السياسية :

كانت حكومة الإمارات متورطة في العدوان ضد اليمن من خلال مشاركتها في تحالف العدوان العربي الأمريكي منذ البداية ولقد أرسلت أكبر القوات والمعدات العسكرية إلى اليمن بعد السعوديين. ولقد اختتم القادة الإماراتيون، الذين اعتقدوا في البداية أن الإنفاق العسكري الهائل الذي أنفقوه على حرب اليمن سيحقق أهدافه الاستراتيجية في هذا البلد الفقير، ولكن عقب الانتصارات التي حققتها قوات حركة “أنصار الله” وتصعيد الضربات الصاروخية اليمنية داخل العمق السعودي والإماراتي، واستمرار تعاون الإمارات مع السعودية في العدوان على اليمن كانت لهذا التعاون نتائج كارثية على الإمارات. وعلى وجه الخصوص وأن معظم عائدات الإمارات تأتي من مصادر سياحية، وسيؤدي تأثير صواريخ “أنصار الله” على المواقع الإماراتية – كما في حالة السعودية – إلى أضرار اقتصادية لا يمكن إصلاحها للإمارات.

ومنذ بداية العدوان على اليمن، كانت استراتيجية الإمارات في اليمن مختلفة عن الاستراتيجية السعودية. حيث كان الهدف الرئيس للسعوديين هو إضعاف جماعة “أنصار الله” حتى تعود السلطة مرة أخرى إلى الرئيس اليمني المستقيل “عبد المنصور هادي”، وتوسيع نفوذ الرياض في اليمن، وتعزيز الوضع الأمني ​​على الحدود اليمنية السعودية. لكن الإمارات حاولت توسيع نفوذها في المناطق الساحلية وجنوب اليمن لتستخدمه في تعزيز وجودها على الخطوط البحرية في خليج عدن ومضيق باب المندب وأجزاء من القرن الأفريقي وحاولت الإمارات بشكل أساسي التأثير على مجرى الأحداث في جنوب اليمن من أجل إضعاف حكومة “عبد ربه منصور هادي” المستقيلة ومنعها من مواجهة أهداف الإمارات في المنطقة.

لقد كانت الإمارات تتوسع تدريجياً خلال الأشهر القليلة الماضية، وبعد أن زعمت حكومة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” أنها تريد إنهاء الحرب اليمنية، ومع تصارع السعوديين مع العواقب العسكرية والاقتصادية والسياسية للحرب اليمنية، زادت الإمارات من نفوذها في اليمن. وحتى وقت قريب، كانت الاطماع الإماراتية في اليمن تتنامى، وخاصة في جزيرة سقطرى، ولقد زادت رغبتها في توسيع نفوذها في تلك المنطقة، وفي بداية الأمر سعت أبوظبي إلى إنشاء قواعد عسكرية في الجزيرة لقواتها العسكرية وللتجسس وجمع المعلومات، ولكن عدد من الخبراء كشفوا أن الإمارات تعتزم احتلال جزيرة سقطرى واعطائها لأصدقائها الجدد المتمثلين بالصهاينة.

ولقد وصلت المحاولات الصهيونية الإماراتية للاستيلاء على جزيرة سقطرى الاستراتيجية إلى نقطة أسكتت فيها أصوات المسؤولين اليمنيين في الحكومة اليمنية المستقيلة والقابعة في فنادق الرياض. وكما أفادت مصادر إخبارية بأن الكيان الصهيوني، قام بالتعاون مع الإمارات، بالدخول مؤخرًا إلى جزيرة سقطرى جنوبي اليمن بسفينة تحمل عتادًا عسكريًا، وتخطط لإنشاء مطار عسكري لها هناك. وتم الكشف عن التورط العلني للقوات والوكلاء الإسرائيليين في قضية اليمن بعد اتفاق تطبيع العلاقات بين أبو ظبي وتل أبيب، وتحاول الإمارات تحقيق الأهداف الصهيونية واحتلال جزيرة سقطرى الاستراتيجية. وفي هذا الصدد، وبحسب تقارير غير رسمية، فقد درب جيش الكيان الصهيوني وجهاز المخابرات العسكرية التابع للصهاينة المسمى “أمان” بمساعدة الجيش الإماراتي بعض المرتزقة اليمنيين في جزيرة سقطرى في العام الماضي. ومنذ منتصف عام 2020 ، وطأت أقدام الصهاينة بشكل علني جزيرة سقطرى بمساعدة من قبل الإمارات، والآن يمكن للسياح الصهاينة السفر بسهولة إلى تلك المنطقة؛ بينما الإمارات تمنع اليمنيين من دخول سقطرى!

وحول هذا السياق، افادت وكالة الصحافة اليمنية قبل عدة أيام عن قيام الكيان الصهيوني بانشاء مركزا استخباراتيا له في مطار جزيرة سقطرى جنوب شرق اليمني التي تحتلها الإمارات. وعلمت وكالة الصحافة اليمنية، من مصادرها، أن الهلال الإماراتي، وقع عقدا مع الكيان الصهيوني لإنشاء مركز استخباراتي تابع للقوات الجوية الإسرائيلية في مطار مدينة حديبو عاصمة الجزيرة. وأوضحت المصادر أن الإمارات فتحت سقطرى للوجود العسكري الإسرائيلي منذ إعلان تطبيع العلاقات بينهما في منتصف العام 2020م. يأتي ذلك بعد أن أرسلت الإمارات عدة سفن تحمل على متنها معدات وأجهزة عسكرية إسرائيلية، تم إنزالها في ميناء الجزيرة خلال الأشهر الماضية. وأفسحت الإمارات المجال، أمام الوجود العسكري الصهيوني في سقطرى، لإنشاء مطار عسكري وبإشراف خبراء فنيين من البحرية الإسرائيلية، واستمرار وصول ضباط من المخابرات الإسرائيلية إلى سقطرى تمكنوا خلال النصف الثاني من العام الماضي 2020م، من نصب شبكة اتصالات عسكرية بالجزيرة.

إن رؤية الإمارات لجزيرة سقطرى من خلال العيون الصهيونية يعني فصل الجزيرة عن اليمن وتغيير موقعها الجغرافي، بحيث يمكن لأبوظبي والكيان الصهيوني أن يراقبوا بشكل استراتيجي المناطق والطرق البحرية الاستراتيجية مثل بحر عمان والمحيط الهندي وبحر العرب إلى باب المندب والتجسس على المنطقة بشكل كامل. وقبل بضعة أشهر، أعلنت الإمارات أيضًا أن أبو ظبي نفذت مؤخرًا حزمة جديدة من الإجراءات، بما في ذلك شبكات الاتصال، لتغيير طبيعة وثقافة سكان سقطرى والسيطرة على هذه الجزيرة المهمة والاستراتيجية في المحيط الهندي. وكذلك وبعد الاتفاق الأخير مع الكيان الصهيوني، قامت أبو ظبي بإنشاء وتطوير شبكات الاتصالات الإنترنت في الجزيرة وتجهيزها بالمعدات وخطوط الاتصال الإماراتية. وإضافة إلى هذه الأنشطة، وضعت دولة الإمارات تدابير أخرى على جدول أعمالها لتغيير الهوية اليمنية للجزيرة، بما في ذلك تغيير تقاليد سكان الجزر في مجال الزواج والملابس التقليدية النسائية وغيرها من القضايا؛ كما يقدمون دورات تعليمية وخاصة لأطفال سقطرى ويعلمونهم تاريخ الإمارات ويعتقد سكان سقطرى أن تصرفات الإمارات تهدف إلى إجبارهم على مغادرة الجزيرة وقبول عروض خادعة لبيع أراضيهم لاستبدالهم بالأجانب.

وعلى هذا المنوال نفسه، كانت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية قد كشفت الثلاثاء، 25 أيار 2021، أن الإمارات تقوم بتشييد “قاعدة جوية سرية في جزيرة ميون البركانية قبالة اليمن، وتقع القاعدة في واحدة من نقاط الاختناق البحرية المهمة في العالم لكل ممرات الطاقة والشحن التجاري، بالتحديد عند مضيق باب المندب. الوكالة نقلت عن مسؤولين في حكومة الفنادق، أن إماراتيين يقفون وراء مشروع القاعدة الجوية، رغم أنها أعلنت عام 2019 سحب قواتها من تحالف العدوان العسكري بقيادة السعودية من اليمن. وأفادت تقارير بأنه جرى نقل المعدات من القاعدة الإماراتية في إريتريا إلى جزيرة ميون، في استنساخ لسيناريو الهيمنة الإماراتية على جزيرة سقطرى اليمنية التي سيطرت عليها الإمارات، علماً بأن موقع جزيرة ميون أكثر أهمية. وحول هذا السياق، قال نائب رئيس مجلس النواب اليمني في حكومة الفنادق، “عبدالعزيز جباري”، إن السكوت عما يجري في جزيرة ميون في مضيق باب المندب من قِبل دولة الإمارات تفريط في سيادة اليمن. جاء ذلك في أول تعليق رسمي على ما نشرته وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية من صور مأخوذة عبر أقمار صناعية لقاعدة جوية في جزيرة ميون اليمنية، يعتقد أنها تابعة لدولة الإمارات.

وفي الختام يمكن القول إنه أصبح لا يخفى على أحد أن الهدف الأساسي للإمارات في جزيرة سقطرى وجزيرة ميون هو موقعهما الاستراتيجي الذي يتلاءم تماماً مع تصورها لنفسها كإمبراطورية بحرية، تسيطر على خطوط إمدادات الطاقة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والسيطرة على ميناء عدن الاستراتيجي. فمن يهيمن على سقطرى وميون لاسيما ببناء قواعد عسكرية برية وبحرية بالجزيرة يمكنه أن يسيطر على الملاحة قرب مجموعة أهم المضائق المائية في العالم، فهاتين الجزيرتين ليستا بعيدتين عن مضيق هرمز وقريبة لمضيق باب المندب ومنه إلى قناة السويس. وتاريخياً دفعت الأهمية الاستراتيجية لأرخبيل سقطرى وميون الطامعين الأجانب إلى محاولة احتلالها والسيطرة عليهما. كما يمكن القول إن الهدف لم يكن يوما فرض السلام في اليمن ولا التصدي لتوسع قوات “أنصار الله” كما تزعم الإمارات على الدوام بقدر ما هو خدمة أسيادها من الصهاينة وتمهيد الطريق لهم حتى يتحولوا إلى قوة بحرية كبرى تهدد الأمن القومي العربي وتقلب القوى لمصلحتها وهو ما دأبت الإمارات على الاشتغال عليه بكل عزم يقيم الدليل على خيانتها الواضحة وانخراطها العلني في الحرب على العرب والمسلمين.

* المصدر : الوقت التحليلي
* المادة التحليلية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع