السياسية:

ساعات قليلة تفصل عن تسلم الرئيس التونسي قيس سعيد مشروع دستور الجمهورية الثالثة الذي تمت صياغته من قبل لجنة استشارية وضعها بأمر رئاسي، دستور أثير حول مساره الكثير من الجدل والخلاف بين مؤيدي الرئيس ودستوره ومعارضي مسار 25 يوليو (تموز) برمته.

أهم ملامح الدستور الجديد بحسب ما أفاد به الناطق الرسمي للتيار الشعبي محسن النابتي، أحد المشاركين في اللجنة الاستشارية من أجل تقديم اقتراحات لمشروع القانون، أن الدستور سيكون استثنائياً.

وأوضح في تصريح خاص أن” تقييمهم لما خلص إليه عمل اللجنة الاستشارية على رغم كل ما رافقها من جدل أن الدستور الجديد سيكون استثنائياً في تاريخ تونس، بمعنى أن الإضافة ستكون في المبادئ الاقتصادية وهذا ما غاب عن الدساتير السابقة وهو حاضر في دساتير بعض الدول أخيراً”.

النظام السياسي

هذه النقطة بالذات، أي صياغة مبادئ اقتصادية في الدستور، كانت نقطة خلافية إذ اعتبر البعض من أساتذة القانون الدستوري في تونس أن المبادئ الاقتصادية لا يمكن إدراجها بالدستور، وذلك نظراً للمتغيرات العالمية أو حتى الداخلية التي قد تطرأ وتفرض سياسات اقتصادية بعينها.

وقال النابتي إن حزبهم كان شريكاً في هذا المسار منذ البداية، مفسراً “الحزب قدم اقتراحاته سواء متعلقة بباب السلطة التشريعية أو المبادئ الاقتصادية أو باب الحريات الاقتصادية والاجتماعية”.

وأضاف بخصوص أهم ملامح الدستور الجديد أن “النقاش حول صياغته استوعب المطبات التي وقعت فيها التجربة التونسية منذ الاستقلال سواء في مرحلة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة أو ما عرف بمرحلة الحكم الفردي ومرحلة العشر السنوات بعد الثورة وهي مرحلة الفوضى”.

وأكد أن تغيير النظام السياسي من أهم ركائز الدستور الجديد، إذ بعد أن عرفت تونس نظاماً برلمانياً أسهم في تشتيت السلطة فإن النظام الجديد سيكون نظاماً رئاسياً يقوم فيه رئيس الجمهورية باختيار رئيس الوزراء ويكون دور البرلمان فيه دور المراقب والمشرع.

وبخصوص باب الحريات الفردية أكد أن الدستور حافظ على المكتسبات وقام بتعزيز البعض الآخر ودحض المخاوف التي تروج من قبل بعض الحقوقيين حول التفريط في مكاسب القانون التونسي الخاصة بالحريات.

من جهة أخرى، يرى المحلل السياسي وسام حمدي أن “ما يحصل في مجريات الحوار الوطني يدل فعلاً على حالتي الفوضى العارمة والتسرّع غير المتناهي لمن يشاركون فيه من أجل تنفيذ مشروع الرئيس قيس سعيد في أسرع وقت ممكن مهما كانت مخرجاته ومهما كانت صيغة الدستور الذي سيقدم للرئيس قبل أن يتم عرضه على الرأي العام قبل الاستفتاء في 25 يوليو المقبل”.

وواصل حمدي في تصريح خاص “لقد أثبتت كواليس حوار دار الضيافة أن تونس تتجّه فعلاً نحو عبث سياسي غير مسبوق ويظهر ذلك أولاً، من خلال المقترحات المقدّمة للرئيس المنسق الصادق بلعيد والتي لا تعدو أن تكون سوى محاولات إنشائية سيئة الصياغة والمفاهيم ولا تليق أبداً بدستور قيل إنه سيصلح للأجيال القادمة، فكل المقترحات مضحكة من حيث الشكل والمضمون”.

ويضيف “ثانياً، أثبتت جولات الحوار صحة القول إن بعض المشاركين فيه إن لم نقل كلهم لا تتوافر فيهم شروط صياغة دستور جديد لتونس، والدليل أن الصادق بلعيد طرد أمين عام حزب المحافظين من جلسة السبت لتقديمه مقترحات مضحكة خطت باللهجة الدارجة لا بلغة وصياغة تليق بدستور، وهو ما يعطينا نموذجاً دالاً على معاني الجمهورية التي يريد الرئيس ترسيخها”.

أما في ما يتعلق بإمكانية تقديم مشروع الدستور للرئيس خلال الساعات القليلة المقبلة يرى حمدي أن “هذا الإجراء إن حصل فهو غير مفهوم، حيث تشير كل الكواليس إلى أن ما صيغ إلى الآن غير قادر على أن يشكل نواة صلبة لتأسيس دستور، وكل هذا يؤكد ربما وجود مشروع آخر في رفوف الرئاسة متفق عليه بين الرئيس والصادق بلعيد، ما يعني أن الحوار برمته لا يعدو أن يكون سوى مسرحية سيئة الإخراج”.

دستور المنظومة الجديدة

مواصلاً في نفس الصدد “على رغم كل هذه المطبات، فإنه حتى وإن تم تقديم المشروع للرئيس ووافق عليه، أعتقد أنه لن يكون بالنهاية دستوراً لكل التونسيين بل دستور المنظومة الجديدة ودستور الرئيس وحده، بخاصة أن أهم الأحزاب التي لم تتورط في منظومة ما قبل 25 يوليو وأكبر المنظمات كاتحاد الشغل لم تشارك في إعداده وهذا ما سيجعله بالنهاية دستوراً منقوص الشرعية حتى وإن كان أجمل دستور في العالم” .

يذكر أن جبهة الخلاص الوطني المعارضة لمسار قيس سعيد خرحت، يوم الأحد، في مسيرة احتجاجية في وسط تونس العاصمة دعت خلالها للعودة إلى دستور 2014.

وانتهت آجال صياغة مشروع الدستور المرتقب من طرف اللجنة المعينة من قبل الرئيس التونسي، الاثنين 13 يونيو (حزيران) الجاري بحسب ما ينص عليه المرسوم الرئاسي المحدث للهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، الصادر في 20 مايو (أيار) الماضي.

وينص الفصل 16 من المرسوم الرئاسي على آجال تقديم اللجنة تقريرها النهائي، مرفقاً بنسخة من مشروع الدستور في أجل أقصاه أسبوع قبل التاريخ المنصوص عليه في الفصل 22 المحدد بيوم 20 يونيو، أي أن آخر أجل لإتمام اللجنة أعمالها كان 13 يونيو الجاري، ثم يقدم التقرير النهائي للجنة الحوار الوطني إلى رئيس الدولة في أجل أقصاه يوم 20 يونيو، وبعد ذلك يعرض سعيد هذا الدستور على التونسيين في 30 يونيو.

بقلم : هدى الطرابلسي صحافية
المادة الصحفي نقلت من موقع اندبندنت عربية وتعبر عن راي الكاتب