السياسية:

بقلم: جوزيف كيشور

ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”

 

من المقرر أن يتوجه الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية في وقت لاحق من هذا الشهر للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان, حيث سيكون أحد الأهداف الرئيسية لهذه الرحلة، والتي سوف تشمل اجتماعات مع قادة عرب آخرين وزيارة لدولة إسرائيل، هو تعزيز الدعم الأوسع للحرب بين الولايات المتحدة الأمريكية والناتو ضد روسيا جراء الحرب على أوكرانيا.

ومن جانبها, علقت صحيفة نيويورك تايمز في مقال لها حول هذا الموضوع بأن هذا «يمثل انتصاراً للسياسة الواقعية على السخط الأخلاقي، وفقاً لخبراء السياسة الخارجية».

فمن جانب الصحيفة و«خبراء السياسة الخارجية»، كانت طريقة مهذبة لمعالجة النفاق الذي لا يمكن إنكاره للولايات المتحدة في الادعاء بالدفاع عن «الديمقراطية» في أوكرانيا أثناء مغازلة واحدة من أكثر الديكتاتوريات وحشية في العالم.

يبقى أن نرى ما إذا كان بايدن سوف يتناول ملف قضية جمال خاشقجي، كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست الذي قُتل بوحشية بناءاً على أوامر من بن سلمان, مطلع اكتوبر من العام 2018، أو ما إذا كان سيسأل عن مكان جثة خاشقجي المقطعة.

من غير المرجح أن ينتهز بايدن الفرصة للتعبير عن «سخطه الأخلاقي» في مواجهة إعدام 81 سجيناً الذين قضوا نحبهم في 12 مارس المنصرم، جُلهم من المعارضين السياسيين للنظام السعودي الدموي.

اتهمت إدارة الرئيس بايدن روسيا بارتكاب «جرائم حرب» وحتى «إبادة جماعية» في أوكرانيا، حيث قتل نحو 4200 مدني، خلال 100 يوم بعد الغزو في 24 فبراير وفقا للتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة.

ومع ذلك، إذا كان من الممكن تطبيق مصطلح «الإبادة الجماعية» على حرب مستمرة، فإن الحرب السعودية ضد اليمن، بدعم من الولايات المتحدة، التي بدأت في العام 2015 في ظل إدارة أوباما.

تتفاوت حسابات ضحايا القصف المنتظم والمجاعة في هذا البلد الفقير، ولكنها وصلت إلى قرابة 400 ألف ضحية حاليا على الأقل.

ومع ذلك، أصدر تقرير الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) تقريراً في نوفمبر من العام 2021، أي قبل سبعة أشهر، حيث يقدر عدد الضحايا بي 377000 حالة وفاة.

وهذا يمثل ما يزيد قليلا على واحد في المائة من سكان اليمن، الذي يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة.

كما قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي, أن أكثر من 260 ألف من القتلى هم من الأطفال دون سن الخامسة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المجاعة والأمراض التي سببها الحصار السعودي، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

ويقدر التقرير أيضاً أن عدد القتلى سوف يصل إلى 1.3 مليون بحلول العام 2030، و70 % منها بسبب التأثير الاجتماعي والاقتصادي الكارثي للحرب.

من المتوقع أن يصل عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 22 مليون شخص بحلول العام 2030.

ووفقا لتقرير آخر صدر في مارس عن منظمة الأمم المتحدة المعنية بالطفولة (اليونيسيف)، يعاني 538 ألف من الأطفال اليمنيون بالفعل من سوء تغذية حاد، ولكن من المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 2,2 مليون طفل بحلول نهاية العام، ويرجع ذلك جزئيا إلى الارتفاع الحاد في أسعار الأغذية العالمية.

قدرت منظمة اليونيسف كذلك أن أكثر من 10 ألف طفل قتلوا أو أصيبوا بشكل مباشر بالقنابل وغيرها من الأعمال العسكرية منذ بدء الصراع في العام 2015.

تتميز الحرب بهجمات متكررة من قبل التحالف بقيادة السعودية ضد البنية التحتية المدنية, ففي 21 من يناير من هذا العام، أسفرت غارة جوية (ورد أنها استخدمت صواريخ موجهة بالليزر من صنع شركة ريثيون) عن مقتل 82 شخصا على الأقل وإصابة 266 آخرين في مركز احتجاز يضم مهاجرين أفارقة في محافظة صعدة الواقعة في الجهة الشمالية من البلد.

وجاء الهجوم في أعقاب ضربات ضد مبان مدنية في العاصمة صنعاء، بما في ذلك مركز لمعالجة المياه, حيث حرم 120 ألف شخص من مياه الشرب النظيفة.

في ذلك الوقت، لم تدين وسائل الإعلام الأمريكية «جرائم الحرب» السعودية ضد اليمن، ولم تحتج الجماعات اليسارية الزائفة التي تدعم الإمبريالية الأمريكية على جريمة الحرب هذه.

ولكن بعد شهرين ونصف، كان الهجوم الصاروخي على محطة أوكرانية أسفر عن مقتل 50 شخصاً – يُلقى باللوم فيه على روسيا – ذريعة لتكثيف كبير للدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا, حيث وصفها الرئيس بايدن إنها «إبادة جماعية».

عندما وصل إلى المكتب البيضاوي في يناير من العام 2021، قال بايدن إنه سوف يجعل النظام السعودي «يدفع الثمن»، بما في ذلك مقتل خاشقجي، وأن حكومته سوف تجعله من النظام السعودي «منبوذا».

ناهيك عن إدلائه بتصريح غامض بأن حكومته سوف تنهي «دعم الولايات المتحدة للعمليات الهجومية» في الحرب ضد اليمن.

ومع ذلك، كان هذا البيان مجرد واجهة, حيث استمرت الأسلحة العسكرية في التدفق إلى المملكة العربية السعودية, نظراً لكون الولايات المتحدة هي أكبر مورد للأسلحة إلى هذا البلد, إذ تمثل 73 % من واردات الأسلحة، وفقاً لمعهد بروكينغز.

وبحسب موقع وزارة الخارجية الأمريكية، فإن “المملكة العربية السعودية هي أكبر عميل للمبيعات العسكرية الخارجية للولايات المتحدة، مع أكثر من 100 مليار دولار في الحالات النشطة.

من خلال ذلك، تدعم الولايات المتحدة ثلاث منظمات مساعدة أمنية رئيسية في السعودية: وزارة الدفاع والحرس الوطني ووزارة الداخلية.

بعبارة أخرى، لا تقدم الولايات المتحدة فقط الأسلحة المستخدمة لقصف اليمن وفرض حصارها الاقتصادي، ولكن أيضاً لتعزيز جهاز القمع الداخلي للنظام (وزارة الداخلية هي الهيئة المسؤولة عن عمليات الإعدام).

استعداداً لزيارة بايدن، تعمل حكومته على إعادة صياغة تقييمها الرسمي للنظام السعودي.

هذا الأسبوع فقط، أكد البيت الأبيض التصريح السابق بأن بايدن يعتبر بن سلمان «منبوذًا».

ومع ذلك، هنأت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، يوم الخميس، المملكة العربية السعودية على «المساعدة في توطيد» الهدنة المؤقتة في اليمن، أي لوضع حد جزئي للمذبحة الدموية التي تنفذها بدعم من الإمبريالية الأمريكية.

وبعيداً عن الملف الروسي، سوف تناقش الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية هجوماً أمريكي وإسرائيلي جديد ضد إيران.

كما يسعون إلى موافقة الرياض على زيادة إنتاج النفط، بينما تواجه الطبقة الحاكمة الأمريكية موجة متزايدة من الغضب الاجتماعي في البلد جراء مواجهة ارتفاع أسعار البنزين والسلع الاستهلاكية الأخرى.

الاجتماع، بحسب وزير الخارجية أنتوني بلينكين، سوف يركز على «مجمل مصالحنا في هذه العلاقة».

يمكن أن نكون متأكدين من أن النفاق العاري للإمبريالية الأمريكية لن يمنع الأخلاقيين من الطبقة الوسطى العليا في وسائل الإعلام والجامعات من تقديم دعمهم الكامل للحملة الصليبية الإمبريالية ضد روسيا، ملوحين براية «حقوق الإنسان» الممزقة والدموية.

 

  • موقع الويب الاشتراكي العالمي- wsws ” النسخة الفرنسية
  • المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع