السياسية:

أثار الهجوم الذي شنه الحوثيون على الإمارات العربية المتحدة موجة من التساؤلات حول تأثير ذلك على سمعة هذه الدولة التي تقدم نفسها على أنها “واحة أمان” داخل شرق أوسط تعصف به النزاعات والفقر. كما يتساءل المراقبون إذا كانت الإمارات ستعيد تعزيز وجودها العسكري في اليمن بعد أن كانت قد أعلنت عن تقليصه في العام 2019.

يشرع الهجوم الذي شنه الحوثيون على أبو ظبي، أبواب فصل جديد في الحرب في اليمن مع استهداف الحوثيين الدولة الخليجية الثرية المعروفة كـ”ملاذ آمن” في المنطقة.

وكان الحوثيين قد هددوا مرارا بضرب الإمارات، لكن هذا هو أول هجوم مؤكد لهم يستهدف أراضيها. وتم بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة، وفق ما أعلن الحوثيون، وطال صهاريج نفط في منطقة صناعية قرب “أدنوك”، شركة أبو ظبي النفطية، وتسبب بمقتل ثلاثة أشخاص وبحريق قرب المطار، وفق السلطات الإماراتية.

وتوضح مديرة “منتدى الخليج الدولي” للأبحاث دانية ظافر: “يبدو أن الحوثيين يعرفون أن سمعة الإمارات في صميم أهدافها الاستراتيجية” موضحة أن المتمردين “يأملون في تحقيق ضربة موجعة مع تكلفة متدنية لهم”. وترى ظافر أنه في حال تكررت هذه الهجمات، فإن “سمعة واحة الأمن في الشرق الأوسط” يمكن أن “تتضرر”.

لكن الباحثة المتخصصة في شؤون الخليج إيمان الحسين تستبعد أن تؤثر هذه الهجمات “بشكل كبير على سمعة الإمارات”، وتقول  إن الدولة الخليجية “بنت علامة قوية وصورة بإمكانها تحمل الهجمات الأخيرة”.

تجدر الإشارة إلى أن عدد سكان الإمارات يبلغ عشرة ملايين، تسعون بالمائة منهم من الأجانب من مائتي جنسية مختلفة. وفرضت الإمارات نفسها مركزا ماليا وللأعمال، بفنادقها الفخمة وأبنيتها الحديثة وأبحاثها في مجال التكنولوجيا وسعيها إلى اقتصاد يقوم على تنويع مصادر الطاقة، وطموحاتها الفضائية.

وتقدم الإمارات نفسها كواحة “أمن وأمان” للأعمال والترفيه وجسر إلى العالم، داخل شرق أوسط تعصف به النزاعات والفقر. كما تسعى إلى تقوية نفوذها الدبلوماسي في المنطقة. وتعد الدولة الخليجية وجهة مفضلة لكثيرين وخصوصا الشباب العرب الباحثين عن فرص عمل.

وقد استثمرت بشكل كبير في النهوض وتطوير اقتصادها. ومن أكبر نجاحاتها إمارة دبي التي أصبحت محطة استقطاب مالية وسياحية وإعلامية مهمة في غضون عقود قليلة، ومركزا لمقرات شركات كبرى يزورها ملايين الأشخاص سنويا. لكن الإمارات تشارك في الوقت نفسه في تحالف عسكري تقوده السعودية في اليمن منذ العام 2015 دعما للحكومة اليمنية في مواجهة الحوثيين .

وأشارت الإمارات في 2019 إلى أنها ستخفض قواتها في مناطق عدة في اليمن ضمن خطة “إعادة انتشار” لأسباب “استراتيجية وتكتيكية”.

من جانبه، يرى كبير المحللين اليمنيين في شركة الأبحاث “نافانتي غروب” الأمريكية محمد الباشا أنه “على الرغم من أن أبو ظبي قامت بسحب معداتها العسكرية من اليمن، إلا أن أنصار الله (الحوثيين) يربطون العمليات العسكرية لألوية العمالقة في شبوة بالإمارات التي لعبت دورا رئيسيا في تشكيل وتدريب وتسليح هذه القوات”.

وتعهدت الإمارات بالرد على الاعتداء. وقصف التحالف العسكري الذي تشارك به العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون بعنف كرد على الهجوم. في الوقت نفسه، دعت الإمارات إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن من أجل إدانة “الهجمات الإرهابية”.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أدرجت الحوثيين على قائمة المجموعات “الارهابية” في كانون الثاني/يناير 2021. ثم قامت إدارة جو بايدن بإلغاء ذلك.

إلى ذلك، تشير الباحثة في جامعة أوكسفورد إليزابيث كندال إلى أن الهجوم يشكل “تصعيدا كبيرا”، لكن الإمارات “استثمرت بكثافة في اليمن خصوصا في البنى التحتية السياسية والعسكرية في الجنوب”، وبالتالي “يستبعد أن تنحرف عن سياستها الطويلة المدى، على سبيل المثال عبر زيادة وجود قواتها في اليمن مرة أخرى على أساس الاستفزاز”.

 * المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقعي فرانس24/أ ف ب ولاتعبر عن راي الموقع