السياسية – متابعات :

بفضل الدعم الأمريكي، يستطيع السعوديون التحقيق في ضرباتهم الجوية في اليمن بأنفسهم. ونتائج تلك التحقيقات تُصاغ بما يتوافق مع هواهم

بقلم: ديتريش كلوزه(صحيفة “در فرايتاغ” الألمانية، ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)-

شكَّل التحالف السعودي “فريق تحقيق” خاص به لمنع الأمم المتحدة من بدء تحقيق دولي مستقل في جرائم الحرب في اليمن. وقد طلبت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومنظمات الأمم المتحدة الإنسانية ، والمنظمات الإنسانية وغيرها من المنظمات غير الحكومية والسياسيين والناشطين في جميع أنحاء العالم إجراء مثل هذا التحقيق. حتى أن الحوثيين طالبوا بذلك حتى لو كانوا هم أنفسهم قد اُتهموا بارتكاب جرائم حرب عديدة.

ومع ذلك، نجح التحالف السعودي في عرقلة كل هذه الجهود، وذلك بدعم قوي من حلفائه في مجلس الأمن الدولي، الولايات المتحدة ، بريطانيا وفرنسا. وهذه بحد ذاتها  فضيحة ودليل إضافي على التواطؤ الغربي. فضيحة تبين بكل وضوح من هم الجناة الرئيسيون في هذه الحرب.

فمن أجل إحباط كل الجهود لتحقيق دولي مستقل، أعلن السعوديون وحلفاؤهم العرب أنهم سيحققون في غاراتهم الجوية بأنفسهم. لذلك، تم تشكيل “فريق التحالف المشترك لتقييم الحوادث”. لم يقم الفريق بأي عملية بحث جادة.

وبدلا من ذلك، لعب الجاني نفسه دور المحقق والقاضي. ودعمت الحكومات الغربية هذه المهزلة وأشارت إلى “تحقيقات” فريق التحالف المشترك لتقييم الحوادث، التي لم تتوصل إلا إلى رفض أي مطالب تحقيق أخرى.

وفي 25 ديسمبر 2018، نشر “فريق التحالف المشترك لتقييم الحوادث” تقرير عن  هجوم آخر. وتم وصف الهجوم الجوي الذي شنته قوات التحالف  في 9 مايو على منطقة ضحيان (رقم 115) على النحو التالي:

وقد أشار الفريق إلى أن قوات التحالف تلقت معلومات تفيد بأن هناك مبنى يُستخدم كمركز قيادة ونقطة إمداد للخطوط الأمامية لميليشيات الحوثي المسلحة بصواريخ حرارية وأسلحة و ذخائر في منفذ علب – الربوعة، الذي يبعد 37 كيلومترا عن الحدود الدولية مع المملكة السعودية. وكان يعتبر هدفا عسكريا مشروعا يوفر تدميره ميزة عسكرية واضحة.

وبناء على ذلك، شنت القوات الجوية للتحالف يوم الأربعاء، 9 مايو 2018، عملية غارة واحدة في ضحيان، مجز، محافظة صعدة على المبنى بقنبلة واحدة أصابت الهدف. وبعد عملية مسح صور الأقمار الصناعية ولقطات الفيديو، لم تتعرض المباني المحيطة لأي ضرر، واتخذت قوات التحالف جميع الاحتياطات الممكنة، من حيث نوع الذخيرة المستخدمة، وزاوية الضربة الجوية وغياب المدنيين والمركبات المدنية في المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، ووفقاً للقانون الإنساني الدولي العرفي، حرصوا على عدم وجود مدنيين في المبنى في وقت شن الغارة.

وعلى ضوء ذلك، أعلن التحالف بأن فريق التحالف المشترك لتقييم الحوادث أكد نهج قوات التحالف لاستهداف المبنى المذكور وأن الاستهداف جاء وفقاً للقانون الدولي الإنساني المعروف.

ولكن عند مشاهدة صور الحادث ندرك مدى المهزلة القاسية وغير الإنسانية لهذه “التحقيقات”. ولا تعليق يمكنه وصف تلك المهزلة.

وفيما يلي رابط يحتوي جميع الصور والمصادر:

http://poorworld.net/Yemen/YemenImages2018-05-09-Saada.htm

وفي تقرير التحقيق المذكور، تم التعامل مع حالات أخرى. إذ تعلقت الحالة رقم 112 بالغارة الجوية السعودية على مركز الثروة السمكية ومستودع معدات الصيد في الخوبه، مديرية اللحية، محافظة الحديدة  في 8 يناير 2018. فمرة أخرى، زعم تقرير فريق التحالف المشترك لتقييم الحوادث أن لقطات الفيلم تشير أن منطقة الهجوم كانت خالية من المدنيين والمركبات المدنية في وقت العملية.

و لم تكن تقارير “فريق التحالف المشترك لتقييم الحوادث” السابقة أفضل. ففيه وجدنا نفس النهج “المتراخي” مع الحقيقة. إذ يتم الإعلان بكل سرور عن أن الهدف كان “عسكرياً” ويزُعم بأن المكان كان إما يتواجد فيه مقاتلين أو أسلحة أو يعقد فيه “اجتماع للحوثيين”، حتى وإن لم يكن في المكان ما يدل على أن له علاقة بمقاتلين. والأدلة على تلك الادعاءات لا وجود لها كما أنه لا يمكن دحضها. وهنا يعتقد المرء بأنه قد أوجد الحجة اللافتة للانتباه لما حدث.

وكل تلك القصص ليست ذات مصداقية كبيرة. ويبين ذلك بصرف النظر عن التقارير المتأخرة لـ “فريق التحالف المشترك لتقييم الحوادث” تلك التوضيحات السعودية بشأن الهجمات الأخيرة. والتي يرد فيها بكل سرور أن الهدف الذي تم قصفه كان “هدفاُ عسكرياً” ويتم عرض أدلة متناقضة على نحو واضح، تم فيها تغيير القصص عدة مرات إذا ما لزم الأمر.

لم يكن الأمر مختلفاً في التفسيرات السعودية بعد مقتل خاشقجي. ونفس الشيء كان بعد الغارة الجوية على حافلة مدرسية في صعدة في أغسطس 2018، والتي قُتل فيها أكثر من 40 طفلاً، فقد ادعّى التحالف في البداية أن الحافلة كانت “هدفاً عسكرياً” وأن المقاتلين الحوثيين كانوا محشورين داخلها. وعندما لم يصدق أحد هذه القصة أتى التحالف بقصة جديدة. وبعدها قصة أخرى جديدة. وفي الأخير عاد ليزعم بأن الهدف كان “عسكرياً”.