السياسية:

تختلف الرؤيتان السياسيتان للمرشحين لانتخابات الرئاسة الفرنسية ماكرون ولوبان حول قضايا سياسية كبرى، منها العلاقة مع الاتحاد الأوروبي و”الناتو” وروسيا.

تصطدم الرؤية السياسية لإيمانويل ماكرون المؤيد لأوروبا، ورؤية منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان، التي وعدت بتقليص “سلطات” الاتحاد الأوروبي لصالح “الدولة الوطنية”. يضاف إلى ذلك، نظرة كل من لوبان وماكرون للعلاقة مع روسيا في ظل الأزنة في أوكرانيا.

وخلال المناظرة التلفزيونية المنتظرة اليوم الأربعاء، من المرجح التطرّق إلى تلك المسائل.

أعلنت مارين لوبان في وقت سابق أنّها تؤيّد التوصّل إلى “تقارب استراتيجي بين حلف شمال الأطلسي وروسيا”، بعد إنهاء الأزمة في أوكرانيا “بمعاهدة سلام”.

وهي بذلك تدعو للعودة إلى الوضع الجيوسياسي الذي كان سائداً قبل توسع الحلف شرقاً في عام 1997، والذي شكّل أحد مطالب فلاديمير بوتين قبل العملية العسكرية في أوكرانيا.

وبعد أن اعتبرت لوبان في تصريح لها أنّ فلاديمير بوتين يمكنه “بالطبع” أن يصبح من جديد حليفاً لفرنسا عند انتهاء الأزمة، عادت وصحّحت موقفها موضحةً أنّها “كانت تتحدث عن روسيا وليس عن رئيسها”.

وإذ استنكرت المرشحة الرئاسية وقوع “جرائم حرب” في أوكرانيا، إلا أنّها حرصت على عدم اتهام الجيش الروسي، كما رفضت تسليم أسلحة هجومية إلى كييف ولا تزال تعارض فرض عقوبات على روسيا من زاوية تأثيرها السلبي على القدرة الشرائية للفرنسيين.

أمّا إيمانويل ماكرون الذي تواصل بالتاكيد كثيراً مع فلاديمير بوتين، وأجرى منذ 24 شباط/فبراير حواراً معه قال إنّه ضروري لإنهاء القتال، فقد وافق بالتنسيق مع الأوروبيين على حزمة عقوبات جديدة ضدّ روسيا.

كما أشار إلى تورط الجيش الروسي في “مجازر بحق المدنيين”، وهو أمر تنفيه موسكو التي تؤكّد “فبركة” المشاهد، وسلّم معدات عسكرية إلى أوكرانيا بقيمة 100 مليون يورو على الأقل.

ويتهم الرئيس المنتهية ولايته منافسته بـ”محاباة” الرئيس الروسي، مؤكداً أنها “تعتمد على روسيا”، في إشارة إلى قرض بقيمة 9 ملايين يورو تعاقد عليه حزب المرشحة “التجمّع الوطني” مع دائن روسي.

تستشهد لوبان بإرث الجنرال شارل ديغول لتبرّر رغبتها بأن تترك فرنسا القيادة الموحدة لحلف شمال الأطلسي باسم “السيادة الوطنية”، ولكن ليس الحلف نفسه.

كما أثار إيمانويل ماكرون، من جانبه، مفاجأة عندما اعتبر في وقت سابق أنّ حلف شمال الأطلسي بات في حالة “موت دماغي”، في ظلّ خلافات بين أعضائه، لكنّ الشكّ تبدد منذ الأزمة في أوكرانيا، التي دفعت الحلف إلى إعادة التركيز على مهمته الأصلية المتمثلة بالدفاع عن أوروبا ضدّ التهديد الروسي.

تنفي مارين لوبن رغبتها في إخراج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، لكنها في الوقت نفسه تستنكر “البنية الأوروبية التي تفتقر إلى تربة وتبدو غير متماسكة” داعية إلى “إصلاح” الاتحاد الأوروبي من “الداخل” على أساس سيادة القانون الوطني، ما يعادل بالنسبة لمعارضيها “فركسيت” جديد على غرار “بريكست”، أي خروج فرنسا من الاتحاد.

وتدعو لوبان بشكل خاص إلى إنشاء “تحالف أوروبي للأمم يهدف إلى استبدال الاتحاد الأوروبي تدريجياً”، والخروج من المحرّك الفرنسي الألماني وإفساح المجال لتحالف أوسع مع الدول “الصديقة” مثل المجر وبولندا.

وقالت: “نريد ردّ الصلاحيات إلى الدول ذات السيادة ومنحها المزيد منها، وبالمقابل منح القليل من الصلاحيات للاتحاد الأوروبي كان استحوذ عليها بنفسه”، متعهّدة بخفض مساهمة فرنسا في الاتحاد الأوروبي البالغة خمسة مليارات يورو.

إيمانويل ماكرون، من جانبه، يدافع عن “تعزيز أوروبا”، سواء في القضايا الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدفاعية وعن الوجود الجيوسياسي للاتحاد الأوروبي أمام الولايات المتحدة والصين.

ويؤكّد ماكرون أنّ “فرنسا، التي تتمتّع بتكافؤ الفرص والسلطة والاستقلال الاقتصادي، لا يمكن أن تحقق أهدافها إلّا إذا كانت فرنسا أقوى في أوروبا”.

أعلنت مرشحة “التجمع الوطني” أنها تتّهم الرئيس المنتهية ولايته بعدم “الدفاع عن مصالح فرنسا” ضدّ “الهيمنة” الألمانية.

وإذ أكدت “اعتزازها” بالمصالحة الفرنسية الألمانية، إلّا أنّها مع ذلك تعتزم فسخ جميع اتفاقيات التعاون الصناعي-العسكري، المبرمة من قبل إيمانويل ماكرون منذ عام 2017، والتي تعتبر لوبان أنّها تصبّ في مصلحة برلين.

أمّا بالنسبة لإيمانويل ماكرون، يظلّ المحرّك الفرنسي الألماني “ضرورياً خاصة في أوروبا المكوّنة من 27 دولة، للمساعدة في إيجاد حلول توافقية”.

ويعتزّ الرئيس المنتهية ولايته بأنّه تمكّن من جعل المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل توافق على إنعاش الميزانية الأوروبية وتجميع الديون، وهو مشروع يأمل أن يواصل القيام به مع خليفتها أولاف شولتس.

وتأهل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ومنافسته مرشحة اليمين المتطرّف، مارين لوبان، إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، التي يفترض أن تجري في 24 نيسان/أبريل يوم الأحد المقبل.

وفاز ماكرون، المؤيد للاتحاد الأوروبي والمنتمي لتيار الوسط، بالرئاسة في عام 2017 بعد انتصاره على لوبان عندما احتشد الناخبون خلفه في جولةٍ ثانية لإبقاء “اليمين المتطرف” بعيداً عن السلطة، لتعود فرنسا بعد 4 سنوات إلى المعركة الرئاسية ذاتها، لكنّ ماكرون يواجه تحدياً أشدّ ضراوة هذه المرّة، مع سعي الجانبين لاستمالة أولئك الذين صوتوا لميلونشون، المرشّح الذي حلّ ثالثاً بنحو 22% من الأصوات.

* المصدر : وكالات