علي الدرواني*

لا يمكن أن تمر مشاهد الفعاليات الشعبية والرسمية والحشود المليونية التي ملأت ساحات المولد النبوي الشريف في أكثر من ٣٠ ساحة مركزية، في ١٤ محافظة يمنية، ورسالتها القوية، مثل هذه الحشود لا تمر مرور الكرام أمام أعين المتأمرين والمتحالفين للاعتداء على شعب الايمان والحكمة، ولا يمكن ان يتحملها الامريكي والبريطاني، ولا السعودي والاماراتي، ولا الصهاينة.

والسبب ببساطة، لأن هذا يعني فشل عقدين وأكثر من محاولات ابعاد اليمنيين، وكل شعوب الاسلام، عن ارتباطهم الوثيق برسول الرحمة محمد صلوات الله عليه وعلى آله، بالحرب الناعمة التي سخرت لها جهود جبارة وأموال ضخمة ومكينة عملاقة، وشبكة واسعة من الصحف والمجلات والفضائيات، والمواقع الالكترونية، والبرامج التلفزيونية، والفعاليات والرحلات والندوات، و و و لتتبخر تحت اقدام شعب الايمان والحكمة في بضع سنين، وتظهر المحبة والارتباط العميق بالنبي (ص) كقدوة وأسوة، وبدينه ورسالته كمنهج حياة يمنح العزة والكرامة.

ومن جهة أخرى، قد تكون أشد تأثيرًا وأقوى وقعًا، هي أن ما يجري في اليمن، من هذا الشعب العظيم، ليس في ظل أوضاع مستقرة، ولا في ظروف طبيعية، ولا في حالة رخاء، بل إن الشعب قد كسر كل هذه القيود، وأثبت حضوره، في ميلاد الرسول الأعظم، وهو تحت وطأة حصار ظالم وعدوان غاشم للعام السابع على التوالي، بما يعنيه من هزيمة للمعتدين وفشل كل ادواتهم ووسائلهم لاخضاع اليمن واليمنيين.

ولا تتوقف الحسرة السعودية والأمريكية هنا، فواقع الجبهات العسكرية، يضيف إلى حسرتهم حسرات وإلى عبرتهم عبرات، فقبل هذه الذكرى المقدسة، كانت الانتصارات تتوالى في مختلف محاور التصدي للعدوان، لا سيما جنوب مأرب، وشرق البيضاء، وشمال شبوة، والتي اكتست اثر تحريرها مباشرة باللون الأخضر تعبيرًا عن انضمامها للمشاركة في احتفالات شعبنا بالمولد الشريف بحشود جماهيرية غفيرة.

هذه الفعاليات الكبرى التي لم يشهد لها مثيل تاريخيًا وجغرافيًا، عندما يتم تنظيمها في نفس الوقت عصر الاثنين الماضي، بما يلزمها من جهود ومسؤوليات التأمين والتنظيم والاعداد والترتيب، كلها تخفي خلفها مقدرة هائلة على القيام بها في توقيت حساس وظرف دقيق، يتطلب المزيد من الجهود في ظل تربص قوى العدوان، بل وحتى في ظل حملة اعلامية كبيرة ترافقت مع التحضيرات التي ابتدات اول شهر ربيع المبارك، بغرض التخذيل والتشويش والتحريض والتشويه للمناسبة بكل ما أوتيت وسائل اعلام العدوان من قوة، اذا أخذت هذه التفاصيل والتحديات في الحسبان، فإن ما جرى يتجاوز كل الحدود ويحطم كل الأطر التي وضعت لتقزيم اليمن، ومحاولة الهيمنة عليها، وينسف كل دعاوى العدوان، ومبرراته التي يسوقها لتبرير عدوانه، فلا شرعية الا شرعية الشعب المتمسك بثوابته، ويقف خلف قيادته الحكيمة والفذة، والتي استطاعت في بضع سنوات أن تؤسس لمرحلة ينظر فيها لليمن بصورة تملأ العين والقلب، وتخرس السنة الحاقدين، وتعصف بمخططاتهم ومؤامراتهم، وتؤكد ان اليمن ليس لقمة سائغة، وأن أولئك المرتزقة لا يمثلون إلا أنفسهم، بل إنهم اليوم قد سقطوا حتى في قرارة أنفسهم، ولسنا هنا بوارد ذكر أمثلة لتغريداتهم اليائسة والبائسة وتقاذفهم الاتهامات للهجز والفشل فيما بينهم البين، وفيما بينهم وبين تحالف العدوان.

يكفي هنا أن يشار الى تغريدة أفصحت عن موقف قوى الاحتلال والعدوان، بعد مشاهد المولد العظيمة، لمغرد اماراتي مقرب من بلاط الامراء، حيث جاءت التغريدة لتعبر عن “‏صفر ثقة” في حكومة الخائن هادي و”صفر ثقة” في جيش المرتزقة، الذين حسب تعبيره “لا يستحقان الدعم السخي الذي قدم لهما” من تحالف العدوان، وانه “خسارة فيهم كل دقيقة وكل دولار دعم ينفق عليهما” هكذا هي حالتهم، يهزمون ويخسرون ويصفعون على وجوههم، ويحملون مرتزقتهم تبعات الفشل واسباب الخسارة، لتصل ذروتها بعد مشاهدة حشود اليمن العظيمة بالمولد الشريف.

بعد ظهر الاربعاء، عبرت الرياض عن خيبتها وانزعاجها وصبت غضبها على مجلس الامن، لتعرب عن اسفها “لوقوف مجلس الأمن عاجزاً عن إدانة هجمات وممارسات ميليشيا الحوثي الإرهابية تجاه المملكة”. الغضب الذي تحول سريعًا مع حلول المساء ببيان منحاز لمجلس الامن، رفع معنويات الرياض المنهارة، ودفع بها صباح اليوم التالي لتعوض عن خيباتها المتراكمة، وتحسن من صورة عجزها، ولتتجاوز مفاعيل المشهد النبوي العظيم، بغارات عدوانية على العاصمة النبوية صنعاء، وهي غارات تعبر فقط عن حالة اليأس السعودية، وتضع سبع سنوات من الحرب في خانة الهزيمة السعودية الواضحة، اذا لا معنى لقصف صنعاء بعد سبع سنوات الا الفشل المستمر.

على كل حال، لا بيان مجلس الامن المنحاز، ولا الغارات اليائسة قادرة على تجاوز استحقاقات شعب الايمان والحكمة، المستند الى رسول الله صلوات الله عليه وعلى اله، والمتمسك بالجهاد المقدس، مصدر العزة والكرامة الوحيد، والايام القادمة بفضل الله ومنه ستكون شاهدا على مزيد من الانتصارات باذن الله العزيز الجبار.

* المصدر : موقع العهد الإخباري
* المادة التحليلية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع