بقلم: نورة الدوخي

(صحيفة ” لوريون لوجور- lorient le jour” اللبنانية، الناطقة باللغة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

يرى المنتقدون إن القرار الذي صادق على صفقة بيع أسلحة بقيمة 650 مليون دولار مع الرياض يتناقض مع وعود الحملة الانتخابية للزعيم الديمقراطي بإعادة تقويم العلاقات مع المملكة العربية السعودية، حيث يعتبر هذا العقد هو أكبر عقد بيع أسلحة بين واشنطن والرياض منذ وصول إدارة بايدن إلى السلطة.

في طليعة هذا الشهر، وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على احتمال بيع أسلحة بقيمة 650 مليون دولار للسعودية، وذلك بحسب ما أشارت إليه وزارة الدفاع “البنتاغون”.

ووفقا لها، فإن القصد من وراء هذا القرار هو دعم “السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية والأمن الوطني من خلال المساعدة على تحسين أمن بلد صديق”.

ويأتي هذا العقد الضخم لبيع الأسلحة في ظل خلفية تميزت بتكثيف الهجمات الصاروخية الباليستية التي يشنها الحوثيون من اليمن والمدعومون من قبل النظام الإيراني باتجاه جنوب غرب المملكة السعودية.

في الشهر الماضي، كان مطار الملك عبد الله أيضا هدفا لطائرة بدون طيار محملة بالمتفجرات حيث أسفر هذا الهجوم على سقوط عشرات الأشخاص.

وفي اليمن، كثف الحوثيون أيضا من هجومهم منذ فبراير الماضي على مدينة مأرب، أخر معقل للقوات الموالية للتحالف الخليجي في شمال البلد، حيث يبدو أنهم ما زالوا يستمرون في كسب الأرض ضد القوات التي يدعمها التحالف العربي بقيادة  الرياض منذ العام 2015.

وعلى ضوء ذلك يقول نيل كويليام، وهو باحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس “سقوط مأرب أصبح وشيكا في أيدي القوات الحوثية، وهذا سوف يشكل تهديدا متزايدا للأمن السعودي، ولذلك، يبدو أن الاتفاق مصمم لمساعدة الرياض على التعامل مع هذا التهديد”.

“الحوثيون يقتربون أكثر فأكثر من النصر على الأرض في اليمن، وعندما يتم ذلك، لن يكون الخطر على الأمن السعودي فحسب، بل أيضا على أمن الملاحة البحرية، وهذا قد يعطل تدفقات النفط عبر مضيق هرمز”.

في سبتمبر الماضي، قام مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن، جيك سوليفان، بزيارة المملكة للقاء ولي العهد السعودي ومناقشة الحرب في اليمن مطولاً.

إعادة النظر في سياستها:

يشمل عقد الأسلحة الجديد هذا 280 صاروخ جو – جو، ووفقا لوزارة الخارجية الأمريكية، تُطلق هذه الصواريخ من الجو وليس من الأرض، لتدمير هدف جوي  ولا يمكن أن تستهدف أهدافا على الأرض.

تقول ياسمين فاروق، المختصة الإقليمية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي وهي مؤسسة بحثية :” العديد من الخبراء يقولون إنه لا يوجد فرق بين الدفاع والهجوم”.

تتمسك إدارة بايدن بهذه الحجة وضرورة الدفاع عن السلامة الإقليمية للمملكة العربية السعودية لتقول إنها لم تغير سياستها تجاه الرياض.

وفي حين اتخذ جو بايدن موقفا أشد صرامة بشأن الرياض من سلفه ترامب منذ يناير الماضي، فإن الرياض تظل الحليف الرئيسي لواشنطن في المنطقة.

خلال الحملة الرئاسية، أظهر جو بايدن استعداده لإجراء تغيير في الموقف مقارنة مع الموقف الذي تبناه دونالد ترامب فيما يتعلق بدول الخليج.

وكان المرشح الديمقراطي قد أعلن مرارا نيته “إعادة تقويم” العلاقات بين واشنطن والرياض.

وهو القرار الذي يفسر الضجة الناجمة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها التحالف العربي العسكري في اليمن، أو مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلده في اسطنبول مطلع أكتوبر من العام 2018.

في وقت مبكر من يناير المنصرم، أعلن الرئيس الديمقراطي تعليق مبيعات الأسلحة الجارية مع الرياض وأبو ظبي، فضلا عن وقف دعم الولايات المتحدة الأمريكية لدول التحالف بقيادة هذين البلدين في اليمن.

كما أصدرت الاستخبارات الأمريكية تقريراً رفع عنه السرية عن مقتل جمال خاشقجي في فبراير الماضي، مشيرة إلى مسؤولية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بالتزامن مع إعلان جو بايدن أنه لن يتعامل إلا مع الملك، مما يشكل قطيعة للعلاقة الشخصية التي تمت بين سلفه والوريث السعودي.

علاقة هامة:

إذا كان دونالد ترامب قد انتقد في ذلك الوقت من قبل الديمقراطيين بسبب بيع الأسلحة التي يستخدمها التحالف السعودي ضد المدنيين في اليمن، فإن جو بايدن هو الآن موضع نفس تلك الانتقادات.

غردت الكاتبة الأمريكية ماريان ويليامسون، التي أعلنت ترشحها الرئاسي عن الحزب الديمقراطي لعام 2022  “لا ينبغي بناء اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية حول سوق الموت”.

يلخص نيل كويليام “هذا العقد ليس تغييرا كبيرا في النهج، ولكنه اعتراف متردد بأن العلاقة مع السعودية مهمة، وعلى الرغم من المواقف العامة، سو ف تواصل إدارة بايدن دعم الرياض في صراعها في اليمن”.

تقول ياسمين فاروق “بالنسبة للولايات المتحدة، من المهم أن يظل السعوديون عميلهم من مجال الدفاع”.

وهناك أيضا قدر كبير من الضغط من جماعات ضغط الأسلحة، بينما تعمل مصانع بأكملها لصالح بلدان الخليج.

كانت إدارة الرئيس بايدن قد وافقت بالفعل على اتفاق في سبتمبر الماضي بقيمة تصل إلى 500 مليون دولار للحفاظ على أسطول طائرات الهليكوبتر العسكرية في السعودية.

وإذا بدا أن الرياض قدمت عدة تعهدات لواشنطن منذ يناير الماضي ــ بإطلاق سراح العديد من نشطاء حقوق الإنسان الذين كانت قضيتهم في وسائل الإعلام ــ فإن بيع الأسلحة هذا سيكون أيضاً وسيلة لمكافأة الرياض.

تضيف ياسمين فاروق “يرى السعوديون أنهم قدموا تنازلات بشأن عدة مسائل لم تتابعها الولايات المتحدة، كما تلوح أيضا بالبطاقة التي يمكن أن تلجأ إليها الصين وروسيا للحصول على عقود في المستقبل لشراء الأسلحة، حتى وإن كان ذلك صعبا جدا من الناحية العملية”.

يأتي هذا العقد أيضاً بعد إعلان إيران استئناف ملف المحادثات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة في 29 نوفمبر، بعد انقطاع دام قرابة ستة أشهر.

تقول الولايات المتحدة إنها تريد التفاوض مع إيران، ولكنها تقول في الوقت نفسه إنها تريد الدفاع عن السعودية وتأخذ مصالحها في الاعتبار في هذه المحادثات.

ولذلك يحتاج السعوديون إلى دليل، وفي هذا السياق، فإن عقد بيع الأسلحة هذا ليس غير مؤذي، وإذا لم يكن من الضروري أن يوافق الكونغرس على صفقة الأسلحة هذه، فإن مشروع قانون سلبي أقره مجلس الشيوخ ومجلس النواب يمكن أن يعرقل الصفقة.

*   المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع