أحمد يحيى الديلمي
دعوة الظواهري آخر خليفة لأسامة بن لادن في زعامة تنظيم القاعدة التي خاطب فيها الجماعات الخارجة من رحم هذا التنظيم ، وطلب منها التقيد بمنهج حركة الإخوان المسلمين في حربهم ضد من أسماهم الكفار والمرتدين .
هذه الدعوة لم تكشف المستور فقط عن علاقة الإخوان المسلمين بالحركات التي شوهت الإسلام ومنحت أعدائه فرصة القدح فيه ، واعتباره راعي أساسي للإرهاب يمد الجماعات بأصول أعتقادية ثابتة في المنهج ترفض الأخر المخالف المسلم وغير المسلم ، لم يتوقف الأمر عند هذه النقطة فقط لكنه حدد المصدر الحقيقي للنكبات التي تعرضت لها الأمة على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن وأن سيد قطب تولى الله أمره كان يعي ما يقول في حديثه بأن المجتمعات الإسلامية ارتدت عن دين الإسلام وعادت إلى جاهلية أبشع من الجاهلية الأولى ، وأن الحكام في ضلالة وأضاف بأن تحرير القدس يبدأ بتحرير العواصم الإسلامية وانتشال أبناءها من براثن الجاهلية الجديدة .. فالآليات التي تحدث عنها الظواهري لم تخرج عن ما هو موجود في منهج الأخوان المسلمين والكتب الموجودة في المدارس والمعاهد التابعة للحركة القائمة على ثقافة إلغاء الآخر بما في ذلك المسلم المخالف القابع في مذهب أخر ، وكلها مؤشرات هامة أوضحت حقائق ربما لازالت مجهولة لدى الكثيرين ، وفي المقدمة من انخدعوا بالحركة واعتبروها محور لانتشال الإسلام من براثن الظلال والعودة بالمسلمين إلى نهج السلف الأول للإسلام .
هنا تتضح أسباب التناغم والالتحام العضوي بين الإخوان والنظام الوهابي في السعودية استناداً إلى نفس الثقافة الانتقامية والاتجاهات النفعية من كلاهما بحيث أتحد الفكر والمال ، وتوفرت مقومات استدراج الشباب المسلم الحائر إلى مجاهل الضياع وتحويلهم إلى قتلة ومجرمين باسم الإسلام .
كلام الظواهري عن استهداف العلمانيين والقوميين والروافض وحتى الحركات المقاومة للاحتلال الصهيوني أكد ما يلي :
• الدور الخفي للسفارة البريطانية في إنشاء حركة الإخوان المسلمين وتحديد برامج عملها .
• أن مقاومة الاحتلال الصهيوني فكرة لا وجود لها في خطط وبرامج عمل الحركة ، وهي نفس المقاصد الوهابية ، معها تأكدت الرواية عن اغتيال الإمام البناء المؤسس كونه خالف النهج واتجه إلى فلسطين خلافاً لما هي عليه الحركة .
• أن حركة الإخوان المسلمين والحركة الوهابية مصدر كل الحركات الإرهابية وأنها نزغات شيطانية وجهت سهام الحقد ورغبات الانتقام البشعة إلى الإسلام والمسلمين استناداً إلى الفكر الشوفيني المنغلق ، وكل هذه دلالات واضحة على أن الظواهري أعاد الشيء إلى أصله ، وعري الأساليب الملتوية للحركة مثل الانخراط في المجتمعات المدنية والانطواء في أحزاب سياسية ، مؤكداً أن كل تلك كانت مجرد حركات تكتيكية مرحلية ، اقتضت ظروف الواقع وطبيعة التحولات السياسية والاجتماعية في كل دولة على حدة الاحتماء بها ، وهي تشبه التقية ، وهنا أوجه خطاب للعقلاء في الحركة أن كان هناك عقلاء : بعد أن تمزقت الأمة واُثخنت بالجراح ، ألاّ يمكن التراجع عن اتجاهات الإبادة التدميرية التي سرتم عليها والعودة إلى العقل والمنطق ؟!! سيظل السؤال معلقاً بين السماء والأرض حتى يتلقاه مؤمن صادق الإيمان ، بالذات بعد أن اتضحت كل أساليب المكر والخداع لهذه الحركة ..
والله من وراء القصد ..