الانتخابات في الجزائر.. المؤيدون والمقاطعون وكل ما تريد معرفته أرقاماً وتحليلاً
السياسية:
وسط مقاطعة أحزاب ومشاركة أخرى وتوقعات بتدني نسبة الإقبال وجدل لم يتوقف بشأنها، تشهد الجزائر انتخابات برلمانية يراها البعض طوق نجاة للنظام ويراها البعض الآخر ضرورة.. القصة كاملة بالأرقام.
الانتخابات النيابية المبكرة في الجزائر انطلقت اليوم السبت 12 يونيو/حزيران، وهي السابعة منذ إطلاق التعددية السياسية في البلاد عام 1989، والأولى في ظل الحراك الشعبي الذي انطلق في فبراير/شباط 2019، وستكون المرة الأولى أيضاً التي يتم فيها إجراء الانتخابات تحت الإشراف الكامل لسلطة مستقلة.
وكان الرئيس عبدالمجيد تبون قد دعا في مارس/آذار الماضي إلى إجراء الانتخابات النيابية المبكرة بعد قرار بحل المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان). ووفق قانون تحديد الدوائر الانتخابية، قلصت الجزائر عدد مقاعد البرلمان، ليكون 407 مقاعد، بعد أن كان 462 مقعداً.
انتخابات الجزائر بالأرقام
من حق 24 مليوناً و425 ألفاً و174 ناخباً جزائرياً التصويت في الانتخابات النيابية، بينهم 902 ألف و865 ناخباً خارج البلاد. ويبلغ إجمالي عدد المرشحين في الانتخابات 22 ألفا و554، بينهم 12 ألفاً و86 ضمن القوائم المستقلة، و10 آلاف و468 ضمن القوائم الحزبية، بحسب وكالة الأناضول.
ويبلغ إجمالي عدد المرشحين الحاصلين على شهادات جامعية 19 ألفاً و942 مرشحاً أي حوالي 74 بالمئة من إجمالي المرشحين، فيما يقدر عدد المرشحين الشباب (أقل من 40 عاماً) بـ13 ألفاً و9 مرشحين.
ويشارك في الانتخابات النيابية 28 حزباً من أصل 54 كانت أعلنت نية الترشح، لكنها فشلت في جمع العدد القانوني المطلوب للتوكيلات. وتفوقت القوائم المستقلة على نظيرتها الحزبية، إذ قبلت سلطة الانتخابات 1208 قوائم مستقلة و1080 قائمة حزبية.
يدلي الناخبون الجزائريون بأصواتهم في 61 ألفاً و543 مكتباً للاقتراع داخل البلاد، و357 بالخارج، فيما يخصص للبدو الرحل 139 مكتباً متنقلاً. وخصصت سلطة الانتخابات نحو 589 ألفاً لإدارة عملية الانتخابات في عموم البلاد.
وتمت طباعة مليار و250 مليون وثيقة انتخابية، بينها مليار و200 مليون ورقة تصويت، وحوالي 50 مليون وثيقة كمحضر فرز.
ماذا قالت الأحزاب المقاطعة؟
الآن وقد انتهت الدعاية الانتخابية منتصف ليل الثلاثاء، تفصل البلاد ساعات فقط عن انطلاق الاستحقاق النيابي المقرر السبت، وسط مقاطعة أطياف من الحراك وبعض الأحزاب السياسية.
فقد أعلنت أحزاب توصف بـ”الليبرالية” و”العلمانية” مقاطعة الانتخابات النيابية، بحجة أن “الظروف غير مهيأة” لتنظيمها. ففي 4 أبريل/نيسان الماضي، أعلنت “جبهة القوى الاشتراكية” (أقدم حزب معارض بالجزائر) عدم المشاركة في الانتخابات.
وعزا شافع بوعيش، القيادي في حزب “القوى الاشتراكية”، قرار المقاطعة إلى “غياب شروط تنظيم انتخابات شفافة”. وقال لـ”الأناضول” إن “عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية جاء بعد التشاور مع القاعدة النضالية، بسبب غياب شروط تنظيم انتخابات شفافة وعدم توفر أي ضمانات لنزاهة الاقتراع”.
وأضاف: “الحزب لا يعتبر هذه الانتخابات حلاً للأزمة التي تتخبط فيها البلاد. طالبنا باتخاذ إجراءات للتهدئة، إضافة إلى فتح المجالين السياسي والإعلامي، ورفع القيود عن الحريات، قبل الانتخابات”.
مظاهرات في إحدى شوارع العاصمة الجزائر
ووفق بوعيش، وهو برلماني سابق، فإن “السلطة لا تريد الخروج عن الأجندة التي سطرتها، وستعمل عبر هذه الانتخابات على تعويض الأحزاب الكلاسيكية في البرلمان بممثلي المجتمع المدني والقوائم المستقلة”.
وتوقع بوعيش أن “تكون نسبة المشاركة ضعيفة وبمنطقة القبائل (معقل الحزب) ستكون منعدمة، كما في رئاسيات 1999 والانتخابات النيابية لعام 2002 (قاطعهما حزبه)”.
وفي 15 مارس/آذار الماضي، كان حزب “العمال” (يساري معارض) أول من أعلن مقاطعته الانتخابات النيابية المبكرة، وذلك للمرة الأولى منذ تأسيسه. وبررت الأمينة العامة للحزب لويزة حنون، في مؤتمر صحفي، الأمر بـ”عدم قدرة الانتخابات على تصحيح القرارات غير الاجتماعية المتّخذة من طرف الحكومة”. وفي 20 من الشهر نفسه، أعلن حزب “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” (علماني/ معارض) في اجتماع له بالعاصمة مقاطعة الانتخابات للأسباب ذاتها.
ماذا قال المشاركون؟
وعلى الجانب الآخر، تشهد الانتخابات النيابية مشاركة عدّة أحزاب محسوبة على التيار الوطني (موالاة في عهد عبدالعزيز بوتفليقة/ 1999-2019)، من بينها جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم في عهد بوتفليقة) والتجمع الوطني الديمقراطي (زعيمه السابق أحمد أويحيى المسجون بتهم الفساد) والتحالف الوطني الجمهوري، وتجمع “أمل الجزائر”.
كما تشارك أيضاً أحزاب إسلامية، مثل “حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي في البلاد) و”حركة البناء الوطني” لرئيسها عبدالقادر بن قرينة (حل ثانياً في الانتخابات الرئاسية الماضية) و”حركة الإصلاح الوطني” و”جبهة العدالة والتنمية” لرئيسها عبدالله جاب الله.
وكان رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في الجزائر محمد شرفي، قال خلال يناير/كانون الثاني الماضي، إن مشروع قانون الانتخابات الجديد يهدف إلى وضع آليات جديدة لاستئصال “الفساد والاحتيال”، بحسب تقرير لصحيفة الحوار الجزائرية، مضيفاً أن القانون الجديد سيعتمد “نظاماً انتخابياً جديداً يجعل المال الفاسد غير ذي قيمة بالنسبة لمن يدفعه ومن يتلقاه”.
ويقوم النظام الجديد، الذي اقترحته لجنة خبراء مكلفة بتعديل قانون 2016، على مبدأ إلغاء التصويت المغلق على القائمة الانتخابية، وتعويضه بنظام الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة. ومن شأن ذلك النظام أن يُسقط القيمة السياسية لـ”متصدر القائمة”، الذي كانت تُصرف لنيله داخل الأحزاب الكبيرة أموال معتبرة، لضمان فوز المتصدر، وربما من يليه بالقائمة، في الانتخابات.
والخميس 10 يونيو/حزيران، تعهّد الرئيس عبدالمجيد تبون بأن الصندوق سيكون الفيصل في الانتخابات المقرر إجراؤها السبت. جاء ذلك في تصريحات للرئيس تبون نشرتها الرئاسة عبر صفحتها الرسمية على منصة “فيسبوك”، عقب زيارة أجراها إلى السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر العاصمة.
وأكد تبون في هذا الصدد أن المواطن سيكون “هو صاحب القرار السيد في اختيار ممثليه بالبرلمان يوم 12 يونيو/حزيران”. وقال: “صندوق الاقتراع سيكون الفاصل في تحديد من سيختاره الشعب لتمثيله في البرلمان”، مضيفاً: “عهد المحاصصة قد ولى، في ظل احترام القوانين المنظمة للعملية الانتخابية وفقاً لما نص عليه الدستور والقانون الجديد للانتخابات”.
وتابع تبون مخاطباً فنيي سلطة الانتخابات: “أنتم صمام أمان بالنسبة للثقة التي سيضعها المواطن مستقبلاً في مؤسساته”. وكشف أن “الانتخابات البرلمانية ستتبعها أخرى محلية في البلديات والولايات” دون تفاصيل إضافية.
ماذا عن رأي “الحراك”؟
وحول موقف الحراك من الانتخابات النيابية، يرى المحلل السياسي توفيق بوقاعدة أن “الحراك أصبح لديه الكثير من الرؤى، رغم إيمان الناشطين فيه بمبدأ الاستمرار والتظاهر من أجل تحقيق المطالب”.
وقال بوقاعدة، لـ”الأناضول”، إن “المتظاهرين يختلفون حول الأدوات المرافقة لعملية التظاهر، فالبعض انخرط في العملية الانتخابية ورأى أن موقفه لا يناقض مبدأه في الحراك بتأسيس دولة القانون”. واستطرد قائلاً: “ثمة من يرى أن الانتخابات هي طوق نجاة للنظام، وإجراؤها سيعطيه شرعية، حتى وإن غابت المشروعية الشعبية”.
وأوضح أن “تيارات الحراك مختلفة وكل تيار لديه موقف حول الانتخابات، بين من يرى في المشاركة تحقيقاً للأهداف، وبين من يعتقد أنّ المقاطعة تسهم في الضغط أكثر على السلطة”.
من جانبه، قال الإعلامي والناشط السياسي عبدالوكيل بلام للأناضول، إن “الخطاب الرسمي يُناقض نفسه، في حديثه عن بناء جزائر ومؤسسات جديدة، على شاكلة البرلمان القادم، ولكن يقدم في الوقت نفسه على قمع التظاهرات التي أقرّها في الدستور السابق”.
ومن جهته، اعتبر ناصر جابي، أستاذ علم الاجتماع، أن “هذه الانتخابات تعكس سوء التفاهم بين النظام السياسي والشعب”. وقال جابي، وهو أحد أبرز ناشطي المعارضة، لـ”الأناضول”، إن “الشعب كان يأمل أن تكون الانتخابات مختلفة، على صعيد الحملة الانتخابية والنقاش السياسي والاجتماعي وعدد المشاركين وغيرها”.
وأردف: “للأسف بدت الحملة الانتخابية تشبه ما كان حاصلاً قبل الحراك في 2019، فجاءت باهتة والمرشحون لم يقنعوا الكثير من الجزائريين وسط غياب البرامج، لأنّ هدفهم الوصول إلى البرلمان فقط”.
وتوقع جابي أن تكون نسبة العزوف عن الانتخابات عالية، خصوصاً في المحافظات الكبرى ومنطقة القبائل، وعند الجالية بالخارج انطلاقاً من الحملة الدعائية الباهتة.
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولاتعبر عن رآي الموقع