الشهادة إجتباء واختيار وإصطفاء من الله
بقلم /نجيب باشا
إن الإحتفاء بذكری الشهيد هو إمتنان واعتراف بعظمة الشهداء وأسر الشهداء الذين قدموا غوالي النفوس والأرواح في سبيل الله الملك القدوس .
إن ذكری كهذه حُق لنا أن نسعد فيها ونحن نتذكر ُ مآثر الشهداء وبطولاتهم وتضحياتهم وفدائهم إن إحتفاء كهذا هو إحتفاء نتعرف فيه علی منن الله ونعمه التی وهبها للشهداء الابطال الذين باعو لله أرواحهم ونفوسَهُم الغالية وأراقوا دمائهم الطاهرة الزكية في بطن كل واد ٍ وعلی قمة كل جبل لتكون َكلمة الله هي العلياء وافتداء ًللعِرض والأرض من تدنيس شذاذ الأرض وأدعياء الشيطان .
لقد منح الله الشهداء َحياة ًلاتبلی ولاتنتهي ونهانا عن أن نتفوه بكلمة موت في حقهم فقال أعز ُمن قائل
(وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِنْ لَا تَشْعُرُونَ)
وقال تعالی .
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا
بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
ليس من السهل أن ينالَ المسلم ُ الشهادة في سبيل الله.إنما الشهادة إختيار ُوإصطفاء ُ وإجتباء وإتخاذ ُمن الله لمن ارتضی له الشهادة
حيث ُيقول الله تعالی (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)
ولاتكون الشهادة ُإلا لمن سلك بنفسه مسالك الصادقين في الله حق صدقه إرضاء ًله وتعبدا ًخالصا لابتغاء مرضاته.فهي إذا ً
ًفهي أي الشهادة لاتكون إلا لمن تعشقها من خلال إلتزاماته الدينية من أوامر ونواهي فيوفقه الله لنيلها والفوز بها إذ أن سلوكهم في الحياة الدنياء كان ينئي بهم عن مواطن الفساد والعجب والرياء وكثير ٌ ماكنا نری أبنائنا الشهداء في الحياة الدنياء يتميزون عن غيرهم في أخلاقهم وسلوكهم وتعاملاتِهم مع الأقربين والأبعدين ومع من حولهم اجمعين كانوا أكثرَ تواضعا ًمع الناس
واكثرَ إحسانا ًللمحتاجين وأكثرَ رأفة بالضعفاء والمساكين واكثرَ إنتصارا للمستضعفين .دون عُجب ٍأو رياء إنما إبتغاء مرضات الله .وكانوا أصدق َ تعبدا ًلله في كل تحركاتهم وسكناتهم وكان ذلك التعبد ُ والارتباطُ بالله سرا ًاكثرُ منه علانية ً خوفا ًمن زهو النفس وإطناب الناس فتذهب عباداتهم رياء الناس. وكنا نراهم يمقتون الطغاة ويثورون علی كل مظاهر الظلم والفساد .لقد علمَّوا المجتمع كيف يكون المرء ُ مظلوما ًفينتصر إقتداء ًبسيد الشهداء وإمام الأصفياء الامام الحسين حفيد المصطفی صلوات الله عليه وعلی اله.
لقد استلهموا من مظلومية الشهيد ِ القائدِ السيد حسين ابن بدر الدين الحوثي سلام الله عليه ومن حياته الجهادية وصبرِه ِ واستبساله ِ وتضحيته ِ وفداءه العظيم كيف ينتزع الحق َ إنتزاعا ًمن أيدي الطغاة والجبابرة تعلموا أن لاينام المؤمنُ مظلوما ًوسيفه في قرابه .
.لقد علمونا أن الأرتباط بالله ليس تمتمات ولاطقوس مجردة من العمل والتحرك في سبيل الله علمونا أن الإيمان بالله مالم يصبحْ مجاهدة وبذلا وعطاء وإيثار وإحسان ومالم يكن ثقة بالله وتوكل عليه وجهاد في سبيله فليس من الإيمان في شيئ .وهو كمن يحرث في البحر .
فلنعلم جميعا ً
أن الزمان دار دورته ووفق الله الأمة المحمدية باعلام الهدی من آل بيت رسول الله صلی الله عليه وآله بعد أن جربنا كل الحكام من كل التوجهات فماذا كانت النتائج سوی المهانة والمذلة والإستضعاف أما اليوم فقد هيأ الله لأولي البأس الشديد من أبناء الأمة أن من َّ عليها بقيادة مؤمنة تأخذ بيدها وترشدها الی سبيل الهدی والفوز والفلاح لتخرجها من متاهات السبل والضلال الی أفق الطريقة السمحاء وهياء الله كلَ أسباب ِ الفوز العظيم بمرضاة الله فمن تعلق بهم نجا ومن تخلف عنهم غرق .إن الحجة قد قامت والمحجة قد استقامت وظهرت ساطعة كالشمس في رابعة النهار
﴿ويحذركم الله نفسه﴾صدق الله العظيم
الله الله في أن لانبرح دنيانا
حتی ننال ماوعدنا الله به ونفارق ما حذرنا منه .لقد وعدنا الله إحدی الحسنيين فلا يردونا عن ديننا وحذرنا من القعود والتخلف فقال
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ
فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا) صدق الله العظيم
إن أباء َ الشهدا ءِ وامهاتِهم وابنائَهمُ وإخوانَهمُ واهلهَم همُ الأولی بالوفاء الأولی بالرعاية الأولی بالإهتمام والتقدير ماداموا أوفياء ً لدماء شهدائِهم سائرين علی طريقهم معتقدين بصوابية نهجهم عاملين بها كيف لا وهم قد وهبو الله َ فلَذَات أكبادِهم وأغلی أبنائِهم
إننا نری الوجودُينحني إجلالاً
لأرواح الشهداء
وتغيب الشمس خجلاً
لبزوغ ِ شموسِهم.الخالدة
وواجبنا أن لانظلم شهدائنا
في محو أثارِهم
وإماتةِ ذكرهم
ونسيان ِبطولاتِهم
ودفنِ تضحياتِهم
وهضم فدائِهم
بل علينا أن ننقش تاريَخهُم في قلوبنا إقتداءً وتأسي
و أن نحيي أنفسنا بذكر اخلاقهم
ونستنهض هِمَمَنا بفدائهم العظيم
ونبعث فينا تضحياتهم فنقفوا
خُطُواتِهم ونقتص آثارَهُم ْ
ونمد ُ يد العرفان والإمتنان لأُسرهم وذويهم وفاء ًلصدقهم وتضحياتهم
إن هذه الإنتصاراتِ التي نتفيئ ظلالَها الوارفة َ ماهي إلا نعمة من نعم الاله صيغت بدماء ابنائكم الشهداء .أيها الصادقون من أسر الشهداء يارفاقهم ياجيرانهم ياابناء وطنهم كونوا علی صدق ماعاهدتموهم عليه والحقوا بالركب الذي استبشر بكم
وأعملوا بوصاياهم تفوزون غدا ًكما فازوا.

