الإمارات تستخدم لأول مرةٍ منظومة “ثاد” ضد الحوثيين، لكن لماذا يعد هذا جرس إنذار في الشرق الأوسط؟
السياسية:
كشف سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، عن استخدام بلاده منظومة اعتراض خلال الهجوم الذين شنه الحوثيون على الإمارات الأسبوع الماضي، لكنه لم يذكر نوع النظام المستخدم.
وكانت تقارير استخباراتية قد سلطت الضوء على استخدام منظومة الدفاع “ثاد” أمريكية الصنع، في المناطق ذات الارتفاعات العالية؛ لحماية الإمارات العربية المتحدة خلال هجوم بطائرة بدون طيار وصاروخ، في الأسبوع الماضي، وكذلك الحاجة إلى دفاعات جوية في المنطقة.
وأبلغت عن استخدام المنظومة لأول مرة، صحيفة Defense News، التي أفادت بأن “نظام دفاع صاروخي بمليارات الدولارات، تملكه الإمارات العربية المتحدة وطوره الجيش الأمريكي، اعترض صاروخاً باليستياً امس الإثنين ، خلال هجوم مميت شنه مقاتلو الحوثي على أبوظبي، وهو ما يمثل أول استخدام معروف للمنظومة في عملية عسكرية”، بحسب تقرير لصحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية.
حماية المنشآت النفطية
وأشار موقع The Drive الإخباري إلى أن “المنظومة أسقطت صاروخاً باليستياً خلال أول استخدام عملي ناجح مسجل لها، على يد الإمارات العربية المتحدة. والصاروخ الباليستي الذي استهدفته، أطلقه مسلحو الحوثي، خلال هجوم الإثنين الماضي، على مواقع ومنشآت إماراتية حساسة”.
وأضافت صحيفة Defense News أنَّ المنظومة استُخدِمَت لإحباط أي تهديد للمنشآت النفطية. وقع الهجوم في 17 يناير/كانون الثاني، وأحد التفاصيل الرئيسية، التي لم تكن معروفة في ذلك الوقت، هو سبب عدم وجود مزيد من أنظمة اعتراض الطائرات بدون طيار وتهديدات الصواريخ.
وفي كلمة خلال حدث بالمعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، بعد عدة أيام من الهجمات، قال السفير عتيبة إنها تضمنت “مجموعة من صواريخ كروز وصواريخ باليستية وطائرات بدون طيار، استهدفت مواقع مدنية في الإمارات العربية المتحدة”. وأشار إلى ردع العديد من التهديدات القادمة.
وتستند تفاصيل الهجمات إلى مصادر مجهولة، لكن لم تُنفَ صحتها.
نصف ساعة من الرعب
من جانبها، أكدت القيادة المركزية الأمريكية أنَّ هناك تهديداً داخلياً، وأنَّ عناصر الخدمة الأمريكية في قاعدة الظفرة الجوية، التي تبعُد عدة كيلومترات عن موقع المنشآت النفطية المستهدفة، اضطروا إلى الاحتماء لمدة 30 دقيقة، وفقاً لما ذكرته صحيفة Defense News.
ونُقِل عن المتحدث باسم القيادة المركزية، الكابتن بيل أوربان، قوله: “صدرت تعليمات للطيارين بإبقاء ملابسهم الواقية قريبة لمدة 24 ساعة بعدها. جرى كل شيء باحترافية وانضباط. وأُعلِن زوال الخطر في الساعة الـ9:27 مساءً بالتوقيت المحلي. لم تكن هناك تبعات للمهمة”.
وليس من الواضح ما إذا كان هذا الحدث مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بالهجوم على الإمارات، الذي حدث في الليلة السابقة، على ما يبدو. في كلتا الحالتين، المهم هو أننا نعلم الآن أنَّ أنظمة الدفاع الجوي استُخدِمَت؛ وهذا يعني رصد بعض التهديدات.
الحاجة لدفاعات جوية في الشرق الأوسط
كل هذا مهم، لأنَّ الدفاعات الجوية في جميع أنحاء المنطقة تُختبَر بوتيرة متزايدة من قِبل التهديدات الإيرانية والمدعومة من إيران. وتطور إيران عدداً كبيراً من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات بدون طيار، وتواصل تحسينها. وإلى جانب ذخائرها الموجهة بدقة، تشكل هذه جميعاً تهديداً كبيراً؛ ليس فقط للإمارات والسعودية، بل أيضاً لإسرائيل والقوات الأمريكية وغيرها، كما تقول الصحيفة العبرية.
ومنذ عام 2019، ارتفعت هذه التهديدات ارتفاعاً جذرياً.
أطلقت إيران طائرات بدون طيار في المجال الجوي الإسرائيلي مرتين؛ مرة في عام 2018 ومرة أخرى في عام 2021. وقد ساعدت الحوثيين على استهداف المملكة العربية السعودية، وحتى نقلت طائرات بدون طيار متطورة إلى اليمن.
إضافة إلى ذلك، هاجمت طهران سفينة في يوليو/تموز 2021؛ مما أسفر عن مقتل شخصين. وهاجمت منشأة نفطية في بقيق السعودية عام 2019 باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ كروز. وهاجمت القواتِ الأمريكية في يناير/كانون الثاني 2020، المتمركزةَ في قاعدة الأسد بالعراق بصواريخ باليستية. ومثّل الهجوم على الإمارات أحدث هجوم معقد وشمل مجموعة متنوعة من الصواريخ والطائرات بدون طيار.
كل هذا يضيف إلى التهديدات، ويعني أنَّ دول المنطقة؛ مثل إسرائيل والإمارات، بحاجة إلى المزيج الصحيح من الرادارات والدفاعات الجوية؛ لوقف هذه الهجمات.
هناك مجموعة متنوعة من الأنظمة التي صنعتها إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى، يمكنها إيقاف تهديدات الطائرات بدون طيار والصواريخ؛ منها القبة الحديدية لإسرائيل. وتُعتبَر منظومتا “مقلاع داود” و”السهم” الدفاعيتان، وكلاهما من صنع شركات دفاع إسرائيلية وبدعم من الولايات المتحدة في تطويرهما، دفاعات رئيسية تهدف إلى وقف التهديدات المختلفة.
وبجانب “ثاد”، هناك أيضاً منظومتا “باتريوت” و”سي رام” منخفضة المدى الأمريكيتان. وتشكل هذه معاً مجموعة متنوعة من الأنظمة في المنطقة يمكنها التصدي للتهديدات. وتصنع الدول الأوروبية بدورها أنظمة دفاع جوي.
وبالنظر إليها مجتمعة، فإنَّ التقارير عن استخدام المعترِضات لوقف بعض التهديدات ضد الإمارات أخبار جيدة، لأنها تُظهِر أنَّ بعضها كُشِف وحُيِّد. ومع ذلك، تمثل هذه أيضاً أنباء إشكالية، لأنَّ التهديد الحوثي كان معروفاً، وصدر التهديد بالتصعيد قبل أيام من الهجوم.
ولا تزال القاعدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة مهددتين، وإفلات بعض المقذوفات من النظم الدفاعية يعني أنَّ المنطقة يجب أن تتعلم درساً من الهجوم، كما تقول الصحيفة العبرية.
وأعلن الحوثيون استهداف مواقع إماراتية صباح الإثنين 24 يناير/كانون الثاني، في هجوم هو الثاني من نوعه خلال أسبوع. وكان هجوم الأسبوع الماضي شمل طائرات مسيّرة وصواريخ باليستية وصواريخ كروز، ويبدو أن الهجوم الثاني أصغر نطاقاً، لكنه مع ذلك يشير إلى أن الحوثيين يعتقدون أن لديهم الحق في توسيع نطاق الحرب إلى الإمارات، والقدرة على ذلك.
ورغم عدم سقوط ضحايا في هذا الهجوم، فإنه يعد مؤشراً خطيراً وسيكون له عديد من الانعكاسات الاقتصادية والسياسية على الإمارات بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.
فمن الناحية الاقتصادية سوف تتأثر إمارة دبي- العاصمة الاقتصادية للإمارات- بشكل كبير؛ لكونها مركزاً رئيسياً للتجارة والسياحة الدولية، كما يسكنها عدد كبير من الوافدين من جميع أنحاء العالم. وقد عمد الحوثيون إلى إبراز قدرتهم على وقف الحركة الجوية وتعطيل الحياة الطبيعية في البلاد.
أما من الناحية السياسية فإن استمرار القصف الحوثي للإمارات يوحي بأن الميليشيات اليمنية المدعومة من إيران، لم تكن تهزأ عندما هددت بشن مزيد من الضربات ضد الإمارات على غرار السعودية، كما أن استمرار الدعم الإماراتي لبعض الفصائل المسلحة في اليمن يشير إلى أن أبوظبي مستمرة فيما تقوم به في جنوب اليمن، وأن رسالة الحوثيين لم تُثنهم عن الاستمرار في سياستهم؛ بل بالعكس، هذا التصعيد سيجعل أبوظبي أكثر انخراطاً في الصراع اليمني.
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولاتعبر عن راي الموقع