تظاهرات “الصقور” تعيد كابوس الطائفية في العراق
السياسية – رصد :
تصاعدت حدة الاتهامات بين متظاهرين من الفرات الأوسط وحكومة وشيوخ عشائر الأنبار بعد منعهم من دخول المحافظة
تصاعدت حدة الجدل والاتهامات بين ممثلين عن متظاهرين من محافظات الفرات الأوسط وحكومة الأنبار وشيوخ عشائرها، بعد منع المتظاهرين من دخول المحافظة عبر نقطة تفتيش الصقور، التي تربطها بمدن بغداد والجنوب العراقي، لتعيد أجواء الشحن الطائفي والمناطقي من جديد في البلاد.
وحاول نحو 200 متظاهر معظمهم من محافظة بابل بقيادة الناشط المثير للجدل ضرغام ماجد، الذين أطلقوا على أنفسهم “أحرار العراق”، دخول المحافظة والتظاهر في مركزها بمدينة الرمادي، للتعبير عن رفضهم لما اعتبروه خطوات من رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي لتقسيم العراق وشعبه.
احتواء الأزمة
وعلى الرغم من التصعيد في مواقع التواصل الاجتماعي العراقية، ورفض نواب الأنبار وشيوخ عشائرها في سلسة بيانات دخول هؤلاء المتظاهرين إلى مدينة الرمادي وتهديد مُحافظها “علي فرحان” بالتضحية بنفسه لمنع دخولهم المدينة، لكن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن ناصر غنام تعامل مع محاولة دخول ضرغام ومن معه عبر نقطة الصقور بدبلوماسية كبيرة، وطلب منهم التحلي بالصبر وعدم البقاء واقفين تحت أشعة الشمس المرتفعة، متعهداً لهم بنقل مطالبهم إلى الجهات المعنية. واستطاع وبعض شيوخ عشائر الأنبار إقناعهم بالانسحاب بعد ساعات من وجودهم في مدخل المحافظة، إلا أن ما حدث تسبب في جدل كبير في الشارع العراقي، أعاد من جديد أجواء التوتر الطائفي التي كانت ظاهرة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي ردود الفعل من جميع الأطراف.
ذكرى سيئة
وأصدر مجلس شيوخ وجماهير الأنبار بياناً في مؤتمر صحافي في مدينة الرمادي، أوضح فيه أسباب رفض التظاهرات في المدينة، وما تشكله من ذكريات حزينة ومأسوية لسكانها. وذكر، أن “الأنبار خرجت للتو من أتون حرب طاحنة شنتها عصابات إرهابية تكفيرية كادت تؤدي إلى تمزيق البلاد، وجعلت المحافظة منكوبة وأهلها مشردين مهجرين”. وأضاف البيان، “أن الشيوخ يرحبون بالضيوف حرصاً منهم على إدامة الأمن والاستقرار بعيداً عن التظاهرات أو التجمعات ولغتها السياسية ورسائلها التي جعلتهم يدفعون ثمناً باهظاً من الدماء”.
التظاهر أمام دار الحلبوسي
ويبرر الناشط البارز موسى رحمة الله، “أن هدف التظاهر في الأنبار هو الاعتراض على سياسة الحلبوسي في مقره وأمام جمهوره”، معتبراً “أن هناك مؤيدين لخطوة المتظاهرين من أهالي الأنبار”. ويضيف، “أن اللجنة المركزية للتظاهرات تتكون من عدد من الناشطين، منهم ضرغام ماجد من محافظة بابل، ومجموعة أخرى من مدن السماوة والناصرية والبصرة، وقامت بسلسة فعاليات احتجاجية خارج محافظاتهم”، مبيناً “أن الهدف من التظاهر في الأنبار لكون منزل رئيس مجلس النواب في المحافظة، ونحاول إيصال مطالبنا من خلالها”.
