلى استقدام الرياض مرتزقة من أمريكا الجنوبية.

وفي حربه الشاملة ضد عناصر جماعة أنصار الله الحوثية المسلحة، كانت قوات  التحالف العربي الذي تقوده الرياض مسؤولة عن جرح وقتل آلاف المدنيين، ناهيك عن جر البلد نحو حافة المجاعة, وبالرغم من كل تلك الجرائم التي لا حصر لها, إلا أنها لم تمنع الدول الغربية من مواصلة بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.

وبحسب التقارير الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة, فإن هذا الصراع قد أودى بحياة ما لا يقل عن 10 آلاف شخص, في حين أن ما يربوا من 20 مليون شخص يصارعون شبح انعدام الأمن الغذائي.

يدور رحى الحرب الأهلية اليمنية منذ اواخر سبتمبر من العام 2014 بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي غادر السلطة في العام 2012 إثر الاحتجاجات الشعبية العارمة التي جابت اليمن, وبين القوات الموالية للحكومة الشرعية والمتمثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي.

توالت الأحداث, حيث اخذ الصراع اليمني منحى اخر في مارس من العام 2015 بعد اعلان التدخل العسكري في البلد من قبل العديد من البلدان العربية المنضوية تحت راية المملكة السعودية.

يرى العديد من الخبراء المختصين بالشأن اليمني أن هذه الحرب هي إحدى النتائج المترتبة على  حروب صعدة التي شهدها المنطقة الشمالية الغربية من البلد منذ العام 2004، إذ يكمن السبب الرئيسي لهذه الحروب في شعور أبناء تلك المنطقة بتهميش والإهمال  من قبل الحكومة المركزية إبان توحيد شطري اليمن في العام 1990.

 

كما كانت هذه الحرب نتيجة لسلسلة من الاحتجاج المناهضة التي قادتها الحركة الحوثية جراء رفع الدعم الحكومي على المنتجات النفطية وانتشار الفساد, بالإضافة إلى قتل اثنين من ممثلي جماعة الحوثي في مؤتمر الحوار الوطني والإبطاء في تنفيذ التدابير التي حددها المؤتمر في العام 2012.

كان البلد في ديسمبر من العام المنصرم على موعد مع توقيع جماعة أنصار الله المسلحة والحكومة اليمنية على اتفاق برعاية الأمم المتحدة لبدء محادثات السلام الرامية إلى إنهاء الأعمال العدائية التي يصطلي بنيرانها اليمن منذ العام 2015.

وبعد الاجتياز الصعب لملف المفاوضات، نص الاتفاق على وقف اطلاق النار في مدينة الحديدة الساحلية الجبهة الرئيسية للصراع ونقطة دخول السواد الاعظم من الواردات والمساعدات الإنسانية، إلا انه لا يتم تطبيقه في الوقت الراهن على أرض الواقع, حيث تتبادل الأطراف الموقعة – جماعة أنصار الله والحكومة- التهم بعرقلة التنفيذ.

(صحيفة ” elwatan”الجزائرية الناطقة بالفرنسية)