السياسية:

في غضون أيام من الغزو الروسي لأوكرانيا، لجأت الدول الغربية إلى القانون الدولي، وفرضت عقوبات قاسية، وبدأت في الترحيب باللاجئين بأكف مفتوحة، وهتفت للمقاومة المسلحة الأوكرانية.

أثار الرد الغضب بين الكثيرين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث يرون معايير مزدوجة في كيفية استجابة الغرب للنزاعات الدولية.

ويستشهدون بشكل خاص بالصراعات الحالية والحديثة في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن.

مع الصراع في أوكرانيا، اكتسبت رسالة مميزة رواجاً في الغرب: أن دفاع أوكرانيا هو الدفاع عن الديمقراطية الليبرالية نفسها.

ردد المسؤولون الأوكرانيون هذا بذكاء في مناشداتهم، ولاقت الرسالة صدى قوياً بين الجماهير الغربية.

تُظهر ردود الفعل الغربية المختلفة تماماً على المعاناة في أوكرانيا والعالم العربي أنه بالنسبة للكثيرين لا تعد حقوق الإنسان والمخاوف الإنسانية ذات أهمية إلا عندما يتعلق الأمر بأولئك الذين تربطهم الهوية.

يُنظر إلى الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق والتي بدأت قبل 19 عاماً، في الشرق الأوسط على أنها غزو غير قانوني لدولة من قبل دولة أخرى, لكن العراقيين الذين حاربوا الأمريكيين وصفوا بأنهم إرهابيون، وغالباً ما كان اللاجئون الذين يفرون إلى الغرب يُبعدون.

بررت الولايات المتحدة حربها بادعاءات كاذبة حول أسلحة الدمار الشامل, وهكذا، كما غرد أحمد الفراج، كاتب عمود في صحيفة الجزيرة السعودية اليومية، عندما بدأ الصراع في أوكرانيا، إذا كنت تعتبر فلاديمير بوتين مجرماً ولا تعتبر جورج بوش وديك تشيني ودونالد رامسفيلد وكولين بأول، كبار أعضاء الإدارة التي غزت العراق كذلك ,فأن “خلايا ادمغتكم معطلة”.

قال الشيخ جبار الربيعي، الذي شارك في القتال العراقي 2003-2011 ضد القوات الأمريكية، “لقد قاومنا المحتلين، حتى عندما كان العالم مع الأمريكيين، بمن فيهم الأوكرانيون، الذين كانوا جزءاً من تحالفهم”.

خدم أكثر من 5000 جندي أوكراني في العراق خلال خمس سنوات من الخدمة الأوكرانية لدعم عملية حرية العراق بين عامي 2003 و 2008, حيث كان يعد الأوكرانيون كثالث أكبر وحدة تحالف في العراق، مع حوالي 1700 جندي، من 2003 إلى 2005.

عندما تدخلت روسيا في الحرب الأهلية في سوريا نيابة عن الرئيس بشار الأسد في عام 2015, كان هناك غضب دولي ولكن القليل من الافعال.

مات اللاجئون السوريون الذين فروا إلى أوروبا في رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر أو أُعيدوا لأن العديد منهم وُصفوا بأنهم يشكلون تهديداً للثقافة الغربية.

في اليمن، تسببت حرب طويلة طاحنة بين التحالف الذي تقوده السعودية وانصار الله في موت الأطفال جوعاً، لكن هذا لم يلفت الانتباه الدولي المتواصل.

وفي الواقع، قُتل أكثر من 350 ألف شخص في سوريا، وقتل 233 ألف شخص في اليمن.

لم تثر هذه المآسي أي ردود فعل في الغرب يمكن مقارنتها من بعيد بالتضامن الذي أظهر مع أوكرانيا.

لذا من “المفهوم” أن يرى الكثير في الشرق الأوسط معايير مزدوجة من قبل الغرب، كما أوضح بروس ريدل، الزميل البارز في معهد بروكينغز بواشنطن, حيث أشار إلى أن “الولايات المتحدة والمملكة المتحدة دعمتا حرب المملكة العربية السعودية المستمرة منذ سبع سنوات في اليمن والتي تسببت في أسوأ كارثة إنسانية في العالم منذ عقود”.

خلال تصويت الأمم المتحدة في أبريل على ما إذا كان ينبغي طرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة، صوتت دولة واحدة فقط في الشرق الأوسط، ليبيا بنعم.

امتنع الجميع تقريباً عن التصويت أو كان غائباً, وشمل ذلك الإمارات العربية المتحدة والسعودية والأردن والعراق، وجميعهم يُنظر إليهم تقليدياً على أنهم أصدقاء للولايات المتحدة.

كان التصويت “للدول التي لا تريد نسف جسورها مع النظام العالمي متعدد الأقطاب”، كما أكد صمويل راماني من جامعة أكسفورد والمتخصص في السياسة الخارجية الروسية وأمن الشرق الأوسط.

على سبيل المثال، كانت المغرب واحدة من الدول التي تغيبت عن تصويت الأمم المتحدة, فهي بحاجة إلى حلفاء في مجلس الأمن، وروسيا عضو دائم فيه، بسبب نزاعها الإقليمي حول احتلال الصحراء الغربية، وهو ما تعارضه العديد من الدول.

وحتى عندما طلب الرئيس جو بايدن من السعودية زيادة إنتاج النفط للمساعدة في دعم الحملة ضد روسيا بشأن أوكرانيا، فإنها تمنح روسيا إعفاءات من العقوبات حتى تتمكن موسكو من الاستمرار في ضمان الاتفاق النووي مع إيران الذي ساعدت في التوسط فيه.

يتساءل الكثيرون، لماذا يجب على حلفاء أمريكا الإقليميين مساعدة الولايات المتحدة على احتواء روسيا في أوروبا، في حين أن واشنطن تعزز روسيا وإيران في الشرق الأوسط؟

*بقلم: هنري سريبرينك ـ أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمير إدوارد آيلاند
*25 مايو 2022(صحيفة” Saltwire- سالت وير” الكندية- ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع