بقلم: ميتشل أندرسون

(صحيفة ” ذا تايي- “The Tyee الكندية – ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

ناشدت الحكومة الأوكرانية، المحاصرة من ثلاث جهات بسبب التعزيزات العسكرية الروسية، الدول الغربية تقديم مساعدات عسكرية للمساعدة في مواجهة ما قد يكون أكبر غزو بري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعد تراجع وزاري استمر ثلاثة أيام، رفض رئيس الوزراء جاستن ترودو تقديم حتى مسدسات إلى كييف، على ما يبدو خوفاً من تصعيد الوضع المضطرب.

لو كانت أوكرانيا هي المملكة العربية السعودية فقط، فإن مثل هذا التردد الأخلاقي بشأن صادرات الأسلحة قد لا يكون مشكلة كبيرة.

ففي عام 2020, بلغ إجمالي مبيعات المعدات العسكرية الكندية المصدرة إلى أوكرانيا 351964 دولاراً – حوالي نصف قيمة الشقة الرخيصة في البر الرئيسي السفلي.

في نفس العام، تمتعت السعودية- وهي دولة لديها أحد أسوأ سجلات حقوق الإنسان على هذا الكوكب ولاعب رئيسي في الحرب الأهلية البائسة في اليمن- بأكثر من 1.3 مليار دولار من صادرات الأسلحة الكندية.

وفي عام 2019, بلغت مبيعات الأسلحة الكندية لنفس النظام السعودي الذي قام بقتل جمال خاشقجي في قنصليته في اسطنبول قرابة 3 مليارات دولار.

وثق تقرير لاذع صدر في عام 2021 عن منظمة العفو الدولية بكندا ومشروع بلاوشيرز, كيف يمكن أن تنتهك كندا القانون الدولي من خلال توفير أسلحة فتاكة تُستخدم في أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

رفضت وزارة الدفاع الوطني الصور الفوتوغرافية للمركبات المدرعة الخفيفة وبنادق القنص الكندية الصنع في اليمن ووصفتها بأنها “خسائر في ساحة المعركة”  وليست دليلاً واضحاً على نشر الأسلحة الكندية في واحدة من أسوأ مناطق الحرب في العالم في انتهاك صريح لتأكيدات مكتوبة بخلاف ذلك مقدمة من السعوديين.

تكثف دعم كندا المتساهل للنظام السعودي في عام 2014 بصفقة بقيمة 14.8 مليار دولار لتوفير 928 عربة مدرعة مهيأة لنقل القوات أو لـ “هجوم ثقيل” مسلح بمدفع عيار 105 ملم أو “لدعم نيران مباشر” بسلسلة بندقية 30 ملم.

كما حرص السعوديون على أن تكون تفاصيل المبيعات مختومة بموجب اتفاقية سرية والتي أفادت أيضاً السياسيين الكنديين الذين يسعون لتجنب المسؤولية الأخلاقية لصفقة تتعارض مع القيم الكندية المعلنة.

وصف رئيس الوزراء السابق ستيفن هاربر هذه الأسلحة الفتاكة بـ “الشاحنات”, في حين وصفهم ترودو بأنهم “سيارات جيب” – وهي خدعة تم الكشف عنها في النهاية عندما حصلت وسائل الإعلام على وثائق تظهر مدى عدم الدقة في هذا الوصف بشكل غاية في الغرابة.

شملت صادرات الأسلحة الأخرى إلى السعودية  من كندا 58506 بندقية، بما في ذلك بنادق قنص من عيار كبير فعالة بشكل فتاك تصل إلى 2كيلومتر.

تقدم شركات الفضاء الكندية الدعم في مجال الصيانة والتدريب للقوات الجوية السعودية والإماراتية التي أدت حملات القصف التي قامت بها في اليمن إلى تعرض 24 مليون شخص لخطر المجاعة.

