الجزء الأول: الحرب الأمريكية في أفغانستان: جريمة تاريخية
بقلم: باتريك مارتن
( موقع الويب الاشتراكي العالمي- wsws ” النسخة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان سوف ينتهي بحلول 11 سبتمبر 2021, حيث سيغادر آخر جندي أمريكي هذه البلد قبل بضعة أسابيع من الذكرى العشرين للغزو الأمريكي لهذا البلد الواقع في منطقة آسيا الوسطى, منذ 7 أكتوبر 2001.
يعتبر الرئيس بايدن هو ثالث رئيس أمريكي وعد بإنهاء الحرب الأمريكية في أفغانستان, ولكن حتى لو غادر آخر 3500 جندي أمريكي البلد، سوف يظل هناك الآلاف من عملاء وكالة المخابرات المركزية والمرتزقة والمظليين لدعم حكومة الرئيس أشرف غاني العميلة.
كما سوف يواصل البنتاغون إلقاء القنابل وإطلاق القذائف إلى حد ما على ما تسميه الولايات المتحدة أهداف “إرهابية”, ومن الممكن تماما نشر قوات مقاتلة جديدة، كما هو الحال الحاصل في العراق.
وفقا للأرقام الرسمية، فقد قُتل أكثر من 100 ألف مدني أفغاني في هذه الحرب، وهو ما قد يكون أقل بكثير من الواقع.
لقد شنت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الحرب بأساليب “مكافحة التمرد”، أي الإرهاب, حيث جعلت من الزيجات والمستشفيات هدفا في مرمى نيرانها، كما نفذت العديد والعديد من عمليات الاغتيالات بواسطة الطائرات بدون طيار، كما انتهجت أساليب الاختطاف والتعذيب.
وفي واحدة من أكثر فظائع الحرب, في 2010, شنت الطائرات الأمريكية هجوما دام قرابة نصف ساعة على مستشفى تابع لمنظمة أطباء بلا حدود في ولاية قندوز بأفغانستان، مما أسفر عن مقتل 42 شخصا.
لم تشر تصريحات بايدن الموجزة التي أعلن من خلالها الانسحاب العسكري من أفغانستان إلى الظروف الكارثية والمزرية التي خيمت على البلد والتي تتحمل الإمبريالية الأميركية المسؤولية الرئيسية عنها.
بيعت الحرب التي تقوم على التشويه المتعمد للأهداف الحقيقية للولايات المتحدة إلى الشعب الأمريكي كرد فعل على أحداث 11 سبتمبر 2001, التي لم يتم التحقيق الجاد فيها قط.
وهي في الواقع حرب عدوان غير مشروع، مصممة للسيطرة على السكان المضطهدين تاريخيا واخضاعهم سعيا إلى تحقيق مصالح الإمبريالية الأمريكية.
لم يحاسب أحد على الجرائم التي ارتكبها الجيش الأميركي في حق شعب وارض أفغانستان: لا أعضاء إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش الذي بدأ هذه الحرب، ولا أعضاء إدارة أوباما الذين تابعوها.
كما كان جورج بوش (مؤخراً) محل ترحيب باعتباره رجل دولة لأنه أقل وقاحة ودكتاتورية من دونالد ترامب.
يتم التعامل مع باراك أوباما من قبل وسائل الإعلام على أنه نجم, بينما يعتبر الرئيس الأمريكي الوحيد الذي خاض الحرب كل يوم كان في منصبه, كما يتمتع المستشارين المقربين، من دونالد رامسفيلد إلى هيلاري كلينتون بتقاعد مليونير.
والآن يشغل نائب الرئيس أوباما منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية, حيث لاقت هذه الحرب الإجرامية تأييد جميع قطاعات المؤسسة السياسية الأمريكية: الجمهورية والديمقراطية، بما في ذلك السيناتور بيرني ساندرز الذي صوت لصالحها.
يتمتع الموقع الاشتراكي العالمي بسجل لا مثيل له من المعارضة للتدخل الامبريالي الأمريكي في أفغانستان, حيث يرجع ذلك إلى تاريخ الغزو الأول في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية.
وفي أول بيان له حول الغزو الأمريكي الذي صدر في 9 أكتوبر 2001، أوضحت هيئة تحرير WSWS” ” لماذا نعارض الحرب في أفغانستان, حيث كتبنا:
إن طبيعة هذه الحرب أو أي حرب أخرى، وطابعها التقدمي أو الرجعي، لا تتحدد بالأحداث المباشرة التي سبقتها، بل بالبنى والهيكلية الطبقية، والأسس الاقتصادية، والأدوار الدولية للدول المعنية, ومن وجهة النظر الحاسمة هذه، فإن تدخل الولايات المتحدة هي حرب إمبريالية.
أطلقت الحكومة الأمريكية هذه الحرب لتعزيز المصالح الدولية الواسعة للنخبة الحاكمة الأمريكية.
لذا, ما هو الهدف الرئيسي للحرب؟ كان انهيار الاتحاد السوفييتي قبل عشر سنوات سبباً في خلق فراغ سياسي في آسيا الوسطى التي تحتضن ثاني أكبر مجموعة من احتياطيات النفط والغاز الطبيعي المثبتة في العالم.
تحتضن منطقة بحر قزوين التي تتمكن أفغانستان من الوصول الاستراتيجي إليها، بنحو 270 مليار برميل من النفط، أو حوالي 20 % من الاحتياطيات العالمية المؤكدة.
كما تحتوي على 665 تريليون قدم مكعب (18.5 تريليون متر مكعب) من الغاز الطبيعي أو حوالي ثُمن احتياطيات الغاز في العالم.
* هو الهيئة الإخبارية والتحليلية للجنة الدولية للأممية الرابعة (ICFI)
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع