السياسية:

ان الرواية لوصف الموت والدمار متحيز بشكل ساخر, ربما تكون هذه هي أولوية الرأسمالية العالمية.

الحقيقة المؤلمة هي أن الحروب ظاهرة مستمرة على كوكب الأرض ونشهد الحروب كلعبة احتكار لا تنتهي في مكان أو آخر.

الحروب التي شاهدتها في حياتي هي في الغالب من أجل السلام، أي جعل العالم مكاناً أفضل.

يبذل الغرب طاقات هائلة لتطوير رواية فريدة للحرب لتبرير الحرب، حتى أنه قام بصياغة ألقاب لها، مثل الحرب ضد الإرهاب، والحرب من أجل السلام، والحرية الدائمة، وما إلى ذلك.

بالنسبة لي، لا يمكن أبداً تبرير الحرب لما تخلفه من المعاناة الإنسانية بغض النظر عن كيفية استخدام الخطاب اللامع – حسناً، من قبل وسائل الإعلام الغربية- وللتظاهر بخلاف ذلك.

الرواية لوصف الموت والدمار متحيز بشكل ساخر, ربما تكون هذه هي أولوية الرأسمالية العالمية.

كنت أتساءل كيف يمكن مشاهدة القتل الجماعي في مكتب رئاسي كاحتفال وكيف يمكن تقدير الأضرار الناجمة.

لطالما كانت لدي هذه الرغبة لمعرفة كيف يصبح الغرب متبلد المشاعر جداً للفظائع البشرية.

وتنتهي معاناتي الداخلية عندما أكتشف أن كل مشاعر الغرب سليمة, إنهم لا يعتبرون الحرب فظائعاً مخطط لها فحسب، بل إنهم يشعرون أيضاً بألم الضحايا ولم أصل الى هذا الاكتشاف إلا بعد الوضع في أوكرانيا.

اليوم، يمكن لمواطني أوروبا مراجعة وجهة نظرهم بأن عدم اعتبار الدمار في العراق وأفغانستان وليبيا واليمن وفلسطين “كارثة” قد يكون عملاً غير حساس لأن هذه الحروب التي قادها أو دبرها الغرب لها معاني مختلفة بالنسبة لهم.

كانت هذه الحروب بطريقة أو بأخرى إجراءات للتخفيف من حدة الإرهاب العالمي وكان الأشخاص الذين قتلوا فيها مجرد “أرقام إحصائية”.

تعتبر حرب أوكرانيا قضية مهمة لأوروبا، وخاصة لأوروبا الشرقية, فتنظم العشرات من مراكز الفكر والمؤسسات السياسية مناقشات حول هذا الموضوع.

نظراً لأنه يتم على نطاق واسع، فإن الطلب على المناقشة من كل الجوانب والزوايا متزايد للغاية- فمثلاً كيفية التعامل مع حرب أوكرانيا من زاوية مختلفة في الندوة التالية.

كطالبة في عملية صنع المعنى البشري، أنا غارقة في العدد الهائل من الأفكار التي تتم من خلالها مناقشة الوضع في أوكرانيا.

أنا أجمع كل الأفكار, ربما في يوم من الأيام سوف أقوم بتكرارها من أجل القتل الجماعي/ الأضرار الناجمة في العراق، أفغانستان، … إلخ؛ لكن ربما لن أكون قادرةً على فعل ذلك أبداً لأنني لا أمتلك أقوى آلة لنسج الرواية ولا الموارد اللازمة لذلك.

دعنا نعود إلى الأفكار الفريدة لمناقشة نفس الموضوع بشكل مفرط ومكثف, حضرت بالأمس ندوة بعنوان “التضامن النسوي وحرب أوكرانيا” لأتعلم الشيء الملائم المذكور أعلاه.

يقول إعلان الندوة: “منذ الغزو الإمبريالي الروسي الشامل لأوكرانيا من قبل فلاديمير بوتين في 24 فبراير، فقد كشفت خطابات بوتين والدعاية الحكومية الروسية والمجازر الحقيقة وعمليات الاغتصاب التي ارتكبها الجيش الروسي عن طابع الغزو والإبادة الجماعية والعداء للمرأة”.

بصرف النظر عن الفكرة الرائعة لمناقشة الحرب بمنظور النسوية، فقط انظر إلى الكلمات واستخداماتها مثل الغزو الإمبريالي، والمذبحة، والاغتصاب، وكراهية النساء، والإبادة الجماعية, مما يعني أن النقاش سيكون غزواً روسياً أمر إمبريالي لذا لا يمكن اعتبار الحرب من أجل السلام أو الحرب ضد الإرهاب هي فقط من أجل المجد والقوة.

وبما أن الحرب من أجل المجد لها ميول إبادة جماعية وعناصر ذكورية من اتباع النزعة القومية، هنا تأتي فكرة التضامن النسوي.

أنا لا أتحيز أو أبرر الحرب, أنا فقط أمر بتجربة ساحقة مفادها أن وسائل الإعلام القوية والرأسمالية العالمية التي تقف وراءها يمكن أن تختلق الحقيقة.

إنني أدرك تماماً أن الضحية الأولى لأي حرب هي الحقيقة، لذا فإن لكلا الجانبين حقيقتهما الخاصة ولكن ما يهم هو حقيقة من سيتم نسجها بواسطة أكبر وأفضل الطرق والذي سيتم بيعها.

لقد كان مؤتمراً مثيراً للاهتمام ناقش جيداً الجانب الكاره للمرأة في الحرب وكيف تستخدم روسيا أعراقاً مختلفة عوضاً عن البر الرئيسي لموسكو للقتال على خط المواجهة وكيف تمول روسيا تقريباً جميع المنظمات المناهضة لليسار في العالم.

أنا أحضر هذه المؤتمرات مرة واحدة تقريباً في اليوم في المتوسط وتنوع الموضوعات يعد تجربة تعليمية حقيقية.

*شازيا انور شيما: باحث دكتوراه في السيميائية وفلسفة الاتصال بجامعة تشارلز في براغ

*بقلم: شازيا انور شيما*
2*3 مايو 2022 صحيفة “The Express Tribune – ذا اكسبرس تريبون” الباكستانية- ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع