بقلم: باتريس برافو

(موقع “اجورا فوكس- agoravox” الفرنسي- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

“أخطاء الخدمة السرية الأمريكية تقتل آلاف المدنيين” نشرت هذه المعلومات في الأصل في صحيفة “نيويورك تايمز- le New York” الأمريكية, وبعد أن تناولتها صحيفة “ديل ميل- “le Daily Mail البريطانية, ومن جانبها, تابعت الصحيفة الفرنسية “أوبزرفاتور كونتيننتال- Observateur Continental” المعلومات من وسائل الإعلام باللغة الإنجليزية, حيث تفيد الصحيفتان أن أخطاء الاستخبارات الأميركية في شن غارات جوية أميركية في الشرق الأوسط أدت إلى مقتل الآلاف من المدنيين، بما في ذلك الأطفال، في “نموذج الشطرنج”، كما تكشف وثائق حديثة لوزارة الدفاع الأميركية.

أشارت صحيفة نيويورك تايمز, إلى أن لغم من الوثائق السرية يغطي أكثر من 1300 تقرير عن إصابات المدنيين, حيث يفصله “نموذج الشطرنج”.

ومن جانبه, قلل المسؤولون الحكوميون في الولايات المتحدة من تقدير عدد المدنيين الذين قتلوا “الحرب بقنبلة دقيقة هي فخ”.

سبق وأن زار صحفيون من نيويورك تايمز أكثر من 100 موقعاً للضحايا وأجروا مقابلات مع شهود أثناء تقديمهم لطلباتهم بموجب قانون حرية المعلومات.

كما رفعوا دعاوى قضائية ضد وزارة الدفاع والقيادة المركزية للولايات المتحدة (CENTCOM).

وفي المجمل، وجدوا أن المسؤولين العسكريين استخدموا “معلومات استخباراتية خاطئة للغاية” لاستهداف الإرهابيين المحتملين أثناء الغارات الجوية.

كما يشير التقرير إلى أن الصور الجوية التي استخدمتها الطائرات بدون طيار, لا تظهر الناس في المباني، أو تحت الأشجار، أو تحت الأسقف المصنوعة من الألمنيوم.

ويبين أيضا أن البيانات المتاحة يمكن تفسيرها تفسيرا خاطئا, وعلى هذا فبالنسبة للجيش الأمريكي، من المفترض أن يكون الناس الذين يسرعون إلى مواقع قصف جديدة من المتشددين وليس المنقذين المحتملين.

حصلت صحيفة نيويورك تايمز على الوثائق من وزارة الدفاع من خلال الوصول إلى طلبات المعلومات في مارس من العام 2017 والدعاوى القضائية ضد وزارة الدفاع والقيادة المركزية للولايات المتحدة.

تسلط صحيفة نيويورك تايمز الضوء على ثلاث حالات:

– الساعة الثالثة من فجر يوم 19 يوليو 2016,  قصفت قوات العمليات الخاصة الأمريكية ما كانت تعتقد أنها ثلاث مناطق عبور لتجمعات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أو ما يعرف بتنظيم داعش في ضواحي قرية توخار الواقعة شمال مدينة منبح على ضفة النهر في شمال سوريا, وأفادوا بمقتل 85 مقاتل.

بيد أن  تلك العملية استهدفت في الواقع، منازل للقرويين, بعيدا عن الخط الأمامي، حيث كانوا وأسرهم وسكان محليون آخرون يبحثون عن مأوى ليلي ينجيهم من القصف, حيث حصدت تلك الغارات أرواح أكثر من 120 قرويا.

–  في أوائل العام 2017 في العراق، قصفت طائرة حربية أمريكية سيارة سوداء اللون قيل إنها كانت سيارة مفخخة, حيث توقفت عند تقاطع في حي وادي حجة غرب مدينة الموصل.

السيارة في الحقيقة, لم تكن تحتوي على متفجرات, بل كانت تقل رجل يدعى ماجد محمود أحمد وزوجته وطفليهما, حيث كانوا في طريقهم بعد أن هربوا من القتال, ونتج عن تلك العملية قتل الأسرة بأكملها وثلاثة مدنيين آخرين.

– في نوفمبر 2015, بعد مراقبة رجل يجر “جسم ثقيل غير معروف” إلى “موقع القتال الدفاعي”، قصفت القوات الأمريكية مبنى في الرمادي بالعراق.

وكشف الفحص العسكري أن الكائن هو في الواقع “شخص صغير” – طفل – توفي في تفجير.

تفيد صحيفة نيويورك تايمز بأن هذه الأخطاء المتصلة بجرائم الحرب لم تؤد إلى استنتاج وقوع أخطاء.

وأن هذه الحالات مأخوذة من أرشيف سري للوزارة الدفاع الأمريكية عن الحرب الجوية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2014.

في حين أشارت الصحيفة إلى أن الوعود بالشفافية والمساءلة باءت بالفشل باستمرار “ليس هناك سجل واحد مقدم يتضمن استنتاج ارتكاب خطأ أو اتخاذ إجراء تأديبي”.

وفي الآونة الأخيرة، اضطرت الولايات المتحدة إلى التراجع عن ادعاءها بأنها عملت على تدمير مركبة بواسطة غارة جوية نفذتها طائرة بدون طيار في أحد شوارع العاصمة كابول في أغسطس كانت تحتوي على قنابل, وتبين أن ضحايا التفجير كانوا 10 أفراد من أسرة واحدة، بمن فيهم أطفال.

وطبقاً للتقرير فإن العديد من المدنيين الذين نجوا من الهجمات التي نفذتها الولايات المتحدة أصبحوا يعانون من إعاقات تتطلب علاجاً مكلفاً، بيد أن التعويضات لم تفي بالغرض.

قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية القائد بيل أوردن، لصحيفة نيويورك تايمز إنه “حتى مع توفر أفضل التكنولوجيا في العالم، تحدث أخطاء، سواء استندت إلى معلومات غير كاملة أو إلى تفسير خاطئ للمعلومات المتاحة, ونحن نحاول أن نتعلم من تلك الأخطاء, أننا نعمل جاهدين لتجنب مثل هذا الضرر, والتحقيق في كل هيئة موثوق بها, كما نأسف على كل خسارة بريئة في الأرواح”.

ووصف التقليل إلى أدنى حد من خطر إلحاق الضرر بالمدنيين بأنه “ضرورة استراتيجية وكذلك ضرورة قانونية وأخلاقية, لأن هؤلاء الضحايا يستخدمون لتأجيج الكراهية الأيديولوجية التي تبناها أعدائنا في الصراعات التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر من العام 2001 ولتنشيط تجنيد الجيل القادم من المتطرفين العنيفين”.

إن الحملة الجوية تمثل تحولاً جوهرياً في الحرب التي اندلعت في الأعوام الأخيرة من فترة حكم أوباما وسط انعدام الشعبية المتزايد للحروب الأبدية التي أودت بحياة أكثر من ستة آلاف جندي أمريكي.

استبدلت الولايات المتحدة وجودها على الأرض مقابل ترسانة من الطائرات يقودها طيارون يجلسون أمام أجهزة الكمبيوتر وكثيرا ما يبعدون آلاف الأميال عن الهدف المحدد.

أطلق الرئيس باراك أوباما على هذه العمليات “الحملة الجوية الأكثر دقة في التاريخ”، حيث أصبح بمقدورهم التقليل من وفيات في صفوف المدنيين, حيث وقد سمحت التكنولوجيا الجديدة بتدمير جزء من منزل مليء بالمقاتلين الأعداء في حين ترك بقية الهيكل قائما.

ووفقاً للتقرير, نفذت القوات الأمريكية على مدى خمس سنوات، أكثر من 50 ألف غارة جوية على أفغانستان والعراق وسوريا، ، بدقة أقل بكثير كما ورد.

قبل تسيير الغارات الجوية، يجب على الجيش أن يبحر في بروتوكولات مفصلة لتقدير الوفيات بين المدنيين والحد منها, بيد أنه يوجد العديد من الطرق التي يمكن أن تضلل المعلومات المتاحة بها أو تفشل أو تؤدي في بعض الأحيان إلى أخطاء كارثية.

على سبيل المثال، رجال على دراجات نارية تتحرك “في التشكيل” أظهرت “التوقيع” لهجوم وشيك للجيش الأمريكي, لكنهم كانوا مجرد رجال عاديين على متن دراجات نارية.

أشار القائد بيل أوربان إلى أن مخططي الحرب الجوية يبذلون قصارى جهدهم في ظروف بالغة الصعوبة “في كثير من حالات القتال، تواجه الأهداف تيارات تهديد موثوق بها، لا يفعلون ذلك, لأنها لا تتمتع بترف الوقت لأن ” ضباب” الحرب يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات تؤدي بشكل مأساوي إلى إلحاق أضرار بالمدنيين.

تعمل وزارة الدفاع الأمريكية بانتظام على نشر ملخصات أولية للحوادث التي يسقط فيها ضحايا مدنيين، وأمرت مؤخرا بإجراء تحقيق جديد رفيع المستوى في الغارة الجوية في سوريا في العام 2019.

ولكن في الحالات النادرة التي يتم فيها الاعتراف علنا بالإخفاقات، عادة ما توصف بأنها مؤسفة ولا مفر منها ونادرة.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع