بقلم: أناهيتا معتزز راد

(منظمة”ميدل ايست مونيتور” Middle East Monitor” مقرها لندن – ترجمة: أنيسة معيض- الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الحروب الأهلية والاضطرابات الداخلية وتدفقات اللاجئين والأزمات الإنسانية. إنها واحدة من أقل المناطق تكاملاً وأكثرها نزاعاً في العالم ، وهي في حاجة ماسة إلى آليات جديدة ومتفق عليها لتهدئة الصراعات الناجمة عن الدوافع المتداخلة المتعددة لعدم الاستقرار النابعة من داخل المنطقة وخارجها.

علاوة على ذلك ، أدى تفاقم أزمة التعددية العالمية وتعدد الجهات الفاعلة – الإقليمية وما وراء الإقليمية على حد سواء – إلى تفتيت أي جهود دولية لتعزيز الحوار ووقف الصراعات في الشرق الأوسط ، وحتى أنها أدت إلى إهمالها ، على الأقل من الناحية الخطابية ، في الأجندة الإقليمية لدى واحدة من أقدم اللاعبين الأجانب ، الولايات المتحدة.

لقد تغيرت سياسات واستراتيجيات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ رئاسة باراك أوباما (يناير 2009 – يناير 2017). عندما حاول أوباما توجيه تركيزه إلى آسيا ، وأبقى الربيع العربي والحرب الأهلية السورية ، وظهور ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والبرنامج النووي الإيراني المنطقة في بؤرة التركيز.

كان يدرك أن انسحاب الولايات المتحدة من شؤون الشرق الأوسط سوف يترك فراغاً خطيراً. وفي الواقع ، أتاح موقف أوباما فرصة لروسيا وإيران وتركيا لتوسيع نفوذها من خلال وكلاء إقليميين ، كما هو الحال في سوريا واليمن. وقد أدى ذلك إلى ظهور نموذج جيوسياسي جديد في المنطقة حيث تتصرف الدول وفقاً للقوة الوطنية ، ولكن بعيداً عن حدودها السياسية.

وينطبق الشيء نفسه على إدارة جو بايدن ، على الرغم من أن أولوياته تتجه نحو المجالات العملية للتعاون ، مثل العمل بشكل أوثق مع الحلفاء الأوروبيين والآسيويين بشأن تحدي الصين ، وإصلاح الاقتصاد العالمي والتعامل مع تقليص دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

لكن الأحداث الجارية في إسرائيل وفلسطين المحتلة ، حيث تقوم إيران بتأييد حركة المقاومة الفلسطينية حماس ودعمها عسكرياً. والمسألة النووية الأخيرة. والشكوك الجديدة فيما يتعلق بمستقبل أفغانستان ، ستؤدي إلى أن تظل المنطقة في بؤرة تركيز بايدن. بل إنها قد تؤدي إلى قيام واشنطن بإعادة ضبط سياستها الخاصة بإلغاء الأولويات ونهجها المتمثل في “عدم الإضرار” ، على الأرجح من خلال دعوة شركاء الشرق الأوسط الأكثر ثباتاً للقيام بدور أكثر فاعلية لمعالجة القلاقل والصراعات الإقليمية.

قد تنبع أساسا السياسة الأمريكية المتمثلة في عدم جعل الشرق الأوسط من الأولويات هي الديناميكيات الإقليمية الجديدة ، بما في ذلك قوى التحديث والاعتدال المتصاعدة. والمحادثات المتعددة الأطراف كنتيجة للحروب الأهلية الكارثية والصراعات الداخلية في ليبيا وسوريا واليمن ؛ بالإضافة إلى التكاليف المالية وتلك المتعلقة بالسمعة للمنازعات. ومع ذلك ، فإن أي تحول بعيداً عن المنطقة سيتطلب إجراء توازن دقيق من قبل واشنطن ، فلا تزال هناك العديد من المصالح الحيوية ، وعلى الأخص فيما يتعلق بإيران وشبكتها الإقليمية من الوكلاء.

تجري المملكة العربية السعودية وإيران محادثات منذ (يناير) ، على ما يبدو دون تدخل أميركي وبتوسط من العراق من أجل إدارة أكثر الصراعات إثارة في المنطقة. كما جرت محادثات تنموية بين تركيا ومصر والإمارات وقطر وبالطبع إسرائيل ودول التطبيع. أفترض أنهم كانوا بناءين لأنهم مصممون على تهدئة التوترات ، لاسيما فيما يتعلق بتقييد دور إيران الإقليمي.

التطور الآخر المؤثر الذي يمكن أن يعزز التقارب الإقليمي ويخفف التوتر هو المحادثات الثلاثية التي أعيد جدولتها بين مصر والأردن والعراق والتي تهدف إلى تعميق علاقاتهم الاقتصادية والتأكيد على إمكانات التكامل الإقليمي المولِّد للنمو. وفي الواقع ، لا يمكن لهذه المحادثات أن تساعد الولايات المتحدة في الحفاظ على بعض المسافة فحسب ، بل تشجع المنطقة أيضاً على أن تكون أكثر اعتماداً على نفسها. وفي غضون ذلك ، تواصل الولايات المتحدة القيام بدور بارز في الأمن في الخليج مع حلفائها الإقليميين.

يُفترض أن إيران تسعى من خلال إجراء محادثات مع السعودية إلى فتح منفذ جديد للنفط الإيراني مع إتباع إستراتيجية بديلة مع المملكة لاستغلال فرصة زيادة قدرتها على التفاوض في مفاوضات فيينا مع الأمريكيين وكذلك تمدد نفوذها في المنطقة.

في حين أن طهران في عجلة من أمرها للمفاوضات ، لا تزال إسرائيل ودول الخليج العربي قلقة بشأن إيران وترسانتها من الصواريخ الباليستية وأنشطتها الحربية بالوكالة وتخصيب اليورانيوم. ولن تدوم جهود إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 دون دعم من إسرائيل وحلفائها الخليجيين ، أي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

إن الوضع المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، بما في ذلك الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير على الفلسطينيين في قطاع غزة ، يقع على عاتق المجتمع الدولي ، بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ، الذي يدعو إلى وقف فوري لجميع الأعمال العدائية.

وأكد قائد فيلق القدس الإيراني ، فوج النخبة في الحرس الجمهوري الإيراني ، إسماعيل قاآني ، في اتصال هاتفي مع زعيم حماس إسماعيل هنية ، أنه يدعم الحركة ، ودعا إلى إقامة تحالف استراتيجي لحل القضية الفلسطينية. والتركيز بشكل خاص على إخراج فلسطين والقدس من براثن الاحتلال الإسرائيلي.

أدت مثل هذه التصريحات ، إلى جانب المساعدة العسكرية الإيرانية لحركة حماس ، إلى تصعيد “حرب الظل” بين إسرائيل وإيران ، مع بعض التكهنات بأن إيران على وشك أن تصاب بخيبة أمل من نتيجة مفاوضات فيينا بشأن رفع العقوبات.

بشكل عام ، على الرغم من خطاب إدارة بايدن ، لا يتوقع حدوث تحول جوهري في نهج الولايات المتحدة الإقليمي. ومع ذلك ، أدى الشعور بالسخط ، خاصة بين الديمقراطيين الوسطيين ، إلى الكثير من الجدل والتساؤلات حول قيمة الحفاظ على المستوى العالي من المشاركة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط على مدى عدة عقود. يقال إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة كثيراً ما تتعثر بسبب قضايا الخليج. ومع ذلك ، فإن الحقيقة هي أن إيران تظل مصدر قلق كبير إذا أرادت الولايات المتحدة التراجع عن سياساتها في الشرق الأوسط.

على هذا النحو ، أعتقد أن إدارة بايدن تحتاج إلى أدوات مختلفة وأكثر فاعلية لمتابعة استراتيجياتها في الشرق الأوسط ، وحتى تقليل الوجود الأمريكي في المنطقة مع حماية مصالحها الحيوية ، حيث تتسع الاختلافات بين تعريفات حلفاء الولايات المتحدة والولايات المتحدة للأمن. ، خاصة فيما يتعلق بحاجة دول الخليج إلى الحد الأدنى على الأقل من المصالحة وعدم المواجهة مع طهران.

يجب أن تساعد واشنطن اللاعبين الأساسيين على زيادة التزاماتهم بالتعاون المشترك ، بالنظر إلى أن تقليص الولايات المتحدة لا يزال احتمالاً. إن تحقيق مستوى معين من الاتفاق مع طهران بشأن قضاياها النووية الحاسمة ، وشبكاتها الوكيلة وبرنامجها الصاروخي يمكن أن يعزز خطوات محدودة نحو عدم التصارع ويسهم في الاستقرار في المنطقة ، في حين أن التزامات اللاعبين الآخرين ستكون ذات أهمية خاصة بالنسبة لإيران.

*      المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع