بقلم: أحمد عبد الكريم

(موقع “مينتبرس نيوز” الأمريكي- ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

الحديدة، اليمن – داخل أنقاض منزل يمني متواضع حيث تناثرت بقايا البشر والحيوانات معاً، كافح رجال الإنقاذ المحليون لإجلاء أم حامل وناجين محتملين آخرين من تحت الأنقاض بينما حلقت الطائرات الحربية فوقهم.

هناك، وجدوا جثة طفل مغطاة بالرماد بجانب بقايا مائدة طعام متواضعة, ملأت الصيحات الفوضوية لرجال الإنقاذ المغطاة بالدماء المشهد وهم يفحصون رفاته، وكشفوا ما بدا أنه حبل سري, بالقرب من الصبي، وجدوا أمه الصغيرة مغطاة بالركام، وبالكاد تئن بصوت مكتوم من الألم.

بعد يومين فقط من اليوم العالمي للطفل وثلاثة أيام خجولة من اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، توفي طفل لم يولد بعد عندما انتزعته قنبلة أمريكية الصنع من رحم أمه, أسقطتها الطائرات الحربية السعودية على منزل عبد الله شريان في قرية المريري اليمنية بمديرية حيس بالحديدة.

انفجرت القنبلة بينما كانت عائلة شريان تتجمع لتناول طعام الغداء، فقتلت عبد الله وطفله الصغير ومعظم مواشي الأسرة.

تسبب الانفجار الهائل في دمار هائل وظلام وفوضى في الحي كما لو كان وسط أعنف جبهات القتال.

قال أحد المنقذين المتطوعين في الخمسينيات من عمره لطاقم إخباري محلي: “إنهم يزعمون أنهم ينقذونا، لكنهم يقتلوننا ويدمرون ممتلكاتنا”.

داخل المستشفى حيث كان يتم علاج ضحايا الانفجار، أوضح أحد المارة الغاضبين على المذبحة، قائلاً: “أمريكا تقف وراء هذه الجرائم ضد الأبرياء”.

بعد يوم من الهجوم استيقظت سميرة شريان في غرفة العناية المركزة في مستشفى الحديدة وحاولت جاهدة سرد قصتها.

“كان وقت الغداء وكنا جائعين للغاية, كنا نظن أن الطائرات الحربية غادرت بعد اختفاء أصواتها, عندما اجتمعنا حول مائدة الطعام، أصابتنا القنبلة فجأة”.

تم إجلاء سميرة إلى المستشفى بعد الهجوم لكنها فقدت طفلها الذي لم يولد بعد في الانفجار وتقول إن زوجها عبد الله مات وهو ينظر إلى ابنه الذي لم يولد بعد.

“كنت أنتظر طفلي, كنت بحاجة إلى مستشفى لكي أنجبه، وليس قنبلة أمريكية لتفتيته وتقتل زوجي”,اختتمت سميرة حديثها وهي تبكي.

في الغرفة المجاورة، كان طفل من نفس القرية يعالج من إصابات خطيرة بعد أن استهدف مسلحون مدعومون من السعودية منزله بقذيفة هاون.

مطر القوس الذهبي الأسود

ووفقاً لمسؤولين سعوديين، فإن الهجمات هي جزء من عملية جديدة يطلق عليها اسم “القوس الذهبي” والتي يتم تنفيذها بالاشتراك مع الإمارات وعدد من الجماعات المسلحة المدعومة من التحالف السعودي، بما في ذلك لواء العمالقة سيئ السمعة وقوات طارق صالح.

قُتل وجُرح العشرات من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، منذ بدء العملية في 19 نوفمبر.

يقول المسؤولون السعوديون إن هدفهم هو “تدمير الأهداف العسكرية مثل أنظمة الدفاع الجوي”، وأصروا على مهاجمة أهداف “مشروعة” فقط وطلب من المدنيين عدم التجمع أو الاقتراب من الأهداف المحتملة قبل مهاجمتهم للمناطق, على الرغم من عدم الإعلان عن هذه الأهداف مسبقاً.

حولت الطائرات الحربية والمدفعية والقصف من السفن الحربية المتمركزة قبالة شواطئ البحر الأحمر اليمنية أجزاء من الحديدة إلى مناظر جحيم حقيقية، بما في ذلك المديريات الاستراتيجية في المحافظة الجنوبية، بعد أسابيع فقط من إعلان التحالف السعودي أنه سيسحب القوات العسكرية من المنطقة.

وبدلاً من ذلك، تحلق العشرات من الطائرات الحربية فوق مناطق الحديدة،والتحيتة، والخوخة،والدريهمي، والجراحي بشكل يومي، وتقصف المزارع وتدمر البنية التحتية.

في اليوم الأول من عملية القوس الذهبي، تم رصد ما لا يقل عن 33 طائرة حربية حلقت فوق مناطق الفزة والجبالية وحيس والجاه والتحيته، و 39 طائرة تجسس فوق أجواء الجاح، الفزة وحيس والجبالية.

حتى الآن، تم شن 300 غارة جوية على أكثر مدن اليمن كثافة سكانية، بما في ذلك الحديدة، رابع أكبر مدينة في البلد.

في صنعاء، تم استهداف وتدمير منازل المدنيين والمدارس والآبار والمزارع والطرق والمستشفيات، ودُمر مصنع ينتج سلال بلاستيكية بسبب الغارات الجوية السعودية التي استهدفت ظاهرياً مستشفى قريب.

وفي محافظة الضالع، أصيب 10 طلاب إثر استهداف طائرة مسيرة سعودية مدرسة زيد الشرقي.

كما استهدفت الغارات الجوية السعودية مناطق مأهولة بالسكان وبنية تحتية في محافظات خارج الحديدة، بما في ذلك محافظات ومناطق مثل إب وتعز وحرض وحرف سفيان، وكذلك الجوف ومأرب.

أرقام مهولة

سيصل عدد قتلى الحرب التي تقودها السعودية في اليمن إلى ما يقدر بـ 377 ألفاً بحلول نهاية عام 2021، وفقاً لتقرير جديد صادر عن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة.

ومع ذلك، فإن المداهمات والقصف ليسا الأدوات الوحيدة التي تحصد أرواح اليمنيين واطفالهم., حيث قتل أكثر من 3825 طفلا نتيجة الحصار الذي تفرضه السعودية على البلد، وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل ومقرها اليمن.

أصدرت منظمة انتصاف تقريرها بعد أيام قليلة من اليوم العالمي للطفل، حيث أفادت بأن أكثر من 3 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية الناجم عن الحصار, بينما يموت 300 طفل يمني كل يوم بسبب سوء التغذية المتسبب به الحصار.

تقول المنظمة أيضاً إن أكثر من 3000 طفل يعانون من تشوهات خلقية وأن أكثر من 3000 آخرين بحاجة إلى جراحة قلب مفتوح خارج الدولة الفقيرة.

كما كشف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن عدد الأطفال اليمنيين ذوي الإعاقات المختلفة التي سببتها الحرب الدائرة, قد بلغ 5559 حالة وسجل 71 ألف حالة أورام ظهرت بين الأطفال منذ بداية الحرب.

كلمات بايدن الجميلة

رداً على عملية القوس الذهبي، نزل آلاف اليمنيين إلى الشوارع في المدن الكبرى في جميع أنحاء البلد لإدانة الولايات المتحدة لدعمها المستمر للمملكة.

امتلأت الساحات الرئيسية في الحديدة وصنعاء وصعدة بآلاف المتظاهرين وتجمع المتظاهرون تحت لافتات كتب عليها “الولايات المتحدة تدعم التصعيد العسكري والاقتصادي واستمرار العدوان والحصار”، ورددوا هتافات تلوم الولايات المتحدة ليس فقط على التصعيد السعودي الجديد بل على الأزمة الإنسانية في البلد، متهمين إدارة بايدن بأنها من تعطي السعوديين الضوء الأخضر لمهاجمة اليمن.

كما لجأ نشطاء وأهالي الضحايا إلى حملة على تويتر، نشروا فيها آلاف الصور لضحايا الحرب.

في الواقع، تأتي عملية القوس الذهبي في أعقاب صفقة أسلحة أمريكية جديدة مع الرياض, في 4 نوفمبر، وافقت إدارة بايدن على بيع صواريخ بقيمة 650 مليون دولار للسعوديين، بما في ذلك 596 قاذفة صواريخ LAU-128 ، وحاويات، ومعدات دعم، وقطع غيار وإصلاح، وخدمات دعم لوجستي.

هذه الخطوة هي موافقة ضمنية من الولايات المتحدة على استمرار السعودية في الحرب وتفاقم أزمة إنسانية حادة بالفعل.

كما أنه يكافئ المملكة الغنية بالنفط لقتلها الأطفال والنساء، بحسب أسر يمنية حاضرة في التظاهرة فقدت أطفالها في الهجمات السعودية.

قالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان، في إشارة إلى إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستنهي دعمها للحرب:

“تصريحات ومواقف العديد من المسؤولين الأمريكيين تستند إلى “ازدواجية المعايير”، حيث يتظاهرون بأنهم يطالبون بإنهاء الحرب، بينما يتابعون سياساتهم العدائية والقمعية ضد اليمن. الضجيج الأمريكي هو مجرد غطاء لجرائم البلد وإرهابها الممنهج ضد اليمن. الدعاية الزائفة والادعاءات الكاذبة للولايات المتحدة حول جهودها لتحقيق السلام في اليمن هي مجرد محاولة يائسة لخداع الرأي العام في الولايات المتحدة ودول أخرى”.

وفي إشارة إلى صفقة الأسلحة، قال “أنصار الله” إن الدعم الأمريكي الأخير للسعودية يمكّنها من “العدوان والجرائم المروعة ضد شعب اليمن”. متحدثا في مظاهرة مناهضة للحرب، قال محمد علي الحوثي، العضو البارز في المجلس السياسي الأعلى اليمني، للمتظاهرين: “لقد سحبت واشنطن سفيرها في بداية الصراع اليمني ودعت الدول الأخرى إلى سحب دبلوماسييها من صنعاء”.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع