تقرير أمريكي يكشف “كواليس” التحركات الأمريكية لتهدئة التوتر مع السعودية والإمارات
السياسية – تقرير :
كشفت شبكة “CNN”، نقلا عن مصادر، كواليس التحركات الأمريكية لتهدئة التوتر مع السعودية والإمارات، في ظل ارتفاع أسعار النفط عالميا والأحداث الأخيرة.
وفي تقريرها، أشارت “CNN” إلى أن الجهد الدبلوماسي المكثف من قبل فريق أساسي من مسؤولي الطاقة والأمن القومي في إدراة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لزيادة إنتاج النفط العالمي وسط ارتفاع الأسعار جراء الأزمة الأوكرانية، “عزز شعورا حذرا بالتفاؤل داخل البيت الأبيض”.
وأضاف التقرير: “كان الهدفان الرئيسيان لهذه الجهود، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتان لديهما علاقات فاترة مع الولايات المتحدة منذ أن تولى بايدن منصبه..كلا البلدين عضوان في أوبك، الكتلة القوية المكونة من 13 دولة التي تسيطر مجتمعة على 40٪ من إنتاج النفط العالمي، وكلاهما كان على علاقة ودية مع إدارة ترامب، لكن خلال الشهر الماضي، قال المسؤولون الأمريكيون إنه تم إحراز تقدم وقد يكون هناك دليل على أن العمل الدبلوماسي بدأ يؤتي ثماره”.
ويوم الأربعاء الماضي، قال سفير الإمارات العربية المتحدة في واشنطن، يوسف العتيبة، لشبكة “CNN”، إن “الدولة تريد زيادة إنتاج النفط وستشجع أوبك على زيادة إمداداتها”، حيث جاءت التصريحات بعد أسابيع من “الرسائل العامة من أوبك بأن المنظمة لن ترفع إنتاجها، وتسببت في أكبر انخفاض ليوم واحد في أسعار النفط منذ ما يقرب من عامين”.
وفي هذا السباق، نقلت “سي إن إن” عن مسؤولين قولهم إن “هذه التعليقات ارتدت داخل البيت الأبيض، وغذت الإحساس بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح”، مشيرة إلى أن مسؤولي إدارة بايدن أجروا محادثات دبلوماسية في فنزويلا الغنية بالنفط هذا الشهر، على الرغم من أن الإدارة قللت منذ ذلك الحين من فكرة أي زيادات في الإنتاج من الدولة الخاضعة لعقوبات شديدة، وأنه قد يؤدي احتمال التوصل إلى اتفاق نووي وشيك مع إيران في نهاية المطاف إلى إطلاق موجة من النفط الإيراني الخاضع للعقوبات إلى السوق، لكن لا يُنظر إليه على أنه حل قريب المدى داخل البيت الأبيض”.
وتابع تقرير الشبكة الأمريكية: “الحقيقة هي أن الجزء الأكبر من الطاقة الفائضة للنفط التي يتطلع إليها مسؤولو الطاقة الأمريكيون يأتي من الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص، يرى المسؤولون والمشاركون في السوق أن أسرع طريقة للحصول على أكبر قدر من النفط في السوق هي من خلال زيادة إنتاج المملكة العربية السعودية، ولكي يحدث ذلك، يدرك المسؤولون الأمريكيون أنه يتعين عليهم معالجة العلاقة المتوترة بشدة بين الرئيس جو بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان”، إذ قال مسؤول أمريكي مطلع على الأمر للشبكة: “من الصعب الوصول إلى مكان أفضل دون التعامل مع محمد بن سلمان”. “لا توجد وسيلة أخرى للقيام بذلك”.
مكالمة هاتفية مهمة
وأفادت “CNN” بأنه “عندما تطرق المسؤولون الأمريكيون أخيرا إلى إمكانية إجراء مكالمة بين بايدن ومحمد بن سلمان في أواخر يناير، اقترح المسؤولون السعوديون بدلا من ذلك وضع بايدن على الهاتف مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، الزعيم الرسمي للمملكة – كان بايدن قد حدد في أوائل عامه الأول أنه نظيره المباشر- وكانت ستكون محادثتهم الأولى منذ 12 شهرا”.
ومع ذلك، أوضح المسؤولون المنخرطون في الأمر للشبكة أن “ما ظهر منذ ذلك الحين كنافذة على علاقة أظهرت، رغم أنها لا تزال معقدة، علامات الاستقرار في لحظة حرجة”.
وأكمل التقرير: “بحسب وزارة الخارجية الصينية، ألغى محمد بن سلمان، الذي كان من المقرر أن يسافر إلى بكين لحضور مراسم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية وقت المكالمة، رحلته لأسباب تتعلق بالجدول الزمني”، مضيفا نقلا عن مصدرين مطلعين، أن “السبب الحقيقي كان جزئيا على الأقل حتى يتمكن محمد بن سلمان من حضور المكالمة بين والده وبايدن”.
ولفتت الشبكة إلى أن المصادر قالت إنه “بينما من غير الواضح ما إذا كان في الغرفة أم لا، استمع محمد بن سلمان للمكالمة لكنه لم يتكلم”.
كما أوضح مسؤول أمريكي لـ”CNN” أن “المكالمة في 9 فبراير، تضمنت مناقشة حول ضمان استقرار إمدادات النفط العالمية”، إذ بدأت رحلة إلى المملكة العربية السعودية من قبل اثنين من كبار مسؤولي بايدن.
وأكدت الشبكة أنه “بعد ثلاثة أيام، كان بريت ماكغورك وعاموس هوشتاين، كبار مبعوثي الأمن القومي والطاقة في المنطقة، متواجدين في العاصمة السعودية الرياض لعقد اجتماع وجها لوجه لمدة ساعات مع محمد بن سلمان وحاشية من كبار المسؤولين السعوديين بما في ذلك شقيق محمد بن سلمان ، الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة في المملكة”.
ونقلت “CNN” عن مسؤول كبير بالإدارة عن الرحلة الى الرياض قوله: “تم ذلك بناء على المكالمة..لم يتقرر ذلك مسبقا”.
وقال مسؤولون لـ”CNN” إنه “لم يكن هناك طلب صريح لزيادة الإمدادات في ذلك الاجتماع”، لكن مع اقتراب روسيا أسابيع فقط مما خلصت إدارة بايدن إلى أنه سيكون “غزوا” واسع النطاق لأوكرانيا، كانت الديناميكيات المتقلبة لسوق في أزمة محورا رئيسيا للنقاش”.
وأضاف التقرير: “في الأيام التي تلت ذلك، رفض مسؤولو البيت الأبيض علنا تقديم أي تفاصيل محددة للاجتماعات وبذلوا جهدًا في عدم وصف أي تقدم تم إحرازه، إن وجد..لكن وراء الكواليس، تم وضع الأساس لعملية استمرت لأسابيع..منذ الاجتماع في الرياض، قال المسؤول إن الإدارة والسعوديين كان لديهم “مجموعة مثمرة حقا من المشاركات التي تتابع تلك المناقشة على أجندة إيجابية إيجابية تعكس مجموعة مهمة للغاية من القضايا التي نشارك فيهاـ لافتا إلى أن ذلك يشمل قضايا الطاقة والأمن الإقليمي والتنمية الدولية”.
اضطراب السوق
وأشار التقرير إلى أنه عندما بدأت روسيا في العملية العسكرية الخاصة بأوكرانيا في 24 فبراير، ردت الولايات المتحدة وتحالف أكثر من 30 دولة بعقوبات كاسحة تستهدف اقتصاد البلاد، في حين تم إلغاء عقوبات الطاقة بشكل متعمد في محاولة لحماية الحلفاء الغربيين، لا سيما في الاتحاد الأوروبي، من صدمات الأسعار المزعزعة للاستقرار، إذ أدت العقوبات القاسية إلى اضطراب السوق حيث تجلس روسيا كثاني أكبر مصدر في العالم، حيث واجه المنتجون الروس في أعقاب العقوبات، صعوبة في إغلاق الطلبات الجديدة على النفط، مع تراجع المشاركين في السوق، قلقين من النطاق الكامل ومدى العقوبات التي تستهدف البنك المركزي في البلاد وأكبر مؤسساتها المالية، ومع ذلك، فإن التأثير يتجاوز الاقتصاد الروسي”.
