أسلحة سويسرية في قلب “حرب قذرة” في اليمن
الأسلحة السويسرية تقتل المدنيين في اليمن، وفقاً للتحقيق الذي أجراه مجموعة من وسائل الإعلام السويسرية.
السياسية :
ترجمة : أسماء بجاش-الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”
منذ أواخر العام 2015, لا تزال المملكة العربية السعودية منهمكة في سرد فصول عمليات التدخل العسكري الذي أخذ على عاتقه مهمة صد التمدد الحوثي في اليمن.
ومن جانبه, عمل راديو وتلفزيون سويسرا (RTS)، بالتعاون مع المجموعة السويسرية السمعية والبصرية العامة المسؤولة عن إنتاج وبث البرامج التلفزيونية باللغة الفرنسية في سويسرا ((SRF, RSI, وصحيفة نيو زيورخ الناطقة باللغة الألمانية (la NZZ am Sonntag) ومؤسسة لايت هاوس ريبورتس* (Lighthouse Reports) – على إثبات أن السعوديين يشنون هذه الحرب مستخدمين على وجه التحديد بنادق ” سيغ ساور 551 – Sig Sauer 551″ سويسرية الصنع.
تم تصوير أحدى العمليات العسكرية لفرقاطة سعودية تطلق النار على جزيرة قبل عملية إنزال للجنود, تم تنزيل مشاهد العملية على الشبكة العنكبوتية من قبل القوات البحرية الملكية السعودية في العام 2015 للإشادة بنجاحاتها.
لكن هذه الصور تكشف عن عنصر غير متوقع: استخدام المملكة العربية السعودية للأسلحة السويسرية على الأراضي اليمنية، وذلك بحسب ما كشفه التحقيق الذي أجراه برنامج “تيمبس بريسنت- “Temps Présent الذي يُبث على تلفزيون السويسري.
من بين الجنود الذين تم إنزالهم على شاطئ الجزيرة، تظهر الصور ثلاثة من الجنود على الأقل وهم يحملون بنادق هجومية من طراز سيغ ساور 551, صنعت في سويسرا.
لدى هذه البنادق الهجومية بعض السمات المميزة للغاية:
– المخزون والشاحن.
– ثلاثة منافذ هوائية مستطيلة الشكل ذات زوايا مقربة.
كما توجد تتابعات أخرى تجعل من الممكن تحديد مسرح هذه العملية:
– أولاً: عندما تقترب الفرقاطة وتستهدف الجزيرة.
– ثانياً: عندما ينتشر الجنود على الشاطئ.
في كلتا الحالتين، يتطابق الخط الجبلي في الخلفية مع خط جبل جزيرة حنيش في الجزيرة اليمنية التي تحمل نفس الاسم.
بالفعل منذ العام 2018:
تتمتع هذه الجزيرة بأهمية استراتيجية.
وأما بنسبة لـ “ليون هدافي”* من مؤسسة لايت هاوس ريبورتس “هناك أدلة واضحة من حيث الموقع والفترة الزمنية، على مشاركة الأسلحة السويسرية في العملية العسكرية في اليمن، مما يؤثر على حياة المدنيين”.
تم تقسيم البلد إلى قسمين لأكثر من ست سنوات, ففي المناطق الشمالية يواجه الحوثيون “انصار الله”، القوات الموالية للحكومة اليمنية والتي تتلقى الدعم من قبل دول التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية.
وجد اليمن نفسه عالقاً بين مطرقة الحصار البحري والجوي الذي يمنع ملايين المدنيين من الوصول إلى معظم الأغذية وبين سندان الحرب.
ناهيك عن مصارعة ستة عشر مليون شخص وضع محفوف بالمخاطر للغاية, فيما يتعلق بالحصول على الغذاء, حيث ينذر الوضع بوقوع البلد في شرك المجاعة.
في العام 2018, حذرت صحيفة “بليك – “Blick السويسرية والناطقة باللغة الألمانية, من استخدام الأسلحة السويسرية في هذه الحرب القذرة.
واستناداً إلى صورة الجنود المسلحين ببنادق “سيج”، ذكرت وسائل الإعلام أن “السعوديين يستخدمون هذه الأسلحة الهجومية السويسرية الصنع”.
كانت “أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية- SECO ” وهو مركز الاختصاص للاتحاد السويسري لجميع المسائل المتعلقة بالسياسة الاقتصادية والمسؤولة عن مراقبة تصدير المواد الحربية، قد اكتفت بالقول: “ليس لدينا أي دليل على أن مثل هذه الأسلحة استخدمت أو يجري استخدامها في اليمن, ولم تبين الصورة المقدمة موقع الأشخاص الذين يحملون البنادق الهجومية، ولم تسمح باستخلاص استنتاجات بشأن مشاركتهم في العمليات القتالية”.
قام صحفيون من عدة وسائل إعلامية برفقة مؤسسة لايت هاوس ريبورتس، بإجراء التحقيق, حيث تم تحليل عشرات الفيديوهات، وجدنا من خلالها عناصر الأجهزة التي كانت مفقودة.
اللامبالاة التي تنتهجهما الحكومة والبرلمان:
وقد أكدت أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية، التي تم الاتصال بها، على تصدير 106 بندقية هجومية إلى المملكة العربية السعودية، فضلاً عن 300 بندقية رشاشة, غير أنه يشير إلى أن هذه المبيعات تسبق العام 2009, أي قبل بدء الصراع.
