ناصر قنديل*

– وضع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بوصلته أمام حقائق لبنان والمنطقة والعالم، وفيها أن للبنان حقاً بائناً، يتعرّض للنهب والسرقة، فحوض الغاز واحد، ويكفي أن تستخرج من مكان وتمنعني من الاستخراج، حتى تستفرد بكل الغاز الموجود في هذا الحوض، وفيها أن للبنان حاجة ملحة. فالانهيار الاقتصادي لبس ثوب التقدم باللبنانيين نحو مجاعة محدقة، وليس للبنانيين إلا هذا الغاز يُخرجهم من الخطر الأكيد. وفي المنطقة عدو يقوم على النهب والسرقة، وقد سرق أرض الفلسطينيين ويسرق ماءهم ووطنهم، وقد خبره اللبنانيون يوم حاول سرقة أرضهم ومائهم، وهو اليوم يستهدف الغاز بالطريقة ذاتها التي لا مكان فيها للقانون، ولا للحقوق، ولا للقرارات الدولية، ولا لمراسيم الترسيم، بل للقوة وللقوة فقط. وفي العالم حرب عالمية تتواجه فيها الدول العظمى، وقد ترتبت عليها أزمة عالمية في سوق النفط والغاز وصارت ثروات منطقتنا مخرجاً استراتيجياً من هذه الأزمة، ولدينا مقاومة قوية قادرة وجاهزة، وتملك الإرادة وقد وطنت نفسها على تحمل المسؤولية، وهي لن تدخل الآن على الأقل في نقاش خطوط الحدود الوهميّة لترسيم البحر طالما الخزان واحد ومنهوب، وطالما نحن نمنع من الدخول على خط الاستخراج. فالأولوية بسيطة وواضحة، منع العدو من الاستخراج حتى يتاح لنا ان نستخرج بالمثل، وتتوضّح الصورة أين نستخرج واين يسمح له بالاستخراج، سواء بالتفاوض او بسواه، فتلك ليست أولويتنا ولا قضيتنا، بل الأولوية والقضية الآن، هي منع العدو من الاستخراج.

– وضع السيد اتجاه البوصلة، فصار موقفه هو البوصلة، أن المقاومة قررت أن تأخذ على عاتقها منع العدو من الاستخراج، وهذا نداء للداخل اللبناني، الرؤساء والوزراء والنواب والقادة والأحزاب والشباب، أن لا تختلفوا على المرسوم ولا على الترسيم، ولا تضيّعوا الوقت في نقاش مسار المفاوضات وما ستؤول إليه، ولتكن أولوياتكم هي في كيفية منع عدونا من استخراج النفط والغاز قبل أن يُتاح لنا استخراجه. وهذه المقاومة تضع مقدراتها وخبراتها وثقتها بما لديها، جاهزة وكل الخيارات عندها على الطاولة، فالتفوا من حولها وساندوها، ولنقل للعدو معاً، لن ندعك تنهب ثرواتنا ونحن مكتوفو الأيدي، ووفقاً لهذه البوصلة أصبح لاجتماع الرؤساء بند أول مختلف على جدول الأعمال، هو منع العدو من الاستخراج، ولجدول أعمالهم مع المبعوث الأميركي أولوية جديدة غير الترسيم والتلويح بالمرسوم، هي منع العدو من الاستخراج، وصار للعدو الذي كان فرحاً بنجاحه بنقل النقاش إلى طاولة التفاوض حول خطوط الترسيم بينما هو يقوم باستخراج الغاز، ولتستمرّ المفاوضات شهوراً وسنوات، أمام معادلة جديدة، ماذا عساه يفعل، إن قبل وقف الاستخراج بدأت رهاناته بالتداعي. فالثروة في حقول الشمال هي مشروع القرن، وعائدات استخراجها في زمن أزمة الطاقة هي ورقة الحظ، وما دام استخراجها مشروطاً بقيام لبنان بالمثل فقد تعقدت القضية، وكيف له أن يسحب الباخرة اليونانية ويعلن وقف الاستخراج، ويسرع بالتفاوض وفق شروط ترضي لبنان، حتى يتاح له العودة؟

– إن قرّر العدو المضي بالاستخراج، فالمنازلة واقعة لا محالة، وقد نتجت عن بوصلة السيد معادلة تقول إن دخول المقاومة على خط المواجهة كان مشروطاً بحسم الدولة للخط المعتمد بالترسيم عندما كانت الأولوية هي الحدود، أما وقد صارت الأولوية هي حماية الثروات المتداخلة من النهب، فلا أهمية لخط الحدود والأولوية هي لمنع الاستخراج. وهنا المقاومة لا تحتاج إلى أي غطاء إضافي لموقفها كي تكون طرفاً حاضراً في الميدان. فهذا هو تفويضها، حماية السيادة من الخطر، وهذا اعتداء على السيادة، وإن وقعت المنازلة فالعدو يعرف الموازين ويعرف النتائج وعليه الاختيار، بين انكفاء مكلف، او تهور يرتب ثمناً وجودياً يضع مصير الكيان على الطاولة، ويمنح المقاومة شرف قيادة مشروع إزالة “إسرائيل” عن الخريطة.

* المصدر :موقع ساحة التحرير

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع