السياسية:

كثفت روسيا هجماتها الصاروخية على أوديسا الأسبوع الماضي ، مما أثار مخاوف جديدة بشأن أمن الميناء.

ناشد وزراء خارجية مجموعة الدول السبع روسيا لتحرير طرق التصدير البحري للحبوب والمنتجات الزراعية الأوكرانية الضرورية لإمداد العالم بالغذاء، ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية, حذر برنامج الغذاء العالمي من عواقب “كارثية” إذا ظلت الموانئ الأوكرانية مغلقة.

“يجب ألا نكون ساذجين”, قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك في مؤتمر صحفي بعد اجتماعات مجموعة الدول السبع الكبرى إن روسيا وسعت الآن الحرب ضد أوكرانيا لتشمل العديد من الدول كحرب حبوب.

“إنه ليس ضرراً جانبياً، إنه أداة في حرب مختلطة تهدف إلى إضعاف التماسك والتوحد ضد حرب روسيا”.

قالت بربوك، التي استضافت الاجتماع الذي استمر ثلاثة أيام لكبار الدبلوماسيين في فايسنهاوس بألمانيا، إن المجموعة تبحث عن طرق بديلة لنقل الحبوب من أوكرانيا مع تصاعد خطر أزمة الجوع العالمية, إن ما يصل إلى 50 مليون شخص سيواجهون الجوع في الأشهر المقبلة ما لم يتم الإفراج عن الحبوب الأوكرانية, فحوالي 28 مليون طن من الحبوب عالقة في الموانئ الأوكرانية المحاصرة من قبل القوات الروسية.

مع استمرار الصراع في أوكرانيا، وجهت بعض الدول النظر إلى الهند كمصدر بديل للحبوب, لكن بعد اتخاذ خطوات لتوسيع صناعة الصادرات الزراعية، حظرت الهند يوم الجمعة صادرات القمح، متعللة بمخاوفها المتعلقة بالأمن الغذائي.

منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير، استولت تقريباً على مدينة ماريوبول الساحلية، حيث حاصرت القوات الروسية آخر المقاتلين الأوكرانيين المتحصنين في مصنع آزوفستال للصلب.

وسيطرت روسيا أيضاً على منطقة خيرسون على البحر الأسود وأطلقت صواريخ على ميناء أوديسا الرئيسي الذي لا يزال تحت السيطرة الأوكرانية.

فيما أغلقت أوكرانيا موانئها في أواخر فبراير إبان القتال، وقد منعت السفن الحربية الروسية والألغام العائمة من إعادة فتحها.

حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس: ان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال: إن مثل هذا الوقف لعمليات الموانئ لم يُشهد على الأرجح في أوكرانيا منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال وزير الخارجية دميترو كوليبا الجمعة إن أوكرانيا مستعدة للمشاركة في محادثات مع روسيا لإلغاء حظر إمدادات الحبوب، لكن حكومته لم تتلق “أي ردود فعل إيجابية” من المسؤولين في موسكو.

تحدث ديفيد بيسلي، رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، مع المشرعين الأمريكيين ومسؤولي إدارة بايدن في واشنطن هذا الأسبوع للتأكيد على الحاجة الملحة لإعادة فتح الموانئ ومعالجة أزمة الغذاء العالمية.

وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي فأن أوكرانيا تزرع ما يكفي من الغذاء لإطعام 400 مليون شخص سنوياً، حيث تأتي 30٪ من إمدادات القمح في العالم من روسيا وأوكرانيا.

قال بيسلي لصحيفة واشنطن بوست: “الموانئ مهمة للأمن الغذائي على مستوى العالم, ستكون كارثية إذا لم يتم فتح تلك الموانئ ونقل الإمدادات الغذائية حول العالم”.

قال بيسلي إنه في متوسط يوم العمل، تصل حوالي 3000 عربة قطار محملة بالحبوب إلى الموانئ الأوكرانية، حيث يتم تخزينها في صوامع وفي وقت السلم، يتم شحنها عبر البحر الأسود ومضيق البوسفور الى جميع أنحاء العالم.

ومع حظر الصادرات، امتلأت الصوامع – مما يعني أنه لا يوجد مكان لتخزين الحبوب من موسم الحصاد المقبل، المقرر حصوله في يوليو وأغسطس.

قال بيسلي إن تأثير الانسداد سيظهر في كل من البلدان الغنية والفقيرة، وهو يؤثر بالفعل على عدم استقرار السوق.

لقد دفعت الحرب أسعار القمح وزيت الطهي وسلع أخرى إلى الوصول الى مستويات قياسية، وتوقعت وزارة الزراعة الأمريكية انخفاض إمدادات القمح العالمية في العام المقبل.

تعتمد دول الشرق الأوسط وأفريقيا بشكل خاص على الحبوب الأوكرانية, ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، تحصل مصر على ما بين 75 و 85 % من إمدادات القمح من أوكرانيا وروسيا.

أكثر من 60 % من القمح الذي يستورده لبنان يأتي من أوكرانيا, فيما تعتمد الصومال وبنين على روسيا وأوكرانيا في كل ما تستوردهما من قمحهما.

حذرت الأمم المتحدة من أن انعدام الأمن الغذائي قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات القائمة والأزمات الاقتصادية في هذه المناطق.

قال بيسلي إن التكاليف التشغيلية لبرنامج الغذاء العالمي لمساعدة نفس العدد من الناس قد زادت بأكثر من 70 مليون دولار شهرياً بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية جزئياً.

سيتعين على البرنامج، الذي يقدم مساعدات غذائية إلى 125 مليون شخص في يوم، تقليص حصصهم بشكل أكبر.

ففي اليمن، الذي عانى من أزمة جوع حادة لسنوات، قام البرنامج بالفعل بخفض الحصص الغذائية لـ 8 ملايين شخص إلى النصف.

وقال بيسلي: “ما لدينا من أموال تنفد، والتسعير يقتلنا، ونعاني من نقص المليارات وعلينا الآن أن نقرر أي الأطفال يأكلون، وأي الأطفال لا يأكلون، واي الأطفال الذين يعيشون، واي الأطفال الذين يموتون, وهذا ليس عدلاً”.

وقد طلب برنامج الغذاء العالمي، الذي يشتري نصف قمحه من أوكرانيا، من الكونجرس خمسة مليارات دولار كمساعدات غذائية دولية إضافية.

تمت الموافقة من قبل مجلس النواب ليلة الثلاثاء على حزمة تمويل طارئة لأوكرانيا تحتوي على تلك المساعدة, ولكن تم تأجيل التصويت في مجلس الشيوخ إلى الأسبوع المقبل.

كثفت روسيا هجماتها الصاروخية على أوديسا هذا الأسبوع، مما أثار مخاوف جديدة بشأن أمن الميناء.

وفي بيان يوم السبت، دعا وزراء خارجية مجموعة الدول السبع روسيا إلى “الوقف الفوري لهجماتها على البنية التحتية للنقل الرئيسية في أوكرانيا، بما في ذلك الموانئ”.

وقال بيسلي، الذي زار أوديسا هذا الشهر انه مع تعرض المدينة للهجوم، فإنه من المشجع أن الهجمات الروسية لم تستهدف البنية التحتية الفعلية للموانئ هناك حتى الآن.

روسيا، وهي أيضاً منتج رئيسي للحبوب وأكبر مصدر للقمح في العالم، ستستفيد من استمرار تعطيل صادرات أوكرانيا, حيث تعهد وزراء مجموعة السبع يوم السبت بأن العقوبات ضد روسيا لن “تستهدف الصادرات الأساسية من المواد الغذائية والمدخلات الزراعية إلى البلدان النامية”.

تتألف مجموعة الدول السبع من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وقد وعدت الدول بتكثيف مساهماتها في برنامج الغذاء العالمي ومنظمات الإغاثة الأخرى.

كما اتهمت أوكرانيا روسيا بمهاجمة منشآت الحبوب الأوكرانية عن عمد وسرقة الحبوب من المناطق المحتلة لتصديرها.

وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لصحيفة ذا بوست, أن الهجمات الروسية أضرت بما لا يقل عن ستة منشآت لتخزين الحبوب في شرق أوكرانيا.

في غضون ذلك، قال بيسلي إنه “يتصل بكل صديق يعرفه له أي تأثير على روسيا” لحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على السماح باستئناف شحنات الحبوب من أوكرانيا.

قال وزراء مجموعة السبعة يوم السبت إنهم يبحثون عن خيارات أخرى لتوصيل الحبوب الأوكرانية إلى البلدان المحتاجة، بما في ذلك إنشاء “ممرات تضامن زراعي”.

وضعت المفوضية الأوروبية خطة يوم الخميس لإنشاء ممرات نقل من شأنها تسهيل الشحن البري للحبوب الأوكرانية إلى أوروبا.

قال بيسلي إن الشاحنات والقطارات لا يمكنها حمل سوى جزء بسيط من الحبوب التي تشحن عادة من موانئ أوكرانيا.

وتستمر روسيا في مهاجمة خطوط القطارات والبنية التحتية للمواصلات عبر أوكرانيا, لكن بربوك قال يوم السبت إن “كل طن يمكننا الخروج به سيساعد قليلاً في التعامل مع أزمة الجوع هذه”، حسبما ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز, “في الوضع الذي نحن فيه، يعد كل أسبوع مهم”.

* بقلم: كلير باركر
* 21 مايو 2022(صحيفة” Stars and Stripes- ستارز آند ستربز”الامريكية- ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع