السياسية :

قالت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية إن إعلان الولايات المتحدة أنها “تريد أن ترى روسيا ضعيفة”، يكشف عن النية الحقيقية للولايات المتحدة. فليس هذا صراعاً بين أوكرانيا وروسيا فحسب، ولكنه صراعاً بالوكالة بين واشنطن وموسكو. فالولايات المتحدة تخطط الآن لنقل الحرب إلى المستوى التالي. يوم السبت الماضي، ذكر موقع بلومبرغ الأميركي أن الرئيس الأميركي جو بايدن يسعى لسرقة كبار العلماء الروس من روسيا من خلال إغرائهم بتأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة.

وتساءلت الصحيفة إن كانت تلك الخطة ستنجح؟

وبحسب تقرير “بلومبرغ”، فإن من بين أحدث الطلبات التي قدمها البيت الأبيض إلى الكونغرس الأميركي، ثمة اقتراح بإسقاط القاعدة التي تنص على أن المهنيين الروس المتقدمين للحصول على تأشيرة عمل يجب أن يكون لديهم صاحب عمل حالي. والغرض من ذلك هو “تسهيل الأمر على المواهب الروسية عالية المستوى من ذوي الخبرة في مجال أشباه الموصلات وتكنولوجيا الفضاء والأمن السيبراني والتصنيع المتقدم والحوسبة المتقدمة والهندسة النووية والذكاء الاصطناعي وتقنيات دفع الصواريخ وغيرها من المجالات العلمية المتخصصة للانتقال إلى الولايات المتحدة”.

ونقل “بلومبرغ” عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي قوله إن هذا الجهد يهدف إلى إضعاف موارد التكنولوجيا الفائقة وقاعدة الابتكار في روسيا، في حين أن هذه الخطوة ستفيد بشكل كبير اقتصاد أميركا وأمنها القومي.

وقالت الصحيفة الصينية إنه على ما يبدو، اختارت الولايات المتحدة أداة أخرى لـ”إضعاف” روسيا – خلق اتجاه لاستنزاف العقول في روسيا. فمن دون علماء ومهندسين من الدرجة الأولى بالإضافة إلى قاعدة ابتكارات عالية التقنية، من المرجح أن تفقد روسيا ركيزتها الأساسية في التنمية الاقتصادية والعسكرية الوطنية.

وأضافت أن بعض صانعي القرار الأميركيين قد يعتقدون أنه بعد أن تتشكل مثل هذه البيئة غير المواتية للروس، بمجرد أن يخففوا من بعض متطلبات التأشيرة، فإن النخب الروسية سوف تتدفق إلى الولايات المتحدة من أجل تنميتها الشخصية. بهذه الطريقة، يمكن للولايات المتحدة أن تستنفد إمكانات التنمية الروسية من الداخل، على غرار القتال على المواهب بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق خلال الحرب الباردة، كما قال شين يي، الأستاذ في جامعة فودان الصينية، لصحيفة غلوبال تايمز.

ورأت الصحيفة أن واشنطن قد تكون قللت من شأن وطنية الشعب الروسي والسياسة الروسية المحتملة لموازنة القانون الأميركي. والأهم من ذلك، هل لا تزال الولايات المتحدة أرض الأحلام للناس من بقية العالم؟ هل لا تزال وجهة يرغب فيها مواطنون من دول أخرى بالهجرة؟

وقال شين: “ألقوا نظرة على الفوضى الداخلية، والتصحيح السياسي الراديكالي، وفجوة الدخل والانقسامات الاجتماعية العميقة، ما الذي يمكن للروس أن يحققوه في الولايات المتحدة؟ إن الولايات المتحدة تلعب ببساطة خدعة قديمة في وضع جديد للوصول إلى هدف تشعر واشنطن نفسها بعدم اليقين فيه”.

واعتبرت الصحيفة أن الولايات المتحدة مصممة على إضعاف روسيا. فعندما قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن واشنطن تريد أن ترى روسيا ضعيفة بعد رحلته الأخيرة إلى كييف، فقد أوضح بشكل أساسي أن الصراع بالنسبة للولايات المتحدة لم يكن أبداً حول سيادة أوكرانيا أو مصدر رزق الشعب الأوكراني، بل استغلال الصراع لإضعاف موسكو من أجل إطالة الهيمنة الأميركية على العالم.

وأضافت: في الآونة الأخيرة، قامت إدارة بايدن بتسريع تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا. لكن هذا لا يتعلق بتسليح أوكرانيا، ولكن لتحقيق ربح من خلال مبيعات الأسلحة. قالت شبكة CNN الأميركية في 19 نيسان / أبريل: “ماذا يحدث للأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا؟ الولايات المتحدة لا تعرف حقاً”. فالأموال التي تعهدت بها الولايات المتحدة لمساعدة أوكرانيا لا تعادل تعزيز القوات الأوكرانية، ولكنها تعادل تدفق رأس المال نحو تجار الأسلحة الأميركية ووكلاء هذه التجارة.

وأشار بعض المراقبين إلى أن نهاية الصراع ستأتي في نهاية المطاف من خلال مفاوضات بين أوكرانيا وروسيا، عاجلاً أم آجلاً. لكن حكومة الولايات المتحدة تريد أن تملي الشروط على أوكرانيا، والنية الحقيقية لواشنطن هي إنشاء حقل ألغام لروسيا في أوكرانيا، وإطالة أمد الحرب، وإضعاف روسيا في النهاية، تابعت “غلوبال تايمز”.

ووأضافت “غلوبال تايمز” أن أميركا، عند قيامها بذلك، لا تأخذ حتى مصالح حلفائها الأوروبيين في الاعتبار، لأن الحرب والعقوبات تقوم حالياً بتدمير الاقتصاد الأوروبي، بينما تدمر علاقة العمل التقليدية بين الاتحاد الأوروبي وموسكو. قد تخدم روسيا الضعيفة المصالح الاستراتيجية لواشنطن، لكنها ليست في مصلحة أوروبا أبداً. فـ”التعايش السلمي” غير موجود في قاموس الولايات المتحدة. وهذا جعل الولايات المتحدة أكبر تهديد للسلام العالمي، وهدف واشنطن هو “إضعاف” كل منافسيها المحتملين. وتم تطبيق هذا التكتيك ونجح مع اليابان. وستواصل الولايات المتحدة هذه الإستراتيجية مع الدول الكبرى الأخرى التي ليست على استعداد للرقص على أنغام الولايات المتحدة.

وختمت الصحيفة بالقول إنه سواء كان ذلك “إضعاف” بلد بقوى أخرى، أو “سرقة” كبار علماء الآخرين، فإن الولايات المتحدة تثير المزيد من المواجهة الشديدة بين القوى الكبرى، حيث انغمست في ممارسة ألعاب محصلتها صفر. ففي مواجهة أزمة حادة مثل أزمة أوكرانيا، سيتم اختبار الحكمة والتفكير المستقل للقوى الكبرى. إن هوس الولايات المتحدة بالحفاظ على موقعها المهيمن على العالم، بدعم من تحالفات مثل حلف الناتو وتحالف أوكوس وما شابه ذلك، لن يؤدي إلا إلى تقسيم العالم.

* المصدر : الميادين نت – هيثم مزاحم

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع