السياسية – رصد ك

بينما يتابع العالم ما يحدث في كازاخستان، فإن ما يجري في هذا البلد الآسيوي ذي الأغلبية المسلمة يمثل أهمية خاصة لدولتين عظميين هما روسيا والصين، كما يلقى اهتماماً كبيراً من قبل تركيا والولايات المتحدة، فما سر أهمية هذا البلد الذي أعطته الجغرافيا هبات عظيمة ولكنها هبات كانت لعنة عليه وجعلت تاريخ كازاخستان شديد المأساوية، لدرجة كاد هذا الشعب معها يندثر.

والكازاخ واحد من الشعوب التركية التي تسكن آسيا الوسطى، ويعتقد أنهم أيضاً، لديهم مكون مغولي واضح تشكَّل عبر الامتزاج بين المغول والشعوب التركية التي توحدت تحت راية الإمبراطورية المغولية الشهيرة التي كان قادتها من المغول بينما أغلب جنودها وثقافتها ولغتها تركية (أو تترية حيث إن التتار أو التتر شعب تركي كان جزءاً مُهماً من الجيوش المغولية، علماً بأن الشعبين متقاربان في العادات والتقاليد رغم اختلاف أصلهما ولغاتهما).

تاريخ كازاخستان الذي كُتب بقلم جغرافي غاضب

لعنة الجغرافيا عاقبت كازاخستان بأن جعلتها أكبر دولة حبيسة في العالم باعتبار أن بحر قزوين الذي تطل عليه لا يعد بحراً مفتوحاً، وبمناخ شديد القسوة يجعل العاصمة المستحدثة أستانا ثاني أشد عواصم الأرض برودة بعد العاصمة المنغولية أولان باتور، وجعلتها حتى أشد برودة حتى من موسكو نفسها.

المناخ القاسي للبلاد جعل الكازاخيين يعيشون برودة قارسة في الشتاء يصعب معها الحياة وتوفير الغذاء، ولكنها جعلتهم أيضاً شعباً صلباً، محارباً يوصف بأنه أبناء عمومة المغول وأحفاد غير مباشرين لجنكيز خان.

السوفييت أبادوا الكازاخ بقتل مصدر طعامهم ثم وطّنوا الروس والأوكرانيين بدلاً منهم

وواصلت الجغرافيا معاقبتها لكازاخستان، فجعلتها أول بلد بآسيا الوسطى يقع في يد روسيا القيصرية.

ولكنها لم تكن كأي بلد آخر احتلته موسكو، فالسهوب البكر الواسعة التي منحتها إياها الجغرافيا، جعلت كازاخستان ليست هدفاً فقط لغزو قياصرة موسكو وسان بطرسبرغ، بل مطمعاً للاستيطان الروسي.

واستلزم هذا الاستيطان عمليات ترحيل وإبادة جماعية وصلت لذروتها في العهد السوفييتي، حيث تعرَّض الكازاخ لأشد محاولات القضاء عليهم كشعب قسوةً عبر مذابح متعددة نُفذت في عهد ستالين تحديداً، وصلت إلى حد إبادة قطعان الماشية التي يعتمد عليها الكازاخ الذين هم شعب رعوي بالأساس، بدعوى إجبارهم على التحضر واتخاذ الزراعة حرفة.

والنتيجة وقعت المجاعة الكازاخستانية عام 1931-1933، والتي تعد أحد الفصول المروعة للتجربة الشيوعية السوفييتية، حيث أدت إلى وفاة 1.5 مليون شخص (تشير بعض المصادر إلى وفاة ما يصل إلى 2.0-2.3 مليون شخص).

وبعد ذلك كانت كازاخستان هدفاً للاستيطان الروسي والأوكراني الذي نفذه الاتحاد السوفييتي، للاستيلاء على أراضي هذا البلد الخصبة، كما كانت كازاخستان، منذ عهد القياصرة، منفي للشعوب المضطهدة والسياسيين الذين نُقلوا إلى هناك، حيث كان يوجد في البلاد بعض أكبر معسكرات العمل السوفييتية الوحشية المعروفة باسم (جولاج).

كما تعزز الوجود الروسي في كازاخستان، من جرّاء حملة زراعة الأرض البكر أو الأرض العذراء التي أطلقها الزعيم السوفييتي نيكيتا خروشوف في شمال البلاد في خمسينيات القرن العشرين، إضافة إلى بناء جزء من البرنامج الفضائي السوفييتي في كازاخستان.

وأصبح الكازاخ أقلية في بلادهم

والنتيجة أن كازاخستان كانت الجمهورية السوفييتية الوحيدة التي كان سكانها الأصليون عند انهيار الاتحاد السوفييتي لا يشكلون الأغلبية؛ بل كانت البلاد خليطاً من الأجناس، في مقدمتهم الروس الذين كانوا يشكلون في عام 1989 نحو 37.8% من السكان.

بينما كان الكازاخستانيون يحتلون الأغلبية في 7 مناطق فقط من أصل 20 منطقة في البلاد.

وقبل عام 1991 كان هناك نحو مليون ألماني في كازاخستان، معظمهم من أحفاد ألمان منطقة الفولغا الذين تم ترحيلهم إلى كازاخستان خلال الحرب العالمية الثانية؛ خوفاً من تعاطفهم مع الجيش الألماني الذي كان يغزو روسيا آنذاك.

تغير الميزان الديموغرافي نسبياً بعد استقلال البلاد، مع زيادة عدد السكان الكازاخ، وهجرة كثير من الروس والأوكرانيين وغيرهم لبلادهم الأصلية، ولكن البلاد مازالت تتمتع بتنوع إثني كبير، وسعى نظام الرئيس السابق نور سلطان نزار باييف لتأكيد التعايش مع القوميات مع الحفاظ على دور الكازاخ القيادي، وظهر ذلك في تأسيسه العاصمة أستانا في شمال البلاد، والتي يعتقد أن أحد أسباب اختيار موقعها الشمالي رغم قسوة مناخ البلاد هو رغبته في زيادة الوزن النسبي للكازاخ بهذه المنطقة ذات الأغلبية الروسية والمتاخمة لروسيا.

اعتباراً من عام 2018، أصبح الكازاخ يشكلون 67.5% من السكان والعرق الروسي في كازاخستان 19.8%. أما أبرز المجموعات الأخرى فهم التتار (1.3%)، والأوكرانيون (2.1%)، والأوزبك (2.8%)، والبيلاروسيين والإيغور (1.4%).

ولكن الجغرافيا تبتسم لكازاخستان أخيراً

ولكن بعد لعنات الجغرافيا والتاريخ المتوالية، قدمت الجغرافيا أعظم هباتها لهذا البلد الذي يمكن وصفه بسقف العالم الإسلامي، فيما لم يقل التاريخ كلمته النهائية بعد.

فكازاخستان هي الدولة الأكثر أهمية في آسيا الوسطى اقتصادياً وسياسياً،  وسكانها الذين يزيدون قليلاً على 19 مليون نسمة يمثلون نحو ربع سكان مجمل جمهوريات آسيا الوسطى، ورغم أن أوزبكستان أكبر سكاناً منها بعدد سكان يبلغ نحو 35 مليوناً، فإن الجغرافيا جعلت كازاخستان تتفوق على أوزبكستان وكل دول آسيا الوسطى في كل شيء ما عدا تعداد السكان.

إذ يمثل الناتج المحلي لكازاخستان نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة، ويأتي بشكل أساسي من خلال صناعة النفط والغاز. كما أن لديها موارد معدنية هائلة.

ومع عدد السكان القليل نسبياً، فإن مساحة البلاد البالغة نحو 2.7 مليون كلم والتي تعادل أكثر من مساحة تركيا ثلاث مرات، تجعل كازاخستان لديها واحد من أدنى معدلات الكثافة السكانية في العالم، بمعدل يزيد قليلاً على سبعة أفراد للكيلومتر المربع.

ولكن عكس العديد من الدول العربية، فإن هذه المساحة ليست صحراوات قاحلة، بل إنها تضم مساحة كبيرة مما يعرف باسم “السهوب الكازاخية” وهي سهول تسقط عليها ثلوج وأمطار تسمح بنمو المراعي الواسعة التي يمكن أن تتحول إلى أراضٍ زراعية مثالية لزراعة العديد من المحاصيل، خاصةً القمح، وهو الأمر الذي جعل البلاد لديها واحد من أعلى معدلات مساحة الأراضي الصالحة للزراعة بالنسبة لعدد السكان.

أتاحت هذه الموارد إضافة إلى الاستقرار الذي حققه نظام الرئيس السابق نور سلطان نزار باييف، الفرصة لتحقيق نمو اقتصادي كبير للبلاد منذ استقلالها عن الاتحاد السوفييتي، وهو النمو الذي قد يكون سبباً في الأزمة الحالية.

نمو كبير بعد الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي وتحالف وثيق مع روسيا

وركز نظام نزارباييف على عقد تحالف وثيق مع روسيا ولم يتمرد على موسكو كلياً مثل أوكرانيا وجورجيا أو جزئياً مثلما فعلت أذربيجان.

وظلت كازاخستان منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي وفيَّة لموسكو التي اعتبرتها بدورها نموذجاً ناجحاً لإدارة النفوذ الروسي في جمهوريات آسيا الوسطى ومجمل دول الاتحاد السوفييتي السابق، فأبقت كازاخستان محطات إطلاق الصواريخ الروسية على أراضيها، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحافظت على العلاقة بين مواطنيها الروس المحتلين السابقين والسكان الكازاخ الأصليين.

وفي توازن دقيق، نسجت كازاخستان علاقة وثيقة مع الصين وتركيا وحتى الغرب، المعنيّ بثرواتها النفطية وصفقاتها المربحة، ولكنها توازنات ظلت لموسكو فيها اليد العليا.

مليارات الدولارات تتدفق وعاصمة جديدة تُشيّد

ومنذ عام 2005، تدفقت استثماراتٌ أجنبية مباشرة، قدرها عشرات المليارات من الدولارات، إلى شرايين الاقتصاد الكازاخي. وجاء الجانب الأكبر من هذه الأموال مما يُعرف بـ”الصناعات الاستخراجية”.

وسهلت هذه الأموال والأوضاع المستقرة على الرئيس السابق نزارباييف، فرض نظام أمني صارم، وأغرته كذلك بالتوسع في المشروعات العملاقة، على رأسها عاصمة جديدة سميت باسمه نور سلطان أو أستانا أحياناً.

وسرعان ما  دخلت مدينة أستانا، عاصمة كازاخستان الجديدة، إلى دائرة الضوء والاهتمام عالمياً، بفضل استضافتها العديد من الفعاليات، مثل معرض “إكسبو” الدولي الشهير، واحتضانها موقعاً يضم شاطئاً كبيراً يقع بين أربعة جدران، ومؤسسات تجارية ناجحة.

كانت المدينة نموذجاً ملهماً لمؤيدي الاستبداد تبدو كمعجزة تحققت بفضل مصادفة اجتماع أموال النفط، مع الديكتاتورية القوية.

بفضل الثروة النفطية، تحولت السهوب المتربة التي كانت تتألف منها مدينة أستانا، إلى مشهدٍ جمالي ترصعه بناياتٌ براقة ذات طابعٍ عصري ومتطور، حسب وصف تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.

في غرب المدينة، هناك القصر الرئاسي الذي يشبه البيت الأبيض الأمريكي، وهو بناء آثر مصمموه أن يجعلوا له قبةً ضخمة زرقاء اللون، ذات درجة لونية مماثلة لتلك التي يصطبغ بها بيض طائر أبو الحناء الأمريكي.

بجانب القصر، تقع القاعة المركزية للحفلات الموسيقية، وهي عبارةٌ عن مبنى فيروزي اللون، يحاكي تصميمه- الذي وضعه المهندس المعماري الإيطالي مانفريدي نيكوليتي- تصميم سفينة فضاء تنشر أجنحتها.

والبناء في المدينة تواصَل رغم الأزمة النفطية

ورغم التباطؤ الذي شهده اقتصاد كازاخستان بفعل الانخفاض الحاد في أسعار النفط الخام عام 2014، فإن الطفرة العمرانية بالعاصمة استمرت طوال عام 2017.

وتفيد التقارير بأن كازاخستان أنفقت ما يقرب من ثلاثة مليارات دولار للتحضير لاستضافة معرض “إكسبو 2017″، الذي فازت بحق تنظيمه متفوقةً على بلجيكا، وهو معرضٌ دولي يُقام على غرار “المعرض العالمي”، الذي أُقيم للمرة الأولى في القرن التاسع عشر.

وقد خُصِّصَ للمعرض موقع شُيدت مبانيه بالكامل خصوصاً لهذا الحدث، ووُضِعَت في قلبه كرةٌ أرضية فضية اللون، وإلى جوارها مركز تسوق حمل اسم “ميغا سيلك واي” (طريق الحرير الكبير).

من جهةٍ أخرى، تشهد كازاخستان منذ عام 2012، زيادةً كبيرة في أعداد الشركات التي تُؤسس بأراضيها، في ضوء أن أكثر من 275 ألف شخص يعبرون أراضيها لأسباب تجارية واقتصادية.

ومنذ ذلك الحين، زاد هذا العدد بواقع ثلاثة أضعاف، ليصل إلى أكثر من مليون زائر. أما أستانا نفسها فتشهد زيادةً مطردة في أعداد من يَفِدون إليها من الأجانب.

انتخابات لم يترشح بها أحد!

ظل الرئيس الكازاخي نزارباييف في السلطة نحو ثلاثة عقود، وفي عام 2015، أُعْلِنَ هذا الرجل فائزاً بانتخاباتٍ- لم تشارك فيها المعارضة من الأصل- وحظي بنسبة تأييدٍ بلغت 98% من الأصوات تقريباً.

وحتى بعد تخليه عن السلطة عام 2019، ضمِن لنفسه الحفاظ على نفوذه عبر توليه منصب رئيس مجلس الأمن القومي الذي أقاله منه الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف إثر الاضطرابات الأخيرة.

وظلت الحكومة في أستانا تسير على هدي نظيرتيها في الصين وروسيا، فيما يتعلق بكيفية التعامل مع وسائل الإعلام في البلاد.

فمنذ أمدٍ طويل، يواجه الصحفيون ذوو التوجهات المُعارِضة والمستقلة، التضييق والتحرش والهجمات، وكذلك الاتهامات الجنائية التي تلقى انتقاداتٍ باعتبارها اتهامات ذات دوافع سياسية ليس إلا.

وسبق أن أقرت الحكومة في عهد نزارباييف تعديلاتٍ تقضي بتشديد القيود المفروضة على تغطية الصحفيين للأخبار في كازاخستان. وتحظر التعديلات الجديدة كذلك أن ينشر المواطنون تعليقات مجهولة المصدر على المواقع الإخبارية الإليكترونية.

الحقيقة التي تخفيها العاصمة الجديدة المترفة

وخلف هذا النمو الاقتصادي الذي اقتطعت العاصمة المستحدثة الكثير من ثماره، يبدو أنه تقع صورة مختلفة أخفاها الاستبداد.

 

فلقد أدى النمو الاقتصادي القائم على الصناعات الاستخراجية إلى تسخين الاقتصاد، وحدوث معدل عالٍ للتضخم، لأن البلاد في مقابل تصديرها النفط والغاز والقمح، فإن نخبتها المترفة المقيمة في الأستانا والتي تعيش حياة باريسية، تستورد كل شيء تقريباً من الخارج.

والاحتجاجات الأخيرة هي “أعراض للغضب العميق والمتأجج والاستياء من فشل حكومة كازاخستان في تحديث البلاد وتقديم الإصلاحات التي تؤثر على الناس على جميع المستويات”، حسبما تقول كيت مالينسون، الخبيرة في آسيا الوسطى بمركز أبحاث الشؤون الخارجية تشاتام هاوس في لندن، لموقع “بي بي سي”.

ورغم أن البلاد غنية بالنفط والغاز، إذ  تحتل المرتبة الـ16 عالمياً في تصدير النفط، فإن شعبها يكابد الفقر والديون المتراكمة، إذ يبلغ الحد الأدنى للأجور نحو 100 دولار شهرياً، مع العلم أن ارتفاع الأسعار بالدولة التي تعتمد على الاستيراد في تلبية احتياجاتها الأساسية، يجعل هذا الرقم أكثر ضآلة مما يبدو.

هل خسرت روسيا والصين الرهان؟

بالنسبة لروسيا والصين كان الوضع في كازاخستان مثالياً، فبينما يُنظر إلى البلاد على أنها واحدة من أهم مواطن النفوذ الروسي، تصاعد النفوذ الصيني في آسيا الوسطى ومنها كازاخستان بشكل كبير، ولكن بطريقة لا تُغضب موسكو، خاصةً أن مصلحة بكين الأساسية في المنطقة متطابقة مع مصلحة روسيا ومع الأنظمة الاستبدادية بدول آسيا الوسطى، وهو عدم تصاعد شعور إسلامي أو “قومي تركستاني” (تركستان مصطلح يطلق على آسيا الوسطى وضمن ذلك في منطقة الإيغور ويعني وطن الأتراك).

بالنسبة لروسيا، فإن كازاخستان نموذج لما تريده لبقية دول آسيا الوسطى: دولة مطياعة غنية تستورد المنتجات الروسية، وتقمع الديمقراطية، وتتعاون في كل المجالات الأمنية والسياسية.

وبالنسبة للصين فهي سوق مهم وقريب لمنتجات بكين ومورّد للمواد الخام، والأهم بلد يحكمه نظام علماني متطرف يقمع حريات الصحافة وأي توجهات قد تذكّر الكازاخيين بمعاناة أولاد عمومتهم من الإيغور الذين يشتركون معهم في الدين والعرق التركي، بل حتى إن كازاخستان تجاهلت حقيقة أن الإثنية الكازاخية في الصين تتعرض بدورها للاضطهاد مع الإيغور في إقليم سنيكيانغ الصيني.

ومن الواضح تماماً أن النموذج الذي رعته روسيا والصين، له حدود في النجاح، فمثلما وفر القمعُ الاستقرار اللازم للتنمية النفطية، ومنع الصراعات بين إثنيات كازاخستان المتنوعة خاصةً الروس والكازاخ، وشيد عاصمة باذخة، فإنه أخفى الإخفاقات التي تراكمت مثل الفروق الكبيرة في الدخل، ومعاناة الفقراء، والاقتصاد الاستهلاكي الذي تستفيد منه النخب الثرية، ورغبات الشعب الطبيعية في الديمقراطية والحرية والتعبير عن هوياته الإثنية والثقافية والدينية.

وبعد أن بدا أن التاريخ والجغرافيا قد فكّا لعناتهما عن كازاخستان في العقود الماضية عبر هبات النفط والأرض الزراعية، تعود الجغرافيا لتؤكد نقمتها على هذا البلد، حيث تتدخل روسيا تحت غطاء منظمة الأمن والتعاون الجماعي التي تضم بعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، لوأد الاحتجاجات بطريقة لن تسمح بتحوّلها لفرصة لتحقيق بعض العدالة وتوسيع الحريات، لأنه بمنتهى البساطة، يبدو أن الجغرافيا مازالت هي المتحكمة في تاريخ كازاخستان والتي جعلتها بلداً معزولاً عن البحار وامتدادها الطبيعي في العالم الإسلامي وكذلك أي صلات وثيقة بالعالم الغربي.

وبالتالي فإن مصير هذا البلد لن يقرره شعبه، بل ستقرره روسيا، القوة العظمى التي سيطرت عليه منذ قرون بدعم من الصين، التي أكثر ما تخشاه صحوة ديمقراطية أو قومية على حدودها ولدى أولاد عمومة الإيغور الأقربين.

المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من موقع عربي بوست