فلسطين إلى واجهة العمل الفدائي مجدداً وغليان الضفة يرعب إسرائيل
د. إسماعيل النجار*
كَم إشتقنا إلى سبعينيات القرن الماضي التي كُنا ننتظر فيها خبراً مفرحاً يأتي إلينا من خارج الحدود، أي من داخل فلسطين، عندما كانت العمليات الفدائية الفلسطينية هيَ التي تُشعِلُ أعراس الفرح في عالمنا العربي والإسلامي.
لكن في المقابل كان هناك مَن يعمل على إبطاء دوران عجلَة المقاومة الفلسطينية والعمل الفدائي، من خلال نصب أفخاخ سياسية وعسكرية في طريق المقاومة.
من أيلول الأسود الأردني إلى تاريخ إنتقال المقاتلين الفلسطينيين إلى لبنان بموجب إتفاق القاهرة في ٣ نوفمبر من العام ١٩٦٩ التي اوفد اليها الرئيس اللبناني شارل الحلو قائد الجيش إميل بستاني آنذاك للتفاوض مع ياسر عرفات.
وثم كانت حرب الجيش اللبناني ضد المخيمات الفلسطينية بهدف القضاء عليها أو كسر شوكتها وكان ذلك نتاج تحريض الغرب والكيان الصهيوني ضد عرفات.
وبعد ذلك كانت الحرب الأهلية اللبنانية التي إشعلتها عناصر من حزب الوطنيين الأحرار والكتائب اللبنانية مع المقاومة الفلسطينية في ١٣ نيسان ١٩٧٣.
كل هذه السلسلة من الأحداث الدامية كانَ الهدف منها إشغال منظمة التحرير الفلسطينية بصراعات عربية داخلية تفقدها وزنها الشعبي ودعمها العربي، وتشويه صورتها،
نجَحَ الصهاينة ومن خلفهم أمريكا وأَوروبا بتشويه صورة الفدائيين الفلسطينيين، فعملية ميونيخ في ٥ سبتمبر ١٩٧٢ صدمت العالم، وجعلت الغرب يفكر بعمل أي شيء لتشويه صورة المنظمات الفلسطينية وإسقاطها.
تباطئَ العمل الفدائي لفترة، وما لبثَ إن عادت العمليات العسكرية إلى الواجهة الإعلامية، حيث نفذت الفصائل المقاوِمَة سلسلَة من العمليات الشديدة القوة والمتميزَة كانَ أبرزها عملية “كمال” “عدوان” أو “مجزرة” “الساحل” حسب التسمية الصهيونية التي حصلت في ١١ أذار ١٩٧٨ والتي قادتها الشهيدة البطلة دلال المغربي وأَدَّت إلى مقتل ٣٧ صهيونياً، وإستشهادها هيَ وتسعة من رفاقها.
عقب مفاوضات أوسلو تمَّ تجميد العمل الفدائي الفلسطيني وأنتقل ياسر عرفات إلى فلسطين في شهر تموز عام ١٩٩٤ أثر إتفاق تم التوقيع عليه في بتاريخ ١٣ ايلول ١٩٩٣.
ومن هنا بدأت رحلة التطبيع الرسمي الفلسطيني مع الكيان الغاصب متمثلاً في السُلطَة عبر ضباط أمنيين رفيعي المستوَىَ.
فأصبحَ المقاومون عُرضَة للإعتقال والتعذيب من قِبَل أجهزة السلطة، ومَن كانت أجهزة السلطة تعجز عن اعتقاله أو إيقافه عند حَدِّه لأسباب معيَّنَة، كانت تتكفل وحدة الإغتيالات الإسرائيلية بالأمر،فأصبحَ أبطال الثورة الفلسطينية وقادتها بين شهيد وأسير ومُطارَد،حتى وصل الأمر بضباط الأمن الفلسطيني تزويد جهاز الشاباك بمعلومات حساسة عن المقاومين لمطاردتهم واعتقالهم أو إغتيالهم حتى في مضاجعهم.
بلغَ الإحتقان الفلسطيني ذروته بين الشباب في الضفة الغربية من تصرفات أجهزة أمن السلطة، والإسرائيليين على حَدٍ سواء، وكانت عملية تصفية نزار بنات المفترق الخطير الذي وصلَ إليه الناس مع الأمن الفلسطيني ألذي أصبح يكم الأفواه ويعتقل ويقتل نيابةً عن الصهاينة أنفسهم.
بدأت النساء بالقيام بعمليات طعن في شوارع ال٤٨، وكَثُرَت عمليات الدهس في جميع المناطق الداخلية، فتحركَ المقاومون الأبطال من مخيمات الضفه عموماً وجنين خصوصاً وبدأوا العمل ضد الإحتلال الصهيوني، فأغتالت تل أبيب ثلاثة شهداء وهم: أدهم مبروكة، ومحمد الدخيل، وأشرف مبسلط، وجميعهم ينتمون لحركة التحرير الوطني فتح،الأمر الذي أدَّىَ إلى تكثيف وتصعيد العمل الفدائي ضد مواقع ومراكز جيش الإحتلال الصهيوني، وتطورت الأمور الى حَد حصول إشتباكات شبه يومية وعمليات طعن في وسط تل أبيب، ما يشير إلى أن القرار الفلسطيني الفصائلي ذاهبٌ نحو التصعيد الداخلي في الضفه ضد الإحتلال وتصعيد العمليات الفدائية المختلفة في شتَّىَ المناطق وبوسائل مختلفة هما السبيل الأنجع للضغط على العدو لكي يفهم أن إخضاع الفلسطينيين بالقوة العسكرية أمر مستحيل.
سلسلة عمليات فلسطينية جريئة كانَ آخرها عملية إطلاق النار في تل أبيب واستشهاد المنفذ، جعلت من القادة الصهاينة مجانين مكبلي الأيدي، بعدما أدركوا أن ظلمهم للشعب الفلسطيني وكثرة الإعتقالات والإغتيالات، ومماطلاتهم وتسويفهم ونكثهم للعهود والإتفاقيات كانت السبب الرئيس بتصعيد العمل الفدائي العسكري المقاوم وإضعاف السلطة الفلسطينية، وأدركوا أن الأمر خطير والضفة الغربية الوادعة أصبحت بركان سينفجر بين لحظة وأخرى وأن السلطة ستذوب في بطن الإنتفاضة التي ربما سترسم خريطة المنطقة من جديد.
ننتظر إنفجار الضفة الغربية بوجه الصهاينة من الطرفين.
* المصدر : وكالة أنباء براثا