السياسية:

لا يهمنا اسمك ولا ميلادك، ولا يهمنا العنوان ، كل المطلوب منك هو ارتداء نظارة الواقع الافتراضي، والضغط على زر الإقلاع، وخلال ثوانٍ تنتقل من غرفتك إلى عالم آخر في المدينة نفسها، وربما في قارة أخرى، وأحياناً إلى سطح القمر.

تدخلُ عالماً رقمياً تبدو فيهِ الأشياء مشابهة لأشكالها الحقيقيّة التي تعرفها.

تُمسك أشياء حولك فتشعر بها وكأنها حقيقية، بفضل تقنية المحاكاة للتواصل باللمس Haptic.

تصممُ الـ”أفاتار” الخاص بك، الصورة التي ستبدو عليها هناك، في العالم الافتراضي الذي تخطو إليه الآن.

تختار شَعراً وثياباً تحاكي شكلك وأسلوبك في الحقيقة، لتدخل عالمَ “في آر تشات” VRchat وتجد نفسك في غرفتك الرقمية التي صممتها بنفسك أيضاً.

قد يتطلب الأمر وقتاً للتعوّد على هذا العالم الجديد بسبب رؤية أشخاص يتجولون في مكان يختلف عن المكان الذي توجد فيه فعلياً.

قد يتطلب الأمر ثورة في الإدراك والتأثر وردود الفعل.

قد يصاب المستخدم بالدوار لدى دخوله هذا العالم للمرة الأولى، آخرون ربما يشعرون بالضيق أيضاً، ولكن بعد مرور بعض الوقت في هذا العالم ستبدأ بالتكيّف وتتعود على الحركة فيه.

سيبدو كل شيء أكثر واقعية، وتبدو العوالم حقيقية، أما الأشخاص حولك فهم أيضا مثلك: أشخاص يرتدون نظارات الواقع الافتراضي، ويشاركون معك هذا الحدث من غرفهم في كل أنحاء العالم.

أنت الآن في عالم الميتافيرس، وليس هذا سوى بداية الجولة.

أنت الآن في العالم الذي سوف يصبح الحياة المعتادة لبني البشر في غضون سنوات، فيها يعملون ويلعبون ويكسبون الأموال، وإليها يعودون كلما ضاقوا بالواقع، ومشكلاته العصية على الحل.

أهلاً بكم في عالم المستقبل الهجين، خليط من الواقع والخيال، والكثير من المخاطرة بأن تفقد البشرية بوصلتها وهي تلهث خلف وحوش التقنية، وجشع جني الأرباح.

في عصر العمالقة الرقميين المستعدين لغسل عقول المليارات وإقناعهم بميتافيرس، ثم غسل جيوبهم لاحقاً وإقناعهم بشراء مستلزمات الحياة الموازية من متاجرهم الافتراضية.

أهلاً بكم في عالم ميتافيرس المثير عبر هذا التقرير، الذي يستعرض كل ما يجب معرفته عن تقنيات المستقبل التي ستغير واقعنا، عن أصل ميتافيرس، وطريقة الدخول إليه، وآثاره الإنسانية والاقتصادية والتكنولوجية على حياة البشر.

* في البدء كانت لعبة

العالم الافتراضي ظهر في روايات الخيال العلمي ، ثم ألعاب الفيديو قبل أن يصبح أسلوب حياة .

ميتافيرس ليست مجرد لعبة فورتنايت أو الواقع الافتراضي أو العملات الرقمية، بل فكرة تربط كل هذه المفاهيم معاً وتجعلها تعمل معاً.

يصفها البعض بأنها الثورة الثانية للحوسبة بعد ظهور الكمبيوتر قبل أربعة عقود. وما أدراك ما ثورة الكمبيوتر التي غيرت مسار البشر والحجر على ظهر الكوكب.

لكنهم يصفون الثورة الثانية بأنها ستكون أشد وطأة في تغيير الإنسانية.

الأب الروحي هو مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ، يتحدث عنه باعتباره الجيل القادم من الإنترنت.

بدلاً من أن يكون الإنترنت شاشة خارجية ننظر إليها على هواتفنا المحمولة أو شاشات الحاسوب، ستصبح جزءاً منا ونحن جزءاً منها.

إنها تقنية الميتافيرس، التي قد تغير حياة البشر على الكوكب عبر تحويل الحياة نفسها إلى واقع افتراضي مترابط.

مثلاً، لتجربة ميتافيرس في حضور حفلة موسيقية مثلاً تمثل ثورة عظمى على طريقة المشاهدة الكلاسيكية للشاشة عبر التلفزيون، أو الحاجة للذهاب إلى مكان العرض، كل المطلوب هو ارتداء شاشة “ستنقلك إلى الحفلة وكأنك هناك”.

في هذا المستقبل سيكون بإمكانك التنقل فوراً كمجسم هولوغرامي، أي بتقنية الصور ثلاثية الأبعاد باستخدام الليزر، إلى المكتب دون الحاجة إلى التحرك من مكانك، أو الذهاب إلى حفلة موسيقية أو قضاء الوقت في غرفة المعيشة مع والديك، كما شرحها زوكربيرغ بطريقته.

* “أفاتارات” تتفاعل في عالم ثلاثي الأبعاد

تعود تقنيات الواقع الافتراضي لسنة 1838، عندما طوّر العالم البريطاني، تشارلز ويتستون، نظارة ستيريو سكوب تُظهر الصور بشكل ثلاثي الأبعاد.

في 1985 سمحت لعبة “جزيرة كيسماي Island of Kesmai للاعبين لأول مرة بالوجود معاً في عالم افتراضي عبر شبكات الإنترنت المحلية، ثم اشتهرت التقنية أكثر مع إصدار لعبة Doom الشهيرة سنة 1993.

بينما ظهر مفهوم الميتافيرس في الخيال العلمي في رواية Snow Crash للكاتب نيل ستيفنسون، والتي تقع أحداثها في المستقبل مع هيمنة الشركات الرأسمالية التي حوّلت الحياة إلى عالم ثلاثي الأبعاد يتفاعل فيه الناس عبر الأفاتارات، أو الصور الرمزية بدلاً من أجسادهم الفعلية.

مصطلح metaverse الذي صاغه المؤلف في روايته الشهيرة قصد به مساحة الواقع الافتراضى التي تستخدم الإنترنت والواقع معاً، والطريف في المسألة أن مؤلف الرواية تنصل من أي علاقة له بمشروع Facebook الجديد!

ترجمة تغريدة نيل ستيفنسون: نظراً لأن هناك فيما يبدو ارتباكاً متزايداً حول هذا الأمر: لا علاقة لي من أي نوع بخطة فيسبوك لتضمين Metaverse في منتجاتها، بخلاف الحقيقة الواضحة باستخدامها مصطلحاً قمت بصياغته في رواية Snow Crash. لم يكن هناك أي اتصال بيني وبين FB & لا توجد أية علاقة عمل.

يمكن النظر للميتافيرس على أنه كون متعدد الأبعاد، مرتبط بالعالم الحقيقي.

لعبة Pokemon Go مثلاً تستعمل تقنية الواقع المعزز مع تفاصيل الواقع الموجود فعلياً عبر الكاميرا.

* نموذج من لعبة بوكيمون 2021

فيديو دقيقة ونصف: ظهور شخصية نادرة في لعبة بوكيمون يتسبب بالزحام في حديقة سنترال بارك في نيويورك عام 2016

ووصلت لعبة Fortnite إلى مستوى مبهر حقاً من الارتباط بين اللاعبين عبر الأبعاد المختلفة، ولكنها تعد، من الناحية التقنية، جزءاً صغيراً من التصور الشامل للميتافيرس.

* ما يتغير في عالمنا مع ميتافيرس

ـ خطوة فيسبوك الأولى: شراء أكبر شركة لإنتاج النظارات
الطريق إلى ميتافيرس بدأته فيسبوك في عام 2014 بتدوينة متحمسة من مارك زوكربيرغ، يعلن فيها الاستحواذ على Oculus VR الشركة الرائدة في مجال تكنولوجيا الواقع الافتراضي.

أكولوس هي رائدة الأعمال التكنولوجية الافتراضية، وأقوى المرشحين للظهور في المنصات الاجتماعية والاتصالات مستقبلاً.

وقال فيسبوك إنه لن يكتفي بتكنولوجيا الواقع للألعاب فقط، بل إنه سيسعى لأن تكون متاحة في مجالات أخرى مثل الدراسة والتعليم ومحادثات الفيديو وغيرها.

شركة أكولوس في آر متخصصة في مجال محاكاة الواقع أو ما يسمى virtual technology، وصاحبة نظارة Oculus Rift الشهيرة لألعاب الفيديو، التي حازت اهتمام المطورين الذين بدأوا تطوير ألعاب خاصة بالنظارة ذاتها.

لم يكن زوكربيرغ يبالغ في 2014 حين قال إن “الأجهزة المحمولة هي منصة الانطلاق اليوم، والآن نحن مستعدون لمنصات الغد، أكولوس لديها فرصة لتوفير أفضل منصة اجتماعية على الإطلاق وتغيير الطريقة التي نعمل ونلعب ونتواصل بها”.

وهاهي منصات الغد التي أطلقتها فيسبوك على وشك أن تغير حياة البشر إلى الأبد.

* تطوير تقنيات ميتافيرس استعداداً للمستقبل “الافتراضي”

لدى إعلان زوكربيرغ تغيير العلامة التجارية لشركته لتصبح Meta تمهيداً لبدء مشروعه العملاق في عالم ميتافيرس، أدلى بنبوءة “علمية”.

“نعتقد أن تقنية ميتافيرس ستكون خليفةً للإنترنت عبر الهاتف المحمول، وسنكون قادرين على الشعور بالحاضر كما لو أننا موجودون هناك مع الأشخاص بغض النظر عن مدى تباعدنا في الواقع”.

ميتافيرس هو المكان الذي يجتمع فيه العالمان المادي والرقمي.

إنها مساحة تتفاعل فيها التمثيلات الرقمية للأشخاص، والصور الرمزية في العمل، واللعب، والاجتماع في مكاتبهم، والذهاب إلى الحفلات الموسيقية وحتى محاولة ارتداء الملابس.

سيكون الواقع الافتراضي في قلب هذا الكون.

وسيشمل أيضاً الواقع المعزز، وهو إدخال عناصر من العالم الرقمي فوق الواقع.

لا يوجد تعريف واحد متفق عليه حول ميتافيرس metaverse، خاصة مع الاختلاف بين شكله الحالي والتصور المستقبلي له.

يعرّف فيسبوك المفهوم بطريقة مبسطة على أنه “مجموعة فضاءات افتراضية تُمكنك من التفاعل مع أشخاص آخرين من أماكن مادية بعيدة”.

موقع Investopedia يصف ميتافيرس بأنه “الالتقاء الافتراضي لوسائل التواصل الإجتماعي، الواقع المعزز أو Augmented Reality، الواقع الافتراضي أو Virtual Reality، الألعاب، السوق الإلكترونية، العملات الرقمية والواقع المادي الحقيقي”.

يتطلب ذلك جمع كميات هائلة من بيانات المستخدم من خلال منتجاتها الحالية للواقع الافتراضي، بما في ذلك السمات المادية للأشخاص، والتي تتجاوز حدود الاستخدام الضيق لبعض الألعاب أو اللقاءات الافتراضية.

* هنا تبقى الأحداث إلى الأبد لكنك لن تراها مرة ثانية

ميتافيرس هي شكل متطور من الإنترنت، وهنا أبرز ملامح تميزها عن الشبكة التي نعرفها الآن:

ميتافيرس ثابتة ومتواصلة، غير قابلة لإعادة الضبط أو الوقف المؤقت أو الإنهاء، وهي أقرب لعالم ألعاب الإنترنت متعددة اللاعبين.

كل ما تفعله في الميتافيرس سيبقى موجوداً إلى الأبد، عكس ما يحدث في الألعاب العادية الآن على الإنترنت.

ميتافيرس تشبه البث الحي الذي يمضي في اتجاه واحد، مثل حركة الزمن الحقيقي، ولا يمكن استعادة أحداث جرت ذات مرة.

الإنترنت افتراضي، وميتافيرس واقعية وافتراضية في نفس الوقت، على طريقة بوكيمون.

لن يكون هناك حد أقصى لأعداد المستخدمين المتزامنين في ميتافيرس، وهي مشكلة تقنية هائلة أمام شركات تشغيل ميتافيرس. حتى الآن لا تتحمل الخوادم وجود أكثر من 100 مشاركة في لعبة فيديو.

ميتافيرس ستكون منصة اقتصادية عالمية، الويب أكثر مكان لكسب المال، لكن هناك طريق طويل أمام الاستثمار في السلع الرقمية في مراحله الأولى.

تسمح ميتافيرس لك بالاتصال غير المسبوق بين الأحداث والألعاب بنفس شخصيتك، ويتمكن المستخدم من جلب شخصيته من لعبة إلى أخرى دون المزيد من الضبط.

عكس الإنترنت، حيث تبذل المواقع كل جهودها لتقديم محتوى ناجح، فإن نجاح ميتافيرس رهن الجودة في محتوى المستخدمين. لا يمكن لشركة واحدة إنتاج التنوع في ألعابها ومستوى التفاعل، واللاعبون في ميتافيرس هم من يصنعون تجارب جذابة.

إنه النسخة “المنقّحة” من العالم الواقعي.. والافتراضي
إنْ صحّت تطلعات رئيس شركة فيسبوك، مارك زوكربيرغ، فسوف تصبح ميتافيرس المنصة التقنية الأهم منذ ظهور شبكة الإنترنت والويب.

سنكون قادرين على التسوق، وعلى مقابلة أصدقائنا، والعمل عن بُعد مع مَن نريد. سنكون قادرين على مشاركة مساحات رقمية، وموسيقى، وأعمال فنية.

سنكون قادرين على دمج العناصر الرقمية في عالمنا الماديّ، وعلى تعزيز الصبغة الرقمية للعالم أكثر مما هي اليوم.

وقد تتمكّن على سبيل المثال من حضور مباراة لكرة القدم لا تستطيع الذهاب فعلياً إلى مكان انعقادها، وذلك عبر ما يُعرف بالأفاتار (صورة رمزية ثلاثية الأبعاد)، الذي يمثلك ويجلس على مقعدك، مشاركاً شخصية جارك الرقمية أيضاً في تحليل مجريات المباراة.

قد يبدو الميتافيرس وكأنه نسخة منقحة من الواقع الافتراضي، لكن البعض يعتقدون أنه قد يصبح مستقبل الإنترنت.

بل إن ثمة اعتقاداً بأن مقارنته بالواقع الافتراضي ربما ستشبه مقارنة الهواتف الذكية بالجيل الأول من الهواتف المحمولة الضخمة التي أُنتجت في ثمانينيات القرن الماضي.

* لنا هناك مكاتب افتراضية للعمل

يقوم فيسبوك باختبار تطبيق للاجتماعات الافتراضية أطلق عليه مكان العمل Workplace، ومنبر اجتماعي اسمه آفاق Horizons، وكلاهما يستخدم نظم أفاتار افتراضي خاص به.

ولنا مكان لمشاهدة الأفلام بالمشاركة مع أبطالها
ويمكن تشبيه المرحلة الحالية في صناعة السينما، التي حلت فيها كاميرات التصوير بزاوية 360 درجة محل الكاميرات التقليدية، بالفترة ما بين أواخر القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين، التي شهدت التجارب المبكرة للأفلام السينمائية.

الأفلام في المستقبل ستقدم تجارب خاصة مصممة وفقاً لكل مشاهد على حدة. هذه الطريقة ستتيح لك تشكيل القصة وقت عرضها، لترضي ذوقك وحدك، وتلبي أهواءك وميولك.

لن تكون تجربة مشاهدة فيلم أو “سرد قصة”، بل معايشة تفاصيل القصة.

التجارب السينمائية ستتطور بحيث تشعر أنها طبيعية وحقيقية تعيشها كما تعيش يوماً معتاداً في حياتك، لكنها تحمل سمات القصص المثيرة التي اعتدنا سماعها.

التطورات الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي ستتيح للشخصيات التي ابتكرها الكمبيوتر التفاعل مع الجمهور أثناء عرض الفيلم، على غرار الشكل المتطور من المساعد الشخصي سيري Siri، لكنه مجسّد على هيئة شخصية داخل فيلم.

هذه الشخصيات القادرة على التحدث والتفاعل معك في الفيلم كما لو كانت بشراً مثلك، لم تظهر حتى هذه اللحظة، إلا أنه يرى أننا قد نراها قبل 20 عاماً.

ووصف المخرج الشهير ستيفين سبيلبيرغ تقنية الواقع الافتراضي بأنها “خطيرة”، لأن المخرجين سيكونون أقل تحكماً في مجرى أحداث الفيلم مقارنة بالأفلام غير التقليدية.

* من هناك سوف نشتري الأزياء الافتراضية

عام 2018، دشنت الشركة الكورية Naver Corp المنصة الافتراضية التي ستُصبح لاحقاً واحدة من أكثر منصات الميتافيرس ازدحاماً على أعتاب عام 2022.

إنهم يبيعون تصميمات لملابس الصور الرمزية Avatar، ثلاثية الأبعاد، يشتريها روّاد العوالم الافتراضية للتعبير عن شخصياتهم. وتحمل منصتهم الإلكترونية Zepeto شعار: “أنا آخر في كون آخر”.

وكما يحدث في الواقع تعرض الشركة تصميمات من إنتاجها، كما أن عالم زيبيتو يزخر بالمؤثرين الافتراضيين من المستخدمين الذين يقومون بتصميم أغراض رقمية، كالفساتين وقطع الملابس التي تتاح للشراء من قبل مستخدمين آخرين، كي يرتديها الأفاتار الخاص بهم.

هنا الملابس كلها رقمية، لن توضَع في غرفة قياس الملابس ولن يرتديها أحد في الواقع.

هنا يمكن تغيير شكل الوجه ونوع الشعر والحاجبين، ولون العين وشكلها، واللحية أو الشارب.

كل ما يمكن أن يحلم به الزبون.

رغم ذلك تبقى تصميمات بالفوتوشوب يمكن للعملاء نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، ليظهروا وهم يرتدون أزياء غير موجودة بالفعل.

وإذا أردت أن تبدو صورتك الرمزية مثلك أكثر، يمكنك اختيار صورة من هاتفك أو حاسوبك، يستند التطبيق إليها لدى إنشاء نسختك الافتراضية.

جذبت شعبية Zepeto المتزايدة أيضاً انتباه عمالقة الموضة العالميين مثل غوتشي أو رالف لورين، وأنشأت هذه العلامات التجارية عناصر ملابس افتراضية للبيع على المنصة.

وتتحدث Zepeto عن 47 مليون مستخدم على نظامها الأساسي، ما يجعلها واحدة من أكثر منصات metaverse ازدحاماً. وقال أحد مسؤولي الشركة بحسم: نحن على الأرجح أكبر سوق أزياء افتراضية في العالم.

وحقق عالم زيبيتو عدداً قياسياً من مرات التحميل خلال العام الجاري، حتى قبل إطلاق ميتافيرس، إذ نقلت صحيفة Wall Street Journal أن المنصة تستضيف مليوني مستخدم نشط يومياً، وقد جرى تحميل التطبيق 400 ألف مرة خلال يوليو/تموز الماضي.

وقد يؤدي البعض مناسك الحج الافتراضي من باب التعلّم
قبل نهاية 2021 بأيام، كشفت السلطات السعودية عن مبادرة “الحجر الأسود الافتراضي”، في تجربة تحاكي الواقع الحقيقي لزوار الحرم المكي والاقتراب من الحجر الأسود بالكعبة.

وبدأ جدل كبير بشأن أداء المناسك افتراضياً في المستقبل.

وقال المرحبون بالفكرة إن الغرض منها تعليمي سياحي، لتمكين المسلمين من التعرف على الأماكن المقدسة، وشكل الكعبة والحجر الأسود عن قرب، ولم يتم طرحها إطلاقاً كبديل عن الحج والعمرة.

وقال رمزي بيجان، مدير خدمات الحج والعمرة في تركيا، إنه لا يوجد ما يسمى بالحج الافتراضي، وإن والعبادة عبر منصة ميتافيرس غير واردة، لكن من الممكن زيارة الكعبة المشرفة ورؤية أقسامها افتراضياً، وذلك لزيادة العلم والمعرفة بالفريضة الإسلامية.

* أسواق في الخيال
اقتصاد افتراضي وتبادل تجاري وشراء سلع لا نراها.. ولا نلمسها

هنا تبدو أكبر أحلام صانعي العالم الافتراضي.

يحلمون بيوم تقتنع فيه البشرية بالتصور الجديد، ويهاجرون إليه وهم في مقاعدهم، بشخصيات جديدة، وملابس ومستلزمات جديدة، وحتى سيارات جديدة.

هل أتاك حديث الدولارات التي سوف تدفعها في كل كبسة زر داخل ميتافيرس، وكل خطوة أو قرار تتخذه هناك؟

يمكنك في العالم الافتراضي أن تشاهد ما حولك في صورة ثلاثية، يلزم نظارة بعدة مئات من الدولارات.

تستطيع لمس الأشياء التي تلتقي بها في العالم الافتراضي، أو حتى الكائن البشري، يلزمك قفاز شديد الحساسية يهدية إليك الذكاء الاصطناعي بعدة مئات أخرى.

تستطيع أن تخطو على القمر من منزلك، لكن يلزمك زوج من أحذية EKTO ONE الجديدة، حيث تسمح التكنولوجيا الجديدة للشركة للمستخدمين بالسير في مكانهم لاجتياز مساحة افتراضية.

تتميز الأحذية بمجموعة من العجلات الآلية على نعلها، تدور في الاتجاه المعاكس لحركة مرتديها للأمام. يمنح هذا للمستخدم شعوراً بالمشي في مكانه كما لو كان في حلقة مفرغة. استخدام الحذاء مع سماعة رأس “في آر” يعني أن إعداد البيئة بالكامل سيخدع المستخدم بشكل أساسي، ليعتقد أنه يتنقل في الفضاء الافتراضي على قدميه.

* كل هذه المليارات لشراء ممتلكات في العالم الموازي
الآن يسعى مهندسو العالم الافتراضي لبناء تطبيق تبيع فيه شركات السيارات موديلاتها الجديدة في الوقت الحقيقي، فيتمكن المرء من قيادتها في الحال في العالم الافتراضي.

في ميتافيرس تشتري شكلك وملابسك وبيتك وسيارتك، تؤجر الإعلانات وتستأجر الخدمات المختلفة، وكل حركة بحساب.

وكل خطوة ببعض الدولارات.

توقعت وحدة المعلومات في بلومبرغ أن يبلغ حجم سوق “ميتافيرس” 800 مليار دولار عام 2024، نصفها تقريباً يذهب إلى صانعي الألعاب، في حين يتوزع الباقي على الترفيه الحي والمباشر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى. ويقدر تقرير حديث بأن العالم الرقمي قد ينمو ليصبح نشاطاً تجارياً قيمته 1 تريليون دولار في المستقبل القريب.

* في هذه الأسواق الرقمية العملاقة كل شيء للبيع
بعد أن تصنع شخصيتك الرقمية هناك، تحتاج إلى تأثيث مكانك الجديد؛ كي يكتسب “أفاتارك” أناقة وذوقاً وتميزاً.

شراء ملابس من ماركات مشهورة أو مكتب أنيق أو لوحات فنية تلبي ذوقك، يكلفك أموالاً حقيقية، لكن لن تلمس ما تشتريه أبداً، حتى لو ظلت مسجلة باسمك في العالم الافتراضي.

هذه السلع الرقمية تعرف اختصاراً باسم NFT.

الكلمة اختصار لعبارة Non Fungible Token، ما يعني رمزاً غير قابل للمحاكاة.

هي تشبه سند ملكية لمنتجات افتراضية مثل قطع الأثاث أو قطع فنية أو ملابس أو حتى أراضٍ وشقق يمكن امتلاكها ببيانات فردية مسجلة في blockchain، على طريقة العملات المشفرة.

الفرق بين العملات الرقمية والـNFT، هو أن NFT هي أصول رقمية لها بيانات فريدة، وبالتالي تحمل أسعاراً مختلفة لكل وحدة ضمن المجموعة نفسها، عكس العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثيريوم وغيرها والتي لديها نفس القيمة دائماً، لأنها عُملة.

شركة أديداس الرياضية مثلاً، طرحت ملابس NFT وباعت بأكثر من 22 مليون دولار لروّاد العالم الافتراضي، حتى فبراير/شباط 2022، ليستخدموها أثناء وجودهم في الميتافيرس.

وقد بيع عمل فني رقمي للفنان الأمريكي Mike Winkelmann الذي يُعرف باسم Beeple كـ NFT بسعر 69 مليون دولار أمريكي وهي أغلى NFT تم بيعه حتى الآن.

وربما تندهش إذا علمت أن الـ NFTs لا تقتصر على الصور أو الرسومات أو التصاميم، إذ يمكنك بيع أي شيء حرفياً.

حتى الفكرة والكلمة.

مثلاً باع مؤسس تويتر، جاك دروسي، تغريدته الأولى على شكل NFT بسعر 2.9 مليون دولار، والمشتري أصبح المالك لهذه التغريدة!

إذاً هو هَوس الاقتناء والتباهي بندرة ما تملك كذلك وليس فقط الاستثمار والاستفادة من إعادة البيع.

* سوق العقارات الافتراضية اشتعل من اليوم الأول
كل أفاتار عنده بيت يعيش فيه، ويكسب منه الأموال الموعودة.

وكل بيت له ثمن من الأموال الحقيقية التي يجري تحويلها من حسابك المصرفي.

لذلك ازدهرت مبيعات العقارات “هناك”، في عالم جديد بناه فيسبوك، أو قُل في “كون” جديد؛ لأنه يُسمى كون الأكوان أو “الميتافيرس”.

يمكنك شراء قطعة أرض، تسمح لك في هذا الفضاء الرقمي بوضع إعلان، أو تأجيرها لأحد الفنانين لإقامة حفل موسيقي، أو سكن لإحدى الشخصيات الرقمية.

العقارات في ميتافيرس يجري شراؤها للاستخدام فقط في ميتافيرس.

ولماذا نحتاج لشراء مساحات وبيوت في العالم “الوهمي”؟

لأننا سوف نبادلها يوماً ما بأموال أو بخدمات أو حتى بأشياء عينية تصل إلى بيوتنا بالبريد السريع.

نموذج لسوق العقارات يشرح كل ما نريد أن نشرحه.

في لعبة ديسنترالاند Decentraland عالم افتراضي يُقرِّر اللاعبون، أو لنقل “المواطنين”، فيه كيف يريدون تطويره، وما شكل مستقبله.

أصحاب الأملاك يمتلكون الحق في بناء ما يشاؤون على هذه الأراضي، وهنا يبدأ المرح.

يبدأ سعر الأراضي في هذا العالم الافتراضي بنحو 5 آلاف دولار، وهناك قطع متجاورة تُشكِّل بنايات داخل اللعبة بيعت بما يقارب 75 ألف دولار بعد 48 ساعة فقط.

هل يُلقي هؤلاء الناس أموالهم في الهواء؟

بالطبع هناك عوائد مؤجلة من وجودهم هناك.

تخيَّل مثلاً أن رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك ألقى محاضرة في أحد الأماكن في ديسنترلاند، ولدى خروج جمهوره كانت هناك عيون خمسة آلاف شخص موجَّهة على لوحة إعلانات ضخمة في البناية المقابلة لقاعة المحاضرة.

خمسة آلاف شخص حضروا في مكان واحد، وكان أول ما رأوه بعد مغادرتهم هو إعلاناً، دفع صاحبه أموالاً لمالك البناية مقابل استضافته.

والأفضل من ذلك كله أنّ الإعلانات في اللعبة يمكن الضغط عليه والذهاب إلى صفحة المعلن.

وهناك أيضاً عالم آخر يرغب الأغنياء في شراء قطع من الأراضي فيه وهو Sandbox، حيث أنفقت شركة التطوير العقاري المالكة له مبلغاً قياسياً قدره 4.3 مليون دولار على قطعة أرض افتراضية.

وأخبرت يوريو مالكة الشركة قناة CNBC أن شركتها باعت 100 جزيرة افتراضية خاصة العام الماضي مقابل 15 ألف دولار لكل منها. وقالت: “اليوم، يبيعون كلاً منها بحوالي 300 ألف دولار، وهو نفس متوسط ​​سعر المنزل في أمريكا”.

الاستثمار في العقارات الرقمية هو عمل محفوف بالمخاطر؛ يجب عليك فقط استثمار رأس المال الذي أنت على استعداد لخسارته.

وإذا استمر ارتفاع الأسعار بالطريقة الحالية، فمن المرجح أن تكون فقاعة. أنت تشتري شيئاً غير مرتبط بالواقع.

* حييكم من قلب العالم الافتراضي

على مدار أسبوعين، غامرتُ شخصياً في منصة زوكربيرغ الافتراضية وغيرها من المنصات.

استعرت نظارة واقع افتراضي Oculus Quest 2 من “ميتا”، وقابلت أشخاصاً في مجموعة من الفعاليات الافتراضية، من بينها حفلة موسيقية وخدمة كنسية ومؤتمر وحدث مواعدة سريعة.

زُرْتُ تطبيقات الواقع الافتراضي الاجتماعي التي تستضيف آلاف الأشخاص كل يوم.

على موقع “ميتا” وصلت إلى منصتها الاجتماعية للواقع الافتراضي Horizon Worlds والتي يمكن لأي شخص في الولايات المتحدة أو كندا يزيد عمره على 18 عاماً زيارتها.

تخيّل اندماج الألعاب مع غرف الدردشة قديمة الطراز على الإنترنت، وستجد تجربة فوضوية، غالباً ما يهيمن عليها الرجال.

وستجد كذلك المتصيّدين والأولاد البغيضين.

هناك القليل من الإجراءات المعمول بها لمنع السلوك السيئ، بخلاف بعض الإرشادات السريعة عند إدخال مساحة وميزات تتيح لك حظر المستخدمين الذين يعانون من مشكلات، وكتم صوتهم.

في أول تجربة اختلاط لي أثناء زيارتي لـ”هوريزون فيوز”، اخترت صورة رمزية لـ”أفاتار” تشبه صورتي في الواقع بشعر بني أملس وسترة جينز.

عندما تم نقلي إلى الردهة الرئيسية -غرفة واسعة بها شجرة في المنتصف- كنت المرأة الوحيدة هناك بين نحو عشرات الرجال. وكنا جميعاً شخصيات رمزية ذات مظهر كرتوني تطفو بدون أرجل، وعدد غير قليل منا كانوا يرتدون سترات جلدية.

مع اقتراب إحدى الصور الرمزية على شكل أفاتار لمسافة قريبة مني فوجئت بصوت يهمس: مهلاً كيف حالك؟

ثم اختفى بشكل مذهل.

ثم التفّت حولي مجموعة من الرجال في صور أفاتار والتزموا الصمت.

وبينما كنت أتحدث إلى رجل يشرح لي كيفية القفز، بدأ العديد من الحشد المحيط بي بإمساك أصابعهم وصنع سياج محيط بي. وظهرت بين أيديهم صورة أفاتار الرقمية الخاصة بي وكانت تبدو مرتبكة، بينما بدؤوا في تبادل الصورة واحداً تلو الآخر،.

لم يصل الأمر إلى حد شعوري بعدم الأمان، لكنني كنت غير مرتاحة، ولم تكن هناك قواعد واضحة حول آداب السلوك والمساحة الشخصية.. كانت تجربة محرجة بالنسبة إليّ شعرت خلالها وكأنني عينة تجارب.

اقترب رجل يرتدي حلة زرقاء زاهية، وقال لي بلهجة بريطانية: “تخلصي منهم”. حاولت، لكنهم ظلوا متمسكين بيدي الرقمية مثل مصيدة الذباب.. يمكن للمستخدمين تنشيط المنطقة الآمنة من حولهم عن طريق الضغط على زر على معصمهم الافتراضي، وإسكات الأشخاص من حولهم.

قال رجل من بلغاريا: “هذا المكان الوحيد الذي يمكنك أن تلتقي فيه وتسمع أشخاصاً آخرين من كل أنحاء العالم”.. كان الأمر ممتعاً، لكن الازعاج جعل استمرار المحادثات أمراً صعباً، حيث ظهر على يساري رجل بالغ بصوت طفل دون سن العاشرة يصرخ بشكل متكرر ومزعج.

واقترب منا شخص يستمر في السعال، وهو يقول ضاحكاً: آسف فأنا مصاب بكوفيد.

كذلك أصدر رجل أشقر عملاق ذو وجه طفولي أصوات حيوانات مزعجة.

إلى المنصة الاجتماعية “في آر تشات” (VRChat).. المكان مربك فالمنصة معروفة بتواجد أشخاص مزعجين ، حيث يستبدل الزوار الصور الرمزية البشرية بأشكال طيور البطريق الصغيرة والجنيات والهياكل العظمية وهناك قامت قطة عملاقة ترتدي فستاناً بتقديم فطائر لي، بينما تحدث فارس من العصور الوسطى عن قدرة محرك سيارة “رودستار” من شركة “تسلا”، فيما كان هناك صبار يشير برأسه إلى موافقته الرأي.

لا توجد قواعد واضحة حول آداب السلوك والمساحة الشخصية.

التحديات الاجتماعية في “ميتافيرس” مختلفة عن “فيسبوك”، لكن الأمر على الأرجح سيكون امتداداً لما شاهدته وما أشار إليه آخرون.

انتهاكات لقواعد السلوك الاجتماعي قد تتحول إلى مضايقات أو تنمر.

وربما سيؤثر ذلك على الأفراد وليس المجموعات، لكن هذا لن يمنع ضرره أو يقلل من أهمية المراقبة.

استنتجت بعد هذه التجربة أن التواصل مع الأشخاص في الواقع الافتراضي أمر ممتع ومثير، لكنه مكثف ومرهق ومربك في كثير من الأحيان. كما أن دخولي كامرأة كان مزعجاً للغاية في بعض الأحيان.

* حدث بالفعل: أول حادث تحرش جماعي “ميتافيرسي”

في الأيام الأخيرة من يناير/كانون الثاني 2022، فاجأت طبيبة نفسية وأم، اسمها نينا جين باتيل Nina Jane Patel بالإعلان عن تعرض “الأفاتار” الذي يمثلها في العالم الافتراضي للتحرش!

كتبت على مدونتها في منصة “ميديوم”، أنها تعرضت للاغتصاب على المنصة، وذلك إثر مهاجمتها من طرف 3 أو 4 أشخاص في غضون 60 ثانية من دخولها. وقالت إن “الأفاتارات” الأربعة لمسوا “أفاتارها” بصورة غير لائقة كما يحدث في الحياة الواقعية!

حدث ذلك على منصة للواقع الافتراضي هي horizon worlds التي أطلقتها شركة ميتا بداية 2022 للجمهور في أمريكا الشمالية فقط.

وقالت الضحية إن المهاجمين اغتصبوا التجسيد الرمزي الخاص بها بشكل جماعي والتقطوا صوراً له، لافتة إلى أن التجربة كانت “مروعة”.

أما رد فعلها النفسي فكان قريباً من رد فعلها في الحياة الواقعية: في تلك اللحظة لا يستطيع العقل والجسد التمييز بين التجارب الافتراضية الرقمية والواقعية.