وانتقد رحمة الله منع المتظاهرين من دخول المحافظة، وخطاب الحلبوسي الذي وصفه بالتحريضي على اعتقال الشباب وفق المادة 4 إرهاب، مشيراً إلى أن كثيراً من شباب الأنبار شارك في تظاهرات بغداد وكانوا من ضمن المعتصمين وناصروا المتظاهرين. ويشير إلى “أن الاحتجاج في أماكن متفرقة هو جزء من ديناميكية مجموعة ضرغام، وهو أعلن أنه ضد سيطرة الحلبوسي وديكتاتوريته التي يستخدمها ضد محافظة الأنبار، فضلاً عن أن الأخير كونه رئيساً للبرلمان كان من ضمن المصوتين على حكومة عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي”، معتبراً أن “مطالب المتظاهرين مختصة بالعراق، وهي ضد التسلط الحزبي في تعيين الدرجات الوظيفية في المؤسسات الأمنية”. وأشار إلى “وجود تأييد للمتظاهرين من قبل شيوخ عشائر وتجار من محافظة الأنبار، إلا أنه تم تهديدهم ومورست ضغوط سياسية ضدهم”. ويرى، “أن الحلبوسي يعمل على تحويل القضية التي تتعلق بانتقاد إدارته وفشله إلى قضية عامة تتعلق بالخطاب الطائفي لأهداف انتخابية، وهذا ما عملت عليه ماكينته الإعلامية”. ويتهم رحمة الله من يحاول أن يتلاعب بالرأي العام، وخداع قناعات الناس وتأجيج الطائفية واستثماره سياسياً، بالتالي ستنطلق بعد يومين مبادرة من بعض الشباب المتظاهرين وأهل الأنبار لتوضيح الخطوة، معتبراً أن “شباب تشرين” أكثر وعياً من أن ينجروا إلى خندق الطائفية والمناطقية.
رفض الطائفية
فيما أبدى عضو مجلس محافظة الأنبار السابق عيد عماش رفضه لمحاولات البعض من إعادة التحريض الطائفي بهدف الرجوع للمربع المفزع مرة أخرى. ويضيف “أن أهالي الأنبار ونخبها لن ينجروا إلى أي تخندق طائفي أو إثني، لأن العراق عانى الحروب منذ عام 1980 إلى الآن. مللنا من الحروب والقتل والدمار والتشريد وهذا الأمر يقلق كثيراً”، داعياً المتظاهرين إلى التظاهر في العاصمة بغداد وأمام السلطة الاتحادية”.
وتساءل عماش لماذا يتظاهر أهل الوسط والجنوب في الأنبار، ونحن نتخوف من أن يكون هناك احتكاك ومعارك داخل المحافظة؟ وندين الرجوع إلى الطائفية المقيتة، وأشار “نرفض أن يتظاهر ابن الوسط أو الجنوب أو كردستان في المحافظة، لأن هدفه صب الزيت على النار لحرق العراق”. ونفى أن يكون هناك مؤيدون من أهالي الأنبار للتظاهرات في المحافظة، داعياً إلى التظاهر أمام مقر البرلمان العراقي في بغداد أو أمام مقر السلطة التنفيذية برئاسة الكاظمي، إذا كانت هناك مطالب خدمية. وأبدى مخاوفه من زيادة حدة التوتر الطائفي كلما اقترب موعد الانتخابات للحصول على مكاسب انتخابية.
عناصر مندسة
من جانبه، يقول مستشار محافظ الأنبار عزيز الطرموز، إن المحافظة تتخوف من دخول عناصر مندسة بين المتظاهرين، وتتكرر التظاهرات السابقة التي حدثت فيها، وأدت إلى القتل والتهجير.
وكانت احتجاجات شهدتها محافظة الأنبار نهاية 2012 وحتى نهاية 2013 للمطالبة بحقوق المحافظة وأهلها، تحولت إلى أزمات كثيرة، بعد تغلغل “داعش” إلى مدنها وتطور الأمر إلى اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومسلحي التنظيم بعد رفع خيام الاعتصام، وسيطرة التنظيم على أغلب مدن المحافظة وتدمير بناها التحتية بشكل شبه كامل.
وأضاف الطرموز، “الذي ينفذ المطالب هو الحكومة الاتحادية، لهذا فإن التظاهر عند رئيس البرلمان غير مفيد”، لافتاً إلى “أن من الحكمة التوجه إلى الحكومة الاتحادية في بغداد، لأنها هي المعنية بتنفيذ البنى التحتية في المحافظة”، وشدد على ضرورة أن يسود العامل الوطني بدل التحريض الطائفي، داعياً وزارة الاتصالات إلى غلق وحجب أي موقع يشجع على التحريض الطائفي ويسعى لإشعال فتيل الانقسام.
المادة الصحفية : تم اخذها حرفيا من موقع الاندبندنت