“إسقاط ولي العهد ليس في الحسبان”

حدثنا الخبير سيباستيان سونس عن قوة خليفة الملك محمد بن  سلمان وعن عواقب قتل خاشقجي وشعبيته في المملكة

أجرى الحوار: كريستيان بوم

(صحيفة “تاجس شبيجل” الألمانية، ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)-

سيد سونس، هناك اشتباه بأن الأمير محمد بن سلمان هو المسئول عن مقتل منتقد النظام الحاكم جمال خاشقجي ما هي العواقب التي قد تترتب على وريث العرش؟

سيباستيان سونس : هو الآن تحت ضغط هائل. هناك مناقشات حول مدى قوة موقف سلمان. صحيح أنه ليس هناك أية علامات على نزع السلطة منه، إلا أنه في الوقت نفسه هناك تفكير بأن يتم إزاحته جانبا كمستشار ذو خبرة.

الصحيفة: ما الذي يُراد تحقيقه من ذلك؟

سونس : من ناحية، تريد الأسرة المالكة أن تظهر أنها وحدة واحدة وأنها يد واحدة ومتكاتفة. ولا تريد أن يتولد لدى السكان على وجه الخصوص الانطباع بأن النظام غير مستقر وأن هناك اضطرابات في السياسة الداخلية. ومن ناحية أخرى، يريد النظام الملكي أن يظهر للعالم الخارجي أنه يعمل على إيقاف الاندفاع المتهور وغير المتوقع في السياسة السعودية. وهذا ليس فقط بسبب مقتل خاشقجي بطريقة وحشية بل بسبب طبيعة بن سلمان المتهورة بشكل عام، على سبيل المثال، فيما يتعلق بأمر الحرب على اليمن.

 

الصحيفة: هل تستبعد حالياً سقوط وريث العرش؟

سونس: لدي انطباع بأن نزع السلطة منه ليست في الحسبان. وما يجري التفكير فيه هو فرض مزيد من السيطرة عليه وتقديم النصح له. الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يقرر مصير ولي العهد هو والده الملك سلمان.

الصحيفة: وهل هو قادر على السيطرة على ابنه؟

سونس: نحن لا نعرف ذلك حقا. ولكن يبدو أنه لا يزال يثق به. فعلى سبيل المثال، ولي العهد هو من يقود اللجنة التي عليها تقديم التوضيحات حول مقتل خاشقجي.

فهل يصح ذلك حتى مع وجود أدلة على أن ولي العهد له علاقة بعملية الاغتيال؟

سونس: الحاسم في الأمر هو حجم المحنة التي من الممكن أن يقع فيها الملك. وهنا يأتي الدور المهم الذي سيلعبه الرئيس الأميركية دونالد ترامب.

الصحيفة: كيف ذلك؟

سونس: السؤال هو: هل لدى أميركا بالفعل مصلحة جدية من تنفيذ عملية تغيير السياسة في المملكة العربية السعودية؟ وعلى سبيل المثال، عند النظر في موضوع اليمن. فهناك تقود الرياض تحالفاً عسكرياً يحارب جماعة الحوثي المسلحة والتي يتكبد فيها الجانبان خسائر فادحة في صفوف المدنيين. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هناك أدلة ستظهر قريباً على تورط بن سلمان في مقتل خاشقجي.  وعلاوة على ذلك تنتهج المملكة العربية السعودية استراتيجية كسب الوقت وتشتيت الانتباه عن الموضوع. استراتيجية المملكة العربية السعودية هي كسب الوقت وتشتيت الانتباه عن الحالة ، ونأمل أن تعود الأمواج للتحرك من جديد.

الصحيفة: ما هو حجم دعم سكان المملكة للأسرة الحاكمة؟

سونس: يبدو أن العديد من السعوديين واقعون تحت تأثير الصدمة والخجل بسبب موت خاشقجي. وغالبا ما يتردد القول أن هذا لا يتناسب مع الأسلوب السعودي المتحفظ. لم يكن هذا السلوك العدواني متوقعاً من الأسرة المؤسسة. خصوصا أن الصحفي قتل داخل القنصلية، المكان الذي يعد مكاناً للحماية بحد ذاته. وهذا كله يتزامن مع الفقدان الكبير للثقة بالقيادة السياسية في أوساط السكان. لكن الآراء انقسمت. فهناك الكثير من الناس مازالوا يؤمنون بولي عهدهم ويرون فيه الرجل الذي يحمل الأمل.

الصحيفة: هل يمكن لأعداء محمد بن سلمان الاستفادة من هذه الخسارة في الثقة؟

سونس: خصومه قد تعرضوا للتهديد أو السجن. لا توجد أبدا معارضة سياسية حقيقية في البلاد. فإذا ما حدثت مشاكل فإنه يتم حلها داخل الأسرة. أعتقد أن القيادة في الرياض ستحاول تعويض هذا التضاؤل في الثقة من خلال اللعب بورقة القومية.

وحينها ستشير بقوة إلى أن البلاد مهددة من جميع الجهات. ليس أقلها العدو اللدود إيران، ولكن أيضا من الغرب. من ناحية أخرى، يجب على المملكة القتال في صف واحد. أستطيع أن أتوقع أن هذا النوع من الخطاب الشعبوي سيكون قادراً على إشغال الناس من خلال اتباع الشعار: نحن نقف في مواجهة العالم.

الصحيفة:  التحدث بصراحة أو تجنب الحديث: كيف يتعين أن يتعامل الغرب مع السعودية وولي العهد بعد وفاة خاشقجي؟

سونس: من المهم التحدث بصوت واحد. هذا ينطبق بشكل خاص على أوروبا. ألمانيا، على سبيل المثال، لديها تأثير ضئيل على النظام الملكي في الخليج. وهناك ثلاثة مستويات لكيفية رد فعل السعودية على الضغط الممارس عليها.

الصحيفة: وماهي؟

سونس: على المدى القصير، سيرغب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بإظهار القوة. ولكن على المدى المتوسط ، يمكنني أن أتخيل أن البلد مستعد لتقديم تنازلات. خاصة بشأن حقوق الإنسان. من الممكن إطلاق سراح النشطاء المحتجزين لتجديد صورة النظام. أما على المدى الطويل، من الممكن تصور أن تكون هناك رغبة حتى في التفاوض بشأن اليمن. لكن حتى مع هذه المسألة ، من الأهمية بمكان أن يتوفر للسعوديين حل يحفظ لهم ماء الوجه.إذ يجب أن لا تبدو كما لو أنها تقزمت أمام الغرب.