ومن المفترض أن تعمل خاصية “الحدود الشخصية” Personal Boundary تلقائياً كإعداد افتراضي، وسوف يظل بإمكان المستخدمين الضرب بقبضات اليد أو التفاعل بواسطة اليدين. لكن ما حدث للسيدة باتل فتح باب الأسئلة بشأن الأمان الشخصي والخصوصية وأشياء أخرى في هذا العالم المذهل الذي تخطو إليه البشرية بثبات.

* أسئلة ميتافيرس “الإنسانية”
التي لا تجد إجابات

رغم أن عمالقة التكنولوجيا يراهنون بشكل كبير على هذه التقنيات الجديدة، ظهرت أسئلة حول مدى أمان “ميتافيرس”.

قال باحثون إن المضايقات والاعتداءات والتنمر وخطاب الكراهية منتشرة بالفعل في ألعاب الواقع الافتراضي، والتي تعد جزءاً من “ميتافيرس”، وهناك آليات قليلة للإبلاغ عن سوء السلوك بسهولة.

مثلاً في لعبة الواقع الافتراضي الشهيرة، “في آر تشات”، يحدث انتهاك مرة واحدة كل سبع دقائق، وفقاً لمركز مكافحة الكراهية الرقمية.

حسناً، مشكلات التنمر والاعتداءات موجودة من الآن في العالم الافتراضي، لكن الأمر المؤكد هو تضخم هذه المشكلات لدى وصول المشتركين إلى مليارات الأشخاص، ومع تشجيع الشركات الناس على الانضمام إلى “ميتافيرس”.

ثم أعرب ناشطون في حقوق الأطفال عن شعورهم بالقلق بشأن ما قد يواجهه الأطفال في ميتافيرس؛ لأن المعتدين يمكنهم استهداف الأطفال من خلال رسائل الدردشة في لعبة ما أو من خلال التحدث إليهم من خلال سماعات الرأس، وهي إجراءات يصعب توثيقها.

وقال خبراء لصحيفة Wall Street Journal إن الميتافيرس هو حدث ثوري للغاية وغير مسبوق لدرجة أنه سيغير نسيج المجتمع على نحو لم يسبق له مثيل، مع عواقب وخيمة على صحتنا العقلية والنفسية:

لا أحد يعرف أنواع التأثير طويلة المدى لقضاء وقت طويل في عالم مثالي تماماً، ومقارنة كل مستخدم نفسه بالآخرين.
اختيار الأفاتار الأكثر جمالاً ومثالية سيجعل من ميتافيرس عالماَ جميع من فيه مثاليون وجميلون.. كيف سيؤثر هذا على احترام كل شخص لذاته؟
في أساسيات الصحة العقلية الراسخة علمياً هناك أبجديات مثل العلاقات الإيجابية والدعم الاجتماعي والنوم الصحي والنشاط البدني. فهل يتم استخدام التكنولوجيا لتعزيز أهداف الصحة العقلية المذكورة؟ وهل هذا الوجود سيكون له تأثير عكسي على هذه الأهداف؟”.
الإنترنت ليس مكاناً للعزلة، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية، لكن الجميع يشعرون بالقلق من عدم التوازن بين العالمين، الافتراضي والحقيقي وتأثير ذلك على “إنسانية” الإنسان.
إذا بدأنا في تفضيل الحياة الافتراضية أو الأفاتار الخاص بنا على شخصيتنا الحقيقية، فإن هذا سيؤثر سلباً على قدرتنا على الانخراط في حياة غير افتراضية أو في العالم الحقيقي، وذلك من زوايا الثقة بالنفس أو الانتماء أو حتى كقلق اجتماعي.
هل يزداد الإنسان التحاماً بأوهام العالم الافتراضي، فيفقد الحافز والرغبة في العودة إلى الواقع؟. احتمال!

* هكذا أصبحنا آخر جيل بشري يميز بين الواقع والخيال
يبقى الميتافيرس بصورته الفعلية المتوقعة فكرة تعمل الشركات اليوم على تحقيقها. ستخلق هذه الفكرة عالماً افتراضياً يتماهى مع واقعنا المادي بأبعاده الحسية من صورة وصوت وحتى الرائحة والمشاعر.

بحسب فيسبوك فإن الأمر سيستغرق بين 10 إلى 15 عاماً، على الأقل بالمعطيات الموجودة الآن، وهو ما يجعل تخيل طبيعة الميتافيرس صعبة نوعاً ما.

ويوم تكتمل دائرة ميتافيرس، لن يبقى لك أي خصوصية من أي نوع، فبيانات الواقع الافتراضي هي بيانات بيومترية شخصية ودقيقة.

سيتم تسجيل كل حركة للبشر داخل هذه البيئة، وهو الأمر الذي يشبه “الحصاد العالمي” لجميع الخصائص الشخصية والسلوكية للبشر، وهو ما سيجعل الناس عرضة لكثير من الجرائم الإلكترونية، أكثر بكثير مما هو موجود حالياً.

هناك سبب آخر ومهم للقلق..

في إحدى المقابلات مع كاتب الخيال العلمي ويليام غيبسون، قال إن جيلنا سيكون آخر جيل يميز بين العالمين الواقعي والافتراضي.
في حين أن الخيال والواقع عند الأجيال القادمة سيكونان قابلين للتبادل تماماً.

* المصدر : عربي بوست