بقلم: أحمد عبد الكريم

( موقع “مينتبرس نيوز” الأمريكي-  ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”

بالحاف، شبوة، اليمن – قال الشبواني، وهو من سكان مدينة عتق بمحافظة شبوة، والذي طلب استخدام لقبه فقط، لـمينتبرس نيوز, إنه احتُجز منذ شهور وتعرض للتعذيب في سجن سري داخل بلحاف.

منذ عام 2016، عندما دخلت الإمارات لأول مرة مناطق النفط والغاز اليمنية الأكثر إنتاجية في شبوة،جعلت أبوظبي بلحاف كإقطاعيتها الشخصية وحولت منشأة الغاز السابقة إلى معسكر عسكري وسجن سري.

قال الشبواني: “يجب أن تكون بلحاف شريان حياة بالنسبة لنا في هذا الوقت الصعب، وليس معسكراً عسكرياً وسجناً سرياً”, حان الوقت لطرد القوات الإماراتية ومرتزقتها.

تقع محافظة شبوة على الساحل الجنوبي لليمن، ومن بين جميع محافظات البلد، كانت بمثابة منارة للأمل لجميع اليمنيين لحياة أفضل، نظراً لثروتها من الغاز الطبيعي وموقعها الجغرافي.

واليوم، تمثل مرافق الغاز والنفط الرئيسية في المحافظة سرقة مستقبل شعب بأكمله, ومن الأمثلة على ذلك بلحاف، وهي مدينة ساحلية يمنية صناعية وأكبر مشروع استثماري في البلد، بفضل تصديرها للغاز الطبيعي المسال.

على مدى ست سنوات، لم تمنع الإمارات اليمنيين من تصدير الغاز الطبيعي الخاص بهم من بلحاف فحسب، بل سرحت قسراً مئات الموظفين وحولت المجمع الصناعي المترامي الأطراف إلى معسكر عسكري خاص وسجن سري.

اشتكى محمد بن عديو، محافظ شبوة المعين من قبل الحكومة المدعومة من السعودية، أن “الإمارات حولت بلحاف من منشأة صناعية إلى معسكر عسكري”، مضيفاً أن أبو ظبي منعت اليمنيين من استخدام شريان الحياة الاقتصادي الحيوي.

شهدت المحافظة في الأسابيع الأخيرة احتجاجات نظمها سكان ونشطاء وموظفون سابقون بالمنشأة تطالب الإمارات بمغادرة بلحاف, حيث يجب إعادة فتح بلحاف واستئناف تصدير الغاز.

قال أحد المتظاهرين: “في هذه الحالة، سيستفيد اليمن كله”.

ومع ذلك، فإن سلطات الأمر الواقع في المدينة منقسمة بين المعارضين والمؤيدين لدولة الإمارات، والتزم قادة الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية الصمت حيال هذه القضية.

كانت بلحاف، التي تقع في الطرف الشرقي لمحافظة شبوة في منطقة بروم الساحلية، ذات يوم شريان الحياة الاقتصادي للبلد, كما أنها موطن لمحطة الغاز الطبيعي المسال اليمنية، والتي استخدمت الغاز من مجمع مأرب 18 كمواد وسيطة لمنشأة التسييل 6.7 مليون طن / السنة.

في البداية، تم بناء بلحاف لتصدير النفط الشبواني من الرواسب الصغيرة المكتشفة في منطقة الجردان الشمالية بلوك 4 في عام 1987.

ثم تم تطوير الميناء في أعقاب اكتشاف احتياطيات الغاز الرئيسية في مأرب بلوك 18 لاستقبال الغاز عبر خطوط الأنابيب.

غادرت الشحنة الأولى من الغاز الطبيعي المسال ميناء بلحاف في نوفمبر 2009, واليوم، يتم تشغيل مرافق بلحاف من قبل مجموعة من الشركات بقيادة شركة توتال إنرجي الفرنسية متعددة الجنسيات.

قبل الحرب، تجاوزت الإيرادات السنوية لبلحاف 4 مليارات دولار؛ تم استثمار العائدات المالية في البنية التحتية لليمن.

والآن، يتوق اليمنيون إلى طرد الإمارات، ويرون أن الميناء يقوم مرة أخرى بتصدير الغاز للمساعدة في إنعاش الاقتصاد، أو على الأقل كوسيلة للحفاظ على قيمة الريال اليمني من الانهيار.

انخفضت العملة اليمنية إلى أدنى مستوياتها التاريخية في الأيام الأخيرة، ولا تزال الأزمة الإنسانية في البلد هي الأسوأ في العالم, حيث يقدر بنحو 80 ٪ من السكان – 24 مليون شخص – يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية أو الوقائية، بما في ذلك 14.3 مليون شخص في حاجة ماسة، وفقاً للأمم المتحدة.

الإمارات تحفر الانقسام:

ولعل الشعور بضغط الدعوات المتزايدة لمغادرة بلحاف، عززت الإمارات تواجدها في المنشأة خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث أقامت نقاط تفتيش إضافية، على الرغم من المعارضة المحلية، في خطوة تؤكد أن الإمارات الغنية ليس لديها نية لإعادة المنشأة إلى اليمنيون.

حشدت الإمارات، الأحد، أكثر من ألف عنصر من قوات النخبة الشبوانية الجنوبية في منشآت نفطية في بلحاف.

وأفاد شهود عيان أن قوات المسلحين المدعومين من الإمارات أقامت العديد من نقاط التفتيش على طول الطرق المؤدية إلى المدينة.

بالإضافة إلى قمع معارضيها بالقوة وشراء الآخرين، أطلقت الإمارات حملة لشيطنة السكان المحليين المعارضين لوجودها، بدعوى أن المتظاهرين ينتمون إلى الحوثيين وأن المسؤولين الحكوميين المعارضين للوجود الإماراتي في المنطقة هم امتداد حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين.

لقد ذهبت الإمارات إلى حد تأجيج التوترات الإقليمية المستمرة منذ عقود من خلال الادعاء بأن القبائل اليمنية الشمالية تحاول الإطاحة بالإمارات من أجل احتلال الجنوب.

يخشى بعض السكان من أن السياسات الإماراتية لن تؤدي فقط إلى تمزيق النسيج الاجتماعي للمنطقة، بل قد تؤدي في النهاية إلى اشتباكات عنيفة.

أصبحت قضية بلحاف بالفعل نقطة اشتعال في التوترات بين المسلحين الموالين للسعودية في المنطقة والإمارات.

ويبدو أن كلا الجانبين على استعداد للمخاطرة بمزيد من العنف من أجل تأمين الوصول إلى مكافآت بلحاف.

المخاوف المحلية يبررها الواقع السائد, حيث يُعتقد أن ما يصل إلى 65٪ من النفط والغاز اليمني المنتج منذ عام 2015، عندما بدأت الحرب، قد تعرض للنهب من قبل الإمارات والسعودية بمساعدة شركات النفط العالمية، بما في ذلك تلك التي يتم تكريرها ونقلها عبر ميناء بلحاف.

تواطؤ فرنسا

ومما زاد من غضب السكان المحليين، تحول بلحاف إلى سجن سري من قبل الإمارات. هناك، يُحتجز العشرات من أقاربهم بمعزل عن العالم الخارجي ويتعرضون للتعذيب، وبعضهم يُقتل أو يختفي إلى الأبد، بحسب عائلاتهم ومعتقلين سابقين، فضلاً عن الأمم المتحدة.

تشير شهادات الشهود إلى أن الموقع لا يزال يستخدم لاحتجاز وتعذيب السجناء، حسبما أفادت المصادر لموقع مينتبرس.

اتهم المسؤولون في بلحاف الذين تحدثوا إلى موقع مينتبرس, السلطات الفرنسية بالمشاركة في جهود الإمارات، قائلين إن أبو ظبي لن تجرؤ على احتلال منشأة تمتلك فيها شركة فرنسية كبرى متعددة الجنسيات حصة كبيرة وتحويلها إلى سجن سري دون موافقة باريس.

يدعي آخرون أن المنشأة تُستخدم لتهريب الغاز المسروق إلى أوروبا، بمشاركة فرنسية من خلال شركة توتال.

قال محللون سياسيون يمنيون لـمينتبرس إن الإمارات حصلت على ضمانات من فرنسا بأن مصالحها في اليمن ستتم حمايتها، بما في ذلك تجاهل قضية بلحاف، خلال مفاوضات صفقة أسلحة بمليارات الدولارات وقعها الجانبان في 3 ديسمبر من العام الماضي .

*     المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع