بقلم: مالو تريسكا
باريس- ترجمة: أسماء بجاش- سبأ
دقت المنظمة البريطانية غير الحكومية ” انقذوا الطفولة” في بيانها الصادر في 2 أكتوبر ناقوس الخطر معلنة عن عودة وباء الكوليرا بصورة كبيرة في محافظة الحديدة الاستراتيجية الواقعة إلى الجهة الغربية من اليمن.
فمنذ أغسطس المنصرم, تم تسجيل 1342 حالة اشتباه بالمرض, في حين شهد يونيو الماضي تسجل ما يقرب من 497 حالة, إذ تم ربط هذه الزيادة مع تصعيد العمليات القتالية في المنطقة بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة التي تتلقى الدعم من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

إن الحاصل الآن هو أن مدينة الحديدة أصبحت بمثابة ساحة لمعركة حاسمة بالنسبة للقوى الإقليمية، والنتيجة ستصبح الحديدة الآن ” بؤرة تفشي جديدة لوباء الكوليرا” في اليمن.
وفي ذات البيان, أعربت منظمة “إنقاذ الطفولة” عن قلقها البالغ إزاء ارتفاع معدل الاصابة والحالات المشتبه فيها إلى ثلاثة أضعافه منذ بداية فصل الصيف في هذه المحافظة الإستراتيجية, معقل القتال المحتدم بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة والمدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
ووفقاً للأرقام الصادرة عن المنظمة غير الحكومية, فقد تم تسجيل 1332حالة مشبوهة في أغسطس فقط، مقارنة بـ 497 حالة في يونيو, أي بمعدل زيادة بنسبة تصل إلى 170٪ في تقديرها المباشر لتكثيف الصراع “المذهل” في المدينة.
ألحقت الغارات الجوية التي يشنها التحالف العربي منذ نهاية يونيو الماضي أضرارا بالغة بالمرافق الصحية ومحطات المياه التي تمد السكان المدنيين في مدينة الحديدة، كما ساهمت هذه الغارات بشكل كبير في تفشي تلك الموجة الجديدة من التلوث.

تسجيل 23.000 حالة على الصعيد المحلي:
يمثل الأطفال ما دون سن الخامسة السواد الأعظم ضمن الحالات المشتبه بها, إذ يشكلون ما يقرب من 30٪ من أجمالي الحالات المشتبه فيها, كما يعاني 100آلاف آخرين من سوء التغذية الحاد, كما أنهم أكثر عرضة للموت من أمراض الإسهال مثل الكوليرا.
وبحسب مدير مكتب منظمة “إنقاذ الطفولة” في اليمن “تامر كيرلس, يعتبر علاج الكوليرا بسيط جدا، شريطة أن يتم معالجة الأطفال من الجفاف وإعطائهم المضادات الحيوية اللازمة، وذلك عن طريق تجهيز المستشفيات بشكل جيد, بيد أنه منذ ما يقرب من 4 سنوات على بدء الصراع أدى إلى انهيار شبه كامل للنظام الصحي في اليمن.
كما عملت الأطراف المتحاربة بشكل مستمر على استهداف المرافق الطبية، مما جعل بعضها غير صالح للاستعمال أو يتعذر الوصول إليها، وفي حال استمر هذا الوضع, يمكن أن يرتفع معدل الوفيات بين الأطفال جراء تفشي وباء الكوليرا أو بسبب الأمراض الأخرى التي يمكن الوقاية منها إلى اعلى مستوى.

الاتجاه العام في البلد:
إن زيادة معدل حالات الإصابة بمرض الكوليرا في مدينة الحديدة يدل على مؤشر بأن هذا المرض سينتشر في جميع أنحاء البلد وهذا ما أكدته المنظمات غير الحكومية وأشارت هذه الأخيرة إلى وجود أكثر من 23آلاف حالة مشتبه بها, والتي تم تسجليها منذ بداية العام 2018 في محافظة الحديدة.
ومن جانبه, قدر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عدد الوفيات جراء انتشار وباء الكوليرا بما يقرب من 2451 حالة وفاة و1.2 مليون حالة اشتباه في الفترة ما بين أبريل 2017 إلى سبتمبر 2018.
كما حذرت الأمم المتحدة في أواخر أغسطس المنصرم من اندلاع موجة ثالثة من وباء الكوليرا, بعد تلك التي دمرت البلد خلال الفترة بين عامي2016 – 2017.
وكنتيجة حتمية لتكثيف العمليات القتالية، أبدت منظمة “أنقذوا الطفولة” بالقلق أيضاً إزاء الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية وبشبكة إمدادات المياه, ومدى تأثيرها على صحة سكان في المدينة.

خسارة بشرية فادحة:
اندلعت الحرب في اليمن منذ أواخر سبتمبر من العام 2014, عندما تمكن المتمردون الحوثيون والمدعومين من قبل الجمهورية الاسلامية الايرانية من اجتياح العاصمة صنعاء, حيث واصل المتمردون توسعهم بشكل تدريجيا إلى أن تمكنوا من الاستيلاء على مساحات شاسعة من البلد، ونتيجة لذلك اعلن التحالف العربي عن بدء عملياته العسكرية في اليمن بقيادة الرياض.
وحتى اليوم، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية, أفادت التقارير أن الصراع المحتدم في اليمن أدى إلى مقتل ما يقرب من 10آلاف شخص جلهم من المدنيين وأكثر من 56 الف جريح.
هذه الارقام تعتبر إلى حد كبير أقل من قيمتها الحقيقية بكثير بحسب العاملين في مجال حقوق الإنسان على أرض الواقع.
ووفقاً للبيانات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة, يوجد في اليمن 3 من كل 4 يمنيين بحاجة إلى المساعدة الإنسانية, وبالأخص في المناطق التي اصبحت على شفا المجاعة.
= صحيفة ” la-croix ” الفرنسية