تتحكم الحكومة السويسرية بمبيعات المعدات العسكرية التي تم الاتفاق على بيعاها منذ العام 2012.
ولهذا, فإن الحكومة السويسرية والشركة المصنعة تتنصلان عن متابعة أي صفقات بيع للأسلحة تسبق هذا التاريخ, كما لم يتم الموافقة على التعليق على استخدام هذه البنادق في الصراع في اليمن.
في العام 2021, اختار البرلمان أيضا تجاهل المخاطر المرتبطة بهذه المنطقة, كما رفض طلب “بريسكا سيلر غراف” المستشار الوطني الاشتراكي بحظر جميع مبيعات الأسلحة إلى السعودية.
“نحن نتحمل المسؤولية تجاه العالم ونقدم أنفسنا بوصفنا دولة ذات خدمات جيدة، ناهيك عن استضافتنا لجنة الصليب الأحمر الدولي، وينبغي لنا أن نعزز السلام, وتسأل “تمثل هذه التجارة ما يعادل 0.2% من إجمالي صادراتنا, ولكن, هل تستحق هذه النسبة 0.2% حقاً المشاكل السياسية والسمعة السيئة التي تنتج عنها؟”.
الدفاع السويسري، ضحايا يمنيون:
بالنسبة إلى ألكسندر فاوترافرز، رئيس تحرير صحيفة ” لا غيفو ميليتاغ سويس- la Revue militaire suisse” فإن العدد أوسع نطاقا, حيث انه من الوهم أن نتصور دفاعاً عن بلدنا بدون أعمال تجارية، ودون تصنيع [معدات عسكرية], هذا جزء من القدرة الدفاعية, ولذلك يرى الخبير أن سويسرا تحتاج إلى مصانع تنتج الأسلحة للدفاع عنها, حجة لا تضفي الشرعية على استخدامها في البلدان التي تمر بحرب.
أشار ستيفانو تريفيسان من مؤسسة لايت هاوس ريبورتس, انها ليست مجرد حكايات قديمة, ففي العام 2021, أظهر تسجيل فيديو أخر تم نشره على برنامج التيك توك, جنود من القوات الخاصة السعودية، وهم مدججون ببنادق سيج سوير 552.
لا تزال هذه القوات الخاصة نفسها تستخدم المعدات المنتجة في كانتون شافهاوزن السويسري, كما أنهم يشاركون في الحصار البحري في اليمن “الذي تعتبره الأمم المتحدة مسرحا محتملا لانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، والمسؤول عن مقتل أكثر من 85 ألف مدني”.
وهذا يوضح المعضلة التي أوجدتها صادرات الأسلحة, حيث يعتبر هذا القطاع هاما لأمن سويسرا واقتصادها.
فبمجرد إتمام المعاملات, يظل من المستحيل ضمان عدم استخدام المعدات يوما ما في الصراعات التي تترتب عليها عواقب إنسانية وخيمة.
تحقيق عابر للمسافات:
هذا التحقيق ناتج عن التعاون بين العديد من وسائل الإعلام, حيث عمل صحافيون من هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسري، والمجموعة السويسرية السمعية البصرية العامة المسؤولة عن إنتاج وبث البرامج التلفزيونية باللغة الفرنسية في سويسرا وصحيفة نيو زيورخ, بالإضافة إلى مؤسسة لايت هاوس ريبورتس على تتبع العتاد السويسري في نزاعات مختلفة.
بيان موقف أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية:
تجدر الإشارة إلى أن تصدير البنادق الهجومية إلى المملكة العربية السعودية قد أُذن به في العام 2006, في إطار نظام للمراقبة تم تعزيزه عدة مرات.
ففي ذلك الوقت، كانت الأسباب الإلزامية للاستبعاد المعمول بها حاليا بالنسبة لصادرات المواد الحربية غير موجودة بشكل ملحوظ, واليوم، تم رفض هذه الطلبات.
وفي هذا السياق، قرر البرلمان رفض اقتراح بريسكا سيلر غراف المستشار الوطني الاشتراكي المقدم في العام 2021, معتبرا أن التدابير القائمة كافية.
* لايت هاوس ريبورتس مؤسسة غير ربحية مقرها هولندا تقود تحقيقات معقدة عبر وطنية تمزج بين الأساليب الصحفية التقليدية مثل طلبات حرية المعلومات مع التقنيات الناشئة مثل الذكاء مفتوح المصدر والتخصصات مثل علم البيانات.
* ليون هادافي: محقق ومحلل مفتوح المصدر, حاصل على ماجستير في دراسات الحرب والأمن وماجستير في القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي للنزاع المسلح.
عمل كمحلل متدرب في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة (ICTY)، في الدوائر الاستثنائية في محاكم كمبوديا (ECCC) وفي المحكمة الجنائية الدولية (ICC).
بدأ أولاً في تطبيق تقنيات OSINT للتحقيق في استخدام التقنيات من قبل جماعة سيليكا المسلحة.
- موقع “rts- الإذاعة والتلفزيون السويسري” الناطقة بالفرنسية
- المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع