بقلم: دونا ابو نصر

( موقع “بلومبرج – “Bloomberg الأمريكي- ترجمة: أنيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

في جزء من العالم, حيث الاستقرار والقدرة على التنبؤ بعيد المنال، أنهى عام 2021 الطريقة التي بدأ بها: بمصالحات مفاجئة بين المنافسين الإقليميين واحتمال حدوث المزيد.

في يناير 2021, دعا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان, الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، إلى حضور قمة خليجية، حيث وقعوا اتفاقاً ينهي المقاطعة مع قطر التي استمرت ثلاث سنوات والتي قادتها المملكة.

بعد عشرة أشهر، التقى وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في سوريا بالرئيس السوري بشار الأسد، الذي كان حتى وقت قريب منبوذاً في معظم العالم العربي, حيث تم تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في عام 2011 بسبب حملة القمع العنيفة التي شنها النظام على الانتفاضة الشعبية، وهو الصراع الذي تصاعد لاحقاً إلى حرب أهلية.

وأشار الاجتماع الإماراتي السوري في نوفمبر إلى احتمال تطبيع العلاقات السورية الإقليمية في قمة جامعة الدول العربية المقبلة، المقرر عقدها في الجزائر في مارس القادم.

وفي نوفمبر أيضاً، قام الحاكم الفعلي لدولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بزيارة إلى تركيا، وأطلق ودائع بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في البلد وإنهاء عقد من العلاقات المتوترة.

كما يمكن أن يحدث تحسن في العلاقات بشكل مماثل بين تركيا ومصر- اللتين قلصتا علاقاتهما قبل حوالي تسع سنوات-  في عام 2022.

كما ان هناك علامات على التقارب بين تركيا والسعودية، حيث من المقرر أن يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المملكة في فبراير، على الرغم من استمرار الاختلافات.

قد ترفع العقوبات المفروضة على إيران إذا تقدمت المحادثات النووية، على الرغم من أنها لا تزال في حالة  دائمة من الانهيار.

أجرت إيران جولات من المحادثات مع السعودية في العراق، ودُعي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى الإمارات، في زيارة يُتوقع أن تكون نقطة تحول في العلاقات بين البلدين.

ان أي تحسن للعلاقات بين إيران ذات الغالبية الشيعية ودول الخليج ذات الأغلبية السنية، بما في ذلك الإمارات والسعودية، يمكن أن يخفف من حدة الصراعات الطائفية الإقليمية.

يبدو أن هناك عاملين رئيسيين يؤثران على التغيير في المشهد: الأول, هو أن الولايات المتحدة كانت تنفصل تدريجياً عن الشرق الأوسط منذ أكثر من عقد, وقد ترك ذلك مساحة أكبر للقادة الإقليميين للتحرك والبحث عن طرق أخرى لضمان أمنهم.

ومع ذلك، مع حرية التصرف، تأتي أيضاً مخاطر أكبر: “إذا انسحب الأمريكيون أكثر، فسيكون هذا فراغاً إضافياً، وقد لا يكون هؤلاء القادة متأكدين تماماً من ملأ هذا الفراغ” كما يقول إتش أيه هيلر, الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي وزميل في جامعة كامبريدج.

العامل الثاني, هو نهاية حقبة الربيع العربي التي أدت إلى توتر العلاقات حيث انحازت الدول إلى أطراف مختلفة في النزاعات بين الحكومات والمتظاهرين.

كما قال أيهم كامل، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة أوراسيا الاستشارية للمخاطر السياسية، إن المرحلة التالية “ستنتقل من التوترات المتدنية إلى بناء الجسور، مع التركيز على المصالح المشتركة, لا يزال القادة الإقليميون يخشون حدوث موجة أخرى من الاضطرابات الشعبية، والتي أدت إلى تزايد القمع.

تشهد مصر أسوأ أزمة لحقوق الإنسان منذ عدة عقود، وفقاً لـ هيومن رايتس ووتش، وهناك مخاوف من أن تونس التي نجحت في إقامة ديمقراطية فاعلة، تتراجع إلى الاستبداد بعد أن استولى الرئيس في يوليو على سلطات إضافية وأغلق البرلمان.

تقول كارين يونغ، الزميلة البارزة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن, إن الرابحين من هذا التحول هم في الأساس دول الخليج “هناك المزيد من الإمكانات الآن لكثير من التحركات الثنائية وعقد الصفقات، لكن الكثير من النفوذ في أيدي قلة”.

بالنظر الى الخريطة التي تؤكد ذلك, لا توجد مؤشرات على نهاية الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثماني سنوات في اليمن.

وفي سوريا، خفت حدة القتال واستعادت الأسد أجزاء كبيرة من البلد، لكن خارطة الطريق للسلام لا تزال موضع تساؤل.

ولبنان يدخل عاماً آخر على حافة الهاوية، ولا يلوح في الأفق انتعاش من الانهيار الاقتصادي وانهيار عملته.

*      المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع