أحمد يحيى الديلمي

 

رحم الله الزعيم الكبير الخالد/ جمال عبد الناصر ، فإذا كان قد أصيب بسكتة قلبية نتيجة ما حدث في تلك القمة المشؤومة التي أعقبت أحداث أيلول الأسود في الأردن ، فكيف كان سيكون حاله اليوم بعد أن اجتمعت ما يُسموا بالقادة العرب في حاضرة ألد أعداء العروبة والقومية ، حاضرة ما يُسمى بالسعودية ، هذه المملكة التي تآمرت على العروبة والإسلام واستطاعت أن تشكل رأس حربة لهدم الإسلام من داخله، إضافة إلى التآمر على كل ما هو عربي .

الغريب أنهم كانوا في الماضي يقولون بأن فكرة القومية والعروبة تتعارض مع الإسلام وأنها دعوة شوفينية ، ثم تحولت الآية وأصبحوا هم أنصار العروبة ولكن على الشاكلة التي يريدونها هم وبنفس التعريف الذي أطلقه الملك فيصل بعد إحدى القمم العربية ، أعتقد أنها قمة الرباط التي تم فيها الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني ، لم يستسيغ هذا القرار والآن اكتشفنا لماذا عارضه ووقف ضده ، فلقد أستطاع هذا القرار أن يُحبط المؤامرة التي كانت قد حيكت في زمنِ مبكر من قبل بريطانيا وتبنتها السعودية وكانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية والاعتراف بدولة الكيان الصهيوني في المنطقة ، إلا أن قرار القمة أحبط هذه المؤامرة ومن المضحك المُبكي أن القمة الأخيرة قمة الظهران الهزيلة تحدثت عن القضية الفلسطينية وعن القدس بعد أن صال وجال الأمير الغر محمد بن سلمان في أمريكا وأوروبا وأطلق تصريحات نارية دافعت عن دولة الكيان الصهيوني وحقه في الوجود أكثر من الصهاينة أنفسهم ، إذ ورد على لسانه كلام يتحاشى حتى الآن كل صهيوني أن ينطق به ، أليست مهزلة وكارثة كبرى ؟!! بل ونكبة ما بعدها نكبة أن يجتمع العرب في محفل لا يختلف كلياً عن المحفل الصهيوني ، كلهم يبحثون عن حلول تفيد دولة العدو الصهيوني وتتآمر على الشعب الفلسطيني ، أين أنت يا عبد الناصر ؟! وأين الزعماء العرب الذين تنادوا في ذلك اليوم لتأسيس الجامعة العربية بعد أن تكالب الصهاينة ودول الغرب وحاولوا السيطرة الكلية على مقدرات الأمة ، فجاء قيام الجامعة ليمثل حائط صد ضد كل المؤامرات التي تحاك من قبل الآخرين ، لكن للأسف استطاعت قوى التآمر أن تنفذ من مكان آخر وكانت السعودية رأس الحربة التي تمكنوا من خلالها أن يحققوا أغراضهم الدنيئة ، وهى إلى اليوم لم تتحقق ولن تتحقق طالما وأن في الأمة عرق ينبض وإرادات تتحدى وتضحي وتقدم الغالي والرخيص في سبيل الدفاع عن الأمة وعن مقدراتها وعن حقوقها المغتصبة ، وما حدث في الظهران لن يقدم ولن يؤخر ، لأن هناك إرادات عربية لا تزال تحافظ على حقها واستقلالها وكرامتها ومستعدة لأن تقدم كل شيء في سبيل نصرة القضية المركزية للأمة  ، هم قالوا في القمة أنها قضية العرب الأولى ، لكنه قول بلا فعل ، فإن يمكن أن نضع هذا القول بعد أن فُرغت العروبة من معانيها وقيمها السامية وأصبحت عبارة عن رابط يدل على الجنسية فقط ، وليت صفة الجنسية اكتملت ولكنها ناقصة ، لأن العربي ممنوع من دخول كل الأقطار العربية ، وأحياناً حتى بلده مسقط رأسه يمنع دخوله لأنه مقاوم لفكرة الاستسلام والخنوع، ألستم معي بأنها قمة المهزلة ؟!! الله ينجي الأمة من مثل هؤلاء القادة ويحفظها من تامراتهم الخبيثة .. والله من وراء القصد ..