طالب الحسني*

ليس هناك متغيرات كبيرة لجهة الذهاب إلى حل سياسي شامل في اليمن ، حتى مع تعيين مبعوث دولي جديد خلال الأسبوع الماضي ووقع اختيار الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش على السويدي هانس جروندبرغ الذي شغل منصب ممثل الاتحاد الأوروبي في اليمن ، اذ أن عناصر البقاء خارج طريق السلام لا تزال هي نفسها لم تتبدل ، واحدة من أهم هذه العناصر تمسك التحالف السعودي الأمريكي برؤيته للحل وهو ما أطلق عليه السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في آخر خطاباته ، السلام على الطريقة الامريكية والاسرائيلية ، التي تعني الاستسلام وبقاء اليمن في حالة حصار دائمة وأبواب التدخل العسكري مفتوح والنموذج الأقرب إلى ذلك غزة الفلسطينية ، هذا النموذج يتموضع حاليا بنسبة كبيرة جدا ، مع التنويه بأن كسر هذه الحالة يتعلق بأمرين :

استمرار تقدم الجيش اليمني واللجان الشعبية واستعادة المدن التي لا تزال تحت السيطرة التحالف من بينها مارب والمحافظات الجنوبية اليمنية
تصعيد الهجمات الجوية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية على العمق السعودي .

هذان الخياران هما الورقة الرابحة التي تمسك بها العاصمة صنعاء وتعتبرها الطريق الوحيد نحو استكمال تثبيت النظام الجديد في العاصمة صنعاء بتعزيز المكاسب العسكرية واستعادة المزيد من الأراضي ، وصولا إلى فرض معادلة عسكرية لكسر الحصار المفروض من خلال استعادة مارب النفطية شمال شرق اليمن ، والانتقال لاستعادة شبوة النفطية والغازية والمطلة على البحر العربي جنوب اليمن ، وايضا تعزيز التواجد العسكري باتجاه الاشراف على باب المندب غرب اليمن .

لكن هل هذا ممكن ؟

هذا التحول ممكن وان كان يحتاج بحسب تقديرات قريبة إلى ما يقارب العام ، وهذا التقدير مستند إلى القوة العسكرية الكبيرة التي باتت تملكها العاصمة صنعاء ، مقابل تفكك القوى العسكرية والسياسية المتحالفة مع السعودية ، وايضا استمرار الخلاف الإماراتي السعودي في محافظات جنوب اليمن ، ولعل الانهيار الاقتصادي في المحافظات التي يسيطر عليها التحالف عامل مساعد واستراتيجي للعاصمة صنعاء التي قدمت حكومتها نموذج أفضل وأكثر قدرة على الادارة السياسية والاقتصادية رغم الاستهداف والحصار المفروض عليها وحتى العزلة الدولية .

التحالف يملك الحصار ويملك التعنت في عدم الذهاب إلى حل سياسي بشروط صنعاء ، ولكنها لا تملك القوة لوقف استعادة صنعاء للمحافظات الخارجة عن سيطرتها ، واكثر من ذلك ان السعودية فشلت في حماية نفسها من الهجمات اليمنية .

هذه المعادلة هي الصخرة الكبيرة التي تقف امام جهود الامم المتحدة في الوصول إلى حل سياسي شامل ، ولا يتغير ذلك بتغيير المبعوث الاممي إلى اليمن ، أما قدرة الهيئة الدولية في تفكيك هذه المعادلة فإنها حاليا لا تزال شبه منعدمة .

من الواضح أن البيت الابيض ليس مستعجلا في إنهاء الحرب والحصار على اليمن مثلما بدا في الأيام الاولى من رئاسة بايدن ، خاصة أنه اصطدم بتمسك المجلس السياسي الاعلى في صنعاء برؤيته للحل السياسي الشامل والذي ينطلق من رفع الحصار أولا وانسحاب القوات الأجنبية من الأراضي اليمنية ثانيا والشرط الاخير يعتبر تحول كبير لم يكن موجودا بقوة على طاولة المفاوضات خلال الأعوام السابقة ، وبالتالي تعمل واشنطن على استراتيجية أعلنت جزء منها مساعدة وزير الدفاع الأمريكي دانا سترول فيما يتعلق بمساعدة السعودية على الدفاع عن نفسها مثلما تقول ، وهذا يعني ان وقف واشنطن للدعم العسكري للسعودية في العدوان على اليمن لم يتحقق ولن يتحقق في المستقبل بعد أن فشلت عملية الاحتواء التي كانت متواجدة أو متخيلة امريكيا وجزء منها تسمية البيت الابيض لمبعوث خاص لليمن ليندركينغ الذي قام بجولات متكررة إلى العاصمة العمانية مسقط ، قبل أن يعلن فشل المحاولات .

التطور الجديد يتعلق بتعزيز الوجود الامريكي والبريطاني في محافظة المهرة الاستراتيجية والبوابة الشرقية لليمن مع التركيز على حقيقة وجود قوات محدودة منذ سنوات في مطار الغيضة الذي تحول إلى ثكنة عسكرية وشبه قاعدة في المحافظة ، وهذا التواجد يأتي لأهداف مرتبطة بالصراع مع ايران اكثر من كونه مرتبط باليمن واهداف التحالف السعودي الامريكي حتى مع كونه ينطلق من فكرة أن تكون الطائرات المسيرة التي استهدفت السفينة الإسرائيلية ميرسرستريت قد انطلقت من اليمن .

* المصدر : رأي اليوم