كانت كندا واحدة من أربع دول فقط حددت من قبل لجنة مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بشأن اليمن بأنها “تساعد في إدامة الصراع” من خلال مبيعات الأسلحة المستمرة.

ردت منظمة الشؤون العالمية الكندية على مثل هذه الانتقادات بموقف عبثي بأن “الصادرات الكندية من السلع والتكنولوجيا العسكرية إلى [المملكة] تساهم في السلام والأمن الإقليميين”.

وبغض النظر عن مثل هذه الأوريغامي الأخلاقية، من غير المرجح أن تنتهي المبيعات المربحة من قبل مصنعي الأسلحة الكنديين المتواجدين في العديد من دوائر التأرجح الفيدرالية في أي وقت قريب.

السعوديون لديهم صفقة أسلحة سرية مدتها 14عاماً تستفيد منها أكثر من 500 شركة كندية تمتد حتى عام 2028.

فلا يصوت أربعة ملايين لاجئ يمني – معظمهم من النساء والأطفال – في الانتخابات الكندية، ولا يمثلهم جماعات الضغط الصناعية ذات الكفاءات العالية.

فلا مفر على ما يبدو من استمرار الحسابات السياسية الساخرة.

في ضوء سجلنا البائس فيما يتعلق باليمن، فإن القول بأن كندا لا ترغب في تأجيج الوضع المتفجر في أوكرانيا هو نفاق يرتقي إلى مستوى فن الأداء.

وبدلاً من المساعدة العسكرية الفعلية، أصدر قسم الاتصالات في مكتب رئيس الوزراء تعليمات على ما يبدو للوزراء بصياغة بياناً يعلنون فيه دعمهم الثابت للشعب الأوكراني.

لقد أصبح مثل هذا التصرف الفضيلة الفارغة للأسف رمزا لحكومة ترودو في كل شيء من أزمة المناخ إلى المصالحة بين السكان الأصليين.

في بيان مكتوب، أعربت السفارة الأوكرانية في أوتاوا عن اشمئزازها من افتقار كندا إلى تدابير ملموسة للمساعدة في مواجهة هذه الأزمة.

“لدينا مئات الدبابات والمدرعات الروسية منتشرة على طول الحدود الأوكرانية وفي الأجزاء المحتلة من الأراضي الأوكرانية.

في مواجهة خطر حدوث غزو روسي آخر، نحتاج إلى الدفاع عن أرضنا.

لقد قامت المملكة المتحدة والولايات المتحدة بالفعل بشحن المعدات العسكرية وسنكون ممتنين إذا حذت كندا حذوها”.

الحرب هي بالطبع أسوأ النتائج الممكنة, ومع ذلك، لا ينبغي لمن يصرحون بهذه النظرة الجديرة بالثناء أن يفترضوا أيضاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشاركهم نفس الشعور.

غالباً ما يجد المنتقدون المحليون لنظام بوتين أنفسهم ملقون من النوافذ، أو مسمومون بغاز الأعصاب، أو يطلق النار عليهم في وضح النهار خارج الكرملين.

لقد قُتل 31 صحفياً – وما زال العدد متصاعد- في روسيا منذ أن تولى السلطة في عام 1999.

شئنا أم أبينا، تعد كندا منتجاً رئيسياً للأسلحة.

قد لا يحبذ العديد من الكنديين – بمن فيهم أنا – هذه الحقيقة لكنها الحقيقة, وفي هذه اللحظة المحورية، يجدر التساؤل عن سبب ارتباط هذا الجزء الضخم من هذه الصادرات الفتاكة إلى حد ما لصالح أحد أكثر الأنظمة دموية في العالم، بدلاً من حليف استراتيجي محاصر يقف في وجه قوى جيوسياسية تعارض بشكل أساسي مبادئ الديمقراطية.

يمكن لكندا وينبغي أن تفعل ما هو أفضل.

وكما هو الحال دائماً، سيحكم علينا التاريخ وفقاً لذلك.

*       المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع