السياسية : خاص

أحمد يحيى الديلمي

استغربنا كثيراً بأن أسبانيا لم تشارك في العدوان الهمجي السافر على سوريا الشقيقة، ومبعث الاستغراب أن الدول الثلاث التي قامت بالعدوان زارها سيئ الصيت محمد بن سلمان وختم جولته بزيارة اسبانيا.

يبدو أن زيارة الدولة الأخيرة كانت للمتعة والبحث عن الملذات في بلد الفردوس الضائع الذي غابت عنه شمس الدولة الإسلامية (الاندلس)، فجاء الرجل لا لكي يتباكى على الأطلال ، وإنما ليؤكد إمتهان الإسلام والقدح في قيمه العظيمة بأساليب مشينة لا تخرج عن نطاق الفاحشة، وهي مفارقة عجيبة أن يصيح البلد المفترض أن يكون حاميا للإسلام كونه يضم أقدس مقدسات المسلمين، مصدر للشر والنكاية بالدين بل وتقويضه وهدم بنيانه العظيم من داخله.

المهم أن بن سلمان خرج من الدول الثلاث الأولى بعد أن اطمئن بأن هناك ضربة قادمة على سوريا، وكلف دراويشه الموجودين في الشام الممثلين بما يسمى جماعة الدولة بفبركة حادثة المواد الكيمائية، بعد احضارها من تركيا بطريقة خاصة وتسليمها لعناصر من أفراد ما يسمى بهذه الدولة، واستخدام بعض النازحين المغلوبين على أمرهم الذين قذفت بهم ظروف الحرب الشرسة إلى تركيا كوسيلة لتنفيذ هذه المسرحية، فهم بعد خروجهم من سوريا  أدوات تمارس عليهم ضغوطات خبيثة، ومنهم من ينصاع لها مقابل مبلغ من المال يسد به رمق أطفاله الذين يتلهفون لأي رغيف يطل عليهم من باب الخيمة أو خرقة بالية تقي اجسامهم من البرد القارس في موسم الثلوج، وبذلك اكتملت اللعبة وتم إحضار الأطفال الذين قيل بأنهم اصيبوا بالمواد الكيمائية وتسابقت قنوات التلفزة ومواقع التواصل إلى نشر هذه الصور باعتبارها أعمال تتعارض مع القيم الإسانية ، ياله من غفول دولي، وما أبشعها من عقول تآمرية تستطيع أن تلفق وتفبرك مثل هذه المسرحيات الهزلية من أجل تبرير العدوان السافر على الشعب السوري، وعلى اي بلد عربي يحاول ان يعتز بكرامته ويجاهر بامتلاك الارادة الذاتية كما يحدث مع اليمن ، ولا استبعد أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه السعودية أو قطر مطية لمثل هذا التآمر؟

أنها فعلا قمة المهازل ومن خلالها ندرك أن ما يسمى بالمجتمع الدولي ونظامه الحاكم سقط إلى الحضيض، ومع هذا السقوط انتهت كل القيم والمبادئ والأخلاق التي تتشدق بها دول الغرب وفي المقدمة أمريكا، فلم يعد هناك أي وجود للأخلاق أو الديمقراطية أو حماية حقوق الإنسان في ظل الهيمنة الأمريكية الطاغية المستبدة بالمؤسسة الدولية المسماة الأمم المتحدة فقد تحولتها بقدرة قادر إلى منظمة تابعة للبنتاغون الأمريكي تسير في فلكه وتنفذ أوامره.

مع كل ذلك ورغم أن العدوان جاء من أكبر ثلاث دول في العالم من حيث قوة التسلح والتطور أو الحضور الاقتصادي الكبير ، إلا أن ما حدث خيب آمالهم فالجيش السوري الباسل استطاع إسقاط الكثير من الصواريخ، وبالتالي استطاعت القيادة السورية أن تمتص الضربة كسابقتها وفي اليوم نفسه الذي حدثت فيه الضربة ، أعلن الناطق باسم القيادة العامة للجيش السوري عن تمكن الجيش من استعادة الغوطة الشرقية وهو موقعا استراتيجيا وهاما كانت تراهن عليه أمريكا لكي تحوله إلى نقطة انطلاق لما يسمى بجيش سوريا الحر المدعوم أمريكيا.

وفي هذا دليل واضح على إصرار القيادة السورية الشديد في أن تواصل المشوار وتصد كل الاعتداءات بعد أن إفشلت محاولات الدول الكبرى لإركاعها وإخضاعها لبيت الطاعة عن طريق المال المدنس الذي أنفقته السعودية وقطر والإمارات ومن خلاله استقطبت كل شُذاذ الآفاق من الجماعات الإرهابية إلى سوريا بإحجام كبيرة لا يمكن تصورها، وتم توظيف المؤسسة الدينية لتبرر القتل وسفك الدماء والخراب والدمار حتى الفتوى الظالمة التي اباحت جهاد النكاح، يالها من مهزلة!! فكم من فتاة مسلمة ذهبت ضحية تلك الفتوى وزُرع في احشائها جنين فشلت في تحديد من يكون والده !! هذا هو إسلام السعودية الذي تريد أن تعممه وتستبدل به قيم الإسلام السامية وتعاليمه العظيمة.

من المهم هنا أن نشير إلى أن مثل هذه الاعتداءات السافرة لا ولن تفُت في عضد جيش سوريا  الباسل ولن تسقط راية الممانعة في الوطن العربي ، لكنها ستزيد من تصميم وإصرار جبهة الصمود والتصدي وتضع دول الانبطاح أو ما يسمى بالاعتدال أمام المحك العملي بعد أن سقطوا في مزابل العمالة والخيانة، وأصبحوا يتباهون بالصهيونية أكثر من الصهاينة أنفسهم، وهذا دليل واضح أن أمة مثل الأمة العربية يصعب ترويضها وتركيعها وأن تهاوت بعض أطرافها، فأن البقية تظل صامدة وقوية وقادرة على صد أي عدوان وإفشال أي مؤامرات.

تحية للشعب السوري ولجيش سوريا الباسل ومن نصر إلى نصر أن شاء الله..