السياسية – مرزاح العسل:

في ظل استمرار العدوان الصهيوني على حقوق الأسرى الفلسطينيين الأساسية في سجونه، ورفضاً لهذا العدوان الغاشم.. يواصل الأسرى مع كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي “انتفاضة السجون”، الرافضة لهذا العدوان، وذلك عبر إغلاق الأقسام في كافة سجون الاحتلال والإضراب في قلاع الأسر.

وقال نادي الأسير الفلسطيني في بيان له: إنّ توتراً شديداً يسود السجون كافة بعد رفض الأسرى إجراء ما يُسمى “بالفحص الأمنيّ”، وأشار في بيان صحفي اليوم السبت، إلى أن هذه “الخطوة جزء أساسي من خطواتهم النضالية المستندة إلى حالة العصيان والتّمرد على قوانين إدارة السّجن”.

وأضاف النادي: إن ذروة خطوات الأسرى النضالية ستكون يوم الثلاثاء المقبل، وكشف أنه “لا توجد ردود جدّية من قبل إدارة السّجون على مطالب الأسرى”.

وأوضح أن أبرز مطالب الأسرى هي وقف إجراءات إدارة السجون الهادفة إلى سلب الأسرى منجزاتهم، ومنها ما أعلنت عنه من قيود جديدة على كيفية خروج الأسرى إلى ساحة السّجن (الفورة)، من حيث المدة وأعداد الأسرى.

وبحسب ما نشره نادي الأسير عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فقد أكد أن الفورة المقصود بها ساحة السجن، والتي يخرج فيها الأسرى للتريض، حيث شكلت جزءا مركزيا من حياة المعتقلين اليومية، حسب تعبير بيان النادي.

واوضح النادي أن “معركة (انتفاضة الأسرى) التي بدأت في الـ6 من فبراير الجاري، جاءت بعد أن أعلنت الإدارة عن قرارها بتقليص مدة الفورة (الخروج إلى ساحة السّجن) والتحكم بأعداد الأسرى أثناء الخروج، حيث تشكّل (الفورة) جزءًا مركزيّا من الحياة الاعتقالية اليومية، كحيز استطاع الأسرى عبره بناء أدوات نضالية ومعرفية، وتحول هذا الحيز بفاعلية الأسرى، إلى ملتقى تُبنى فيه معارف ونضال وعلاقات اجتماعية، وتساهم في تنظيم الحياة الاعتقالية اليومية للأسرى، عدا عن الأهمية لصحة الأسير الجسدية والنفسية”.

وفي مقال لها على وكالة القدس للأنباء نُشر اليوم، قالت الكاتبة راغدة عسيران: “في سجون العدو، انتفض الأسرى مرة أخرى ضد الإرهاب الصهيوني.. قبل أسبوعين، شرعوا بخطوات نضالية مدروسة من أجل حياة كريمة، واستعادة كافة حقوقهم المشروعة والمكفولة دوليا، التي داسها السجان الصهيوني، انتقاما منهم، كفلسطينيين أولا ومناضلين ثانيا ومرفوعي الرأس ثالثا”.

وأوضحت أن المؤسسة الصهيونية شنت حربها على الكل الفلسطيني: في الشيخ جراح، وجبل المكبّر وأحياء أخرى والمسجد الأقصى في القدس، في الضفة الغربية من شمالها الى جنوبها، من السيلة الحارثية ونابلس وبيتا الى مسافر يطا وبيت لحم حيث تقتل أطفالها، وفي الجليل والنقب، حيث تواصل هدم منازل الفلسطينيين (الناصرة، اللد، قرى النقب)، وفي سجونها حيث تعتقل الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني.

واعتبرت أن وحشية المستوطنين الصهاينة، في قواتهم الأمنية المسلحة المختلفة وميليشياتهم المتنوعة، تدل على تصدّع ردع كيان العدو الاحتلالي أمام شعب مناضل ومثابر وشجاع، قرّر المواجهة الشاملة وسلك طريق التحرير.

وتشير التقارير اليومية في سجون الاحتلال أن الأسرى عازمون على مواصلة انتفاضتهم، بعد سحب إدارة مصلحة السجون معظم انجازات الأسرى منهم، التي اكتسبوها عن طريق الإضرابات عن الطعام منذ بدايات تشكيل الحركة الأسيرة.

إضافة الى سحب هذه الإنجازات التي لا تشكّل أي تهديد على “أمن” السجانين، بل تعيد بعض من الحياة الإنسانية للأسرى، مثل الفورة حيث يلتقون بين الحين والآخر، وزيارات الأهل والتواصل معهم، قرّرت هذه المؤسسة الصهيونية شنّ هجوم على الأسرى بعد إصابتها بضربة قاسية تمثلت بعملية الهروب من سجن جلبوع، في 6 سبتمبر الماضي.

من ناحية أخرى، شدّدت سلطات الاحتلال من إجراءاتها القمعية إزاء كافة الأسرى، كما وضّحت لجنة الطوارئ الوطنية التي تشكّلت مؤخرا في السجون، بالقول “في هذه الأيام تعيش السجون حالة من التصعيد والغليان لم تشهده من فترة طويلة، ونواجه هذا التصعيد بوحدة حال لم يسبق لها مثيل من قبل أيضًا”.

وقبل شروع الأسرى بخطواتهم النضالية ضد إدارة مصلحة السجون، كان الأسرى الإداريون قد أعلنوا عن بدء معركتهم ضد الاعتقال الإداري المسلط على الشعب الفلسطيني، بكباره وصغاره، ونسائه ورجاله، بمقاطعة المحاكم الصهيونية ومنع لقاء الشاباك.

وتأتي هذه الخطوة بعد معركة الأمعاء الخاوية التي خاضها أسرى إداريون لفترة زمنية طويلة، والتي تكلّلت بحريتهم بسبب إرادتهم الفولاذية، التي يستمدونها من شعبهم وتاريخه.

لكن المعركة الجماعية التي يخوضها الأسرى الإداريون، منذ حوالي شهرين، بالتزامن مع الخطوات النضالية للحركة الأسيرة بمجملها، قد تربك المحتل أكثر وتفضح أساليبه الوحشية أمام العالم، رغم التعتيم الإعلامي المتعمد من قبل الدوائر الامبريالية وملحقاتها العربية.

وقد أعلنت لجنة الطوارئ المنبثقة عن الأسرى أن “معركتنا انطلقت ولن تتوقف إلا بتراجع إدارة السجون عن إجراءاتها القمعية بحقنا، والتي تهدف للتنكيل بنا، والمحاولة عبثًا لكسر إرادتنا”.

وتعتقد إدارة مصلحة السجون أن باستطاعتها كسر إرادة الأسرى باستخدام أساليبها الوحشية أو المراوغة، لكن المعركة هي معركة إرادة أولا، لا يمكن للسلاح والإرهاب الصهيوني الانتصار فيها، كما هي أيضا معركة التحكّم على السجن وعلى حياة الأسرى.

لكن الخطوات التصعيدية التي اتخذها الأسرى في برنامجهم النضالي تدلّ على وعيهم بأهمية وحدتهم وأهمية عدم السماح للسجان بالتحكّم بحياتهم، كما يحلو له.

وطالبت لجنة الطوارئ، ولجنة الأسرى الإداريين من الشعب الفلسطيني الالتفاف حول معركتهم وانتفاضتهم وتوحيد صفوفه من أجل كسب المعركة والسير نحو الحرية.

هذا تشكّل معركة الأسرى الحالية ضد الإرهاب الصهيوني رافعة قوية للتمرّد على العدو في كافة أنحاء فلسطين، لا سيما وأن الأرض مشتعلة ضد الاحتلال في أكثر من مكان، من النقب جنوبا الى جنين شمالا.

وكانت الحركة الوطنية الأسيرة، قد أعلنت الأحد الماضي، استمرار انتفاضة السجون التي يخوضها الأسرى؛ للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية التي يمارسها الاحتلال عليهم.

وجاء ذلك في بيان صادر عن الأسرى: “نتواصل معكم من زنازين العتمة في سجون العدو الصهيوني؛ الذي سعى للتضييق علينا في أبسط حقوقنا الأساسية بالخروج إلى ساحات السجن، ومنعنا من التعرض لأشعة الشمس التي نحافظ بها على أجسادنا، وذلك عبر منعنا من الخروج لها إلا لساعة واحدة يوميًا، في محاولة للتغطية على فشلهم الذريع في منع تحرر أسرى نفق الحرية، وللتنكيل بنا إشباعًا لساديَّتهم، وإرضاءً لشارعهم الحاقد المتطرف”.

وأضاف البيان: “في ظل هذا العدوان نستمر نحن إخوانكم الأسرى وأبنائكم من كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي في انتفاضة السجون، الرافضة لهذا العدوان الغاشم على حقوقنا الأساسية لليوم السادس عشر، وذلك عبر إغلاق الأقسام في كافة السجون يوم الإثنين القادم وإضراب ليوم واحد في قلاع الأسر يوم الثلاثاء، وسنستمر في رفضنا وبكل الأدوات ومهما كلف ذلك من ثمن، حتى تتراجع إدارة السجون عن هذه الإجراءات التنكيلية الحاقدة.

وأكد البيان على أن انتفاضة السجون انطلقت ولن تتوقف إلا بوقف السجان لعدوانه أو حريتنا التامة.. داعياً أبناء الشعب الفلسطيني للمشاركة في الوقفات التضامنية أمام مقرات الصليب الأحمر.

وأعلنت إذاعة صوت الأسرى من غزة الخميس الماضي، عن إطلاق حملة تضامنية بعنوان (انتفاضة السجون)، نصرةً ودعماً للمعركة التي يخوضها الأسرى ضد إدارة السجون بعد فرضها جملةً من الاجراءات القمعية ضدهم.

بدوره أكد مدير إذاعة الأسرى رباح مرزق، أن الحملة جاءت للتأكيد على نصرة الأسرى في معركتهم، وايصال صوتهم للعالم أجمع، وتسليط الضوء على قضيتهم العادلة.. مشيراً إلى أن الإذاعة تعمل بشكل مستمر لفضح جرائم الاحتلال ضد الأسرى وابراز معاناتهم من خلال مجموعة من البرامج التي تبث على مدار الوقت

من جهته أوضح منسق الحملة عماد دلول، أن الحملة بدأت بموجة إذاعية مشتركة مع عدد من الإذاعات المحلية، تأكيداً على توحيد كل الجهود الإعلامية لدعم الأسرى.

وأضاف دلول، أنه سيتبع الموجة الإذاعية، حملة تغريد واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على هاشتاق #انتفاضة_السجون.. كما أنه سيتم استقبال رسائل صوتية ونصية من متضامنين مع قضية الأسرى، وبثها عبر برنامج على جناح الطير الذي يبث يومياً عبر الإذاعة، لرفع معنوية الأسرى وشد عزائمهم.

 وشارك في حملة التغريد كلاً من مؤسسة ميثاق، مؤسسة رواسي، قناة فلسطين اليوم، قناة القدس اليوم، إذاعة القدس، وكالة فلسطين اليوم، وكالة شمس نيوز، وكالة كنعان، الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين، الخامسة للأنباء، بال كونكت

وبات ما تشهده سجون الاحتلال هذه الأيام انتفاضة حقيقية وعملية بمنزلة تغيير لقواعد الاشتباك، فمنذ أن نجح 6 أسرى من اختراق المنظومة الأمنية بالغة التعقيد في سجن جلبوع والسجّان لا ينام ولا يهدأ له بال، يحاول كلّ ما بوسعه لردّ الصاع صاعين ولينهك الحركة الأسيرة ويعيدها للوراء كثيرا، ويستخدم في ذلك سياسة العقوبات الجماعية ليحقّق ردعا يدفع الأسرى للتفكير مليّا بكلّ خطوة يتخذونها من شأنها أن تحسّن أوضاعهم المعيشية التي باتت متردية وفي الحضيض.

وفي الفترة الأخيرة قامت سلطات القمع بعدة ممارسات إجرامية منها الضرب المباشر والعنف المفرط بالهراوات والعصي المكهربة والحديدية طالت عدة أقسام وعدة سجون منها سجن الأسيرات، وقامت بضخ الغاز في داخل الزنازين والغرف وعزل عشرات الأسرى ومنع الزيارات والحرمان من الفورة وتقليص الوقت المتاح فيها وتقليص المشتريات من “الكنتينا” ومضايقة الأهالي في الزيارات وتمريرهم بإجراءات قاسية ومهينة متنوعة ومكثّفة.

وقد اُتخذت قرارات القمع وخنق الحياة وبقايا الحياة في السجون من أعلى مستوى سياسي، وقد تبيّن من تصريحاتهم وممارساتهم أنّهم ماضون قدما للانحدار في المستوى المعيشي للأسرى إلى الحضيض وإلى المربّع الأوّل الذي بدأت به سجونهم.. وإلى نسف كل النضالات التي خاضها أسرانا وحققت لهم مجموعة من الاستحقاقات الضرورية لتحقيق حياة مقبولة وكريمة نوعا ما ولو بحدّها الأدنى.

الجدير ذكره أن الأسرى لم يسلكوا هذه المرّة الإضراب المفتوح عن الطعام لأن هذا له ظروفه ومتطلباته التي لا بدّ وأن تتحقّق قبل الشروع فيه، بل سلكوا طريقا موحّدا جمع الكلّ الوطني فيه ومضوا قدما ببرنامج يشمل كل السجون وكلّ الفصائل وهذه بحدّ ذاتها كانت إنجازا كبيرا، ثم أربكوا إدارة السجون بحلّ التنظيمات، وهذا يعني أن كل أسير يصبح تنظيما قائما بذاته وعلى السجان أن يتحمّل مواجهة هذا العبء الكبير.

 

سبأ