أحمد يحيى الديلمي ——–

أحد الزملاء العرب حصل على الجنسية البريطانية  ويعيش في مدينة ليفربول ، بعث برسالة عبر الواتس آب تسائل فيها بمرارة عن أسباب حالة السُبات العميق التي يعيشها الشارع العربي والمؤسسات الصحفية المشهورة التي أمضت سنوات تتباكى وتذرف دموع التماسيح على الصحفيين في سوريا والعراق واليمن ، وما يتعرضون له من انتهاكات تصل إلى حد التصفية الجسدية ، وتسائل أليس خاشقجي صحفي سعودي يجب التضامن معه ؟!

للإجابة على الزميل كان لابد من تذكيره بالأسباب التي أجبرته على مغادرة مسقط رأسه والهروب إلى بريطانيا مُكرهاً ، أما الشارع السعودي فهو يستحق الشفقه لأنه مغلوب على الصمت أو مخدر بثقافة ( أطع ولي الأمر وأن سلخ جلدك أو كسر  عظمك) للآسف تجذرت هذه الثقافة في الو اقع وامتدت إلى بقية الدول العربية لأن من شكك في الحديث يُتهم بالكفر والردة ويباح دمه ، وهذه أبشع صورة لاستغلال الإسلام وتحويله إلى مظله لممارسة كل أنواع التنكيل والتعذيب والسحل لكل معارض.

في ذات السياق الموقف يكشف عن زيف مشاعر المسئولين في أمريكا وأوروبا فهي تنتقي الشخص الذي تتعاطف معه وزمن وأسلوب التعاطف ، فكم من الأشخاص تعرضوا للسحل والتصفية الجسدية آخرها الجرائم البشعة التي يتعرض لها اليمنيين ، لكن هذه الدول تغض الطرف عنها أو توظفها للمساومة وابتزاز دول العدوان وعلى رأسها السعودية .

ما حدث لخاشقجي ذكرني بموقف أكثر جُرماً وبشاعة فلقد اشترت المخابرات السعودية قيادات فلسطينية وكلفتها بخطف المعارض السياسي السعودي الشهير ناصر السعيد من أمام مقر مجلة الكفاح العربي في بيروت ونقلته بطائرة خاصة إلى السعودية وتمت  تصفيته بنشر جسده بالمنشار واستدعاء أقاربه لمشاهدة قطع جسمه الممزق كأبشع فعل يبث الخوف والرعب . إذاَ يا صديقي هذه هي أيديولوجية النظام السعودي ودول الغرب على علم به لكنها تغض الطرف لتنال المال وتبرم صفقات الأسلحة .

هذا هو ملمح بسيط عن التاريخ الأسود لنظام آل سعود المعزز بليونة وفي أكثر الحالات مباركة من الدول المعروفة بدول العالم الحر والمشاركة الفاعلة في الإجرام عبر توجيه العقاب الجماعي للشعوب التي ترفض الوصاية والتبعية المقيتة للعم سام كما هو حال اليمن وسوريا ، أخيراً نُدين بشكل مطلق ما تعرض له الصحفي جمال خاشقجي وكل صحفي ومواطن سعودي ، ولكل ضحايا الجرائم البشعة للنظام السعودي في اليمن وسوريا ، وعلى العالم الغربي إن كان حراً فعلاً أن يُدرك أن خاشقجي نموذجاً لعشرات الآلاف من الضحايا ، وهناك أدلة على جرائم أكثر بشاعة فقط على الغرب أن يصحوا ، وقبل ذلك العرب والمسلمين من السبات العميق لأن هذه المعلومة تتطلب أن يرتقي سلوك العالم إلى مستوى استشعار المسئولية تجاه الإنسان وحقوقه كإنسان ، بعيداً عن طغيان المصالح أو التعاطي مع الأحداث بأفق انتهازي يستند إلى الطائفية بقرونها المقيتة وكل أشكال الإقصاء وتقديس المنافع حتى يثوب العالم ويعود إلى رشده .. والله من وراء القصد ..

&