السياسية – ترجمات :
بقلم: فيليب شولكمان
ترجمة: هاشم حزام-سبأ
يعاني اليمن منذ أربع سنوات من ويلات الحرب في حين يتضور الكثيرون جوعا وبلغت صرخات الإغاثة مداها حتى أصبح اثنين من المراقبين الدوليين في حيرة.
لم يتوقع أحد أثناء تلك المحاولات في عقد مشاورات سلام مطلع الشهر الماضي في جنيف أن يحدث وقف لإطلاق النار أو أي نهاية حتمية للصراع في اليمن. حيث قال مصطفى النعمان: “كانت هناك آمال كبيرة في احداث تقدم في القضايا الإنسانية فيما يخص المدنيين”.
لا ينبغي أن يحدث ذلك. فالمتمردون الحوثيون لم يحضروا إلى المشاورات في جنيف. لقد طالبوا بضمانات أمنية وطائرة أخرى. غير أن الأسباب التي تم سردها غير مقنعة للسيد النعمان. الكاتب النعمان دبلوماسي يمني ينحدر من أسرة عريقة من مدينة تعز وسط اليمن. غادر صنعاء بعد أن تمكن الحوثيون من السيطرة على العاصمة اليمنية وامتدت سيطرتهم إلى جنوب البلاد. وهو اليوم يراقب انهيار تلك الدولة وتشظيها من محل اقامته في البحرين.
يعتمد الحوثيون على دعم إيران الشيعية ذات الثقل الاقليمي. وردا على الزحف الحوثي حشد ولي العهد السعودي الصاعد محمد بن سلمان قبل ثلاث سنوات قواته المسلحة.
حيث يساند السعوديون الحكومة اليمنية
من خلال التحالف العسكري الذي تقوده المملكة وهو مدعوم من قبل الغرب بتقنيات لوجستية حديثة. الهدف المعلن للتحالف هو إعادة الحكومة اليمنية برئاسة هادي مرة أخرى إلى سدة الحكم، في حين أن النعمان لا يتعاطف مع الحوثيين. حيث قال:”يطالب المتمردون الحوثيون المنحدرون من شمال اليمن بسلطة سياسية في اليمن تمتد خارج نطاق قاعدتهم الشعبية، وهذا غير مقبول”. وبنفس اللكنة الحادة يصب السفير اليمني السابق ايضا جام غضبه على الحكومة اليمنية حيث قال:”المناطق التي تم دحر الحوثيين منها مازالت تعاني من الفوضى ولا نظام فيها”. كما استطرد نعمان بقوله:” لا يمكن ممارسة الحكم من خلال واتساب، يجب أن تمتلك الحكومة الشجاعه في ممارسة سلطتها من داخل اليمن فعليا”. الحكومة اليمنية لها حضور ملفت فقط لعدت اسابيع في عدن بعدها ترحل وتترك تلك المناطق تحت رحمة الجماعات المسلحة”.
فراغ السلطة يؤدي الى إراقة الدماء
يقول النعمان :”كانت الحكومة كسولة ومهمله. اما الآن للأسف فقد فات الأوان”. لقد اصبح الوضع في هذه الاثناء في مدينة عدن وفي المحافظة الشرقية حضرموت فوضوياً ومخيفاً للغاية”. تنشط هناك جماعات مسلحة مدعومة من قبل جهات مختلفة مستغلين فراغ السلطة وسيؤدي التنافس على السلطة حتما إلى صدامات دموية جديدة”. وعلى المستوى الإقليمي أيضا فان مصالح الداعمين متباعدة وهو ما يزيد الطين بله. الشيخ محمد بن زايد الرجل القوي في دولة الامارات العربية المتحدة يلعب دورا رئيسي في التحالف العسكري ضد الحوثيين كموجه للأمير ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وهذا مايظنه البعض. غير أن السعوديين والإماراتيين يقاتلون جنبا الى جنب في اليمن.
يرى المراقب السياسي النعمان الذي يرتبط بعلاقات وطيدة مع اطراف في اليمن أن السعوديين لديهم أولويات أخرى في اليمن: فهم أفضل تماسكا ويسعون الى فرض الهدوء في الشمال على طول المناطق الحدودية المتاخمة للحدود السعودية. أما الإمارات فتركز نشاطها على طول الشريط الساحلي وموانئه في محاولة لتعزيز نفوذها هناك. النعمان ليس وحدة مرعوبا من حالة عدم الاستقرار في المناطق المتحررة. الكاتب المقرب من الحكومة اليمنية بليغ المخلافي حذر من تنامي قوة الجماعات الاسلامية المتطرفة في الجنوب. فهو يرى في ذلك ردة فعل سنية على التوجه العقائدي الشيعي للحوثيين في الشمال:”إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن فإننا مقبلون على حرب سنية شيعية وهو ما يتناقض تماما مع التقاليد اليمنيه كلها”.
وكما هو معتاد في الحروب الأخرى فإن اطراف الصراع في اليمن لا يهمها سوى تامين موارد مادية مخصصة لها. فالاقتصاد الحربي ساهم في نشوء اسواق سوداء جعلت من البعض اثرياء جدا. لذا فالمخلافي غير مستغرب من فشل المحادثات في جنيف.

الرابحون من الحرب في كلا جانبي الصراع

هناك شبكات مستفيدة من الحرب تعمل ما في وسعها لإحباط محاولات السلام في اليمن. فهناك تجار حروب لدى الحوثيين وايضا لدى القوى الموالية للحكومة الشرعية. وبينما الشعب يعاني من ويلات الحروب والكارثة الانسانية تحاول منظمات إنسانية هز الضمير العالمي من خلال تقارير تعرض صوراً لاطفال تلتصق عظامهم بالجلود. يقول النعمان:”الصراع في اليمن يتم تغذيته ايضا من قبل المتنافسين الدوليين المملكة العربية السعودية وايران. فالحوثيون خاضعين للتاثير الايراني ويتقلون التدريب العسكري على يد قوات ايرانية ومليشيا حزب الله وهذا واضح”. ويبقى السؤال مفتوحا للخبير السياسي اليمني فيما اذا كانت طهران قادرة على ممارسة الضغط الكافي على إجبار الحوثيين في الدخول في المفاوضات. غير ان فشل المحادثات في جنيف دفع الجانب السعودي الإماراتي الى التصعيد مرة أخرى من حدة المواجهات خاصة في مدينة الحديدة. حيث تعتمد ثلاثة أرباع المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين على الامدادات القادمة من ميناء الحديده. واذا نجح التحالف في السيطرة على مدينة الحديدة وانتزاعها من يد الحوثيين فهذا يعني عزل تلك المناطق مما يدفع الحوثيين الى التحرك الجاد نحو مفاوضات السلام. الا أن مدينة الحديدة تحتضن اكثر من نصف مليون مواطن وتحذر منظمات الاغاثة من امكانية حدوث معاناة فضيعة هناك. وفي حين يصر الحوثيون على مواصلة القتال حتى آخر قطرة دم فالكل خاسر في هذه الحرب. وإلى الآن لا يملك أي من الفرقاء الشجاعة الأخلاقية في النظر إلى معاناة الشعب والقول إلى هنا وكفى.

– موقع تلفزيون واذعة سويسرا