السياسية:

الآن وقد قدم سيف الإسلام القذافي أوراق ترشحه لرئاسة ليبيا، ما فرص فوزه بكرسي والده؟ وهل تقف المحكمة الجنائية الدولية عائقاً أمام خوضه الانتخابات؟

ظهر سيف الإسلام (49 عاماً) اليوم الأحد 14 نوفمبر/تشرين الثاني في صور منشورة على منصات التواصل الاجتماعي بعمامة وعباءة تقليدية بنية اللون وبلحية رمادية ونظارة وهو يوقع وثائق في مركز التسجيل ضمن المرشحين بمدينة سبها بجنوب البلاد. وأكد مسؤول أنه سجل اسمه في قائمة المرشحين.

وسيف الإسلام واحد من الشخصيات المتوقع أن تخوض انتخابات الرئاسة ضمن قائمة مرشحين تضم أيضاً قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر ورئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وفتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني السابقة.

المرشح الثاني الذي يقدم أوراقه رسمياً

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وتليها مباشرة الانتخابات البرلمانية، وأعلنت مفوضية الانتخابات في ليبيا فتح باب الترشح رسمياً منذ الإثنين 8 نوفمبر/تشرين الثاني، على أن يستمر الباب مفتوحاً للراغبين في الترشح للرئاسة حتى يوم 22 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وحتى يوم 7 ديسمبر/كانون الأول بالنسبة للراغبين في الترشح للبرلمان.

لكن رغم الدعم المعلن من جانب معظم الفصائل الليبية والقوى الأجنبية للانتخابات، فلا تزال الشكوك تحيط بها وسط خلافات بين كيانات متنافسة على القواعد والجدول الزمني. وتم الاتفاق في مؤتمر موسع عُقد في باريس الجمعة على فرض عقوبات على أي طرف يعطل الانتخابات أو يحول دون إجرائها، لكن لم يتم الاتفاق حتى الآن على القواعد المؤهلة للترشيح.

ويعتبر سيف الإسلام ثاني مرشح يقدم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسة؛ حيث أعلنت مفوضية الانتخابات، السبت، أن مرشحا آخر تقدم بأوراق ترشحه إلى مكتبها بالعاصمة طرابلس، دون الكشف عن اسم المرشح. ولا يزال باب الترشيح للانتخابات الرئاسية مفتوحاً حتى الإثنين 22 نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية، أكد عضو مجلس مفوضية الانتخابات الليبية، عبد الحكيم الشعاب، أنه سيتم الفصل في أوراق نجل القذافي للترشح للرئاسة في خلال 4 أو 5 أيام.

وكان البرلمان برئاسة عقيلة صالح قد أقر قانون الانتخابات الرئاسية- دون عرضه على النواب من أجل التصويت عليه- ثم أتبع ذلك بقانون الانتخابات التشريعية، ليلقي بالكرة في ملعب مفوضية الانتخابات، التي شرعت بدورها في الاستعداد، وأعلنت شروط الترشح للرئاسة. وجاءت الشروط، وعددها 14، على النحو التالي:

1- على المترشح أن يكون مسلماً ومن أبوين مسلمين.

2- على المترشح أن يثبت عدم حمله لجنسية دولة أخرى عند ترشحه، وكذلك الأمر بالنسبة لوالديه وزوجته.

3- ألا يكون صادراً بحق المرشح حُكم نهائي في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، وأن يقدم إقراراً بذلك مرفقاً بشهادة الحالة الجنائية.

4- لا يحق الترشح لمن صدر بحقه قرار بالعزل التأديبي من قبل. 

5- على المترشح أن يقدم إقراراً بممتلكاته الثابتة والمنقولة داخل البلاد وخارجها، وهو الأمر ذاته لزوجته وأولاده القصّر.

6- ينبغي ألا يقل سن المترشح عن 35 عاماً عند ترشحه. 

7- لا يحق الترشح لموظفي المفوضية أو أعضاء لجانها الانتخابية أو أعضاء لجان الاقتراع. 

8- على المترشح أن يُزكى من قبل 5000 ناخب على الأقل مسجلين بسجل الناخبين. 

9- على المترشح أن يودع بحساب المفوضية مبلغ 10 آلاف دينار ليبي.

10- في حال كان المترشح يشغل وظيفة قيادية عامة، ينبغي عليه التوقف رسمياً عن ممارسة عمله قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات المقرر في 24 ديسمبر/كانون الأول وتقديم ما يثبت ذلك من وثائق.

11- على المترشح أن يكون لائقاً صحياً، ويقدم تقريراً معتمداً من السلطات الصحية في البلاد. 

12- على المترشح أن يوكل من يفوضه باستكمال إجراءات الترشح وإجراءات العملية الانتخابية التي تقرها لوائح وإجراءات المفوضية. 

13- يجب أن يكون المترشح حاصلاً على مؤهل جامعي على الأقل، أو ما يعادله من جامعة معتمدة. 

14- على المترشح أن يكون متمتعاً بكامل حقوقه المدنية.

ما زال مطلوباً من الجنائية الدولية والقضاء العسكري

لكن بمجرد تقديم نجل القذافي الديكتاتور الذي حكم ليبيا أكثر من ثلاثة عقود وأطاحت به ثورة شعبية عام 2011، أوراق ترشحه للرئاسة، صرح متحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية أن هناك أمر ضبط وإحضار لسيف الإسلام القذافي للمثول أمام المحكمة.

وقال فادي العبد الله المتحدث باسم المحكمة الدولية للأناضول: “بشأن الوضع القانوني، فإن هنالك أمراً بالقبض (على سيف الإسلام القذافي) لا يزال سارياً وهذا لم يتغير”، مضيفاً أن “المحكمة لا تعلق على الشؤون السياسية”.

وفي 17 مايو/أيار الماضي، قالت فاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية: “إما أن يقوم سيف الإسلام القذافي بتسليم نفسه أو تقوم السلطات الليبية بتسليمه إلى المحكمة”.

وفي 11 أغسطس/آب الماضي، أصدر مكتب المدعي العام العسكري الليبي (تابع لوزارة الدفاع) أمراً بإلقاء القبض على سيف الإسلام القذافي، لـ”تورطه في جرائم قتل واستعانته بمرتزقة”.

كما وجه مكتب المدعي العام العسكري خطاباً رسمياً إلى رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري يطالب فيه بوقف السير في إجراءات ترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر، قبل مثولهما للتحقيق فيما هو منسوب إليهما من جرائم جنائية.

لكن بعيداً عن الشق القانوني فيما يتعلق بنجل القذافي وحفتر، وكذلك الموقف بالنسبة للدبيبة وعقيلة صالح من شرط التوقف عن ممارسة المهام الوظيفية قبل 3 أشهر من يوم التصويت، هل يمتلك سيف الإسلام فرصة الفوز بالسباق الرئاسي إذا ما شارك فيه؟

ما فرصة نجل القذافي في الفوز بالرئاسة؟

انتهى عهد معمر القذافي بوقوعه في أيدي مقاتلين معارضين له خارج مدينة سرت مسقط رأسه في أكتوبر/تشرين الأول 2011 ومقتله. بينما اعتقل مقاتلون من منطقة الزنتان الجبلية سيف الإسلام بعد ذلك بأيام وهو يحاول الفرار من ليبيا إلى النيجر.

وبعد ما يزيد قليلاً على عقد أصبح سيف الإسلام الآن أشبه بلغز لليبيين. فعلى مدى سنوات أبقاه مقاتلو الزنتان بعيداً عن الأضواء ولا يُعرف شيء عن آرائه في الأزمة الليبية. وفي وقت سابق من العام الجاري نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقابلة معه لكنه لم يظهر حتى اليوم علناً لليبيين مباشرة.

ومما يعقد طموحاته لشغل الرئاسة محاكمته غيابياً في محكمة بطرابلس عام 2015 ظهر فيها عبر دائرة تلفزيونية من الزنتان وقضت المحكمة بإعدامه بتهمة ارتكاب جرائم حرب من بينها قتل محتجين خلال انتفاضة 2011. وسيواجه على الأرجح إما القبض عليه أو مخاطر أخرى إذا ظهر علانية في العاصمة طرابلس، إضافة إلى كونه مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية.

درس سيف الإسلام في كلية الاقتصاد بجامعة لندن وهو يتحدث الإنجليزية بطلاقة واعتبرته حكومات كثيرة في فترة من الفترات وجهاً مقبولاً صديقاً للغرب ووريثاً محتملاً للحكم. إلا أنه عندما تفجرت الانتفاضة في 2011 على حكم معمر القذافي اختار سيف الإسلام على الفور انتماءاته الأسرية والعشائرية وفضلها على صداقاته في الغرب، وقال ذات مرة لتلفزيون رويترز: “نقاتل هنا في ليبيا وسنموت هنا في ليبيا”، بحسب تقرير لرويترز.

وربما تثير مشاركته في الانتخابات التي لا تزال قواعد إجرائها موضع خلاف بين فصائل ليبية متنافسة تساؤلات حول الانتخابات التي يشارك فيها مرشحون غير مقبولين في بعض مناطق البلاد.

وقال الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة الليبي عبد الرحمن السويحلي إن من يعتقد إمكانية عودة ليبيا لعهد الديكتاتورية بعد كل ما قدم من تضحيات هو “واهم”. جاء ذلك في تغريدة نشرها السويحلي على حسابه الشخصي بـ”تويتر” وذلك بعد ساعات من تقديم سيف الإسلام أوراق ترشحه.

وأضاف السويحلي: “المجرمون وعلى رأسهم سيف مكانهم في قوائم المطلوبين للعدالة وليس في قوائم المرشحين للانتخابات”. وشدد السويحلي على أنه لا قبول “إلا بانتخابات حرة نزيهة وعلى قاعدة دستورية متوافق عليها وفي الموعد 24 ديسمبر/كانون أول/ الذي كافحت من أجله في ملتقى الحوار”، بحسب الأناضول.

ورغم أنه من المرجح أن يعمد سيف الإسلام إلى استغلال الحنين للفترة التي سبقت انتفاضة عام 2011 التي ساندها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بوالده من الحكم ليبدأ عقد من الفوضى والعنف، فإن محللين يقولون إنه قد لا يكون في صدارة السباق الانتخابي.

فلا يزال كثيرون من الليبيين يتذكرون الحكم الشمولي القاسي في عهد القذافي، كما أن سيف الإسلام وشخصيات النظام السابق ظلت بعيدة عن السلطة لفترة طويلة وربما يجدون صعوبة في حشد الرأي العام بنفس قدرة منافسين رئيسيين.

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولاتعبر عن راي الموقع