وأكمل التقرير: “روسيا عضو في أوبك + ، التي تعد اللاعب الأكثر أهمية في عرض السوق..تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الهاتف إلى محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وألمحت روسيا إلى أنها لن تؤيد زيادة الإنتاج، والتي ستأتي إلى حد كبير على حسابها”.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، تحركت الولايات المتحدة بمفردها لحظر واردات النفط الروسي إلى الولايات المتحدة، وهي شريحة صغيرة من إجمالي الصادرات الروسية، لكنه إجراء آخر تسبب في قلق السوق وساهم في رفع الأسعار، في حين سارع المسؤولون الأمريكيون بالتواصل لتأمين زيادة إنتاج الطاقة من الشركات والدول في جميع أنحاء العالم.
بقيادة هوكستين، مبعوث وزارة الخارجية لشؤون الطاقة، وماكغورك، شمل التواصل عدة دول في الشرق الأوسط وآسيا وشمال أفريقيا، فضلاً عن مناقشات مكثفة مع المنتجين الأمريكيين.
مع استمرار تأثير ارتفاع الأسعار، أفسحت الطبيعة الهادئة لتلك الجهود الطريق لرسالة عامة مباشرة.
وقال داليب سينغ، نائب مستشار الأمن القومي للاقتصاد الدولي وأحد المسؤولين عن الاستجابة الأمريكية، في تصريح لشبكة “CNN”: “نريد المزيد من إمدادات النفط في العالم..نريده من منتجين لديهم قدرة احتياطية”، وأشار صراحة إلى أن السعودية هي أحد هؤلاء المنتجين.
اختبار التحمل الإماراتي
وتابع تقرير “CNN”: “عندما بعث بايدن كبار مساعديه إلى المملكة العربية السعودية، توقف ماكغورك في الإمارات العربية المتحدة، حيث كان هناك تركيز خاص على اليمن شمل جهدا للتأكيد على الدعم الأمريكي للدفاع الإقليمي للبلاد ضد الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي تدعمها إيران، حسبما قال مسؤولون”.
وقال البيت الأبيض في بيان عن هذه الزيارة، إنه كما فعل مع السعوديين، ناقش ماكغورك “الحاجة إلى الجمع بين الضغط على الحوثيين في اليمن والجهود المنسقة التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب هناك”، في حين أفاد مسؤولون للشبكة بأن “الإمارات امتنعت عن التصويت على قرار تقوده الولايات المتحدة لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في مجلس الأمن الدولي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الإحباط بشأن اليمن”، ثم عرض سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة الديناميكيات غير المستقرة في تصريحات عامة مشيرا إلى أن العلاقة “تتمتع بأيام قوية حيث تكون العلاقة صحية للغاية وأياما تكون فيها العلاقة محل تساؤل”.
وأضاف: “اليوم نجتاز اختبار تحمل لكنني واثق من أننا سنخرج منه ونصل إلى مكان أفضل”.
ومع ذلك، كانت تعليقات العتيبة عن دعم زيادة الإنتاج، يوم الأربعاء، هي التي دفعت أسواق النفط للهبوط وأثبتت بعض الدلائل المحتملة على أن الجهود الدبلوماسية لإدارة بايدن بدأت تؤتي ثمارها.
ولكن حتى مع إشارة الإمارات إلى أنها ستدعم زيادة الإنتاج، أوضحت الدولة أيضا أنه سيتعين عليها الالتزام بقواعد أوبك، والتي تتطلب من جميع الدول دعم أي تحرك لزيادة العرض، وبعد ساعات فقط من تصريحات العتيبة، حيث أنه تراجع عن ذلك – لكنه لم يناقض أبدا ما قاله العتيبة، وبدلا من ذلك، أوضح دعم الإمارات للعمل ضمن إرشادات “أوبك”، وفق التقرير.
وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي في “تويتر” فيما بدا أنه “محاولة لطمأنة زملائه الأعضاء”: “الإمارات ملتزمة باتفاقية أوبك + وآليتها الحالية لتعديل الإنتاج الشهري”.
ومن المقرر عقد اجتماع أوبك + القادم في 31 مارس.
المصدر: “CNN”