أحمد يحيى الديلمي—–

أبسط قراءة واعية للتحالف الذي عقد أول اجتماع علني له في نيويورك على هامش الدورة الثالثة والسبعين للأمم المتحدة لابد أن نسقط حرف القاف لاستنباط الوصف المناسب للتحالف وهو تحالف الشر.

من خارطة الدول المشاركة ممثلة في بعض دول الخليج  ومصر والأردن ، والكيان الصيهوني برئاسة الولايات المتحدة وإدعاء حضور اليمن بشخص لا شرعية له.

مما يتضح أن أمريكا استكملت ترويض ما يُسمى بدول الاعتدال العربية فأسقطت أوراق التوت عن الرغبة الشيطانية التي ظلت تتفاعل في النفوس ويتم التعاطي معها بحذر والإفصاح عنها في الكواليس وفي غرف مغلقة وهي الاعتراف بالكيان الصهيوني وتحويل الدولة الصهيونية إلى طرف فاعل ومحوري في المنطقة.

خروج التحالف إلى العلن والمجاهرة بالنتائج التي توصل إليها المجتمعين قدم رسالة واضحة  عن الترهل والسقوط المريع لقيم الانتماء إلى جسد الأمة الواحد وعرى الدور البريطاني والأمريكي في ترجمة فكرة إيجاد وطن  قومي لليهود من خلال  خطة محكمة استطاعت خلال عقود أن تفرغ الواقع العربي من المضامين الجمعية عبر سيناريوهات جاهزة لعبت أطراف عربية دوراً بارزاً في ترجمتها ،  وفي المقدمة النظام السعودي حيث تشير جذور النشأة إلى العلاقة التاريخية مع دولة الكيان الصهيوني و الدور الخفي لهذا النظام في دعم الغاصب على حساب الشعب الفلسطيني وحقه المشروع ، وهنا تظهر فداحة المؤامرة.

ففيما الدم الفلسطيني ينزف والاحتلال جاثم على الأرض والشارع العربي يغلي،  تعاطت السعودية مع الدين بأفق انتهازي أمعن في تشويه صورة الفصائل الفلسطينية وثبط همم التعاطف معها ، إلى جانب تقديم الزاد الفكري والدعم المادي الذي قاد إلى تعاظم الجماعات الإرهابية ودفعها إلى ممارسة الإرهاب باسم الإسلام .

الكارثة أن أمريكا أعادت الكرة إلى صدر الدين ووظفت الشباب المغرر بهم لتقويض الأنظمة والكيانات السياسية العربية لأنها تعاطت مع صفة الإرهاب بمعايير مزدوجة ، سخرت العملية لخدمة المصالح الأمريكية واستكمال مقومات فرض دولة الكيان الصيهوني.

في هذا السياق اعتبرت المقاوم للاحتلال الصهيوني إرهابي ، ومن يرفض التطبيع مع  إسرائيل داعم للإرهاب ، وهنا نُدرك أن السلوك السياسي المشبوه لنظام لآل سعود تعمد تمزيق الأمة وتبنى مشروع التدمير الممنهج لمشاعر التعاطف تجاه حق الشعب الفلسطيني.

كانت الكارثة أن المال العربي وظف لخدمة الفكرة وانتهت المأساة إلى انقسام الواقع العربي إلى محورين : محور المقاومة وما يسمى بمحور الاعتدال ، الأخير شكل الثقل في تحالف الشر ، الذي لا شك أنه سيواصل سيناريو التدمير حتى يحقق اختلال موازين القوة ويغير بوصلة الصراع تجاه إيران بدلاً من الكيان الصهيوني ، ما غاب عن أذهان المجتمعين أن هناك شرفاء من أبناء الأمة استوعبوا الدرس من وقت مبكر وعرفوا تهافت النظام السعودي لخدمة الأعداء وكان قرارهم حاسماً أساسه الميادين وحدها لا غيرها كفيلة بتحديد مصائر الشعوب ، وهي حقيقة هامة أتمنى أن يفهمها من حضروا هذا التحالف المزعوم ، ليدركوا أنه لم يكن سوى مغامرة أمريكية جديدة ستلقى مصيرها المحتوم الذي وصلت إليه مثل هذه المغامرات ، وأختم بقول الشاعر العربي الكبير الأعشى :

رأوا ململة شهباء يقدمها         للموت لا عاجز منا ولا خرف

قالوا البقية والهندي يحصدهم        ولا بقية إلا السيف فانكشفوا

 

والله من وراء القصد ..