إثيوبيا المهددة بالانفجار
السياسية: متابعات : صادق سريع
تبدو كل الجبهات في إثيوبيا هادئة، في بداية صيف عادي لعام 2021.
لكنه الهدوء الذي يتلو صخب الحرب في إقليم تيغراي، وأزمة سد النهضة مع مصر.وهو الهدوء الذي يسبق عواصف أخرى، إحداها قد تكون انهيار الحكم المركزي في أديس أبابا، وتفكك الدولة!تتسارع الأحداث الداخلية في إثيوبيا في أعقاب لجوء رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في نهايات 2020 إلى استخدام القوة ضد قادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وقيام جيش الدفاع الوطني الإثيوبي بعمليات عسكرية داخل الإقليم.ووثقت تقارير دولية فظائع ارتكبها جنود الجيش الوطني بالإقليم، وصلت إلى الاغتصاب والقتل الجماعي.وتهب مقدمات الرياح مع الجيران، وفي المقدمة السودان ومصر، على خلفية مشروع سد النهضة والخلافات الحدودية.ويتحول التحالف الوليد مع إريتريا إلى قنبلة موقوتة، بعد أن وصل نفوذ إريتريا في إثيوبيا يصل إلى حدود الاحتلال.يتراجع الإقتصاد الإثيوبي، ومعه شعبية الزعيم الذي كان واعداً، وتطفو إلى السطح للمرة الأولى علامات استفهام، بشأن مدى استقرار نظام حكم آبي أحمد، وإمكانية استمراره.هذا التقرير يستعرض المشهد السياسي لإثيوبيا، في ظل حروب داخلية لا يبدو لها نهايات في المستقبل المنظور، وتوترات مع الجيران في ملفات مغلقة، من غير المستبعد أن ينفجر أحدها في صورة حرب أخرى، من سلسلة حروب القرن الإفريقي التي لا تضع أوزارها أبداً.
ماذا يحدث الآن
في تيغراي؟
هكذا وصفها أحد المتورطين فيها، وهو جنرال قيادي في جبهة تيغراي.
ما يجري الآن في إقليم التيغراي حرب لاستعادة الأراضي التي خسرتها النخبة السياسية العرقية في أمهرة منذ عام 1991.
ولأنها ثاني أكبر مجموعة عرقية في البلاد، فقد اضطلعت ميليشيات الأمهرة والقوات الخاصة بدور محوري في الحرب، وتُدمَج الأجزاء الغربية والجنوبية من تيغراي حالياً تحت إدارة الأمهرة وسيطرتها، على الرغم من احتجاجات الحكومة الإقليمية المؤقتة في تيغراي، بحسب تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية.
لذلك لم تكن حرب التيغراي موقعة عسكرية يخرج منها فائز ومهزوم، بل محاولة لتركيع قوى التيغراي، ومحو نفوذها السابق بكل صوره.
أجبرت قوات الحكومة عشرات الآلاف من سكان تيغراي على مغادرة أراضيهم، في ما وصفه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بالتطهير العرقي.
وأكد مسؤولو ولاية أمهرة مراراً وتكراراً أن المنطقة ملك لهم وأنَّ الأرض “أُخِذَت منهم بالقوة، لكن أعيدت الآن بالقوة”.
وتحدثت تقارير دولية عن الانتهاكات التي ترتكب في حق شعب تيغراي، حيث تزامنت حرب أهلية مدمّرة مع موجة موازية من الفظائع تشمل الاعتداء الجنسي واسع النطاق على النساء.
مجزرة أكسوم: جثة في كل شارع تقريباً
تعرضت مدينة أكسوم التاريخية في إقليم تيغراي، شمالي إثيوبيا لمجزرة “مروعة” على يد قوات إريترية في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أسفرت عن تراكم الجثث في الشوارع لعدة أيام.
سكان أكسوم “لم يستطيعوا دفن قتلاهم، بعد أن منعتهم القوات الإريترية من ذلك، وتناثرت الجثث في الشوارع لعدة أيام حتى تغذت عليها الضباع”.
ونقل الإعلام عن شهود عيان أن بعض الجنود قالوا للسكان إنهم تلقوا تعليمات بقتل أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً.
وقال شاهد عيان آخر، وهو محاضر جامعي، إن ما حدث كان مروّعاً، “رأيت جزءاً من القتال من غرفتي بالفندق، كانت هناك جثة في كل زاوية تقريباً، وكان الناس يبكون في كل بيت”.
وأضاف: “رأيت عربة تجرها الخيول تحمل حوالي 20 جثة إلى الكنيسة، لكن الجنود الإريتريين أوقفوهم وطلبوا من الناس رمي الجثث في الشارع”.
وقالت منظمة العفو الدولية إن العديد من الضحايا في أكسوم كانوا عزلاً وأصيبوا بالرصاص خلال فرارهم، كما زُعم أن الجنود أطلقوا النار في اليوم التالي على من حاولوا إزالة الجثث.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية علامات على مقابر جماعية، بالقرب من كنيستين في البلدة، لأن السكان المحليين قاموا بتمييزها بحجارة مطلية باللون الأزرق الفاتح، على أمل أن ترصدها الأقمار من الفضاء.
ويعلو بعضاً من هذه المقابر كثير من الملابس والأحذية الملطخة بالدماء، كما ذكر سكان محليون للصحيفة أن إحداها تحوي جثث عشرات من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و22 عاماً.
ضحايا عمليات القتل والاغتصاب والاختفاء النهائي
“هذا تطهير عرقي. الجنود يستهدفون نساء تيغراي لمنعهن من الإنجاب وقطع دابر شعب تيغراي”.
كانت الشابة الإثيوبية موناليزا، 18 سنة، مستلقية على سرير في مستشفى بمدينة ميكيلي التي مزقتها الحرب في شمال إثيوبيا. كان الإنهاك واضحاً على جسدها، فهي ناجية من محاولة اغتصاب أدت إلى إصابتها بسبع طلقات نارية وبتر ذراعها.
وكتبت صحيفة نيويورك تايمز إنها اطلعت على تقرير سري للحكومة الأمريكية يقول إن مسؤولين في الحكومة الإثيوبية ومقاتلين من ميليشيات متحالفة معهم يقودون حملة تطهير عرقي ممنهجة في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا.
ويوثق التقرير الذي أعد في وقت سابق من شهر فبراير/شباط الجاري، عمليات نهب واغتصاب وتهجير لعدد من القرى، حيث لا يعرف مصير عشرات الآلاف من الأشخاص.
ويشير التقرير إلى أن مقاتلين ومسؤولين من إقليم أمهرة انضموا إلى عمليات التطهير العرقي في تيغراي في سياق دعمهم لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
هذه “المركزية” الظالمةالغليان العرقي ضد فيدرالية لا تتعامل مع جميع القوميات بنفس الدرجة
في 1974، فقد نظام الإمبراطور هيلا سيلاسي الأول ثقة الشعب الإثيوبي بعد المجاعة التي أدت إلى الثورة الإثيوبية.
وفي عام 1991 سقط نظام منغستو هيلا مريام بعد مجاعات متعددة فتكت بحوالي 8 ملايين نسمة.
الثورة على منغستو كانت بقيادة الجبهة الشعبية لتيغراي، الأكثر تنظيماً، وصاحبة التحالفات الخارجية الكثيرة، ومن أبرزها التحالف مع الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا.
وبعد عقدين من الحكم، أطاح آبي أحمد بنخبة تيغراي الحاكمة، وبدأت الخلافات التي تطورت إلى حرب، قامت خلالها قوات العاصمة بغزو الإقليم.
تسبب النزاع في الإقليم في نزوح حوالي 1.7 مليون من سكان تيغراي البالغ عددهم 6 ملايين نسمة بسبب المعارك والقتل، يعيش كثير منهم في فصول دراسية ضيقة وبلا تهوية داخل مدارس حُولت إلى مخيمات، ويروون قصصاً عن الفرار من القتال وهم لا يملكون شيئاً سوى ملابسهم التي كانوا يرتدونها وكيف أنهم قطعوا مئات الأميال مشياً حتى وصلوا بر الأمان.
إثيوبيا الحديثة منذ تأسيسها تقوم على نظام شديد المركزية، في وطن متعدد الأعراق والثقافات والديانات، تتمثل في مركزية الثقافة الأمهراوية التي تغولت على الثقافات واللغات والقوميات الأخرى، باعتبارها ثقافة مركزية حاكمة.
هذا النهج دفع بالقوميات الأخرى إلى تشكيل حركات تحرر قومي، تهدف إلى الخروج من الديكتاتورية الإقصائية وسيطرة الثقافة الواحدة، أو حتى إلى الانفصال.
من بين هذه القوميات الأخرى تبرز “جبهة تحرير تيغراي”.
وعلى الرغم من التاريخ النضالي الطويل لحركة التيغراي، في ما يتعلق بحقوق القوميات، فإن تجربتها في الحكم، لم تكن بمستوى تطلعات القوميات الأخرى، في بسط العدل والمساواة في توزيع السلطة والثروة بين مكونات المجتمع الإثيوبي.
والنتيجة جاءت بعد 27 سنة من الحكم، في صورة ثورة عارمة قادها شباب قومية الأورومو.
سعى آبي أحمد إلى إدخال تغييرات كبيرة على نموذج الحكم، فدفع “حزب التيغراي” إلى الانسحاب من الائتلاف والتقوقع في حاضنته الثقافية والجغرافية بإقليمه، والتحول نحو خندق معارضة النظام.
التوترات العرقية أصبحت برعاية رئيس الوزراء
تأسس النظام الفيدرالي في إثيوبيا وفقا لدستور عام 1994، عقب الإطاحة بالنظام الماركسي في عام 1990.
قسم هذا النظام البلاد إلى تسع ولايات رئيسية بالإضافة إلى مدينتين تتبعان الحكومة الاتحادية.
وحصلت الولايات الإقليمية التي تضم الجماعات العرقية الأكبر، مثل الأمهرة والأورومو والتيغراى والأمم الجنوبية، على عضوية في الائتلاف الحاكم.
المشكلة الأخطر في هذا النظام أنه يقوم على أساس الانتماء العرقي وليس الوطني.
ويؤمن الحقوق الأساسية في الأرض والوظائف الحكومية إلى السكان الأصليين عرقياً في الأقاليم الفيدرالية.
وفي إثيوبيا أكثر من 90 مجموعة عرقية!
وهكذا أطلقت الفيدرالية العرقية العنان لصراع من أجل السيادة بين القوميات الثلاث الكبرى:
الأمهرة.الأورومو.والتيغراي.
رغم ذلك سيطرت الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي على هذا الائتلاف منذ عام 1991 وحتى مجيء آبي أحمد إلى السلطة في أبريل/نيسان 2018.
شهدت الصيغة الإثيوبية للحكم مناوشات واختلافات دائمة بين المكونات العرقية للنخبة، وظهرت على السطح احتجاجات كبيرة، خاصة من قومية الأورومو والتي انضمت إليها قومية الأمهرة في عدد من الاحتجاجات.. وتشكل المجموعتان 65% من سكان إثيوبيا.
وطالبت بعض القوميات بالانفصال عن الدولة الاثيوبية، وهو حق يكفله الدستور الإثيوبي.
ومنذ توليه السلطة في أبريل/نيسان 2018، تبنى آبي أحمد مجموعة من الإصلاحات، حظيت بإشادات دولية.
من هذه الإصلاحات زيادة الحريات، والإشراف على محاكمة المسؤولين المتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وإلغاء حالة الطوارئ، ووضع برنامج طموح للنمو الاقتصادي، وإنهاء الصراع الذي استمر لأكثر من 20 عاماً بين إثيوبيا وجارتها إريتريا.
وكان من المفترض أن تساهم هذه الإصلاحات في معالجة الأزمات المرتبطة بالفيدرالية العرقية في إثيوبيا.
لكن ما حدث هو العكس.
ظهرت خلال العامين الأخيرين صعوبات خطيرة تواجه حكومة آبي أحمد، الذي عمل على تقديم الهوية الوطنية الإثيوبية على الانتماء العرقي.
لكن هذه السياسة أغضبت الكثير من القوميات، خاصة قومية الأورومو التي ينتمي لها، والتي تعرضت لمظالم تاريخية واسعة، وما زالت.
ودعم إقليم الأمهرة محاولة انقلابية في يوليو/تموز 2019.
وشهدت البلاد العديد من الصراعات بين الأقاليم المختلفة، مما أدى إلى زيادة عدد النازحين داخلياً نتيجة للعنف العرقي.
نزح ما يقرب من مليون إثيوبي من ديارهم بسبب تصاعد العنف العرقي منذ تولي آبي أحمد السلطة.
ووصل عدد المشردين داخلياً في البلاد في سبتمبر/أيلول 2020 إلى 1.8 مليون مواطن من بينهم 1.2 مليون مواطن نزحوا نتيجة للصراعات الداخلية في البلاد.
كما أن القوات شبه العسكرية أو الميليشيات العرقية المعروفة باسم “الشرطة الخاصة”، والتي تأسست في البداية كوحدات لمكافحة التمرد، تشارك بشكل متزايد في الصراعات العرقية، خاصة بين الأقاليم العرقية المجاورة، في الوقت الذي يستدعى رئيس الوزراء آبي أحمد باستمرار الرموز الدينية، خاصة تلك المرتبطة بالكنائس الإنجيلية البروتستانتية الأمريكية، ويقوم بتعيين بعضهم في إدارته.
أشباح تطارد آبي أحمدالصراع بين القوميات ونفوذ إريتريا وأزمات مع مصر والسودان
الخلافات الشخصية بين آبي وقوميته الأورومو
وتعود جذور الصراع في إقليم تيغراي إلى التوترات بين الحكومة الإثيوبية الحالية برئاسة آبي أحمد وجبهة تحرير شعب تيغراي، التي حكمت إثيوبيا على رأس تحالف متعدد الأعراق على مدار ما يقرب من 3 عقود، حتى أُطيح بها في احتجاجات شعبية عام 2018.
وتولّى آبي أحمد السلطة في ذلك العام ليكون أول رئيس وزراء إثيوبي من عرقية الأورومو، وهي أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، وبدأ آبي أحمد باتخاذ مجموعة من التغييرات الديمقراطية شملت تحرير السجناء السياسيين ودعوة جماعات المعارضة المنفية للعودة إلى البلاد، وفاز بجائزة نوبل للسلام في عام 2019 لإنهاء الحرب مع دولة إريتريا المجاورة.
لكن سرعان ما بدأ ميل آبي أحمد الواضح إلى تعزيز سلطته المركزية، وهو ما أدى إلى التصادم مع الأورومو، القومية التي ينتمي إليها رئيس الوزراء– واندلاع احتجاجات ضخمة اعتراضاً على ميوله الاستبدادية، وهو ما واجهه آبي أحمد بالقوة والعنف واعتقال صديقه السابق جوهر محمد، وبعدها جاء الدور على جبهة تحرير شعب تيغراي.
نفوذ إريتريا في إثيوبيا يصل إلى حدود الاحتلال
آبي أحمد الحاصل على جائزة نوبل للسلام، أصبح يعتمد على الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، أشهر مستبدي المنطقة، لضمان استمرار حكمه، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.
وبعد اندلاع المعارك في الإقليم نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كان مطلب واشنطن الأول انسحاب القوات الإريترية.
لكن مشكلة آبي هي أنه إذا انسحبت إريتريا فسيخسر تيغراي، وستتمكن المقاومة في تيغراي من التغلب على جيشه البالي، فيما وصفته تقارير بأن الرجل يقدم بلاده إثيوبيا على طبق من ذهب لإريتريا ورئيسها أسياسي أفورقي.
يبدو أنّ أبي أحمد دعا رئيس إريتريا أسياس أفورقي لإثارة الفوضى في تيغراي، لكن شروط تلك الصفقة لم تعلن للعامة، رغم أنّ تداعياتها صارت أكثر إثارةً للقلق.
وأفورقي رئيس غير عادي لدولة صغيرة، تعاني من الفقر رغم وصول إريتريا الكبير للموانئ وامتلاكها لإمكانات تجارية غير مستغلة.
ويستغل بدلاً من ذلك قوة جيشه لإملاء السياسات الإقليمية.
وابتزاز الامتيازات الاقتصادية من جيرانه.
ونشر شبكة تجارة غير مشروعة داخل منطقة القرن الإفريقي وخارجها، حسب تقرير مجلة Foreign Policy الأمريكية.
يبدو انتشار الجيش وقوات الأمن الإريترية المكثف في إثيوبيا ليُسلط الضوء على التدخل الإريتري الكبير في النظام الإثيوبي الحاكم حالياً، لدرجة تقترب من “الاحتلال” السياسي والعسكري.
والوجود الإريتري في إثيوبيا له تبعات خطيرة.
فهو يسمّم التحالف الإثيوبي-الإريتري العلاقات بين إثيوبيا والسودان، بعد أن قرّب أديس أبابا من أسمرة في النزاع الحدودي السوداني والجدل المحيط بسد النهضة.
ويهدد مهمات حفظ السلام في السودان وجنوب السودان.
ويشجع الزعيم الصومالي محمد عبدالله محمد (فرماجو) على محاولة التمسك بالسلطة بعد انتهاء ولايته في المنصب قبل أن يتراجع مؤخراً عن تلك الخطوة.
علاوة على أن الوجود الإريتري بإثيوبيا قد يثير المشكلات مع الجارة كينيا.
سيناريو تقسيم تيغراي على الأبواب
هناك مؤشرات على الأرض تدل على أنّ أسياس وآبي أحمد، ونخب أمهرة يتحركون فعلياً باتجاه تقسيم تيغراي إلى ثلاث مناطق بحكم الأمر الواقع، عبر خطوات استعرضها تقرير مجلة Foreign Policy الأمريكية:
أولاً ضم غالبية أجزاء جنوب وغرب تيغراي إلى ولاية أمهرة، وبدأ ذلك بالفعل مع نزوح مئات الآلاف من الناس من غرب تيغراي، فيما وصفته حكومة الولايات المتحدة بـ”التطهير العرقي”.
وثانياً يبقى الجزء الشمالي من تيغراي تحت سيطرة المحتلين الإريتريين. وانتشار القوات الإريترية الحالي وتحركاتها في الشمال هي خير دليلٍ على تلك النوايا.
ثالثا تُترك الأراضي المتبقية من تيغراي في قبضة الإدارة المؤقتة التي نصّبها آبي أحمد.
السودان: الحرب أصبحت احتمالاً وارداً
تأثير قضية تيغراي يقترب من السودان من جانب اندماجها مع التوترات في شرق البلاد، إضافة إلى التوترات الأمنية القائمة بسبب الانتشار الواسع لعصابات النهب المسلح والاتجار بالبشر والتهريب.
آبي في تحضيره للهجوم على تيغراي أثار استعداء السودان.
قبل أيام قليلة من الحرب طلب من الخرطوم إغلاق الحدود، مما ترتب عليه منع مزارعين إثيوبيين من زراعة الأراضي داخل حدود السودان، وإثارة أزمة حدودية.
وتشهد منطقة “الفشقة” الحدودية بين البلدين توترات واشتباكات بين الجيش السوداني وقوات إثيوبية من صيف 2020.
وفتح صراع تيغراي أزمة إثيوبية جديدة مع السودان، جعلته ملاذاً للفارين من قساوة حرب أهلية تزداد عنفاً، لا يقوى أحد على إخمادها.
السودان تحركت عسكرياً، واستعادت منطقة متنازعاً عليها، دون خوض حرب مسلحة، لكن احتمال الحرب بين الجارتين بات وارداً.
مصر: ليس هذا وقت الضربة الجوية
يبدو أن هناك علاقة وثيقة بين أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، وبين ما يجري في إقليم تيغراي.
في دراسة لمركز كارنيغي للشرق الأوسط صدرت في أبريل/نيسان الماضي، يقول الباحث إن موقف إثيوبيا في مواجهتها مع مصر يبدو أكثر تعقيداً، بسبب مشكلاتها الداخلية.
أي أن إثيوبيا بدأت تدفع ثمن توسّعها المفرط وطموحها السياسي المتسرع.
على سبيل المثال، نظراً إلى تورُّط قواتها في مواجهات تيغراي والفشقة، لم تتمكّن من منع إريتريا من السيطرة على منطقة حدودية متنازع عليها، وإنهاء القبضة الإثيوبية عليها.
وهنا يُشار إلى أن إثيوبيا بغنى تماماً عن هجوم جوّي مصري يدمّر مشروعاً تعتبره مصدر فخر وطني.
في الداخل حرب أهلية بين القوميات
خلال فترة حكمه السنتين الماضيتين، أسهمت سياسات آبي أحمد في زيادة حدة الصراعات الداخلية.
الجيش الإثيوبي يحارب “على ثماني جبهات” في بؤر توتر بينها تيغراي، ومعظم المعارك تتم على طريقة “حرب العصابات”.
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولاتعبر عن رآي الموقع