السياسية:

تواجه السعودية “وضعاً خطيراً” بعد أن أوشك مخزونها من صواريخ باتريوت على النفاد، فطلبت من الولايات المتحدة وقطر ودول أوروبية تزويدها بالمزيد، فكيف تعمل منظومة الدفاع الجوي الأمريكية؟

وبحسب تقرير نشرته صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، طلبت الحكومة السعودية من إدارة الرئيس جو بايدن تزويد الرياض “على وجه السرعة” بصواريخ باتريوت اعتراضية، كما توجهت السعودية بالطلب نفسه لقطر ولدول أوروبية أيضاً.

وتعتمد السعودية، بشكل أساسي، في دفاعاتها الجوية على منظومة الدفاع الصاروخي باتريوت، أمريكية الصنع، وتستخدمها الرياض في التصدي لهجمات الحوثيين، الذين يستخدمون الطائرات المسيرة والصواريخ في مهاجمة المملكة، لكن يبدو أن تكثيف الجماعة المدعومة من إيران، هجماتها في الأشهر الأخيرة، قد أدى إلى قرب نفاد المخزون السعودي من ذخيرة الدفاع الجوي.

ماذا تريد السعودية تحديداً؟

تحدَّث مسؤولون حكوميون من الرياض وواشنطن لـ”وول ستريت جورنال” عن مدى “خطورة الموقف” الذي تتعرض له السعودية، في ظل الارتفاع الكبير بعدد الهجمات الصاروخية من جانب الحوثيين على المملكة خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين.

وقال مسؤول حكومي سعودي للصحيفة الأمريكية، إن عدد الهجمات على المملكة قد زاد بشكل كبير، فقد ضربت الطائرات المسيرة أراضي السعودية 29 مرة في نوفمبر/تشرين الثاني، و25 مرة في أكتوبر/تشرين الأول، وتعرضت البلاد لـ11 هجوماً صاروخياً باليستياً في الشهر الماضي و10 في أكتوبر/تشرين الأول.

ويوم الجمعة الماضي، ذكر تيموثي ليندركينغ المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، أن القوات التابعة لجماعة “أنصار الله” (الحوثيين) قد نفذت نحو 375 هجوماً جوياً على السعودية في عام 2021.

وذكر موقع عربي بوست ان مصادر سعودية قالت للصحيفة: إن الجيش السعودي قد نجح في اعتراض معظم الهجمات بواسطة صواريخ باتريوت أرض-جو، إلا أن ترسانته من الصواريخ الاعتراضية قد تراجعت “بشكل خطير”.

وبحسب ما قاله المسؤولون الأمريكيون لـ”وول ستريت جورنال”، هناك إشارات على استعداد واشنطن للموافقة على الطلب السعودي. والشهر الماضي، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع نظام الصواريخ جو-جو متوسطة المدى المتقدمة، بقيمة 650 مليون دولار، وتم إخطار الكونغرس بذلك، بعد أن طلبت الرياض شراء 280 صاروخاً و596 منصة إطلاق من هذا النوع؛ لصد هجمات الحوثيين.

وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية إن “الولايات المتحدة ملتزمة تماماً بدعم الدفاع الإقليمي للسعودية، وضمن ذلك ضد الصواريخ والطائرات المسيرة التي يطلقها مقاتلو الحوثي المدعومون من إيران في اليمن”، وتابع: “نحن نعمل بشكل وثيق، مع السعوديين والدول الشريكة الأخرى؛ لضمان عدم وجود فجوة في الحماية”.

لكن خطورة الموقف تصيب المسؤولين السعوديين بقلق شديد، لأنه بدون مخزون كافٍ من الذخيرة الصاروخية الخاصة بنظام باتريوت، يمكن أن تؤدي هجمات الحوثيين المستمرة إلى خسائر في الأرواح أو أضرار كبيرة بالبنية التحتية النفطية للسعودية. وفي يناير/كانون الأول الماضي، هاجمت المسيَّرات الحوثية مباني تابعة للديوان الملكي السعودي، لكن لم تقع خسائر في الأرواح.

كم تتكلف صواريخ باتريوت؟

خطورة الموقف جعلت الرياض تستعجل الولايات المتحدة، وتطلب من دول أخرى، سواء في الخليج مثل قطر، أو حلفاء أوروبيين، إرسال الصواريخ المطلوبة بشدة على وجه السرعة، بحسب الصحيفة.

وتبلغ تكلفة الصاروخ الواحد في المنظومة الدفاعية الأمريكية باتريوت مليون دولار، بحسب وول ستريت جورنال، بينما لا تزيد تكلفة الصاروخ أو المسيَّرة التي يطلقها الحوثيون على 10 آلاف دولار فقط.

وهذه هي المرة الأولى التي تنتشر فيها أنباء عن تقدُّم السعودية بطلبات لشراء ذخيرة لنظام باتريوت، أي صواريخ اعتراضية. وبحسب تقرير وول ستريت، تريد الرياض شراء مئات من تلك الصواريخ، التي تصنّعها شركة ريثيون الأمريكية، ولكن حتى لو قدمت قطر، التي طلبت منها السعودية بالفعل تلك الصواريخ، فلابد من الحصول على موافقة الخارجية الأمريكية.

وتظل التكلفة العالية لتلك الصواريخ مشكلة في حد ذاتها، لكنها مشكلة على المدى الطويل، أما المشكلة الآنية فهي توفير الصواريخ قبل أن ينفد المخزون السعودي منها تماماً. وليس معروفاً على وجه الدقة كم كان لدى السعودية من الصواريخ الاعتراضية التي يستخدمها نظام باتريوت، ولا المقصود بقرب نفاد المخزون. لكن على أية حال، وجود أقل من عدة آلاف من الصواريخ الاعتراضية في المخزون بالنسبة لدولة تتعرض لهجمات مستمرة، كما هو الحال بالنسبة للسعودية، يمثل خطراً حقيقياً، بحسب الخبراء.

وقال مسؤول سعودي للصحيفة الأمريكية: “الهجمات بالطائرات المسيَّرة من جانب الميليشيات الإرهابية تعتبر خطراً أمنياً عالمياً جديداً نسبياً، ولاتزال وسائل التصدي لتلك الهجمات في طور التشكُّل”.

حديث المسؤول السعودي يقصد منه أمرين: الأول يتعلق بالتكلفة العالية للتصدي لتلك الهجمات، فطائرة مسيَّرة محملة بالمتفجرات ولا تزيد تكلفتها على 10 آلاف دولار، تحتاج لإطلاق صاروخ اعتراضي واحد على الأقل من بطارية باتريوت للدفاع الجوي، وتكلفة الصاروخ مليون دولار.

كيف يعمل نظام باتريوت؟

تقوم فلسفة منظومة الدفاع الجوي الصاروخي بشكل عام على إطلاق صاروخ أرض-جو لاعتراض وتدمير صاروخ باليستي في الجو قبل أن يصل إلى هدفه. تحتوي المنظومة على ثلاثة أجزاء رئيسية هي: منصة الإطلاق، والرادار، وصواريخ الاعتراض. وأشهر نوعين من هذه الأنظمة عالمياً هو الإس الروسية والباتريوت الأمريكي.

وتعتمد السعودية على باتريوت الأمريكية ويوجد منها نوعان: الأول PAC-2 وهو الأقدم، والثاني PAC-3 وتم إنتاجه لأول مرة عام 2002. أما النوع الأول فقد استُخدم للمرة الأولى في أثناء حرب الخليج الأولى عام 1991 لتحرير الكويت من غزو العراق.

وتحتوي منصة الإطلاق في باتريوت على 16 قاذفة، تحمل كل منها صاروخ باتريوت واحداً، وكل قاذفة متصلة بنظام تحكُّم، عن طريق الألياف الضوئية أو من خلال الاتصال اللاسلكي.

وعندما يتم رصد هدف من جانب المنظومة- سواء كان صاروخاً باليستياً أو طائرة مسيَّرة مفخخة- يتم إطلاق صاروخ باتريوت لاعتراضه وتدميره، وفي الوقت نفسه ينطلق من منصة الإطلاق ذراع هيدروليكية تحمل صاروخاً بديلاً مكان الصاروخ الذي أُطلقَ، مما يسرع عملية الإطلاق.

وتحتوي كل منصة إطلاق، على رادار AN/MPQ-53/6 من نوع مصفوفة المسح الإلكتروني السلبي، قادر على كشف الصواريخ على بُعد يصل إلى 100 كيلومتر، كما يحدد الرادار سرعة الصاروخ ومساره وتحديد ما إذا كان الصاروخ معتدياً أو صديقاً من خلال نظام تشفير بين الأسلحة الصديقة. ويمكن لنظام الرادار في باتريوت رصد 9 صواريخ باليستية تم إطلاقها في آن واحد.

ويعمل نظام التحكم في باتريوت من خلال حاسب آلي متصل مع نظام الرادار ومع منصة الإطلاق ومزوَّد ببرامج التحكم والتوجيه. ويعمل على نظام التحكم ثلاثة أشخاص في حالة الطوارئ، أما في الأغلب فيتم وضع النظام في حالة التحكم التلقائي.

ويعمل النظام الإلكتروني كوسيط بين منصة الإطلاق ونظام الرادار. وفي حال وجود أكثر من منصة إطلاق صواريخ باتريوت، فإن أنظمة التحكم يتصل بعضها مع بعض ومع المنصة الرئيسية؛ للتنسيق بينهما في إطلاق الصواريخ.

وكان أول صاروخ استُعمل لنظام الباتريوت هو MIM-104A, “Standard” المخصص للاشتباك مع الطائرات، لكن كانت إمكاناته محدودة ضد الصواريخ الباليستية وبمدى 70 كم، وسرعته تزيد على 3 ماك.

بينما يعتبر صاروخ MIM-104C PAC-2 أول صاروخ مصمم لاعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية، ومن إصداراته الأخرى MIM-104D/E. أما صاروخ باك-3، فهو صاروخ اعتراضي جديد كلياً لاعتراض الصواريخ الباليستية، ويمكن وضع 4 صواريخ في كل خانة من منصة الإطلاق التي تحتوي على 4 خانات بمجموع 16 صاروخاً لكل منصة.

وفي ضوء هذه المعلومات، يتضح سبب عدم تمكُّن نظام الدفاع الصاروخي باتريوت من منع وصول بعض الهجمات الحوثية إلى أهدافها، إذ إن الطائرات المسيرة وحتى الصواريخ التي يستخدمها الحوثيون، يمكنها الطيران على ارتفاعات منخفضة، مما يفسر عدم نجاح باتريوت في التصدي لها بنسبة نجاح تامة.

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولايعبر عن راي الموقع